فكرة برنامج الكاميرا الخفية هي فكرة معاصرة وليست ببعيدة، ومُلخصها أن تُخبأ الكاميرا في مكانٍ ما، بعد اختيار المكان والزمان والمقلب الذي سوف ينطلي على الشخص الضحية. ولعل مقلب الكاميرا الخفية قد يكون بالنسبة للضحية مضحكاً، أو محزناً، أو مؤلماً، أو مرعباً، لكن الأكيد أن المشاهد دائماً ما يكون مستمتعاً بشدة في رؤيته للمقلب الذي يقع للضحية. وعلى طاري الكاميرا الخفية، أنا ما أحب الكاميرا الخفية العربية، لأنها كاميرا سخييييفة حدها، ومعظمها فيها سخرية واستهزاء وعدم احترام للآدمي، وهذا كوم والعنف اللي تتعامل معه كووووم!
أظن أن معظم الأحداث التي تقع تحت قبة مجلس الأمة الكويتي، وفي مكاتبه، وفي حماماته، وفي ردهاته ليست إلا مقالب الكاميرا الخفية! فالنواب المعارضون للحكومة لديهم كاميرا خفية لا يعرف مكانها ولا زمانها إلا هم فقط، فهم لديهم أجندة خاصة بهم، على ضوئها يختارون نوع مقالبهم التي سوف يؤدونها، وعند تشغيل الكاميرا يقوم كل واحد منهم بتأدية دوره في ذلك المقلب، وكلما كان أحدهم يصرخ بقوة ويتطاير من فمه الشرر ويهدد ويتوعد انطلى المقلب على الشعب الضحية. والنواب الموالون للحكومة كذلك لديهم كاميرا خفية خاصة بهم، لا يعرف مكانها ولا زمانها إلا هم، لكنهم أقل حرفنة بالتمثيل والإقناع من النواب المعارضين، وذلك لأن رائحة المال السياسي ورائحة تبادل صفقات الكراسي سرعان ما تفوح منهم وتصبح فضيحتهم بجلاجل، الله لا يبلانا، وما حكاية النائبة (سعيدة) ومنصب زوجها المحروس عنا ببعيد. والنواب الإسلاميون كذلك لديهم كاميرا خفية خاصة بهم، لا يعرف مكانها ولا زمانها إلا هم، فترى أحدهم يؤدي المقلب بحسب ما يأمره به حزبه الذي ينتمي له، وأحدهم يؤدي المقلب بحسب التعليمات التي يتلقاها من مراجعه الدينية، وأحدهم يؤدى المقلب ببيع مبادئه ومنهجه لخاطر عيون رصيده البنكي، وآخر منهم يؤدي دوره بحسب ما يشتهي من فتاوى ورخص دينية واختلافات فقهية لكي يكون وضعه عال العال. أما الكاميرا الخفية للنواب المستقلين، هذا إن كان هناك نائب واحد فقط مستقلا، فكذلك لا يعرف مكانها ولا زمانها إلا هم فقط، عبر عدستها يؤدي أحدهم دوره بشكل سريع وحذر وتكتم شديد، كما يفعل (الحصني) عندما يخرج من جحره في طلب لقمته. أما الحكومة فهي المُشاهد الذي يتفرج على النواب المعارضين والنواب الموالين والنواب الإسلاميين والنواب المستقلين ومقالبهم في الشعب الضحية! ومن حق الحكومة أن تسخسخ من شدة الضحك وتمد ساقيها حتى تستلقي على ظهرها وهي تتفرج على الكاميرا الخفية في داخل البرلمان الكويتي!
حسين الراوي
كاتب كويتي
alrawie1@hotmail.com