صفير ماضٍ في مهمته ويتمنى «ألا يضعوا العوائق» وبري يعتبره «أم الصبي» ومتكي ألغى زيارته لبيروت


| بيروت - «الراي» |
قبل 12 يوماً من موعد جلسة 12 نوفمبر، التي تشكّل المحطة «الحاسمة» في مسار الاستحقاق الرئاسي اللبناني، بدا المشهد في بيروت «المشدودة الأعصاب» قاتماً ويختزل كل عناصر الانفراج او «الانفجار» اللذين يسيران «جنباً الى جنب» على حافة محاولات «الفرصة الأخيرة» لتجنيب البلاد «السيناريوات السود» التي يتمّ التلويح بها في حال سقطت امكانات التوافق واعتُمد خيار الانتخاب بالنصف زائد واحد، والتي يختصرها شعار «الانقلاب بالانقلاب... والبادئ أظلم».
قبل 22 يوماً من انتهاء المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية (منتصف ليل 23 - 24 نوفمبر)، وعلى مسافة 14 يوماً من بدء مهلة الأيام العشرة الأخيرة التي يحلو للبعض تسميتها بـ «عشرية الشرّ المستطير»، اذ تلوّح الأكثرية بانها ستلجأ خلالها الى «الخيار الصعب»، اي الانتخاب بالنصف زائد واحد اذا لم تنجح جلسة 12 نوفمبر في تمرير رئيس بالتوافق، بقيت انظار بيروت شاخصة على عواصم القرار التي يتنقل فيها الملف اللبناني وعلى مجموعة التحركات المحلية والعربية والدولية التي يمكن ان تشكل الباب لتسوية باتت في سباق مع الوقت الضيّق قبل «اثنين الفصل» (12 نوفمبر) بين منحى توافقي دونه تعقيدات عدة، وآخر صِدامي اختصر عنوانه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع خلال لقائه الأخير مع الموفد الفرنسي جان كلود كوسران، اذ حذّر من «حرب خنادق» في لبنان في حال اعتماد «النصف + 1» وسط سلسلة معلومات عن «تصلُّب» سوري أُبلغ الى «مَن يعنيهم الأمر».
وفيما ترددت في بيروت وعواصم دولية، أصداء «القنبلة» التي فجّرها رئيس «كتلة المستقبل» البرلمانية النائب سعد الحريري من القاهرة، بتأكيده ان هناك محاولات اغتيال كان النظام السوري عبر رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء آصف شوكت يخطط لها وتستهدفه هو ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وهو التصريح الذي عاد معه ملف الاغتيالات ليشكل عنصراً ضاغطاً على الملف الرئاسي، عكست المواقف التي أطلقها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في اطلالته التلفزيونية ليل الثلاثاء حجم الصعوبات التي لا تزال تعترض «المفاوضات العالمية» الجارية للتوصل الى مخرج يتيح تمرير الاستحقاق الرئاسي «بهدوء».
وفي حين طُرحت في بيروت تساؤلات حول تأثير ما كشفه الحريري على اللقاء المرتقب عقده في اسطنبول بين وزيري خارجية فرنسا برنارد كوشنير وسورية وليد المعلّم (في اول لقاء بين الجانبين على هذا المستوى منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في فبراير 2005) على هامش مؤتمر دول الجوار العراقي (يبدأ اليوم ويستمر حتى 3 نوفمبر)، فقد كان لافتاً تبلُّغ بيروت امس، ان وزير خارجية ايران منوجهر متكي أرجأ زيارته للبنان التي كانت مقررة اليوم، من دون ان يعلن اي موعد جديد للزيارة.
وعزا المسؤول الاعلامي للسفارة الايرانية ابراهيم حرشي، تأجيل زيارة متكي الى «سفره الى العراق وانشغاله بالملف التركي - الكردي، على ان يحدد الموعد لاحقا».
في غضون ذلك اتجهت الأنظار الى عدد من المحطات في الداخل والخارج أبرزها:
* اللقاء والذي عُقد امس في باريس بين الحريري ورئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، والذي سبق ان ضُربت له مواعيد عدة في بيروت والعاصمة الفرنسية التي اعتُمدت لاستضافته لـ «اسباب أمنية».
ووزع المكتب الاعلامي لعون بياناً جاء فيه: «اتفق رئيس كتلة التغيير والاصلاح ورئيس كتلة المستقبل على الاجتماع في العاصمة الفرنسية اليوم (امس)، بعيداً عن الضغط الاعلامي وعن المخاطر الامنية التي حالت دون لقائهما في بيروت».
* اللقاءات التي عقدها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد وولش في باريس امس، مع كوسران ومسؤولين من مكتب الرئيس نيكولا ساركوزي، والحريري.
ووُضعت اجتماعات وولش الفرنسية في اطار «السعي لزيادة التأييد الدولي القوي بالفعل لسيادة لبنان وتأكيد اصرار واشنطن على ان يمضي انتخاب الرئيس اللبناني قدما من دون تهديد وتدخل اجنبي في ضوء القلق بخصوص النفوذ المستمر والمتواصل والضار لسورية وحلفائها في لبنان».
* سلسلة الاجتماعات الاستثنائية المكثفة التي يعقدها أطراف المعارضة لمناقشة الخيارات «المضادة» في حال لجأت الأكثرية الى الانتخاب بالنصف زائد واحد.
وفي حين نقل زوار صفير عنه، رداً على امكانات عقد لقاء موسع للأقطاب الموارنة في فريقيْ الأكثرية والمعارضة على ما أوصت به «لجنة الأربعة»، «اننا ماضون في المهمة ونرجو ألا يضعوا لنا عوائق»، جدد رئيس البرلمان نبيه بري التأكيد امام زواره انه يعوّل على البطريرك باعتباره «أم الصبي»، معلناً ان «لا مجال للعب بالاستحقاق والتشنجات الحاصلة هي من باب المزايدات وسيكون هناك رئيس في الموعد الدستوري (...) والنعيق الذي نسمعه لن يتمكن اصحابه ابدًا ومهما ارتفع صراخهم، أن يوصلوا الشعب اللبناني الى حافة اليأس».
وكانت «الرباعية» رفعت الى البطريرك تقريراً عن مداولاتها يقع في ثلاث صفحات فولسكاب ويتضمن تفاهما على وجوب حصول الاستحقاق في موعده الدستوري وتوافر نصاب الثلثين لعقد كل الجلسات الانتخابية، مع اعتبار حضور النواب واجبا. وأضيفت الى التقرير ملاحظتان، احداهما من ممثلي 14 مارس، فيها ان مبادئ مبادرة بكركي رزمة واحدة أي نصاب الثلثين معطوفا على حضور النواب. أما الملاحظة الثانية فمن ممثلي المعارضة، وتقول ان نصاب الثلثين عرف سائد ومنصوص عليه في الدستور، وان المهمات الملقاة على عاتق الرئيس المقبل واحدة وتتعلق بتصحيح العلاقات مع سورية على أساس الندية والحوار مع «حزب الله» على السلاح واعداد قانون للانتخاب يكون عادلا. كما تضمن التقرير نبذ العنف واعتماد الخيار الديموقراطي.
على ان اللافت امس، كانت المواقف التي اعلنها النائب وائل ابو فاعور بعد زيارته صفير حاملاً اليه «رسالة تطمين من جنبلاط والحريري»، اذ قال «ان منبع الاستحقاق الرئاسي هو في بكركي والمصب هو في مجلس النواب»، مشدداً على «ضرورة ألا يمر الاستحقاق في غير هذين الممرين».
كما اشار الى انه «سيكون هناك رئيس في الوقت المحدد، لأن هناك كرة ثلج عربية ودولية ستكبر مع الأيام المقبلة لاخضاع النظام السوري للاستقلالية اللبنانية ووقف اجرامه وانجاز الاستحقاق الرئاسي ومنع الفراغ».
واكد ان الرئيس سيكون من قوى 14 مارس، واضاف: «سنقبل بالاسم الذي يسميه البطريرك صفير أو الاسم الذي تتوصل اليه الاجتماعات التي تجري في الصرح البطريركي، لأن المكون الاستقلالي سيكون موجودا».