القرار الظني المرتقب في جريمة اغتيال الحريري يرفع منسوب التوتر في لبنان

«حزب الله» كشف عن «أسباب موجبة» في اعتبار المحكمة الدولية ... مؤامرة دولية

تصغير
تكبير
|خاص - «الراي»|
عندما تسأل الدوائر المراقبة في بيروت عن سر التوترات السياسية اليومية غالباً ما يكون الجواب «فتش عن المحكمة الدولية»، في اشارة الى قرب صدور القرار الظني في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. واللافت في هذا السياق ان «حزب الله» يتصرف وكأنه في «دائرة الاستهداف»، وهو ما بدا بوضوح منذ الاطلالة الاخيرة لأمينه العام السيد حسن نصرالله التي وصف فيها القرار الظني بـ «المشروع الاسرائيلي»، متحدثاً عن سيناريوات مركبة حصيلتها في نهاية المطاف اتهام عناصر من الحزب باغتيال رفيق الحريري.
والسؤال الاهم الذي يتردد في بيروت هذه الايام هو لماذا يرتاب «حزب الله» من القرار الظني في جريمة اغتيال الحريري؟ اوساط قريبة من «حزب الله» تحدثت لـ «الراي» عن بعض «الاسباب الموجبة» لهذا الارتياب فقالت انه «بعدما اكتملت دفاعات المقاومة (حزب الله) البرية والبحرية والجوية لمجابهة التهديدات الاسرائيلية، وبعدما باتت في جهوزية عالية على مدار الساعة في محاولة منها لابعاد شبح الحرب المقبلة، وبعدما امتلأت عنابرها وجهزت قواتها بقدرات جديدة متقدمة ... بعد كل ذلك بدأ البحث في الخارج عن طريقة للتخلص من تهديد «حزب الله» وسط اعتقاد بأن اقصر الطرق لذلك هو ضرب وحدة لبنان وتشويه سمعة الحزب في العالمين العربي والاسلامي»، لافتة الى ما وصفته بـ «الاعلان المسبق عن فحوى القرار الاتهامي للمحكمة الدولية بلسان قائد جيش العدو غابي اشكينازي». وتستند هذه الاوساط في تقويمها الى تقارير غربية اشارت الى ان اسرائيل لن تتدخل في الامد القريب لشن عدوان على حزب الله، بل ستأخذ دور المتفرج في الصراع المتوقع نشوبه بين الحزب والمجتمع الدولي». ورأت هذه التقارير ان الخناق سيبدأ بالاشتداد حول عنق «حزب الله» من خلال اعتباره مسؤولاً عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتذكير بأنه سبق ان استعمل سلاحه في الداخل في 7 مايو 2008، وبأنه يسيطر على ما يسمى الحكومة الوطنية لأنه الاقوى لامتلاكه السلاح، متوقعة «ان ينشط المجتمع الدولي في مرحلة لاحقة بمطاردة المجموعات المؤيدة لحزب الله في الدول الغربية من خلال اعتبار اي مساعدات من الاموال الشرعية بمثابة تهمة ارهابية، في الوقت الذي ستبرز في العالم العربي والاسلامي موجة تقارب اغتيال الحريري من زاوية ان الشيعة قتلوا زعيماً سنياً». وتحدثت التقارير عينها عن ان هذا السيناريو يفترض صدور قرار دولي ضد «حزب الله» وضد من يقدم له المساعدة، وتالياً فإن الهدف الاول سيكون سورية التي تحولت مسرحاً للحزب وطريقاً لوجستياً لترسانته المتطورة، مرجحة ان يفرض المجتمع الدولي نفسه كلاعب اساسي يحل محل اسرائيل في المرحلة الاولى من هذه المواجهة التي من شأنها تسريع اي ضربة اسرائيلية محتملة في المستقبل. والرسالة لن تكون موجهة فقط الى «حزب الله»، بحسب التقارير عينها، التي ترى انها ستكون خطوة متممة للعقوبات على ايران ولتحذيرات شديدة ضد سورية، التي ستكون مطالبة باختيار الملعب الذي تريد الوقوف عليه، لافتة الى محاولات «متكررة» ستجري لنشر قوات دولية على الحدود اللبنانية ـ السورية لقطع طريق امداد «حزب الله» بالسلاح، خصوصاً اذا ما اعتبر «منظمة ارهابية» من المجتمع الدولي بأكمله. وانطلاقاً من ذلك فإنه يوم تقرر اسرائيل فتح مدافعها واطلاق طائراتها ضد «حزب الله» سيكون الى جانبها، على المستويين السياسي والمعنوي، الدول الاوروبية والوجود العسكري الاميركي الذي ما انفك يدعم اسرائيل ويعمل على تحسين اداء جيشها من خلال المناورات التي توالت على مدى الاعوام الاربعة الماضية. وتنقل الاوساط القريبة من «حزب الله» عنه اعتقاده ان بعض القوى السياسية في لبنان على علم مسبق بما يتضمنه القرار الظني للمحكمة الدولية، وان ما جرى في الجنوب بين الاهالي و«اليونيفيل» لم يكن احداثاً مدبرة ولا هو رسالة للقوة الدولية لتعتبر نفسها رهينة بيد الحزب، بل على عكس ذلك فهم (اليونيفيل) ضيوف ومهمتهم حفظ السلام وستبقى العلاقة معهم مميزة طالما التعاون قائماً بينهم والاهالي. ورأت هذه الاوساط ان على اسرائيل ان تعي بأن المشكلة لا ولن تتحول بين الحزب والمجتمع الدولي بل سيبقى الصراع بين صاحب الارض والمحتل، فـ «حزب الله» وضع خطوطاً حمر كالتي افرزتها احداث 7 مايو في بيروت والجبل، وهي حماية المقاومة واتصالاتها والمحافظة على جميع الكوادر والقيادات، خصوصاً اولئك الذين تطالب بهم اسرائيل عن طريق المحكمة الدولية، مشيرة الى ان «حزب الله» يعتبر ان المجتمع الدولي لا يقيم اي وزن لمصالح القوى السياسية الموجودة في لبنان مهما كانت انتماءاتهم لأن مصلحة اسرائيل هي العليا، لافتة الى انه كان لجاسوس الخليوي دور اساسي في مساعدة اسرائيل على ضرب الحزب. من دون ان تستبعد ان تكون التكنولوجيا قد لعبت دورها في دعم نظرية المجتمع الدولي بتوجيه القرار الظني ضد «حزب الله».
ولهذا يعتبر «حزب الله» ان المحكمة الدولية اسرائيلية في المضمون والشكل مع ثقته بأن بعض العملاء (منهم من اعلن عنه ومنهم من ينتظر)، شاركوا في تحضير المقدمة الاتهامية وتفاصيلها منذ صدور مقال «دير شبيغل»، ولهذا فإن الهدف الاساسي - في رأي الاوساط نفسها - هو ضرب الوحدة الوطنية من خلال ايجاد شرخ حقيقي وعميق في الداخل اللبناني واعادة اجواء 2005 الى الحياة من جديد والتي تبعتها حرب الـ 2006، ليصار الى افتعال وضع شاذ في الـ 2010 تحضيراً لـ 2011 مماثل لـ 2006. وأشارت الاوساط عينها الى مجموعة من الاسئلة تطرح على اكثر من مستوى قيادي من بينها: من المستفيد من مقتل رفيق الحريري وما هي صدقية المحكمة والاهداف الكامنة وراء توجيه الاتهام بطريقة معينة؟ هل المقصود الاعلان في شكل رسمي ان سلاح «حزب الله» هو سلاح غدر؟ وهل المحكمة آلية من آليات الابتزاز السياسي لاتهام «حزب الله» وسورية؟ وهل استهداف الشيعة سيصبح مباحاً في اي دولة من دول العالم خدمة للغرب؟ وفي الخلاصة رأت هذه الاوساط ان «حزب الله» غير قلق ولكنه مستفز لأنه يعتقد ان المحكمة جزء من المؤامرة الدولية لتشويه سمعة المقاومة وهذا ما يزيده اصراراً وعزيمة على مجابهة اعداء نهج المقاومة كافة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي