No Script

عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / بين اغتيال السادات وسقوط مبارك

تصغير
تكبير
في عام 81 وبعد تأكيد خبر اغتيال السادات قابلت خياطاً مصرياً كان مستأجراً لمحل للوالد رحمه الله، فرأيته فرحاً وهو يردد (أنا اليوم افتخر أنني مصري) وذلك لأنه يرى أن من قاموا باغتيال السادات قد غسلوا العار الذي ألحقه السادات بالمصريين بعد توقيعه لاتفاقية «كامب ديفيد» وأصبحت فرحته كفرحة العائلة الذين قام أحد أبنائها بقتل فتاة منهم بسبب سوء سلوكها.

إلا أن فرحة ذلك الخياط ومعها فرحة كثير من المصريين قد ذهبت أدراج الرياح بعد تجربة الحكم في عهد الرئيس المتنحي، وصار لسان حالهم يقول (رب زمان بكيت فيه فلما صرت إلى غيره بكيت عليه).

هذه الفرحة عادت مرة أخرى لقلوب الملايين من المصريين الرجال والنساء، الكبار والصغار، المسلمين والمسيحيين، وارتسمت البسمة على شفاههم، بعد تنحي الرئيس مبارك عن الحكم، وقد ذاق الناس في عهده القهر والاستبداد، والتفرقة وكبت الحريات.

لقد رحل الرئيسان عن الحكم، ولكن كل رحيل يختلف عن الآخر، فالسادات رحل عن الحكم والحياة معاً، أما الرئيس الحالي فربما كان الموت أهون عليه بعد زوال حكمه.

رحيل السادات كان على يد جماعة اسلامية جهادية ترى التغيير السريع عبر الاغتيالات لكل من يقف في وجه المشروع الإسلامي، وقد وقف ضدها الكثيرون، ولم تثمر نتيجة الاغتيال سوى الاتيان بحكم استبدادي آخر.

أما رحيل الرئيس المتنحي مبارك، فقد كان على يد ثورة شعبية سلمية، شارك فيها المسلم والمسيحي، الإسلامي والعلماني، شيوخ الأزهر وأهل الطرب والغناء، وكان الرحيل على يد الشعب المصري بأسره، لذلك شملت الفرحة معظم الشعب على اختلاف أطيافهم.

ولقد أشار الشيخ سلمان العودة في احد اللقاءات إلى لمحة جميلة وهي أن هذا التغيير هو خير رد على من يرى أن التغيير لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الانقلاب المسلح.

نبارك لأحبائنا في مصر هذا الانتصار، والذي بلا شك قد غير نظرة الكثيرين الخاطئة عن حقيقة الشعب المصري، والذي ظهر معدنه الأصيل بعد أن أزاح عنه غبار الركون للظالم والاستسلام للجلادين.

أتمنى من الأخوة في مصر أن ينسبوا الفضل لأهله، فلا تنسى دماء الشهداء بإذن الله، ولا جراحات المصابين، ولا تطلعات الشباب وهم المحرك الأول للثورة، كما لا ينسى دور «جماعة الإخوان» في دعم الثورة والمشاركة فيها وتقديم الشهداء من أبنائها، كما لا ينبغي أن ينسى أن الفضل أولاً وآخراً لله عز وجل والذي بيده الملك والذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، وأذكر الأحباب بقوله تعالى «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور».

مبروك أنت آثم!

أتعجب حقيقة من بعض الإسلاميين من دعاة وكتاب ومشايخ الذين يحرمون المظاهرات حتى ولو كانت سلمية، ولا يرون الإنكار على الحاكم علانية، ويدعون إلى عدم تغيير الحاكم الظالم، وإنما الاستسلام لظلمه والصبر عليه، ثم هم بعد ذلك يقدمون التهنئة للشعوب المنتصرة والتي ازاحت الظالمين عن الحكم عن طريق المظاهرات والمسيرات، فكيف تهنئونهم على النتيجة وتأثمونهم على الوسيلة التي أثمرت تلك النتيجة؟

أود الإشارة في الختام إلى أنني متفائل جدا بمستقبل زاهر لأمتنا العربية والاسلامية والتي ابتدأت بإزاحة الظلم عن أكتافها، وأصبحت لا تقبل أن يتولى حكمها إلا من تختاره بنفسها، وأعتقد أن هذا أحد مسببات الوصول إلى تحقيق أمنية يطمح لها كل عربي ومسلم وهي تحرير الأقصى وفلسطين من دنس اليهود، فالشعوب لن تختار إلا من يلبي أمنياتها ويحقق تطلعاتها، ولن يملك أي رئيس ساعتها إلا الاستجابة لأصوات ناخبيه. «ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريباً».





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي