أكاديميون لـ «الراي»: ظاهرة تنخر في المجتمع
الشهادات العليا تزوير على ... عين العلم!

جنان سليم

بدر الخضري

منى الشطي

عويد المشعان

ناصر الشمري

شهادات مزورة










| كتب محمد نزال |
إذا كان الهدف من الحصول على الشهادات العليا (ماجستير، دكتوراه) هو الارتقاء بالمستوى العلمي للأفراد وخدمة البلد من خلال الحصول على هذه الشهادة حتى تتم ترجمة ذلك التحصيل العلمي** الى واقع بواسطة المساهمة في تحقيق خطط التنمية، فان ذلك هو الاستثمار البشري الذي ينهض بالأمم ويقودها الى المقدمة في جوانب مختلفة أما اذا كان الهدف من الحصول على تلك الشهادات هو التباهي بها اجتماعيا والحصول على المكانة والوجاهة في أوساط المجتمع دون أدنى مراعاة للمستوى الأكاديمي أو لمدى توافق تلك الشهادة مع حاجة البلد وأسواق العمل فستكون هذه الشهادات معول هدم وليس بناء ووسيلة للتخلف وليس للتقدم.
أكاديميون أكدوا لـ «الراي» تفشي ظاهرة الحصول على الشهادات الجامعية العليا للوجاهة والتباهي بها اجتماعيا فقط وطمعا في الحصول على الدرجات الوظيفية العليا لتكون الحصيلة النهائية اضافة أموال جديدة الى اجمالي الراتب الشهري دون أن تكون هناك اضافة أكاديمية حقيقية تعود بالنفع على الفرد وعلى الدولة مرجعين سبب هذه الظاهرة الى جامعات الدكاكين التي خلقت تنافسا لقبول الطلبة بطرق جاذبة ومغريات عديدة كلها على حساب الجوهر والمضمون منتقدين في الوقت نفسه عنوان رسالة الدكتوراه التي يكتبها البعض دون أن تكون لها علاقة بدولة الكويت ولا بمجتمعها كأطروحة رسالة الدكتوراه بعنوان «الجبن البلغاري وعلاقته بالمجتمع الكويتي» والتي كتبها أحد النواب السابقين على حد قولهم.
في البداية يلاحظ أمين سر جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت الدكتور ناصر أحمد الشمري تزايد أعداد الراغبين في الحصول على الشهادات العليا من قبل الشباب الكويتي وتزايد كذلك حرصهم واهتمامهم على اكمال المسيرة التعليمية شارحا «لعل أهم أسباب هذا الاقبال هو طموح الشباب الكويتي في شغل مناصب ادارية وأكاديمية والتي تتوافر لحاملي الشهادات العليا» مؤكدا أن «هذا أمر مشروع لهم ولا نرفض أو نستنكر ذلك انما حري على طالب العلم اخلاص النية في طلب العلم وذلك للمساهمة في نهضة وتقدم بلدنا الحبيب من خلال المؤسسات التي يعملون بها».
ويشدد الشمري على أهمية الحصول على الشهادات العليا من جامعات مرموقة ذات مستوى أكاديمي عال كما شدد على أهمية الابتعاد عن ما أسماه بجامعات الدكاكين التي ترتدي الزي الأكاديمي فقط لتغطية النشاط التجاري لها الذي تمارسه بواسطة بيع الشهادات غير الصالحة أكاديميا موضحا «ان الهدف المحمود جراء الحصول على شهادتي الدكتوراه والماجستير هو كسب العلم وليس الحصول على الشهادة فقط لأن العلم يرتقي بصاحبه أولا ثم في عمله ثانيا، أما الشهادة فقد تكون حجة على صاحبها وليست حجة له اذا كانت شهادة تجارية لا أكاديمية».
ويبين الشمري «لا شك أنه صاحب هذه الظاهرة بعض الممارسات السلبية التي تتضح لنا من خلال تدني مستوى بعض من يحملون الشهادات العليا ومرد ذلك حرصهم في الحصول على الشهادات دون أدنى جهد وهذا سينعكس سلبا على هذه الفئة أولا ثم على العملية التعليمية والتي هي تعاني ضعفا ملحوظا قبل ظهور هذه الظاهرة أصلا» لافتا الى أن بعض الطامحين للحصول على الشهادات العليا يريدون الحصول عليها «بريستيجاً اجتماعياً» وهذا خلل أيضا لأن الذي يريد «البريستيج» يمكنه تحقيق ذلك من خلال تميزه في عمله دون السعي في طلب الشهادات المزيفة، وفي الحقيقة أرى أن الكثير من الطامحين للحصول على الشهادات العليا يهدفون لتحقيق رغباتهم في الارتقاء بمستواهم الأكاديمي وهذا أمر جيد بيد أن القلة القليلة والتي تتخذ طرقا مشبوهة وغير أكاديمية في الحصول على الشهادات هي التي شوهت المنظر العام لطلاب العلم.
ويناشد الشمري الشباب الكويتي اشباع ميولهم الخاصة المتعلقة بناحية التحصيل العلمي وتحقيق رغباتهم الذاتية في ذلك لما لهذا الأمر من فائدة تعود بالنفع عليهم وعلى وطنهم كما ناشدهم بعدم اختزال نجاحهم في الحصول على الشهادة، فهناك العديد من حملة الشهادات العليا مستواهم العلمي متدن وفي المقابل نجد أن العديد ممن حصلوا على الشهادات سواء شهادة البكالوريوس أو الدكتوراه متفوقون في أعمالهم التجارية وهذا ما يعكس أهمية توافر التفوق الأكاديمي والتحصيل العلمي الجيد عند الحصول على الشهادة.
ويصف رئيس قسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور بدر الخضري ظاهرة الحصول على الشهادات العليا بهدف التفاخر والتباهي بها اجتماعيا بالسيئة معتبرا ذلك تزويراً أكاديمياً مردفاً «ان عملية الحصول على شهادة الدكتوراه أو غيرها بهدف التباهي أمام المجتمع دون مراعاة الناحية الأكاديمية تخلق دكاترة غير لائقين أكاديميا وتسيء للعملية الأكاديمية لتواجد دكاترة غير مؤهلين لحمل هذا المسمى».
ويرى الخضري أن سبب تفشي تلك الظاهرة يعود الى رغبة البعض في تبوؤ مناصب قيادية دون النظر الى الطرق السليمة التي يمكن الحصول على الشهادات من خلالها معتبرا ذلك مضيعة للوقت والجهد والمال حيث لا يستطيع أي شخص يحصل على شهادة دون التحلي بمستوى أكاديمي جيد أن يرتقي بعمله وبمجتمعه ويحقق فائدة لبلده من خلال هذه الشهادة مشيرا الى أن الاغراءات المطروحة هي دافع لأي شخص للحصول على الشهادات وذلك لتعديل وضعه الاجتماعي من خلال الحصول على وجاهة ومكانة اجتماعية وكذلك تعديل وضعيه الوظيفي والمالي من خلال الارتقاء في السلم الوظيفي والحصول على امتيازات مالية مغرية مبينا «يهدف من يحصل على شهادة بصورة غير مشروعة في التدريس بمؤسسات التعليم العالي في الدولة وهذا أمر خاطئ نظرا لتدني مستواه الأكاديمي وضعف مستوى الجامعة التي حصل منها على شهادته، وبلا شك هذا يعود بالضرر على مؤسسات التعليم العالي وعلى العملية التعليمية ككل».
ويؤكد الخضري أن البعض يلتحق بتخصصات لا تواكب احتياجات الدولة ولا تتماشى مع رغبات سوق العمل وهذا ما يؤكد هدفهم في الحصول على الشهادة للوجاهة الاجتماعية فقط وليس رغبةً في التطوير وتحقيق النهضة والتقدم في مجال عمله منتقدا «عنوان رسالة الدكتوراه التي يكتبها البعض حيث هناك من يكتب أطروحات لشهادة الدكتوراه لا ترتبط بواقع المجتمع الكويتي ولا تتعلق بدولة الكويت» متهكما في الوقت نفسه هل يعقل أن يكتب أحد النواب السابقين أطروحة رسالة الدكتوراه بعنوان «الجبن البلغاري وعلاقته بالمجتمع الكويتي».
ويصنف أستاذ علم النفس الدكتور عويد المشعان محاولة البعض تصنع الدرجات العلمية أو اضافة لقب أكاديمي الى اسمه ضمن الأمراض النفسية التي ضربت بالمجتمع أخيراً منوها الى «المشكلة ليست بهؤلاء المرضى وحسب انما في الذين يمتد طموحهم وتغويهم أنفسهم على أنهم بالفعل من الكفاءات ويجب أن يحصلوا على وظائف تتناسب مع شهاداتهم الرخيصة والمعدومة الفائدة من الناحية الأكاديمية».
ويلفت الى «ان هذه المشكلة ذات شقين، في المجتمع الذي يجعل الاحترام للألقاب دون تمييز وقدرة على فحص الانجازات، والشق الآخر في بعض المؤسسات التي تسمح لهؤلاء من التدرج في سلمها الوظيفي خصوصا اذا كانت مؤسسات علمية».
وتعتقد منى الشطي أن المجتمعات الخليجية بصورة عامة والمجتمع الكويتي بصورة خاصة مريضان بداء التباهي وحب التفاخر فى أقل الأمور فما بالك اذا بلغ الأمر الى رسالة الماجستير ومن ثم الدكتوراه كثيراً ما تشاهد اعلانات في الصحف وحتى في الشوارع لحفل عشاء بمناسبة الحصول على شهادة الدكتوراه، ولا بد أن ندرك أيضا أن البعض يسعى للحصول عليها من أجل الدرجة العلمية والتي من خلالها يستطيع أن يخدم بلده.
وتنصح الشطي بأهمية التصدي لهذه الظاهرة التي لا تخدم المجتمع انما تدمره وتردي به نظرا لامتلاك البعض لمسمى الدكتور دون امتلاكه لمستوى أكاديمي متميز وهذا الأمر كالذي يدس السم في العسل حيث وجدنا أخيراً مهندسين لا يفقهون في الهندسة شيئا ومحاسبين لا يعرفون أسس المحاسبة وهذا أمر يزيد حاملي الشهادات العليا كما ولا يفرق بينهم ولا يميزهم نوعا .
أما أحمد عبدالله فيذكر أن هناك تسابقا من فئة كبيرة داخل المجتمع الكويتي تسعى للحصول على لقب الدكتوراه مما يزيدهم وجاهة اجتماعية موضحا «خلال السنوات القليلة الماضية شن الكويتيون هجوما كاسحا على الجامعات العربية والأجنبية من أجل تكملة دراساتهم والحصول على الماجستير والدكتوراه وهذا بلا أدنى شك أمر جيد، فالعلم هو أساس التطور عند كل الشعوب، وحب المعرفة والاستزادة منها مطلب انساني قديم خلق مع خلق الانسان الأول ولكن للأسف أن جزءاً كبيراً من تلك المساعي ليس من أجل العلم».
ويطالب عبدالله بوضع جهة أكاديمية رقابية مهمتها التدقيق في جميع الكويتيين الدارسين في الخارج ومتابعتهم والاطلاع على آلية دراستهم وكذلك تتفرغ هذه الجهة لمتابعة شؤون الجامعات الخارجية حتى تضمن الجودة الأكاديمية لدى الطلبة الكويتيين الدارسين هناك، وتعاقب تلك المؤسسة بحرمان الجامعة غير المؤهلة علميا من دراسة الكويتيين فيها وتعاقب كذلك من تسول له نفسه في الحصول على شهادة بطرق غير مشروعة بحرمانه من اكمال مسيرته الدراسية الا من خلال القنوات السليمة والتي تضمن الجودة والكفاءة الأكاديمية.
وترجع جنان سليم ظهور موضة الحصول على شهادة الدكتوراه الى انتشار الجامعات التي تبيع الشهادات كما تباع الوجبات السريعة مستغربة « لو تسأل أحد هؤلاء عن لغة البلد الذي حصل منها على شهادة الدكتوراه لتجده لا يجيد التحدث بها وهذا تأكيد على عملية البيع والشراء في سبيل الحصول على الشهادة».
وتكمل على مستوى النساء تجد من تحمل لقب دكتورة تعامل معاملة غير عادية في وسطها حتى من قبل أهلها وهي تتعامل مع من حولها بشيء من التباهي وكأنها امتلكت الأرض وما عليها منتقدة تفشي هذه الظاهرة لدى عامة الناس دون وجود أدنى مسؤولية تجاه وطنهم.
ويقول أنور الشطي «هذه الشهادات أصبحت موضة وجدت قبولا للأسف عند الكثيرين ولا أقول عنها شهادات عليا انما هي ألقاب يبحث عنها أشخاص في مواقع أكبر من مؤهلاتهم»، ويضيف «لا يوجد شعب في العالم يقدس الألقاب والمناصب كما يفعل الشعب الكويتي فالدكتوراه أصبحت لها فعل السحر على الناس فلذلك يستذبح الكثيرون في سبيل الحصول على لقب الدكتور» آسفا لسعي البعض في الحصول على لقب الدكتور بهدف المفخرة الاجتماعية فقط.
ويتابع «حري بالدولة مراقبة هذا الأمر عن كثب ووضع شروط وقيود للحد من تفشي هذه الظاهرة لاسيما وأن أعداد الراغبين في الحصول على شهادة الدكتوراه تزداد يوما بعد يوم» مؤكدا أن منح الدولة للمميزات المالية والرواتب المرتفعة عامل ساهم في الحصول على شهادات علمية وان كانت عملية الحصول عليها بطرق غير مشروعة.
إذا كان الهدف من الحصول على الشهادات العليا (ماجستير، دكتوراه) هو الارتقاء بالمستوى العلمي للأفراد وخدمة البلد من خلال الحصول على هذه الشهادة حتى تتم ترجمة ذلك التحصيل العلمي** الى واقع بواسطة المساهمة في تحقيق خطط التنمية، فان ذلك هو الاستثمار البشري الذي ينهض بالأمم ويقودها الى المقدمة في جوانب مختلفة أما اذا كان الهدف من الحصول على تلك الشهادات هو التباهي بها اجتماعيا والحصول على المكانة والوجاهة في أوساط المجتمع دون أدنى مراعاة للمستوى الأكاديمي أو لمدى توافق تلك الشهادة مع حاجة البلد وأسواق العمل فستكون هذه الشهادات معول هدم وليس بناء ووسيلة للتخلف وليس للتقدم.
أكاديميون أكدوا لـ «الراي» تفشي ظاهرة الحصول على الشهادات الجامعية العليا للوجاهة والتباهي بها اجتماعيا فقط وطمعا في الحصول على الدرجات الوظيفية العليا لتكون الحصيلة النهائية اضافة أموال جديدة الى اجمالي الراتب الشهري دون أن تكون هناك اضافة أكاديمية حقيقية تعود بالنفع على الفرد وعلى الدولة مرجعين سبب هذه الظاهرة الى جامعات الدكاكين التي خلقت تنافسا لقبول الطلبة بطرق جاذبة ومغريات عديدة كلها على حساب الجوهر والمضمون منتقدين في الوقت نفسه عنوان رسالة الدكتوراه التي يكتبها البعض دون أن تكون لها علاقة بدولة الكويت ولا بمجتمعها كأطروحة رسالة الدكتوراه بعنوان «الجبن البلغاري وعلاقته بالمجتمع الكويتي» والتي كتبها أحد النواب السابقين على حد قولهم.
في البداية يلاحظ أمين سر جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت الدكتور ناصر أحمد الشمري تزايد أعداد الراغبين في الحصول على الشهادات العليا من قبل الشباب الكويتي وتزايد كذلك حرصهم واهتمامهم على اكمال المسيرة التعليمية شارحا «لعل أهم أسباب هذا الاقبال هو طموح الشباب الكويتي في شغل مناصب ادارية وأكاديمية والتي تتوافر لحاملي الشهادات العليا» مؤكدا أن «هذا أمر مشروع لهم ولا نرفض أو نستنكر ذلك انما حري على طالب العلم اخلاص النية في طلب العلم وذلك للمساهمة في نهضة وتقدم بلدنا الحبيب من خلال المؤسسات التي يعملون بها».
ويشدد الشمري على أهمية الحصول على الشهادات العليا من جامعات مرموقة ذات مستوى أكاديمي عال كما شدد على أهمية الابتعاد عن ما أسماه بجامعات الدكاكين التي ترتدي الزي الأكاديمي فقط لتغطية النشاط التجاري لها الذي تمارسه بواسطة بيع الشهادات غير الصالحة أكاديميا موضحا «ان الهدف المحمود جراء الحصول على شهادتي الدكتوراه والماجستير هو كسب العلم وليس الحصول على الشهادة فقط لأن العلم يرتقي بصاحبه أولا ثم في عمله ثانيا، أما الشهادة فقد تكون حجة على صاحبها وليست حجة له اذا كانت شهادة تجارية لا أكاديمية».
ويبين الشمري «لا شك أنه صاحب هذه الظاهرة بعض الممارسات السلبية التي تتضح لنا من خلال تدني مستوى بعض من يحملون الشهادات العليا ومرد ذلك حرصهم في الحصول على الشهادات دون أدنى جهد وهذا سينعكس سلبا على هذه الفئة أولا ثم على العملية التعليمية والتي هي تعاني ضعفا ملحوظا قبل ظهور هذه الظاهرة أصلا» لافتا الى أن بعض الطامحين للحصول على الشهادات العليا يريدون الحصول عليها «بريستيجاً اجتماعياً» وهذا خلل أيضا لأن الذي يريد «البريستيج» يمكنه تحقيق ذلك من خلال تميزه في عمله دون السعي في طلب الشهادات المزيفة، وفي الحقيقة أرى أن الكثير من الطامحين للحصول على الشهادات العليا يهدفون لتحقيق رغباتهم في الارتقاء بمستواهم الأكاديمي وهذا أمر جيد بيد أن القلة القليلة والتي تتخذ طرقا مشبوهة وغير أكاديمية في الحصول على الشهادات هي التي شوهت المنظر العام لطلاب العلم.
ويناشد الشمري الشباب الكويتي اشباع ميولهم الخاصة المتعلقة بناحية التحصيل العلمي وتحقيق رغباتهم الذاتية في ذلك لما لهذا الأمر من فائدة تعود بالنفع عليهم وعلى وطنهم كما ناشدهم بعدم اختزال نجاحهم في الحصول على الشهادة، فهناك العديد من حملة الشهادات العليا مستواهم العلمي متدن وفي المقابل نجد أن العديد ممن حصلوا على الشهادات سواء شهادة البكالوريوس أو الدكتوراه متفوقون في أعمالهم التجارية وهذا ما يعكس أهمية توافر التفوق الأكاديمي والتحصيل العلمي الجيد عند الحصول على الشهادة.
ويصف رئيس قسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور بدر الخضري ظاهرة الحصول على الشهادات العليا بهدف التفاخر والتباهي بها اجتماعيا بالسيئة معتبرا ذلك تزويراً أكاديمياً مردفاً «ان عملية الحصول على شهادة الدكتوراه أو غيرها بهدف التباهي أمام المجتمع دون مراعاة الناحية الأكاديمية تخلق دكاترة غير لائقين أكاديميا وتسيء للعملية الأكاديمية لتواجد دكاترة غير مؤهلين لحمل هذا المسمى».
ويرى الخضري أن سبب تفشي تلك الظاهرة يعود الى رغبة البعض في تبوؤ مناصب قيادية دون النظر الى الطرق السليمة التي يمكن الحصول على الشهادات من خلالها معتبرا ذلك مضيعة للوقت والجهد والمال حيث لا يستطيع أي شخص يحصل على شهادة دون التحلي بمستوى أكاديمي جيد أن يرتقي بعمله وبمجتمعه ويحقق فائدة لبلده من خلال هذه الشهادة مشيرا الى أن الاغراءات المطروحة هي دافع لأي شخص للحصول على الشهادات وذلك لتعديل وضعه الاجتماعي من خلال الحصول على وجاهة ومكانة اجتماعية وكذلك تعديل وضعيه الوظيفي والمالي من خلال الارتقاء في السلم الوظيفي والحصول على امتيازات مالية مغرية مبينا «يهدف من يحصل على شهادة بصورة غير مشروعة في التدريس بمؤسسات التعليم العالي في الدولة وهذا أمر خاطئ نظرا لتدني مستواه الأكاديمي وضعف مستوى الجامعة التي حصل منها على شهادته، وبلا شك هذا يعود بالضرر على مؤسسات التعليم العالي وعلى العملية التعليمية ككل».
ويؤكد الخضري أن البعض يلتحق بتخصصات لا تواكب احتياجات الدولة ولا تتماشى مع رغبات سوق العمل وهذا ما يؤكد هدفهم في الحصول على الشهادة للوجاهة الاجتماعية فقط وليس رغبةً في التطوير وتحقيق النهضة والتقدم في مجال عمله منتقدا «عنوان رسالة الدكتوراه التي يكتبها البعض حيث هناك من يكتب أطروحات لشهادة الدكتوراه لا ترتبط بواقع المجتمع الكويتي ولا تتعلق بدولة الكويت» متهكما في الوقت نفسه هل يعقل أن يكتب أحد النواب السابقين أطروحة رسالة الدكتوراه بعنوان «الجبن البلغاري وعلاقته بالمجتمع الكويتي».
ويصنف أستاذ علم النفس الدكتور عويد المشعان محاولة البعض تصنع الدرجات العلمية أو اضافة لقب أكاديمي الى اسمه ضمن الأمراض النفسية التي ضربت بالمجتمع أخيراً منوها الى «المشكلة ليست بهؤلاء المرضى وحسب انما في الذين يمتد طموحهم وتغويهم أنفسهم على أنهم بالفعل من الكفاءات ويجب أن يحصلوا على وظائف تتناسب مع شهاداتهم الرخيصة والمعدومة الفائدة من الناحية الأكاديمية».
ويلفت الى «ان هذه المشكلة ذات شقين، في المجتمع الذي يجعل الاحترام للألقاب دون تمييز وقدرة على فحص الانجازات، والشق الآخر في بعض المؤسسات التي تسمح لهؤلاء من التدرج في سلمها الوظيفي خصوصا اذا كانت مؤسسات علمية».
وتعتقد منى الشطي أن المجتمعات الخليجية بصورة عامة والمجتمع الكويتي بصورة خاصة مريضان بداء التباهي وحب التفاخر فى أقل الأمور فما بالك اذا بلغ الأمر الى رسالة الماجستير ومن ثم الدكتوراه كثيراً ما تشاهد اعلانات في الصحف وحتى في الشوارع لحفل عشاء بمناسبة الحصول على شهادة الدكتوراه، ولا بد أن ندرك أيضا أن البعض يسعى للحصول عليها من أجل الدرجة العلمية والتي من خلالها يستطيع أن يخدم بلده.
وتنصح الشطي بأهمية التصدي لهذه الظاهرة التي لا تخدم المجتمع انما تدمره وتردي به نظرا لامتلاك البعض لمسمى الدكتور دون امتلاكه لمستوى أكاديمي متميز وهذا الأمر كالذي يدس السم في العسل حيث وجدنا أخيراً مهندسين لا يفقهون في الهندسة شيئا ومحاسبين لا يعرفون أسس المحاسبة وهذا أمر يزيد حاملي الشهادات العليا كما ولا يفرق بينهم ولا يميزهم نوعا .
أما أحمد عبدالله فيذكر أن هناك تسابقا من فئة كبيرة داخل المجتمع الكويتي تسعى للحصول على لقب الدكتوراه مما يزيدهم وجاهة اجتماعية موضحا «خلال السنوات القليلة الماضية شن الكويتيون هجوما كاسحا على الجامعات العربية والأجنبية من أجل تكملة دراساتهم والحصول على الماجستير والدكتوراه وهذا بلا أدنى شك أمر جيد، فالعلم هو أساس التطور عند كل الشعوب، وحب المعرفة والاستزادة منها مطلب انساني قديم خلق مع خلق الانسان الأول ولكن للأسف أن جزءاً كبيراً من تلك المساعي ليس من أجل العلم».
ويطالب عبدالله بوضع جهة أكاديمية رقابية مهمتها التدقيق في جميع الكويتيين الدارسين في الخارج ومتابعتهم والاطلاع على آلية دراستهم وكذلك تتفرغ هذه الجهة لمتابعة شؤون الجامعات الخارجية حتى تضمن الجودة الأكاديمية لدى الطلبة الكويتيين الدارسين هناك، وتعاقب تلك المؤسسة بحرمان الجامعة غير المؤهلة علميا من دراسة الكويتيين فيها وتعاقب كذلك من تسول له نفسه في الحصول على شهادة بطرق غير مشروعة بحرمانه من اكمال مسيرته الدراسية الا من خلال القنوات السليمة والتي تضمن الجودة والكفاءة الأكاديمية.
وترجع جنان سليم ظهور موضة الحصول على شهادة الدكتوراه الى انتشار الجامعات التي تبيع الشهادات كما تباع الوجبات السريعة مستغربة « لو تسأل أحد هؤلاء عن لغة البلد الذي حصل منها على شهادة الدكتوراه لتجده لا يجيد التحدث بها وهذا تأكيد على عملية البيع والشراء في سبيل الحصول على الشهادة».
وتكمل على مستوى النساء تجد من تحمل لقب دكتورة تعامل معاملة غير عادية في وسطها حتى من قبل أهلها وهي تتعامل مع من حولها بشيء من التباهي وكأنها امتلكت الأرض وما عليها منتقدة تفشي هذه الظاهرة لدى عامة الناس دون وجود أدنى مسؤولية تجاه وطنهم.
ويقول أنور الشطي «هذه الشهادات أصبحت موضة وجدت قبولا للأسف عند الكثيرين ولا أقول عنها شهادات عليا انما هي ألقاب يبحث عنها أشخاص في مواقع أكبر من مؤهلاتهم»، ويضيف «لا يوجد شعب في العالم يقدس الألقاب والمناصب كما يفعل الشعب الكويتي فالدكتوراه أصبحت لها فعل السحر على الناس فلذلك يستذبح الكثيرون في سبيل الحصول على لقب الدكتور» آسفا لسعي البعض في الحصول على لقب الدكتور بهدف المفخرة الاجتماعية فقط.
ويتابع «حري بالدولة مراقبة هذا الأمر عن كثب ووضع شروط وقيود للحد من تفشي هذه الظاهرة لاسيما وأن أعداد الراغبين في الحصول على شهادة الدكتوراه تزداد يوما بعد يوم» مؤكدا أن منح الدولة للمميزات المالية والرواتب المرتفعة عامل ساهم في الحصول على شهادات علمية وان كانت عملية الحصول عليها بطرق غير مشروعة.