مسافات حلم / فوكوياما ورسالة الحكم الرشيد للعرب

تصغير
تكبير
| حمد الحمد |



في كتابه «نهاية التاريخ والإنسان الأخير»، حاول فرانسيس فوكوياما المفكر الأميركي الياباني الأصل ان يؤكد ان الليبرالية او النهج الديموقراطي هو الانسب للحكم كنظام مجرب، وحتى يؤكد ذلك قام بتتبع النموذج الديموقراطي في الحكم تاريخيا، وحتى يثبت ذلك قدم جدولا يرصد بدايات النهج الديموقراطي في دول العالم كافة، وعبر هذا الجدول اكتشف ان هناك دولتين فقط انتهجتا هذا النهج منذ عام 1790 وحتى عام 1990 من دون انقطاع هما الولايات المتحدة الأميركية وسويسرا، اما بقية دول العالم فقد اتى النهج الديموقراطي بالحكم اما متأخرا عن ذلك او متقطعا او غير معروف بالاصل.

اما في عالمنا العربي فقد غابت عن سمائه الديموقراطية الحقيقية منذ بداية التاريخ وحتى وقتنا الحالي ما عدا دولة عربية واحدة شذت عن ذلك وهي الجمهورية اللبنانية حيث ذكر فوكاياما ان الديموقراطية ظهرت في لبنان لسنة واحدة فقط في عام 1960 وانقطعت بعد ذلك، وعلينا استثناء اسرائيل الموجودة في محيطنا العربي فظهر بها الحكم الديموقراطي الحقيقي منذ عام 1960 وحتى تاريخه.

وعلينا ان نذكر ان الجدول الذي قدمه فوكاياما يمثل الفترة من 1790 وحتى 1990 فقط، وحتما لم تذكر الديموقراطيات التي ظهرت في العراق او فلسطين المحتلة او حتى لبنان، فرغم ان هناك انتخابات حرة جرت الا انها باعتقادي ديموقراطيات غريبة الاطوار فبعض الاحزاب التي دخلت العرس الديموقراطي في هذه الدول دخلت وهي تحمل اسلحتها ومدافعها وميليشياتها كما حدث من بعض الاحزاب الدينية العراقية او «حماس» او «حزب الله». فرغم رغبتها في المشاركة الديموقراطية الا انها تحمل السلاح لارهاب الاحزاب الاخرى، وهذا النهج لا يتوافق مع النهج الديموقراطي.

اذا ما نخرج به بعد قراءة كتاب موكوياما بان ما يطلق عليه ديموقراطيات في الخليج سواء في الكويت او غيرها من الدول او سورية او العراق او مصر او غيرها من الدول العربية انما هي اشكال لا تمت للديموقراطية الحقيقية بأي صلة.

فوكوياما ظهرت له اخيرا مقالة في جريدة الشرق الاوسط في عدد 7/8/2007، يفند بها الحكم الديموقراطي الرشيد كما اطلق عليه. وكأنه يرسل رسالة اخيرة إلى عالمنا العربي... ليوضح له ماهي الديموقراطية الحقيقية او الحكم الرشيد.

يقول فوكوياما في مقالته: ان الحكم الرشيد- ويعني الديموقراطية- ليس هبة يمنحها الحكام إلى المحكومين، وان الحكم الرشيد يتطلب اليات المساءلة التي تضمن ان يقوم الحكام حقا بخدمة مصالح المحكومين وليس خدمة مصالحهم الخاصة او مصالح اصدقائهم او عوائلهم.

والمساءلة ليست هي فقط ان تساءل المعارضة الحكومة المنتخبة انما ان تساءل الحكومة نفسها وتقوم بوظائفها.

والحكم الرشيد هو اعتبار البرلمان والقضاء مستقلان عن السلطة التنفيذية، وان يكون هناك شفافية وهذا يتطلب ايجاد مؤسسات إعلامية مستقلة ومؤسسات للتجمع المدني فاعلة لمراقبة اداء وسلوك الدولة.

عندما قرآت مقالة فوكوياما الاخيرة عن الحكم الرشيد في جريدة عربية، شعرت بانها رسالة موجهة إلى عالمنا العربي، يكتب بقلمه مبادئ الحكم الرشيد، او كأنه يقول: سطوري اكتبها لكم بالعربي للذكرى فقد تنفع الذكرى المؤمنين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي