وليد الرجيب / أصبوحة / بأي حال عُدت يا عيد

تصغير
تكبير
يمر عيد الأضحى المبارك هذا العام، على الكويت والأمتين العربية والإسلامية، أعاده الله بالخير والسلام وبأحوال أفضل، هذه المناسبة التي لا تتغير ولا تتبدل، ولكن ما يتبدل هي أعمارنا وأحداث حياتنا، وما يثيره فينا من ذكريات.

أنا لا أتذكر كل التفاصيل التي مرت علينا في أشهر الغزو والاحتلال، ولا أتذكر شعوري وأولادي يعانون من الهلع بسبب أصوات المدافع، ولا أتذكر أننا أكلنا كعكاً ناشفاً قاسياً، بسبب ندرة مكوناته، ولا أتذكر ملابسهم ووجوههم، ولا أتذكر أننا تحلقنا حول منقل الجمر، لأحكي لهم عن سنوات البهجة في ستينات وسبعينات القرن الماضي، كل ذلك ذكرني به أبنائي.

وإن كنت قد نسيت بسبب تقدم العمر، أو بسبب الحيلة الدفاعية النفسية، التي تحجب الألم، وتحتال عليه بالنسيان، وبإبقائه في متحف الذاكرة، صوناً لعقولنا من الجنون، ولأجهزتنا العصبية من الانهيار، فلن ينسى أبنائي وأحفادي الذين يكبرون كل يوم، كويت اليوم التي يمر بها هذا العيد المبارك.

كانت أجمل لحظاتنا وليالينا أثناء الاحتلال، هي المليئة بذكريات وردية حول كويت ما قبل الاحتلال، وبأحلام التحرير الذي سيليه صحوة وعودة إلى ألق الكويت، كنا نفتح ألبومات الصور، صور رحلات البر والشاليهات والسفر، ننظر إلى صورنا في بيروت والقاهرة وعواصم العالم، ونشعر أنها من حكايات ألف ليلة وليلة، ونشاهد أفلام فيديو الخيران والفنطاس وأبراج الكويت، ونشاهد نمو أبنائنا وأولى شخبطاتهم على ورق المدارس، وكانوا يضحكون على أشكالهم حتى تطفر دموعهم، لم أكن أدري أسعادة أم إحساس بالفقد.

كان زمناً صعباً، لكنه كان أهون بكثير من وضعهم، ووضع بلدهم في هذا العيد، فأحدهم سرح من الشركة التي كان يعمل بها، منذ أكثر من سنة، ومن حينها وهو عاطل عن العمل، رغم أنه رب أسرة، وبعضهم يدرس في جامعات خاصة، تنهك رسومها كواهلنا.

في الاحتلال لم يكن لحم الخراف فاسداً، ورغم الضم والالحاق لأرضنا الطاهرة، لم يبع الكويتيون بلادهم للمحتل ولا للقطاع الخاص، لم تكن توجد بطالة، لأن كل الشباب كانوا يعملون بكل المهن، مثل تنظيف الشوارع، والعمل في المخابز، والتدريس داخل البيوت، والتطوع بالمستشفيات، كان الشعب يحكم نفسه رغم أنف المحتل، لم يكن هناك نواب يباعون ويشترون، كان أبنائي يعيشون على أمجاد الرياضة المتألقة، ولم يكونوا يعرفون تكسير أبواب الاتحادات الرياضية، إلا من قبل المحتل، كانت لدينا قوانين بلا وزارة داخلية، كانت لدينا صحافة بلا رقابة حكومية، كانت لدينا وحدة وطنية، دون تعصب طائفي أو قبلي أو فئوي، ودون مؤامرات لنهب البلد.

فبأي حال عدت ياعيد؟





وليد الرجيب

osbohatw@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي