متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً. الحرية التي وهبها الحق لعباده لوظيفة الاستخلاف واستعمار الأرض ورفاهية الإنسان هي منّة الله لا يملك أحد انتزاعها أو الغاءها.
وبالحرية ينطلق العقل للإبداع والفكر والتجريب. ومن تكمم فاهه أو تقيد يداه أو يكسر قلمه فقد انتزعوا حريته.
وتتفاوت المعاناة بحسب قيمة الحرية لدى الانسان ومكانة حرية التعبير وإبداء الرأي.
أجواء الحرية التي قدمتها الدولة للبطل الدكتور عادل الفلاح هي التي مهدت لاستحقاقه ومنحه من قبل الرئيس الروسي وسام الشرف ورفع اسم الكويت العربية المسلمة في بلد كانت تعد يوماً من بلاد الكفر والإلحاد.
تأسيس «مركز الوسطية» في موسكو العاصمة امر يستحق التقدير والإجلال، وطرح الفكر الإسلامي الوسطي المتزن يمنع وصول الفكر المغالي والخرافي المتشدد ويقطع الطريق عليه.
الدعوات الكثيرة التي تلقاها الفلاح من دول عديدة طالبة انشاء مراكز على النسق ذاته أمر يستحق الدراسة والتتبع.
شكرًا لوكيل وزارة الأوقاف د.عادل الفلاح على جهده الكبير الهادئ والطموح وشكراً لكويت الحرية التي منحت الفلاح الفرصة أن يصل إلى موسكو مبلغاً رسالة السماء نيابة عن أهل الكويت ويكرم باسمها في قصر الكرملين.
لكن الحرية لا تكتمل إذا اغتيل العقل وكسر القلم وهو ما نراه اليوم من محاولات قمعية يمارسها بعض القانونيين ضد الزميل الكاتب وليد بو رباع لكتم انفاسه ووأد كلماته التي عملت بخصومه كالرصاص الفتاك.
بو رباع لمن يقرأ مقالاته يضع النقاط على الحروف، ويعضده موقعه المهني كمستشار وعضو في المكتب الفني للقضاء والذي جعله يرى الصورة واضحة.
شكرًا لوقوف جمعية الصحافيين وأمينها المكرم مع حق بو رباع في ممارسة الكتابة والتعبير عن رأيه كما كفله الدستور وقانون المطبوعات.
الحريات في الكويت تولد هنا وتحتضر هناك، تسلب يميناً وتنتزع شمالاً. من المحزن ونحن في مقتبل عمر الألفية الثانية نقوم بتكميم الأفواه وتجميع التواقيع من رجال القانون وحماة الدستور والحريات... انظر إلى نهم الوزراء والنواب الذين يزاولون التجارة ولديهم شركات وإلى مخالفة الذين يملكون مكاتب محاماة ومؤسسات قضائية، وإلى عدد اعضاء مجالس إدارات لشركات نفطية وتمويلية وصناعية... أليس تجاوز هؤلاء ومخالفاتهم لمنطوق القانون في الجمع بين المهن أولى من الإنكار على ممارسة موظف لعشرين عاماً أو أكثر للكتابة؟
ان محاولة استعباد الخلق وتخويفهم وإرهابهم يضر الجو العام فيجعله خانقاً ملوثاً لا يصلح للحياة الكريمة ولا يقبل عليه سوى الملوثات الفكرية التي تتآكل فيما بينها لتصبح بعدئذ ركاماً من رماد.
د. مبارك عبدالله الذروة
أكاديمي وكاتب كويتي
Maltherwa@yahoo.com