محمد محمود عيسى / الكويت وأشياء أخرى

u0637u0627u0644u0628 u0643u0648u064au062au064a u064au062au062fu0631u0628 u0639u0644u0649 u0641u0646 u0627u0644u062eu0637 u0627u0644u0639u0631u0628u064a - 1952
طالب كويتي يتدرب على فن الخط العربي - 1952
تصغير
تكبير
هل تحب الكويت؟ سؤال بسيط اسمحوا لي أن أطرحه على كل واحد منا ليجيب عنه كيفما شاء، ولكن الإجابة المؤكدة التي سيتفق عليها الجميع هي: نعم أحب الكويت، ناهيك عمن تنتابه الدهشة من طرح السؤال، وذلك لأن حب الوطن من الأشياء المؤكدة والواجبة على كل فرد ينتمي إليه، وأنا اؤكد على ذلك وأحيي كل إنسان يحب وطنه، ولكن هل الحب وحده يكفي لنهضة وبناء الوطن، وهل تبنى الأوطان بالكلمات فقط، وهل جلس كل واحد منا مع نفسه جلسة صدق ووضوح وصراحة، خاصة من يمتلكون أمانة الكلمة والمسؤولية، وسأل نفسه ماذا قدمت للكويت، وهل تستحق الكويت أن نتنازعها ونتخاطفها من كل جانب وكأن كل واحد منا يصور نفسه للآخرين أنه أخلص وأوفى من في الأرض، وهل تستحق الكويت أن تنزل لغة الحوار والنقاش بين أعضاء مجلس الأمة الموقرين إلى (السراق واللصوص والخونة)؟ سؤال أطرحه على الجميع... لماذا نختلف، ولمصلحة من نتقاتل، ومتى نتفق، ومتى يحاسب كل واحد منا ضميره ويراقب ربه على أمانة الكلمة ومسؤولية القرار، وهل ثمن تجربة الكويت الرائدة في الديموقراطية والحرية أن تتحول إلى تخطيط وتكتيك لتصفية حسابات، أو إفشال خطط ومشروعات، لماذا نختلف بهذه الحدة والشراسة إذا كان كل واحد منا صادق النية تجاه البلد وتجاه اخوانه سواء اتفق أو اختلف معهم طالما أن الخلاف والاتفاق على مصلحة الكويت حاضرها ومستقبلها، وطالما أننا تجردنا من أهوائنا ومصالحنا الشخصية ووضعنا الكويت في مكانتها اللائقة التي تستحقها وحملنا همومها وقضاياها في ضمائرنا، وصار كل واحد منا يتبارى في إظهار حبه لبلده ويعمل جاهداً على المحافظة عليه قوياً عزيزاً شامخاً أبياً، وتنازل عن دورة انتخابية، أو ساهم في مشروع تنمية، أو نظر لنفسه على أنه أكبر من لجنة برلمانية قد يكون هناك من هو أحق منه بعضويتها لأنه يرى نفسه مساهما في نهضة الكويت في مكان آخر، أما آن الأوان أن ينزل كل واحد منا عن صهوة جواده ويجلس جانباً يتنفس الصعداء ويتجول ببصره في أنحاء الكويت ويرى بناظريه ذلك الوطن الجميل الذي وهبه الله الكثير والكثير، ولم يبخل على أحد، ولم يرد يداً مدت إليه، ولا قاصداً مشى نحوه يطلب الخير منه، ألم ينظر كل واحد منا إلى الرجال الذين صنعهم هذا الوطن وجعلهم قدوة وأعلاماً بين الدول والأوطان، ألم ينظر كل واحد منا إلى رجالات الكويت في الماضي وكيف كانوا على قلب رجل واحد وكيف كان يسود الاحترام بينهم وتسمو لغة الحوار الراقي فوق خلافاتهم، وكل منهم يعرف قدر أخيه ومكانته، وكيف صنعوا من الكويت وطناً يملؤه الخير والتسامح، وتنتشر بين جنباته مواطن العزة والوفاء؟

إن الأمانة والمسؤولية تقتضي أن يراجع كل واحد منا مواقفه، ويفتش في ضميره، ويصحح نواياه ويصدق النية مع نفسه أولاً في أن تكون الأمانة التي أسندت إليه في مكانها الصحيح، وعند الشخص الذي هو جدير بها، ويستطيع أن يحافظ عليها ويؤدي واجبه نحوها، أو أن يمتلك الشجاعة والجرأة ويعلن للجميع أن المسؤولية أكبر منه ولا يستطيع أن يجرد نفسه من أهوائها ومصالحها الشخصية وهو موقف فريد سيذكره التاريخ كما سيذكر أيضاً كل من فرط في أمانة الكلمة وخان الرقابة وانتهك التشريع.

إن الكويت تستحق أفضل من ذلك... تستحق مكانة عالية، ونهضة شاملة، ولغة راقية، ورجالاً أمناء أوفياء، وما أكثر هؤلاء الذين يعشقون الكويت ويعملون من أجلها في صمت ويعبرون عن حبهم لهذا البلد بلغة راقية نبيلة يتقاطر منها الوفاء ويغلفها العرفان، وينتظرون أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه الكويت أكبر من كل خلاف وفوق كل مصلحة، ونحن معهم ننتظر.





محمد محمود عيسى

Abo-411@LIVE.COM
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي