أماكن / عبر المتوسط (1 من 3)

جمال الغيطاني





|جمال الغيطاني|
عندما تلقيت الدعوة الى المشاركة في هذا المشروع قرأت اسم المرسل وتساءلت: أهو دانيال روندو الأديب المعروف في فرنسا والمخرج السينمائي الذي قدم فيلما جميلا عن الاسكندرية؟.
لم أستطع الجزم، الموقع على الرسالة سفير فرنسا في مالطا، ربما تشابه أسماء، لكن في الرسالة التالية التي تضمنت جميع تفاصيل المشروع تأكدت أنه هو هو، فيما بعد عندما التقينا في فاليتا العاصمة قال لي انه كان قد بدأ تقاعده في مقاطعة شامبين، كان يمضي أياما مريحة، وبدأ يخطط لكتابة طويلة تستغرق وقتا، فوجئ بوزير خارجية فرنسا الحالي بيير كوشنار يتصل به ويطلب منه الاستعداد لأداء مهمة وطنية، بالطبع تساءل دانيال عن طبيعتها، قال كوشنار انه سيقوم بمهام سفارة فرنسا الى مالطا، سيصبح سفيرا لفرنسا.
بالطبع لم يشرح لي دانيال الأسباب لكن لم يكن من الصعب عليّ أن أفهمها، فرنسا تهتم اهتماما خاصا بالبحر الأبيض، والرئيس ساركوزي أطلق مبادرة في هذا الشأن بالمشاركة مع الرئيس مبارك، الهدف هو تقريب المسافة بين الضفتين على جميع المستويات، فكرة البحر الأبيض ليست بعيدة عن مصر.
فقد أشار اليها الدكتور طه حسين في كتابه العبقري «مستقبل الثقافة المصرية» الذي صدر العام ثمانية وثلاثين من القرن الماضي، أي مر عليه العام قبل الماضي نصف قرن ولم تحتفل به أي مؤسسة ثقافية باستثناء جريدة أخبار الأدب وانني أنصح وزراء الثقافة والتعليم العالي والتربية والتعليم بقراءة كتاب طه حسين، فمازال بمضمونه بعيد الرؤية صالحا لواقعنا حتى الآن.
وقد طبعه مشروع مكتبة الأسرة منذ ثلاثة أعوام في اطار التوجه الذي يقوم الدكتور فوزي فهمي بتنفيذه في صمت ودأب، وهو اتاحة المصادر الفكرية التي تساعد على التقدم، جزاه الله خيرا.. لعل طه حسين أول من أشار الى أهمية فكرة البحر الأبيض في العالم العربي، ولا أدري عما اذا كان ذلك ينطبق على الجانب الأوروبي أم لا؟ أما فكرة تعيين مثقف بارز أو مبدع كبير في مكان السفارة الى بلد ما فهذه فكرة متقدمة، متحضرة، تضع الاعتبار الوطني وتوظيف الامكانات المتاحة بغض النظر عن التخصص الوظيفي، وأحيانا يكون الهدف ابراز الشخص نفسه اذا كان أديبا مرموقا.
وقد جرى هذا في أوروبا وعالمنا العربي، الشاعر بابلو نيرودا من أعظم شعراء الانسانية، قرر سلفادور البندي ارساله سفيرا الى باريس لتقوية علاقاته بالمؤسسات الثقافية الفرنسية التي لها صلات بمؤسسة نوبل، الأمر ذاته أقدمت عليه حكومة المكسيك عندما أوفدت الشاعر العظيم أوكتافيو باث الى باريس أيضا، وقد حصل كل منهما على الجائزة، الطريف أن هذا لم يغب عن الرئيس جمال عبدالناصر الذي كان يكن لتوفيق الحكيم منزلة خاصة لتأثره بكتابه «عودة الروح»، وكان يرى ومعه كل الحق أن الحكيم يستحق نوبل، لذلك أرسله سفيرا الى موسكو لتقوية صلاته بالشخصيات والمؤسسات الفرنسية صاحبة التأثير، غير أن الحكيم بطبيعته كان منطويا وبخيلا فعاش في باريس منطويا ولم يقم بما كان يرجوه عبدالناصر، طبعا لا يعني هذا أن كل كاتب يسكن باريس يمكنه أن يصل الى نوبل أو غيرها.
لقد رأيت وشاهدت شعراء وروائيين وفنانين تشكيليين ذهبوا الى باريس ولم يحققوا أي خطوة الى الأمام، بالعكس أصبح بعضهم أقرب الى ساكني المصحات العقلية، هذا موضوع يطول الحديث فيه... في مصر عرفت اثنين من كبار المثقفين أوفدا بهدف ترسيخ العلاقات الثقافية، الأول هو الدكتور علي أومليل أستاذ الفلسفة المغربي الذي عينه محمد بن عيسى وقت أن كان وزيرا لخارجية المغرب، وحاليا الدكتور خالد زيادة الأديب والمؤرخ اللبناني الذي عينه الرئيس فؤاد السنيورة سفيرا في مصر.
من هذا المنطلق تم ايفاد الأديب والفنان دانيال روندو الى مالطا، ومنها أطلق أول مشروع ثقافي كبير «أوليس 2009».
عندما وصلتني الدعوة للمشاركة وقرأت الأسماء المرموقة لم أتردد، غير أنني طلبت المشاركة في مرحلة واحدة من المشروع، وذلك لطول المدة التي سوف يستغرقها، اذ تنطلق السفينة الحربية يوم السبت الحادي عشر من أكتوبر وتتوقف في المحطة الأخيرة ببيروت يوم الثالث والعشرين، استجاب دانيال روندو لما طلبت، وهكذا تحددت مشاركتي من مالطا الى تونس، والمفروض أن تنتهي الرحلة كلها الجمعة وللأسف أكتشف الآن لكم كنت مخطئا، ولكم خسرت في أنني لم أستمر بهذا المشروع الثقافي الكبير، لكن لا داع للندم، فلأحاول شرح الفكرة.
عندما تلقيت الدعوة الى المشاركة في هذا المشروع قرأت اسم المرسل وتساءلت: أهو دانيال روندو الأديب المعروف في فرنسا والمخرج السينمائي الذي قدم فيلما جميلا عن الاسكندرية؟.
لم أستطع الجزم، الموقع على الرسالة سفير فرنسا في مالطا، ربما تشابه أسماء، لكن في الرسالة التالية التي تضمنت جميع تفاصيل المشروع تأكدت أنه هو هو، فيما بعد عندما التقينا في فاليتا العاصمة قال لي انه كان قد بدأ تقاعده في مقاطعة شامبين، كان يمضي أياما مريحة، وبدأ يخطط لكتابة طويلة تستغرق وقتا، فوجئ بوزير خارجية فرنسا الحالي بيير كوشنار يتصل به ويطلب منه الاستعداد لأداء مهمة وطنية، بالطبع تساءل دانيال عن طبيعتها، قال كوشنار انه سيقوم بمهام سفارة فرنسا الى مالطا، سيصبح سفيرا لفرنسا.
بالطبع لم يشرح لي دانيال الأسباب لكن لم يكن من الصعب عليّ أن أفهمها، فرنسا تهتم اهتماما خاصا بالبحر الأبيض، والرئيس ساركوزي أطلق مبادرة في هذا الشأن بالمشاركة مع الرئيس مبارك، الهدف هو تقريب المسافة بين الضفتين على جميع المستويات، فكرة البحر الأبيض ليست بعيدة عن مصر.
فقد أشار اليها الدكتور طه حسين في كتابه العبقري «مستقبل الثقافة المصرية» الذي صدر العام ثمانية وثلاثين من القرن الماضي، أي مر عليه العام قبل الماضي نصف قرن ولم تحتفل به أي مؤسسة ثقافية باستثناء جريدة أخبار الأدب وانني أنصح وزراء الثقافة والتعليم العالي والتربية والتعليم بقراءة كتاب طه حسين، فمازال بمضمونه بعيد الرؤية صالحا لواقعنا حتى الآن.
وقد طبعه مشروع مكتبة الأسرة منذ ثلاثة أعوام في اطار التوجه الذي يقوم الدكتور فوزي فهمي بتنفيذه في صمت ودأب، وهو اتاحة المصادر الفكرية التي تساعد على التقدم، جزاه الله خيرا.. لعل طه حسين أول من أشار الى أهمية فكرة البحر الأبيض في العالم العربي، ولا أدري عما اذا كان ذلك ينطبق على الجانب الأوروبي أم لا؟ أما فكرة تعيين مثقف بارز أو مبدع كبير في مكان السفارة الى بلد ما فهذه فكرة متقدمة، متحضرة، تضع الاعتبار الوطني وتوظيف الامكانات المتاحة بغض النظر عن التخصص الوظيفي، وأحيانا يكون الهدف ابراز الشخص نفسه اذا كان أديبا مرموقا.
وقد جرى هذا في أوروبا وعالمنا العربي، الشاعر بابلو نيرودا من أعظم شعراء الانسانية، قرر سلفادور البندي ارساله سفيرا الى باريس لتقوية علاقاته بالمؤسسات الثقافية الفرنسية التي لها صلات بمؤسسة نوبل، الأمر ذاته أقدمت عليه حكومة المكسيك عندما أوفدت الشاعر العظيم أوكتافيو باث الى باريس أيضا، وقد حصل كل منهما على الجائزة، الطريف أن هذا لم يغب عن الرئيس جمال عبدالناصر الذي كان يكن لتوفيق الحكيم منزلة خاصة لتأثره بكتابه «عودة الروح»، وكان يرى ومعه كل الحق أن الحكيم يستحق نوبل، لذلك أرسله سفيرا الى موسكو لتقوية صلاته بالشخصيات والمؤسسات الفرنسية صاحبة التأثير، غير أن الحكيم بطبيعته كان منطويا وبخيلا فعاش في باريس منطويا ولم يقم بما كان يرجوه عبدالناصر، طبعا لا يعني هذا أن كل كاتب يسكن باريس يمكنه أن يصل الى نوبل أو غيرها.
لقد رأيت وشاهدت شعراء وروائيين وفنانين تشكيليين ذهبوا الى باريس ولم يحققوا أي خطوة الى الأمام، بالعكس أصبح بعضهم أقرب الى ساكني المصحات العقلية، هذا موضوع يطول الحديث فيه... في مصر عرفت اثنين من كبار المثقفين أوفدا بهدف ترسيخ العلاقات الثقافية، الأول هو الدكتور علي أومليل أستاذ الفلسفة المغربي الذي عينه محمد بن عيسى وقت أن كان وزيرا لخارجية المغرب، وحاليا الدكتور خالد زيادة الأديب والمؤرخ اللبناني الذي عينه الرئيس فؤاد السنيورة سفيرا في مصر.
من هذا المنطلق تم ايفاد الأديب والفنان دانيال روندو الى مالطا، ومنها أطلق أول مشروع ثقافي كبير «أوليس 2009».
عندما وصلتني الدعوة للمشاركة وقرأت الأسماء المرموقة لم أتردد، غير أنني طلبت المشاركة في مرحلة واحدة من المشروع، وذلك لطول المدة التي سوف يستغرقها، اذ تنطلق السفينة الحربية يوم السبت الحادي عشر من أكتوبر وتتوقف في المحطة الأخيرة ببيروت يوم الثالث والعشرين، استجاب دانيال روندو لما طلبت، وهكذا تحددت مشاركتي من مالطا الى تونس، والمفروض أن تنتهي الرحلة كلها الجمعة وللأسف أكتشف الآن لكم كنت مخطئا، ولكم خسرت في أنني لم أستمر بهذا المشروع الثقافي الكبير، لكن لا داع للندم، فلأحاول شرح الفكرة.