المؤتمر التربوي الأول لـ «الأوقاف» ينهي أعماله بتوصيات لتطوير مناهج العلوم الشرعية

تصغير
تكبير
| كتب عبدالله راشد |

أكد المؤتمر التربوي الأول الذي نظمه قطاع الدراسات الاسلامية والقرآن الكريم في وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية برعاية نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية المستشار راشد الحماد، تحت شعار «نحو أداء تربوي شرعي طموح»، في الفترة ما بين 28 - 30 الجاري، على «ضرورة تطوير مناهج العلوم الشرعية بحيث تجمع بين حقائق الوحي «قرآنا وسنّة» ومعطيات العلوم الحديثة الاجتماعية والنفسية والكونية حتى تناسب العصر بتغيراته ومستجداته، بما يسهم في صناعة الأجيال الاسلامية المنشودة».

وتضمن البيان الختامي للمؤتمر 16 توصية تمثلت في: انشاء مركز للتطوير التربوي يعنى بتطوير مكونات المنظومة التربوية والتعليمية من تطوير المناهج والمعلم والبحوث والدراسات التربوية والتدريب بالادارات التربوية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، اضافة الى عقد برامج تدريبية وورش وندوات مستمرة للمعلمين والعاملين وفقا لتخصصاتهم التربوية والشرعية، مع ضرورة التنسيق مع مؤسسات اعداد المعلم على التخطيط لدبلومات متخصصة في الجوانب التربوية والشرعية لتأهيل المعلمين تربوياً وفنيا.

كما أشارت التوصيات الى تمهين التدريس، والتقويم الدائم للأداء التربوي للمعلمين والأخذ بنظام رخصة التدريس، والدعوة الى انشاء مركز للتقويم والقياس ومتابعة الأداء لخدمة العملية التربوية بالادارات التربوية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، والعمل على عقد شراكات مجتمعية مع مؤسسات المجتمع المدني كافة للاسهام في ايصال رسالة المؤسسات التربوية للمجتمع بأسره.

ولفتت الى الاستفادة من وثيقة المستويات المعيارية للتربية الاسلامية في تطوير مناهج العلوم الشرعية، واعداد برامج تثقيفية تربوية لأولياء أمور طلاب (السراج المنير) لقيامهم بدور فعال في الأنشطة والبرامج التربوية وتحقيق التكامل المنشود بين البيت ومراكز السراج المنير، مع ضرورة الاهتمام باستشراف المستقبل وتأصيل الهوية وتحقيق التنمية عند تطوير مناهج العلوم الشرعية.

ودعت التوصيات الى ضرورة مواكبة طرق تدريس العلوم الشرعية للتطبيقات الحديثة المتميزة والناجحة والبرامج التربوية الحديثة مع مراعاة خصوصيات المواد الشرعية عند التطبيق، اضافة الى دراسة القيم السائدة في المجتمع وتصنيفها قبل وضع أي برنامج تربوي وتوعوي.

كما شددت على استحداث جائزة المعلم المتميز من المعلمين والمعلمات في العلوم الشرعية بحيث توضع لها الأسس والمعايير، لتشجيع معلمي العلوم الشرعية على التطوير والأداء الفعال وايجاد روح المنافسة بينهم بما يخدم تطوير طرق تدريس العلوم الشرعية، مع مراعاة متطلبات العصر واحتياجات الواقع في وضع مناهج العلوم الشرعية، للجمع بين الأصالة والمعاصرة.

وخلصت الى التأكيد على اعداد وثيقة لمعايير منهج العلوم الشرعية بادارة السراج المنير، وادارة الدراسات الاسلامية، والتنمية الأسرية بما يحقق الرؤية والرسالة والأهداف، ويتوافق مع طبيعة المجتمع الكويتي وخصوصياته، وانشاء مشروع لرعاية الشباب يهدف الى تنمية مواهبهم وقدراتهم واستثمارها، وتعميمه في سائر محافظات الكويت للبنين والبنات.

وأكد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية الدكتور عادل الفلاح في كلمة له بالمناسبة، ان «عمل قطاع القرآن الكريم والدراسات الاسلامية يرتكز على ارساء الفهم الصحيح لمعاني كتاب الله التي تعد بوابة للوسطية وتقبل الرأي الآخر والتعايش السلمي»، مشيرا الى ان «القطاع نجح في تجسيد الوحدة الوطنية التي نهلها الأبناء على أيدي معلمين ومعلمات هم امتداد للآباء والأجداد المتعايشين على مدى 3 قرون».

وناشد الفلاح التربويين في دور ومراكز القرآن الكريم «الالتزام بالرؤية الوسطية كونها الأساس في معالجة ظاهرة التطرف والغلو»، مبينا ان «أهل العلم ومن خلال ما يوفرونه لطلابهم من حرية في الفكر والنقاش والحوار، يوجدون بيئة صالحة تفضي في النهاية الى غربلة هذا الفكر والقضاء عليه تماما».

وقال: «ان وزارة الأوقاف هي الوزارة الوحيدة بين وزارات الدولة التي لديها استراتيجية، وهي تسعى دائما الى تطويرها من أجل اخراجها من العمل التقليدي (الدروشة) الى عمل علمي استراتيجي يحتوي على خطة متكاملة ذات خطوات محددة».

وأضاف: «شعارنا في وزارة الأوقاف قائم على (الأمة الوسط)، هذه الوسطية هي العدل والخيرية وهما الغاية الكبرى للعملية التربوية ويقوم عليهما توازن النفس البشرية»، مؤكداً أن «الوسطية لها العديد من الاعتبارات منها أن التنمية فريضة اسلامية، لذلك نجد أن وزارة الأوقاف تتغلغل في المجتمع الكويتي في كل المجلات ولا يقتصر الأمر على التقوقع داخل المساجد»، ولافتا الى «اننا لا نرضى بتهميش المرأة فهي الشق الثاني للمجتمع شأنها شأن الرجل، فاذا غزا بلاد المسلمين عدو وجب عليها حمل السلاح مثل أخيها الرجل، ونحن الآن نعيش غزوا فكريا وتربويا يتطلب مشاركة الجميع في التصدي له».

ولفت الفلاح الى أن «التوعية الاسلامية مهمة أساسية في الوزارة، فالدين اما يكون أداة تعمير أو تدمير، فهو تعمير اذا فهم وسطيته وأخذ بها وتدمير اذا نادى أنصاف العلماء بالمغالاة والتشدد. لذلك نحن نسعى الى أن يقتحم المسلم الحياة بعيدا عن العزلة واثقا في دينه وفي قدراته، وعلينا دائما أن نكون روادا، فلا ننتظر من الآخرين أن يقدموا لنا المشاريع بل علينا أن نرفع الراية ونقدم السراج».

من جانبه، اكد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية المساعد لشؤون القرآن الكريم والدراسات الاسلامية عبد الله مهدي البراك ان «المؤتمر هدف الى ابراز أدوار ادارات السراج المنير ودور القرآن والتنمية الأسرية في المجال التعليمي والتربوي، اضافة الى تبادل الخبرات مع المؤسسات التعليمية التربوية محليا واقليميا ودولياً، والاسهام في تطوير البرامج والأساليب المهنية للعملية التعليمية التربوية والقائمين عليها، مع ابراز دور وزارة الأوقاف كشريك وداعم لمؤسسات الدولة المختصة بالعملية التعليمية والتربوية، واستشراف آفاق المستقبل الخاص بالمؤسسات التربوية».

وعدد البراك برامج المؤتمر، مبينا انها «تمثلت في القاء خمس محاضرات تنوعت موضوعاتها، وشارك فيها نخبة من العلماء والأكاديميين والتربويين من مختلف التخصصات الشرعية والتربوية والدعوية. كما عقدت عدة ورش عمل عرضت لتجارب عملية ميدانية في العديد من الأقطار العربية والاسلامية، ومنها تجربة السراج المنير بدولة الكويت، وقد أسهم في اعدادها نخبة من العلماء والعاملين في المجالات التربوية وتدريس العلوم الشرعية».

ولفت الى «اقامة معرض انجازات الادارات التعليمية التابعة لوزارة الأوقاف وعدد من المؤسسات والجمعيات والمراكز التربوية والتعليمية بدولة الكويت التي تخدم أهداف المؤتمر، اضافة الى اقامة دورات تدريبية على هامش المؤتمر لمجموعة من معلمي ومعلمات الوزارة، حاضر فيها نخبة من ضيوف المؤتمر».

وكان اليوم الثالث للمؤتمر قد شهد عرضا لتجربة المدارس الشرعية في سورية قدمها مفتي حلب الدكتور محمود عكام، قائلا: «ان الأمور ستبقى غير مستقرة في ما يتعلق بالتعليم الشرعي ما دامت قضية العلاقة بين الدين والسياسة غير محسومة بالنسبة للمسلمين عامة ولرجال العلم الشرعي منهم خاصة، فالتعليم الشرعي في ظل دولة مدنية له أهداف وغايات واستراتيجيات ووسائل تختلف عما اذا كان في ظل دولة دينية اسلامية، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، فان التعليم الشرعي يجب أن يخضع لرقابة الموضوعية العلمية البحتة، والا فان هذا التعليم سيتمذهب وسيكوّن تيارات فكرية وعقائدية تضعف المجتمع وتحدّه وتفرّقه».

بدوره، قال الدكتور عبدالله الكمالي في محاضرة بعنوان «البيئة التربوية في التعليم الشرعي واستراتيجيات التطوير والابداع»: «ينبغي على المعلم أن يحنو على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح نفسه وولده، ويجريه مجرى ولده في الشفقة عليه والاهتمام بمصالحه والصبر على جفائه وسوء أدبه، ويعذره في سوء أدب وجفوة تعرض منه في بعض الأحيان، فالانسان معرض للنقائص وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه».

وأشار الى «تأكيد التربويين على أهمية البيئة لبناء مهارات التفكير وتنمية العقلية الابداعية، حيث يشترطون في المعلم أن يتميز بالصفات التي تجعل منه داعما لعملية التفكير وأبرزها: الديموقراطية والتسامح، والمساعدة على تنمية الشجاعة، وأن يعترف بالخطأ أو عدم المعرفة، ويكون مستمعا منصتا يقبل الأفكار الجديدة ويشجعها ويحترم خيارات الأفراد ويثمنها».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي