رؤى / السياب... غريب على رمال الخليج

تصغير
تكبير
|لطيفة جاسم التمار*|

بدر شاكر السياب شاعر موهوب فذ عرف بأبي الشعر الحر، فهو أول من صاغ القصيدة الحديثة على نمط الشعر الحر، هو والشاعرة العراقية نازك الملائكة، عرف بعشقه لبلده وللمرأة كان كثير التنقل من بلد إلى آخر، لم يعرف طعم الاستقرار قط وكان آخر قُطر ارتحل إليه قبل وفاته الكويت، حيث توفي به ونقله صاحبه المخلص الشاعر علي السبتي إلى العراق لكي يدفن في مسقط رأسه.

له مجموعة شعرية رائعة «غريب على رمال الخليج» امتزجت فيها المشاعر بين القلق والترقب والملل ومرارة البعد والغربة والشوق العارم للعودة، لكن الفقر كان دوما يقف حائلا دون تحقيق المراد. يعتمد السياب بشكل موسع على استدعاء الرموز في قصائده، ونذكر على سبيل المثال قصيدة «مدينة السندباد» التي استدعى فيها رمز (قابيل)، وكان هذا الرمز من أكثر الرموز المحببة إلى نفسه، وكرره في مواقع كثيرة في قصائده، كما استدعى السياب شخصيات الأنبياء وكان استخدامها لافتا في شعره.

يقول السياب:

الموت في البيوت يولد

يولد قابيل لكي ينتزع الحياة

من رحم الأرض ومن منابع المياه

فيظلم الغد

وفي قصيدة «المومس العمياء» نجد قدرة السياب على الاستفادة من الرموز القديمة وتوظيفها، فيقول:

«قابيل» أخف دم الجريمة بالأزاهر والشفوق

ونما شتاء من العطور وابتسامات النساء

استدعى أيضا رمز «السندباد» في قصيدة «رمل النهار» فيقول:

خصلات شعرك لم يصنها السندباد من الدمار

شربت أجاج الماء حتى شاب أشقرها وغار

ورسائل الحب الكثار

ومن الملاحظ استدعاء السياب لشخصيات تراثية عربية مثل السندباد وشخصيات إغريقية اسطورية وغيرها، كما استخدم السياب رموزا لا ترتبط بالأساطير وحقق في استخدامها مستوى فنيا عاليا مثل مفردة (مطر) التي استخدمها في قصيدة «أنشودة المطر» وكررها بشكل لافت. ومما لا شك فيه أن الشاعر استدعى التراث ووظفه وتفنن في استخدام ما يتمتع به من إمكانات فنية ضخمة، ضمها بعبقريته إلى عملة الشعري، باختياره للموروث ورموزه في التعبير عن واقع اجتماعي وديني وفلكلوري أضاف إلى القصائد رؤية فنية شكلت النص، وأسهمت في بنائه. وبهذا أصبح التراث وسيلة مهمة في التعبير والإيحاء معا.



* ماجستير أدب عربي

Latifa-altammar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي