باحثون وناشطون حقوقيون: مشاركة الحركات السياسية في البرلمانات العربية مرهونة بالتخلص من السلطوية
السيد ياسين و احمد كمال ابو المجد
شهد مؤتمر «مستقبل الإسلاميين في البرلمانات العربية»، الذي نظمته مؤسسة «عالم واحد لتنمية المجتمع المدني» الذي أقيم بالتعاون مع منظمة كونراد أدنهاور الألمانية بالقاهرة اخيراً، جدلاً واسعًا حول تأثير التيارات الإسلامية في البرلمانات العربية على النظم الحاكمة، وحجم التغييرات الحقيقية التي أحدثتها، ومستقبل هذه التيارات في ظل المعطيات الراهنة.
وقد تباينت آراء المشاركين ما بين انتقاد للتجارب الإسلامية وأدائها الذي وصفوه بالضعيف والشكلي، وبين إشادة بالدور والأداء الريادي للإسلاميين في البرلمانات، وانعكاسات ذلك على واقع الحياة السياسية عموماً. لكن الجميع اتفقوا على أن المناخ الديموقراطي كفيل بإتاحة الفرصة لجميع القوى السياسية، ومن بينها التيارات الإسلامية، في الصعود.
الجلسة الأولى للمؤتمر شهدت هجوما حادا على أداء نواب «جماعة الإخوان» في مصر، إلا أن المشاركين أكدوا كذلك على حق الجماعة في تأسيس حزب سياسي مدني.
نائب رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان أحمد كمال أبو المجد حذر من خطر التعميم عند الحديث عن صعود الإسلاميين في البرلمانات العربية.
مشيرا إلى أن كل تجربة لها قدر من الخصوصية، وأن ما حدث في الحالة المصرية لا ينطبق على ظواهر أخرى.
ونوه أبو المجد إلى أنَّ اتباع المنهج العلمي في التعامل مع القضايا هو البداية الحقيقية للتعاطي مع أي قضية قيد الدراسة والبحث. وقال: «ينبغي أن تكون لنا وقفة مع كل من يستخدم الإسلام في السياسة، وعلينا أن نعرف ما يريده لأن البعض يرتدي الأقنعة».
في حين هاجم المستشار بمركز «الدراسات السياسية والاستراتيجية» بالأهرام المفكر اليساري السيد ياسين «جماعة الإخوان» في مصر قائلا: «إن التيار الإسلامي في مصر الذي كان يوصف بالوسطية وهو «الإخوان» قد بدا من برنامج حزبه الأخير أنَّه غير وسطي، وإنما متطرف».
وأضاف: «البرنامج كشف أنهم يسعون لدولة دينية، وأنهم ضد الدولة المدنية، ورغم أنََّ هذه الجماعة لها عمر طويل، إلا أنه ليس لديها فكر مسجل ومكتوب سوى رسائل الإمام البنا وفكر سيد قطب، وليست هناك وثائق فكرية يمكن مناقشتها».
وواصل هجومه على شعار الإخوان «الإسلام هو الحل» قائلا: «ليست هناك حلول إسلامية للمشكلات، فليس هناك حل إسلامي لمشكلة البطالة هذا كلام يستخدم للانتخابات».
فيما قال نائب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية المصري المعارض أسامة الغزالي حرب : «إن المناخ الاستبدادي الذي ساد العالم العربي أسهم في صنع كثير من هذه التيارات، وجعلها أقوى نسبيا».
وأضاف: «في الفترة الليبرالية من 1922 إلى 1952 لم يكن للإخوان نائب واحد في البرلمان، لكن في ظل القمع الموجود الآن أصبح لهم وجود في البرلمان».
وتابع : «هذه التجربة يمكن تعميمها على الدول العربية التي تحكمها أنظمة مستبدة، وبالتالي ففي هذه الدول، ومن بينها مصر، عندما يسقط النظام الاستبدادي يكون البديل الوحيد هو التيار الإسلامي، مثلما حدث في إيران، ومن ثم فإنَّ الحديث عن مستقبل التيارات الإسلامية مرتبط بالتطور السياسي، كما أنَّ وصول هذه التيارات إلى البرلمان سوف يؤثر على آليات العمل داخل هذه الحركات؛ لأن طبيعة العمل السري تختلف تمامًا عن العمل المعلن، كما سيؤدي إلى إحداث نوع من إسقاط الغموض الذي كان يحيط بهذه التيارات أمام الرأي العام، كما سيضع كل قوة في وضعها الطبيعي في المجتمع في إطار العمل السياسي، وبالتالي لن تكون هناك مشكلة التيارات الإسلامية.» وأكد أنَّ مشكلة العالم العربي والإسلامي ليس صعود أو عدم صعود التيارات الإسلامية، وإنما المشكلة في الأنظمة الاستبدادية.
وفي إطار تقييم أداء نواب الإخوان في البرلمان المصري، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد ثابت: «إن النظام المصري عندما سمح بهامش حرية كانت هناك نتائج انتخابية في الجولة الأولى أفضل، وكانت تجربة جيدة لاستيعاب التيارات السياسية الأخرى، إلا أنَّ المرحلتين الثانية والثالثة سجلتا تراجعًا كبيرًا لأنهما شهدتا تزويرا فاضحا للانتخابات».
وانتقد ثابت أداء نواب الإخوان في بعض القضايا، معتبرا أن المادة الخامسة في التعديلات الدستورية الخاصة بحدود العلاقة بين الدين والسياسة، كان غامضا، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على موقفهم من قضايا مثل الخصخصة، لكنه أكد على حق الإخوان في أن يكون لهم وجود سياسي وحزب يعبر عنهم.
ومن جانبه هاجم محامي الجماعة الإسلامية في مصر منتصر الزيات الذين يأخذون على الإخوان الانشغال بفكرة المرجعية الإسلامية. وقال : «مسألة المرجعية تحتاج إلى حوار.» مشيرًا إلى أنَّ جميع مشروعات الأحزاب التي قدمت للتأسيس أكد أصحابها أنها تنطلق من فكرة مدنية الدولة، وأنَّ هناك توافقًا على رفض فكرة الدولة الدينية، كما أن هناك توافقًا على الاحتكام إلى الدستور.
وأضاف: «إنَّ من يتهمون الإسلاميين بعدم تقديم برنامج يتفق مع الدستور هم أنفسهم لا يتقدمون ببرامج تتفق مع هوية المصريين».
ولفت الزيات إلى أن ثمة شروطا لانخراط هذه التيارات في الحياة المدنية، أهمها القبول بالدستور مرجعية وحكما بين القوى والتيارات، وقبول الآليات الديموقراطية التي دخلوا على أساسها المعترك السياسي. وقال: «الحياة السياسية العربية لا بد أن تتسع لعملية دمج هذه التيارات فيها.»
فيما أشار النائب عن حزب الأحرار في مجلس الشورى المصري محمد فريد زكريا إلى أنَّ الإسلاميين في مصر لم يُجرَّبوا في الحكم، ولا بد أن يعطوا الفرصة للحكم عليهم، وأردف: «من حق كل فصيل أن يحصل على حقه.»
واعتبر الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور وحيد عبد المجيد أن معظم التيارات الإسلامية في العالم العربي، والتي شاركت في العملية الانتخابية في ظل تعددية مقيدة، قد اكتسبت مشروعية قانونية، والجزء الآخر اكتسب مشروعية واقعية مثلما هو الحال في مصر، مشيرًا إلى أنَّ الحالة المصرية من بين خمس حالات أجرى عليها دراسته، الأردن واليمن والجزائر والمغرب ومصر، استبعد فيها الإخوان من المشاركة الرسمية.
وقال عبد المجيد: «إنَّ هناك إشكالية لدى التيار الإسلامي في مصر، إذ يختلف تصوره عن الوظيفة الدينية للدولة عما يقتنع به جميع ألوان الطيف السياسي».
وأضاف : «الإخوان يعجزون عن التوفيق بين سيادة الأمة والشريعة الإسلامية، وهي إشكالية تحتاج إلى حل حتى لا نشهد الارتباك الموجود لدى الإخوان عند حديثهم عن الدولة المدنية بمرجعية دينية.»
وأشار إلى صعوبة توقع مستقبل التيارات الإسلامية في البرلمانات مرجعًا ذلك إلى السياق الانتخابي غير طبيعي التي تعيشه تلك الدول، ورغم أن التوقعات تختلف من بلد إلى آخر، لكنه توقع: «أن يحدث تراجع في عدد نواب الإخوان في البرلمان نتيجة التزوير.»
فيما أشار رئيس مكتب صحيفة «الحياة» اللندنية في القاهرة الصحافي المصري محمد صلاح إلى وجود عملية حصار وتعتيم إعلامي يتعرض له نواب كتلة الإخوان في البرلمان المصري.
وقال : «الإعلام الحكومي يتعامل مع نواب الإخوان بمنطق اقتناص الأخطاء أو افتعالها، وهو ما يتنافى تمامًا مع المعايير المهنية» لافتا إلى أنَّ التقنية الحديثة واستخدام المواقع الإلكترونية، خاصة بعد غلق صحيفة «آفاق عربية» الإخوانية، قد كسرت هذا الحصار.
وتابع: «الإخوان نجحوا عبر المواقع الإلكترونية أن يفرضوا أنفسهم على الوسائل الإعلامية الأخرى، وكان من نتيجة هذا الوضع فشلهم في طرح أفكارهم الحقيقية على مستوى القواعد الجماهيرية، لكنهم نجحوا في أن تظل الجماعة وقضاياها مطروحة»
وانتقد غياب التلفزيون المصري عن نقل جلسات البرلمان إلا بالقدر القليل، والذي تعطى فيه مساحة محدودة للغاية لنواب الإخوان، لافتا إلى أن الصفة الحقيقية لنواب الإخوان يغيب عرضها في التلفزيون المصري، فلا يعلم المشاهد من الذي يتكلم وانتماؤه.
وقال صلاح: «إنَّه بعد تجربة انتخابات 2005 والتعديلات الدستورية والتغييرات التي ستجرى على بعض القوانين المكملة للدستور أصبح أمام نواب الإخوان تحد كبير في الانتخابات المقبلة، إذ سوف تكون هناك قيود على وصولهم مرة أخرى إلى نفس المقاعد التي يشغلونها الآن.»
فيما تناول الباحث بمعهد كارنيغي للسلام الدولي بالولايات المتحدة الأميركية الدكتور عمر حمزاوي إشكاليات تحدد مستقبل الحركات الإسلامية في العالم العربي وتحول دون الأداء الكفؤ للتيارات الإسلامية في البرلمانات العربية، وأولها السياق السلطوي الذي تفرض عليها مشاركة ديكورية في الحياة العامة عامة والحياة البرلمانية خاصة. وعدَّد أربعة دوافع، تختلف من دولة إلى أخرى، لمشاركة الإسلاميين في الانتخابات، أولها أن المشاركة في الحياة السياسية إحدى أدوات مواجهة قمع النظام بعد الحصول على الحصانة، وأن ذلك يتضح بشكل أساسي في الحالة المصرية، وهو نفس المنهج في المغرب إذ يتعاملون مع جماعة «العدل والإحسان» بأسلوب يختلف تماما عن طريقة التعامل مع حزب «العدالة» الذي يتمتع بحماية ما.
والدافع الثاني هو محاولة الظهور بمظهر الفاعل السياسي والمسؤول، وأنَّه يمكن التحالف والتعاون والتوافق معه، والبحث عن أجندة سياسية وليس دينية.
وقال إنَّ الدافع الثالث هو تحقيق المصالح باعتبارها حركات إصلاحية سياسية واقتصادية. والرابع خدمة القواعد الناخبة وتقديم خدمات لكسب تأييدها، مستبعدا حالة «حماس» و«حزب الله» بسبب التداخل بين السياسي والعسكري.
وقال حمزاوي :«إنَّ مستقبل الحركات الإسلامية في البرلمانات مرتبط بشكل أساسي بشكل الممارسة السياسية ففي حالات المغرب والجزائر والكويت، قد استقرت مشاركتها السياسية ولا تعرف هذه الدول الجدلية التي يتعرض لها الإخوان في مصر.»
وتحدَّث حمزاوي عن تداعيات مشاركة الحركات الإسلامية على الحياة السياسية، قائلا : «إنَّ تأثيرها محدود، فلم تنجح حتى الآن في تحويل أي نظام عربي بأي صورة إلى نظام يسمح بتداول السلطة واحترام القانون، إلا أنَّها في بعض الحالات نجحت في فتح بعض الملفات مثلما نجحت «العدالة والتنمية» في المغرب في فتح ملف العدالة، ونجح «الإخوان» في مصر في إحداث نقلة نوعية في كسر هيمنة النخبة الحاكمة، كما نجح إخوان الأردن في انتزاع الحياة السياسية من القبلية إلى العمل السياسي.»
وحول تداعيات مشاركة الحركات الإسلامية في الحياة السياسية قال : «إنَّها تتعلق بالتعقيد التنظيمي، فعندما تشارك الحركات تتحول إلى كيانات أفضل تنظيمًا وأعقد، كما يساهم وجودهم في تطوير أدواتهم، خصوصاً الإعلامية».
وأضاف: «عندما تنظر إلى موقع نواب الإخوان الإلكتروني «برلمان دوت كوم» وتقارنه بموقع الحزب الوطني تجد فارقًا نوعيا كبيرا». وتابع : «كما أنَّ المشاركة تدفع نحو الانفصال بين ما هو دعوي ديني وما هو سياسي مدني، وقد تحقق ذلك الفصل نسبيا في الأردن والجزائر، ولم يتحقق في مصر واليمن. أمَّا التحول الآخر فهو التغير في اهتمامات الحركة من الاهتمام بالأخلاق وسلوك المواطن إلى الاهتمام بالسياسات العامة، كما تؤدي مشاركة الإسلاميين في الحياة السياسية إلى فتح باب الاختلاف في الآراء داخل أبناء الحركة، وربما يحسم هذا الخلاف بالانشقاقات».
وخلص حمزاوي إلى ضرورة ألا نبحث عن المسار التطوري ومستقبل الحركات الإسلامية في معزلٍ عن الواقع السياسي الذي يتسم بالاحتكار. وقال : «عندما نتخلص من السلطوية تزداد مشاركة الحركات الإسلامية».
في حين ركز الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمر الشوبكي على الحالة المصرية سواء بتأثير البيئة المحلية الداخلية أو البيئة الدولية وانعكاساتها على الحركة الإسلامية المصرية، موضحا أنه من الصعب تناول مستقبل تيار سياسي ما بعيدا عن البيئة السياسية العامة في ظل آليات غير ديموقراطية. وأضاف : «في الحالة العربية لم ينجح وضع الحركات الإسلامية بشكل كامل في اتجاه الديموقراطية الكاملة أو تغيير النظم السياسي، إلا أنها خطوة صحية لدفع النظم الحاكمة نحو احترام حقوق الإنسان بشكل ما، وأنه كلما نجحت هذه النظم في دمج هذه الحركات في الإطار القانوني فإنها تكون اتخذت خطوة في المجال الديموقراطي.» وتابع: «ان التحدي الحقيقي قبل دمج الإسلاميين هو إيجاد مناخ سياسي قادر، حتى، على دمج أفضل العناصر الموجودة داخل الحركة الإسلامية».
الناشط الحقوقي نجاد البرعي: الإسلاميون في الكويت «أسلس انقياداً» أمام الحكومة
| القاهرة - من جاكلين زاهر |
أكدت ورقة بحثية أعدها رئيس جماعة تنمية الديموقراطية في مصر المحامي نجاد البرعي أن نفوذ الإسلاميين في الكويت يتزايد بشكل ملحوظ، وأن البعض يعزو ذلك إلى إقدام صدام حسين على غزو الكويت، الأمر الذي ساهم في اندحار التيارات القومية وارتفاع صوت الإسلاميين.
الورقة، التي حملت عنوان «تأثير وصول الإسلاميين إلى البرلمان على التشريعات» وعرضت خلال فعاليات مؤتمر «مستقبل الإسلاميين في البرلمانات العربية» أشارت إلى «أن بصمة التيارات الإسلامية على عملية التشريع في الكويت لا تزال ضعيفة، وأن الاقتراحات والمشاريع بقوانين التي وافق عليها مجلس الأمة الكويتي خلال عامي 2006 ـ 2007 تؤكد ذلك».
وأكدت الورقة أن غالبية المشروعات التي ورد فيها اسم إسلامي، وكان المحرك الأساسي فيها هو الحركة الدستورية الإسلامية ذات طبيعة اقتصادية بما في ذلك قانون تحصيل الزكاة، منوهة إلى أن مشاريع الإصلاح السياسي بمعناه الواسع لا يكون فيها اختلاف كبير بالنسبة لها ما بين الإسلاميين وغيرهم.
ولفت البرعي في ورقته إلى أنه «يمكن القول إن الإسلاميين في البرلمان الكويتي لم تخرج اهتماماتهم عند حد الظاهر، فقد نجحوا في فصل الإناث عن الذكور في الجامعة بموجب قانون، رغم العاصفة التي أثيرت في شأنه، واهتموا بمسألة الحجاب والنقاب، وحاولوا منع ما أُطلق عليه التبرج في الجامعات والمصالح العامة. في جميع الأحوال، ورغم أن الحكومة في الكويت تبدو مهتمة بتحجيم قوة الإسلاميين في البرلمان بل في المجتمع، إلا أنه ليس من الواضح بعد أنها تريد فعلا تغيير ميزان القوى، إذ ربما يبدو الإسلاميون هم الأسلس انقيادا من الليبراليين العلمانيين».
وأوضحت الورقة أن الحركة الدستورية الإسلامية تشارك في الحكومات الكويتية المتعاقبة منذ التسعينات وحتى الآن. ونقلت عن رئيس الحركة الدكتور بدر الناشي قوله في حوار مع الباحث بمؤسسة كارنيغي عمرو حمزاوي «إن تشكيل الحكومة في الكويت، يجعل الدخول إليها أشبه بانضمام فرد إلى فريق، لأنها ليست حكومة تيار سياسي، فالشخص عندما يتم اختياره لا يكون ذلك لانتمائه السياسي، ولكن لقدراته في العمل ومهاراته العلمية».
وأضاف: «أما مشاركة الحركة في الحكومة فقد كانت أوضح من خلال توزير عضو المكتب السياسي للحركة الدكتور إسماعيل الشطي، في الحكومة ما قبل السابقة، وهو معروف باتجاهه الإسلامي المدافع عن الإخوان، لذلك فإن تأثير الحكومة في الحركة وتأثير الحركة في الحكومة إنما يعتمد على شخص الوزير المشارك من الحركة في الحكومة، ومدى تفاعله مع باقي أعضاء الفريق الحكومي، ولذلك فإن وجود الحركة في الحكومة يجعلها أقرب إلى التفاصيل بدلاً من مجرد الطرح النظري».
وتابع: «في وقت من الأوقات كان وزير الإسكان السابق الدكتور عادل الصبيح، وهو قريب من الحركة الدستورية، قد طرح إصلاح وزارة الإسكان ودعمته الحركة لأن مشروعه الإصلاحي كان في صالح الكويت بالأساس، رغم أن الإصلاحات لم تلبِّ طموحات الحركة بالكامل، ووجود الحركة في الحكومة قد يؤثر في الأداء الحكومي خاصة في مجال التنمية».
وأشارت الورقة إلى أن الحركة الإسلامية في الكويت، شأنها شأن الحركات الإسلامية في بلدان أخرى، تهتم بقضية تطبيق الشريعة، مؤكدة أنها نجحت جزئيا في مسعاها عندما تم تشكيل لجنة للتعامل مع تلك القضية.
وأكدت الورقة أنه «لا تزال الحركة الإسلامية في الكويت، رغم اهتمام محدود تبديه من حين إلى آخر بقضايا الإصلاح السياسي، تهتم بالقضايا الأخلاقية العامة وقضايا الإصلاح الاجتماعي مثل قضية أسلمة القوانين بالإضافة إلى مجموعة من القوانين التي تؤكد على الهوية الإسلامية للمجتمع الكويتي».
ونوهت الورقة إلى أن الحركة الإسلامية تختلف مع التيارات الليبرالية في موضوع الحريات والموضوعات المتعلقة بحقوق المرأة السياسية، وأن الحركة الدستورية الإسلامية كافحت بضراوة من أجل منع إقرار قانون يتيح للمرأة الكويتية حق التصويت، وعندما أيقنت أنها سوف تخسر المعركة أضافت جملة «مع الالتزام بالضوابط الشرعية»، وهي الجملة التي أضيفت إلى نص القانون قبل إقراره.
وعاودت الورقة، التي طرحها الناشط الحقوقي المصري، نجاد البرعي، نقل جزء من حوار الناشي مع الباحث حمزاوي الذي قال تعليقاً على ذلك: «الهدف من إضافة تلك الجملة هو ضمان ألا يخل حصول المرأة على حقوقها بالهوية الإسلامية للمجتمع، وعلى سبيل المثال الفصل بين المقرات الانتخابية للرجال والنساء، وتجريم إساءة المرأة لاستخدام حقها في الحملة الانتخابية وخصوصاً الشق الإعلامي منها. وأيضا لا نتصور أن يكون الرجال والنساء في مقرات انتخابية واحدة مراعاة لما تنص عليه الشريعة وأعراف المجتمع الكويتي، ويجب أن يصدر بذلك قانون من وزارة الأوقاف، أو هيئة الفتوى لتنظيم عملية مشاركة المرأة».
وعقبت الورقة بالقول: «إن هذا المثال بالذات يمكن أن يوضح طريقة تفكير وتأثير الحركة الإسلامية في الكويت، فهي من ناحية تتبنى مقولات رجعية تنسبها مرة إلى الدين ومرة إلى أعراف المجتمع ومرة إلى الاثنين معاً، وهي تستخدم العبارتين دائما كمترادفتين: أحكام الشريعة وأعراف المجتمع. ومن ناحية أخرى، فإنها تتبع تكتيكاً سياسياً ممتازاً قوامه (ما لا يدرك كله لا يترك كله)، ومن هنا فهي تحاول أن تضع بصمة ما، بطريقة ما على أي تشريع يمكن أن يكون من وجهة نظرها غير متوافق مع مواقفها»