د. وائل الحساوي / نسمات / 170 ألف دولار في جيب كل مواطن

تصغير
تكبير
تقدر التقارير الاقتصادية أن يبلغ الفائض المالي لدول الخليج لهذا العام 500 مليار دولار، أما أسعار النفط فقد وصلت سعراً لم نكن لنحلم به، فالنفط الكويتي تخطى 117 دولارا للبرميل. لا شك أن مصائب قوم عند قوم فوائد، ولكن كيف نفهم ونفسر تلك الأرقام؟ والأهم من ذلك هو كيف نتعامل مع تلك الفوائض التي قد لا تتكرر في السنوات المقبلة؟!

لو أردت أن أتكلم بلغة المثاليات أو «اليوتوبيا» لقلت إن الفائض سيصل خلال عشر سنوات إلى 5 تريليونات دولار، إذا قسمته على بلدان لا يزيد عدد سكانها على الـ 30 مليون نسمة، فإن كل فرد سيكون نصيبه 170 ألف دولار من الفائض فقط وليس من الميزانيات الأصلية للدول (أتمنى توزيعها علينا ونحن نتكفل بكل شيء).

أما إذا أردنا تأسيس مشاريع تخدم دولنا فإننا نستطيع بهذا الفائض أن نؤسس عشرات بل مئات من أمثال مدينة الحرير التي نتكلم عنها باعتزاز وفخر.

لو ابتعدنا عن النظرة المثالية وجئنا إلى الواقع المعاش، فلماذا نجد بلدانا خليجية مثل البحرين يعاني جزء كبير من شعبها من تدني مستوى المعيشة إلى درجة تقترب من الفقر، بل لماذا نجد دولة مثل الكويت التي تعتبر من أغنى دول الخليج وشعب صغير لا يتعدى 1.126 مليون نسمة من المواطنين، لماذا نجد بأن كثيراً من مشاريع البنية التحتية شبه معدومة فيها ويتفاخر وزراؤنا بوضع الحجر الأساس لمستشفى جديد بعد آخر مستشفى تم بناؤه في الثمانينات، وتطوير طرق بعد الطرق الموقتة التي بنوها في السبعينات، ومشروع تطوير للجامعة اليتيمة التي بنيناها عام 66 على أنقاض مدارس ثانوية، ومشروع جسر وحيد لم ير مشروعه النور حتى اليوم؟!

وإذا جئنا للمستوى الشخصي للأفراد فنجد بأن بناء سكن لعائلة أشبه بالصعود إلى الثريا بسبب احتكار الأراضي من فئة مستغلة وأراضٍ حكومية لا خدمات فيها وانتظار للسكن الحكومي يصل إلى عشرين سنة، وديون باهظة يدفعها الزوج وزوجته 30 عاماً.

أما على مستوى تطوير الصناعة والانتاج فنكاد نكون البلد الوحيد الذي ليس لديه أي مشاريع صناعية تكون بديلا عن النفط وتساهم في تنويع مصادر الدخل، وقد ساهمنا بغباء في إغلاق معظم المشاريع السابقة مثل مصنع السيارات ومصنع البطاريات ومصنع الأدوية وغيرها.

وكذلك الحال بالنسبة للزراعة والأمن الغذائي والثروة الحيوانية فليس لدينا إلا جهود فردية من مواطنين لا تدعمهم الحكومة إلا أقل القليل وجميع مشاريع المزارع والجواخير والاسطبلات هي عبارة عن أراضٍ خاصة لا دخل لها بمسمياتها.

حتى خطوطنا الوطنية الوحيدة قد تمت «سكربتها» عمدا لكي يتم بيعها بأبخس الأثمان، وشركات الطيران الخاصة تقوم بجهود ملاكها دون دعم من الحكومة، والقائمة طويلة.

حتى خطة التنمية التي أجمع عليها الشعب قد توقفت بسبب اللخبطة السياسية وتصفية الحسابات ولم يتفق المجلس والحكومة حتى الآن على طرق تمويلها فكيف سترى النور؟!

لقد قلت لكم إن لغة الأرقام جميلة ولكن ما نحتاجه فعلاً هو العقول التي تحول تلك الأرقام إلى واقع حقيقي.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي