الحكومة والمحكمة و«حكماء الحوار» في «بيت الحكمة» على مدى يومين

لبنان: انتظار «مواقيت» فوق... صفيح ساخن

تصغير
تكبير
|بيروت - من وسام أبو حرفوش|
تنتقل الحياة السياسية المأزومة ومعها الحكومة والمحكمة و«حكماء الحوار» الى «بيت الحكمة» في القصر الاتي من التاريخ و«عِبره» والمسترخي على كفّ جبل يفاخر بعلوّه عن بحر بيروت 860 متراً.
الأنظار تتجه الى بيت الدين، البلدة العتيقة، التي تعني بالسريانية «بيت الحكمة». فقصرها التاريخي على موعد مع محطتين بالغتيْ الحساسية في هذا الزمن اللبناني الاصعب من الصعب.
يوم الاربعاء جلسة «اختبارية» للحكومة المصابة بـ «صداع» يهددها بـ «التصدع» نتيجة بلوغ البلاد حافة «حرق المراكب» مع العدّ التنازلي للقرار الظني في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، المرتقب في الخريف.
ويوم الخميس اجتماع لـ «حكماء» طاولة الحوار التي تنعقد وفوقها «على الرف» بند وحيد اسمه الاستراتيجية الدفاعية، اما تحتها فتتكدّس ملفات على شكل «قنابل موقوته» اكثرها «طوارئية» هذه الايام، المحكمة الدولية، بعدما اعلن «حزب الله» الحرب عليها لاشتباهه بأن القرار الظني سيتّهم عناصر منه باغتيال الحريري.
كل ذلك سيكون حاضراً في قصر بيت الدين، الذي رقي الى مرتبة مقر صيفي للرئاسة اللبنانية منذ العام 1943. فرئيس الجمهورية ميشال سليمان كان انتقل ومعه «الملفات الساخنة» قبل ايام ليحلّ ضيفاً على الامير بشير الثاني، الذي جعل بيت الدين وقصرها مقراً للامارة (1789 )، قبل ان يصار الى نفيه الى مالطا فإسطنبول.
فالطريق الممتدة من بيروت الى بيت الدين (45 كليومتراً) ستشهد زحمة سياسية في ضوئها يمكن ان تتضح طبيعة الايام «القليلة» المقبلة. ففي لبنان صارت الحياة السياسية المترنّحة فوق صفيح ساخن «يومية»، اي كل يوم بيومه، نتيجة المخاض العسير الذي تعيشه مع الكلام المتزايد عن سيناريوات مأسوية تنتظر الوطن المربوط باكثر من صاعق محلي واقليمي.
وعشية «الصعود» الى بيت الدين، واصل رئيس الحكومة سعد الحريري سياسة رفض الكلام في «توقيت الآخرين»، فيما خصّ ملف المحكمة والقرائن التي كشفها الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصر الله. وقد جدّد تأكيد صومه عن الخوض في أي كلام لا يرى موجبا له في الوقت الراهن، مشدداً في المقابل على عدم جواز استمرار مستوى التخاطب السياسي في البلد على ما هو عليه، مشيراً هذا السياق إلى أنه «مهما كان الخلاف بين الاطراف السياسية، يجب ألا نتكلم عن بعضنا البعض بالتخوين والتكذيب واستعمال كل أنواع الشتائم التي تهدف في مكان ما الى تشويه الديموقراطيّة اللبنانية»، ولافتاً إلى أنه «حتى خلال الحرب الاهلية لم يصل الخطاب السياسي الى هذا الدرك». وأضاف: «كل ما أطلبه هو معرفة الحقيقة وأن نقتدي برفيق الحريري واستعمال الكلمة الطيبة».
واستوقفت الدوائر السياسية اللقاء الذي عُقد بين الحريري ورئيس مجلس النوّاب نبيه بري في مقرّ الاخير في عين التينة حيث جرى عرض لأوضاع العامة والمشاريع المدرجة على جدول أعمال الجلسة التشريعية للبرلمان اليوم الثلاثاء.
واكتسب لقاء بري - الحريري أهميته، لأنه الأول بينهما منذ القمة اللبنانية - السورية - السعودية التي انعقدت في بيروت قبل اكثر من اسبوعين، ولأنه يأتي وسط محاولة من رئيس البرلمان لـ «فرْملة» اجواء التصعيد ترجمةً لمناخات القمة الثلاثية.
وفيما لا يزال الوسط السياسي يترقب التوقيت الذي سيختاره «حزب الله» لتسليم النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا «قرائن نصر الله» التي طلب المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار الحصول عليها، بقي الغموض «المتعمّد» الذي يمارسه الحزب محور اهتمام، وسط مراوحة الموقف من طلب بلمار بين الكلام عن انه «قيد الدرس»، والقول ان الحزب سيسلّم القرائن الى المدعي العام التمييزي وبعدها «يصطفل القضاء اللبناني اذا كان سيسلّمها الى بلمار»، وصولاً الى اعلان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّ «حزب الله ليس مسؤولاً عن البحث عن المتهم أو تقديم المعطيات للمحكمة الدولية، وإنما هي المعنية بالبحث عن الأدلة بنفسها».
وفي الإطار نفسه شدد رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك «على أن الحزب لن يقبل بتشويه صورة المقاومة وسمعتها، هي التي أعطت العزة للبنان والعرب وكل الشرفاء في العالم». ورأى أن «من واجبنا أن ندافع عن نفسنا عندما تكون الهجمة علينا من طريق المحكمة الدولية أو غيرها».
وجدد يزبك مطالبة حزب الله بـ «تشكيل لجنة لبنانية لمتابعة ملف المحكمة الدولية»، معربا عن «استعداد الحزب لتقديم كل ما لديه للجنة في هذا الشأن»، ومشيرا الى «عدم ثقة «حزب الله» بالمحكمة الدولية، نتيجة استبعادها لفرضية قيام إسرائيل بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الحريري، ونتيجة أدائها ومسارها خلال الأعوام الماضية، وتلاعب الإدارة الأميركية بها».
وكان لافتاً انه غداة مطالبة الوزير السابق وئام وهاب، القريب من «حزب الله»، الرئيس الحريري بالاستقالة والرحيل لسنة ريثما تكون الحكومة الجديدة اوقفت تمويل المحكمة الدولية وسحبت القضاة اللبنانيين منها، اعلن النائب احمد كرامي (خاض الانتخابات النيابية على لائحة ائتلافية مع تيار الحريري في طرابلس) «ان الرئيس الحريري معه الاكثرية النيابية وهو يقرر اذا اراد ترك رئاسة الحكومة او البقاء»، مشيرا في المقابل الى انه «اذا كانت الظروف تقتضي تسلم النائب نجيب ميقاتي او الوزير محمد الصفدي رئاسة الحكومة فلا شك في ان مصلحة البلد تتقدم على كل شيء».
كما برز ردّ النائب رياض رحال (من كتلة الحريري) في بيان له على كلام وهاب وبعض مواقف أفرقاء المعارضة، اذ أوضح أنه «تطالعنا بين الفينة والفينة أبواق تدّعي انتماءها إلى المقاومة وما يسمى بالمعارضة، وهي التي دأبت منذ اللحظة الأولى لانطلاقة عمل المحكمة الدولية على الهجوم عليها مستخدمة القاموس اللغوي البذيء والمفردات المقززة».
واذ وصف مواقف وهاب، من دون تسميته بأنها «عنتريات وبطولات لا تعبر عن حجم مطلقها السياسي أولا والشعبي ثانيا»، دعا القضاء اللبناني والسلطات المختصة لـ»التحرك ومحاسبة هؤلاء بالقانون وبما نص عليه الدستور، لأن التمادي يحط من قدر الدولة وسمعتها وهيبتها وهيبة سلطاتها، وغض النظر عن هذه الأمور هو تهيئة للفتنة ونسف الاستقرار وانقلاب على الدولة وسلطاتها المنتخبة».
واعتبر أن «مطلق المواقف العنترية ليس بعنتر، ولا يمثل أحدا لا على المستوى الشعبي ولا على المستوى الوطني، ولا يتمتع بأي حصانة، بل أن الأخطر مما يجري هو أن المتحدث يعكس أجواء معلميه وحاضنيه السياسيين سواء عند المقاومة أو عند سورية التي عبرت عن حرصها على حماية الاستقرار في لبنان».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي