أظن هذا المقال والحادثة التي سوف أذكرها درس في الإيجابية المطلوبة لحل المشاكل، وهذه الإيجابية مطلوبة من الوزارات، وجهات الإدارة، ومن المواطنين عموماً... فبها وحدها نستطيع حل وتلافي المشاكل والسلبية، والاكتفاء بالانتقاد والتذمر لا يؤدي الى أي نتائج سوى النتائج السلبية على الأقل على مستوى الفرد وصحته النفسية والعقلية والبدنية.
اليكم الحكاية... في صباح كل يوم أخرج من منزلي أستخدم طريق خالد بن عبدالعزيز الفاصل بين منطقة مشرف وبيان باغياً آخر فتحة للاستدارة قبل جسر سلوى، وعلى هذه الفتحة مجموعة أشجار تمنع رؤية السيارات المقبلة من اليمين ما يكاد يتسبب في كثير من الحوادث، وعلى عادتنا كلنا لم يكن لي أي دور سوى التذمر والانتقاد وفي محاولة للإيجابية قمت بالاتصال ببعض أصدقائي من أعضاء مجلس إدارة جمعية مشرف، وبعض ضباط وزارة الداخلية لمعرفة المسؤول عن تهذيب هذه الأشجار، أو إزالتها دون أن أجد ضالتي.
وفي صبيحة يوم وأثناء استخدامي لهذه الفتحة من الشارع انتابني الشعور ذاته الذي ينتابني كل يوم، فما كان مني وإحساساً بالمسؤولية إلا أن قمت بالاتصال برقم طوائ وزارة الداخلية (112) وأجابتني موظفة كويتية وشرحت لها المشكلة طالباً منها تزويدي باسم الجهة المسؤولة إن كان في الإمكان، فقالت لي: لا، هذه مسؤوليتنا لقد قمت بإرسال رسالة الآن لمعالجة الموقف، وانتهى الاتصال على هذا. وقبل أن أصل الى مكتبي تلقيت اتصالاً وكان من الموظفة ذاتها تسألني عما إذا كانت دورية الشرطة قد وصلت للمكان أم لا؟ فأخبرتها أني غادرت المكان. وبعد أقل من يومين تمت إزالة هذه الأشجار، وتهذيب الباقي منها، وانصلح الحال، وأصبحت الرؤية واضحة في الشارع دون أي خطر.
قد تكون هذه الحادثة عادية جداً، وقد يكون الخطر الناشئ عن هذه الأشجار ليس بالخطر الكبير... لكن هذا الأسلوب في التعامل مع الحوادث اليومية هو المطلوب سواء من المواطنين أو من الوزارات وأجهزة الدولة. إن الإيجابية في التعامل مع المشاكل أو الأخطاء، أو الحوادث هو السبيل الوحيد لحلها أو تلافيها... فقد يرى الإنسان خطأ ما أو مشكلة أو تقصير، وغالباً ما يكتفي بالتذمر أو الانتقاد، وغالباً ما يكون هذا التذمر أو الانتقاد لدى الغير من غير المسؤول عن هذه المشكلة... إذاً كيف سوف تعالج؟ ونحن نتبع هذا الأسلوب حتى على مستوانا الشخصي أو مشاكلنا الاجتماعية فحين ترى من صديق أو قريب خطأ أو تصرفاً غير لائق فغالباً ما تبدأ بالتكلم عن هذا الخطأ عند باقي أصدقائك أو أقاربك حتى دون مواجهة المخطئ، أو معاتبته أو حتى تنبيهه ونصحه، فالكل قد يعلم منك هذا الخطأ إلا صاحبه، وهذا من أكبر العيوب فمواجهة المخطيء، أو المقصر بخطأه أفضل بكثير من التحدث لدى غيره.
وهذه الإيجابية ليست مطلوبة من المواطنين فقط بل أن نجاحها مشروط بايجابية من أجهزة الدولة... أما بسهولة تلقي الاتصالات والملاحظات وحتى الاقتراحات والجدية في إنجازها أو معالجة الخطأ.
فلو تخيلنا أن أسلوب حياتنا أصبح على هذه الطريقة... للجهات الحكومية أساليب اتصال تتلقى فيها الملاحظات والاقتراحات والشكاوى، وللمواطنين حماس لايصال ما يرونه لهذه الجهات... وترى تحركاً من قبل الجهات الحكومية للتعامل مع هذه الملاحظات... تخيل ماذا ممكن أن يكون حالنا بعد عام مثلاً لو كان هذا نهجنا.
في الختام أطلب من المسؤولين في وزارة الداخلية تقديم الشكر والعرفان لإدارة الطوارئ (112) والقائمين عليها، وللموظفة التي قامت بحل هذه المشكلة والتي لا أعرف اسمها، ليشعر أمثال هؤلاء بالدعم ونتائج عملهم.
محمد صالح السبتي
كاتب كويتي
[email protected]