اذكر اننا في المرحلة المتوسطة درسنا قصة محزنة لكنها معبرة (بين سمكتين) تحكي قصة أم اصطحبت ابنتها لتريها انواع الشباك التي يستخدمها الصيادون لصيد السمك ولتحذرها من ان تقع فيها، لكن في نهاية الجولة وقعت الأم في احدى الشباك وذهب تحذيرها لابنتها ادراج الرياح.
لا اعتقد ان احدا في العالم اكثر ادراكا منا للخطر الايراني على بلادنا الصغيرة بل قد جربنا ذلك مرارا خلال الحرب العراقية - الايرانية وتفجيرات المقاهي وموكب سمو الامير الراحل، وغيرها الكثير، ويقول المثل «السعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ بنفسه».
اليوم لم تعد الامور مجرد تكهنات او تحليلات سياسية بل قد تبين بوضوح ان ايران تخطط لابتلاع الكويت متى سنحت لها الفرصة لذلك، وما امر اكتشاف ست شبكات ايرانية للتجسس وادانة المحكمة لبعض المتهمين بالاعدام إلا دليل واضح على مدى خطورة اعمالها، بل ويتخطى الامر مسألة التجسس الى اعتراف بعض المتهمين بتنفيذهم لأوامر من قيادات ايرانية بوضع متفجرات في خطوط النفط بمنطقتي الروضتين والوفرة.
مع تقديرنا لموقف وزير الخارجية الحازم وتهديده بطرد ديبلوماسيين ايرانيين لهم علاقة بالشبكة، لكن الامر اكبر من ذلك، بل هو: كيف نمنع احتلال الكويت من اي دولة معادية؟ يجب ألا يغيب عن بالنا بأن الكويت بلد صغير ويقع بين دول معادية لا يكاد يحجزه عنها شيء، وهو بلد غني الى درجة يسيل معها لعاب اكثر بلدان العالم، وله تجارب مريرة في طمع الجيران واجتياحهم له، كما ان تركيبة سكانه فيه من عدم التجانس ما يجعله فريسة سهلة للطامعين.
دعونا نسأل انفسنا: هل لو اجتاحتنا ايران او العراق اليوم - لا قدر الله - سنجد من التعاطف العالمي ما وجدناه العام 1990؟ وهل تكفي الترتيبات الامنية التي وقعناها مع الولايات المتحدة او الدول الغربية لرد العدوان؟ وهل تستطيع دول الخليج مجتمعة - اذا اتفقت - ان تتصدى لهذا الحجم من الهجوم؟ وهل سنجد من الدول العربية من يساندنا؟ اذا كان الجواب بلا، وهو ما اجزم به فلماذا لا نعيد التفكير في استراتيجياتنا الدفاعية والأمنية، ولماذا لا نتوقف عن التعلق بآمال خادعة سرعان ما تتساقط عند اول تجربة؟ ولعلي اشير الى بعض الامور الممكنة:
اولا: عقد تحالفات سياسية وعسكرية مع دول غربية وشرقية ومع دول اسلامية مثل تركيا دون التنازل عن سيادتنا.
ثانيا: تفعيل التعاون الخليجي الذي يجب ان يتعدى قوات درع الجزيرة الى تكامل في المنظومة السياسية والعسكرية.
ثالثا: تطوير قواتنا الدفاعية الى ابعد مدى وفرز قواتنا العسكرية وقوات الشرطة لإبعاد كل من يمكن ان يشكل ثغرة يدخل منها الأعداء.
رابعا: مراقبة الطابور الخامس وسفارات الدول التي لا تكن لنا الود.
خامسا: الحزم في تطبيق القوانين ومعاقبة الخارجين عليه لا سيما ممن يهددون امن البلد وممن يتكلمون بلسان الاعداء ويدافعون عنهم.
سادسا: تشجيع المواطنين على المساهمة في تعزيز الامن ومنها احياء التجنيد الالزامي وكل مواطن خفير وغيرها.
ما اجمل ان نتعلم من الكيان الصهيوني هاجس الاعداد الامني حتى لا نكون مثل السمكة الام!
د. وائل الحساوي
[email protected]