د. محمد العوضي / خواطر قلم / مباحث الخرفان!

تصغير
تكبير
قبل العيد بشهر وبعده بأسبوع دعاني من اراد ان يخرجني من الاجواء الرتيبة واراحة العقل والنفس والاقتراب من عوالم اكثر بساطة من تعقيدات المدنية ... كلتا الرحلتين كانت جهة منطقة «كبد» وما وراءها لاناس يملكون «الحلال» اي الثروة الحيوانية فتعرفت على ما اجهله من هذا العالم بناسه وادبياته وتجارته ومشاكله وجمالياته وتراحمه وجرائمه.

ولقد اسفت على ما سمعت من تفشي جريمة هادئة تجري في اجواء شبه بريئة، وخلاصتها ان مجموعة من ممتهني التجارة بالفاسد والتالف من الثروة الحيوانية يقومون بعملهم علانية دون ان يشعروا بخوف من احد او حياء من الناس، كما ان الطرف الاخر الذي يعرفهم ويعرف مراداتهم وجرائمهم غير مبالين بالشرور التي يقوم بها هؤلاء الجشعون.

سيارات (وانيت في الغالب) تطوف على مزارع وجواخير الاغنام ويسألون هل عندكم خرفان مريضة او هزيلة جدا او على وشك الموت ثم يشترونها ويذبحونها ويقطعونها ومعهم هواتف عملائهم من اصحاب المطاعم ويبيعونها بأسعار زهيدة!

واكيد ستلقى هذه التجارة رواجا فإن المطعم الذي يبيع سندويشات شاورما بمقدار مئة كيلو يوميا يشتري من هذه الخراف والذبائح الرخيصة جدا، مقابل الخراف الصحيحة مهما كان نوعها (استرالي - مهجن - عربي).

ثم بدأت الحوادث تسرد، احدهم قال بعت اكثر من خروف الرأس بـ (16) دينارا وثانٍ يقول عمي باع قبل ايام (9) خرفان مريضة ينزف من انوفها الدم واصعب ما سمعت على النفس ان احدهم باع مجموعة من الخرفان حديثة الهلاك والموت.

ومما يزيدك ألما ان البعض لسعة ذمته وموت ضميره يستخدم كل اشكال التبرير وخداع الذات في سبيل الدراهم القليلة التي تصب في جيبه من بيع الخراف المريضة على الناس.

فأحدهم يجيب على ولده المعترض على بيع هذه الخرفان المريضة على من يدري انهم سيبيعونها للمطاعم ومن ثم تجد سبيلها الى بطون الناس. فيقول الاب: انا ما لي دخل هو الذي اطعم الناس انا ما اجبرته وانا مجرد تاجر يبيع بضاعته على الآخرين والثاني يقول: يا جماعة النار والطبخ كفيلان بان يقتلا كل الجراثيم والفيروسات والميكروبات!!!

هذا المقال ترددت ان اكتبه بسبب قصة الفساد الاعظم في اللحوم التالفة بآلاف الاطنان والمجرمون في مأمن والمقصرون يعدون تقارير التهرُب من تحمل المسؤولية... لكن كتبته بعد ان سمعت اقتراحاً بريئاً لعلاج مشكلة بائعي الخرفان المريضة والميتة الا وهو (فتح مكتب مباحث لعالم الخرفان ومتعلقاتها)!



د. محمد العوضي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي