يتحدث الناس عن مشكلات تردي الخدمات وحجم الاهمال المتفشي للمسائل الحياتية المهمة التي تشكل ضرورات معيشية، خصوصا الاهمال في مشاريع الدولة الحيوية. محطة مشرف للصرف الصحي وما حدث لها من خراب مثال واضح للاهمال واللامسؤولية حيث مازال السكان يعانون تداعيات الازمة الناتجة من المحطة الى هذا اليوم. فلقد كلف هذا المشروع الدولة مبالغ طائلة لكن المحطة بعد ان تم تشغيلها لفترة وجيزة تدمرت واصبحت في خبر كان.
ورغم مرور مدة طويلة على توقف هذه المحطة وتحويل المشكلة الى القضاء كما صرح بذلك المسؤولون الا انه الى هذه الساعة لا يعرف الناس، خصوصا السكان الذين تضرروا من الانبعاثات الغازية الكريهة، عن مصير المحطة والبدائل المطروحة، علما بان الروائح مازالت منبعثة ومزعجة، والبحر قد تلوث بمياه المجاري، وقد شاهدنا سواد السواحل بالملوثات، وساد الخوف من وصول هذه الملوثات الى محطات تقطير المياه، الحمد لله اننا بلد يطل على البحر، فنستفيد منه في التجارة والتغذية وتصدير النفط والاستمتاع وحتى إلقاء قاذوراتنا فيه. ولولا هذا البحر واستقباله للمخلفات، هل كان بالامكان معالجة الاطنان من مياه الصرف الصحي؟ الواقع يؤكد انه لولا البحر، الذي نريد نظافته، لغرق سكان مشرف والمناطق المجاورة بمياه الصرف الصحي بسبب اللامبالاة واللامسؤولية التي حدثت وأدت الى انفجار محطة مشرف الجديدة.
كارثة محطة مشرف والاضرار الكبيرة المادية والنفسية والصحية الناجمة عن تعطلها وتخريبها كان يجب عدم السكوت عنها او الاكتفاء بالشجب والادانة، خصوصا من نواب الدائرة الاولى. فهذا الحدث ليس بالشيء الهين او البسيط، ولو كان في مجتمع اخر حيث الرقي الحضاري لسقطت الحكومة بكاملها واحيل المسؤولون الى المحاكمة، وعلينا ان نتصور اهمال كهذا يحدث لمشروع الدولة المقبل والخاص بالمحطات النووية لتوليد الطاقة والتي لو حصل لها ما حصل لمحطة مشرف الصحية فإن الكارثة لن تتسبب في انزعاجنا من الروائح النتنة، ولن يكون البحر ملاذنا للتخلص من مشكلات التلوث وانما الموت سيصيبنا بسبب الاهمال واللامسؤولية.
الحكومة وان كانت هي المسؤولة عن الخلل الفادح الذي حصل لمحطة مشرف الصحية فان اللائمة تقع ايضا على نواب الدائرة الاولى الذين لم يفعلوا شيئا سوى الشجب الذي صرح به البعض دون اتخاذ الخطوات العملية التي تضع الامور في نصابها وتحقق العدالة في المساءلة. ورغم ان المحطة متوقفة عن العمل فلا احد يسأل عن مصير المحطة، وما اذا كانت هناك بدائل مطروحة، والى متى سينتظر الناس لانهاء مشكلة الصرف الصحي؟ لذلك محاسبة النواب من ناخبيهم لا ينبغي تجاهلها، فما حصل قد حصل، لكن المهم السعي لمعرفة النتائج وعدم طمس الحقائق وايجاد بدائل لمعالجة المشكلة، خصوصا وان الناس مازالت تعاني من تداعيات هذه المحطة المشؤومة والسيئة الذكر.
د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي
yaqub44@hotmail.com