من وحي الشارع / حصار الرفيق الصامت

u062bu0631u064au0627 u0627u0644u0628u0642u0635u0645u064a
ثريا البقصمي
تصغير
تكبير
| ثريا البقصمي |

الكتاب هو الرفيق الصامت لأي رحلة سفر، فهو الذي يفتت أطواق الملل، ويبعد غوغاء المسافرين وصخب عشاق الثرثرة في الفاضي والمليان. **

ورفيق سفري الورقي، أختاره بعناية شديدة، وغالبا ًما تكون رواية أحرص أن تحكي قصة مشوقة وممتعة، وقادرة على انتشالي من معضلة حشري في جسم الطائرة المعدني، مع أناس لا تربطني بهم إلا ّ أرقام مقاعد الطائرة.

وفي العجلة الندامة كما يقال، ولهذا ابتعت كتابا من مطار الكويت، لم أتصفحه فقد كان اسم الكاتب جواز مرور إلى عالم الترحال، المؤلف جمال الغيطاني، لا أستطيع أن أقاوم كتاباته، فقد أحببت أسلوبه في فن السرد الروائي، وذلك في كتاب «الزيني بركات»، وكذلك أحببت دفاتره من النوافذ ومحطات القطار، وكل ما كتب عليه اسم جمال الغيطاني ألتقطه والثقة تسبقني في أنه الاختيار الصحيح، وإلا ّ ذلك الكتاب وأسمه «حصار» خيب آمالي ودعاني لترديد هذه الجملة وأنا على مقعدي الضيق في الطائرة... ليه يا جمال ليه... فقد سرد الكاتب تجربة مرضه بحصار البول، وذكر تفاصيل دقيقة «تلوع الكبد».

والمشكلة كانت في أن كتاب «حصار» هو الكتاب الوحيد الذي اصطحبته في رحلتي، وكلما فتحت صفحة قفزت صور لمستشفيات وأنابيب وابر وأدوية وغرف عمليات، وفي الحال أغلق الكتاب وأبحث عن تسلية أخرى وأراقب المسافرين، وكلما رأيت أحدهم يسير ببطء شديد أخمن أنه مصاب بحصار البول ولا يستطيع أن يتحرك لأن مثانته ستنفجر، ولو انفجرت سيعتقد الكابتن أنه عمل إرهابي، خاصة إذا كانت المثانة عربية، وسيتم إنزالنا في مطار ببقعة مجهولة وبعدها تتحول الرحلة إلى فيلم «رامبو أميركي».

لم أستطع أن أكمل كتاب حصار لأسباب خارجة عن إرادتي، وقررت بعدها أن أختار رفيق سفري الصامت بحذر شديد، لكي لا أصاب بعدوى الحصار وهلوسات المحصورين.



g_gallery1@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي