«الراي» قصدت «ساحة المواجهة» مع الدورية الدولية وتحدثت إلى سكان تولين وقبريخا

هل «انكسرت الجرة» بين «اليونيفيل» وأهالي جنوب لبنان؟

u0648u0644u062f u064au0644u0647u0648 u0623u0645u0627u0645 u0622u0644u064au062au064au0646 u0644u0644u0640 u00abu064au0648u0646u064au0641u064au0644u00bb u0641u064a u0625u062du062fu0649 u0627u0644u0642u0631u0649 u0627u0644u062cu0646u0648u0628u064au0629 t(u0623 u0641 u0628)
ولد يلهو أمام آليتين للـ «يونيفيل» في إحدى القرى الجنوبية (أ ف ب)
تصغير
تكبير
| بيروت - من محمد بركات |
لم تبدأ الاشكالات بين قوة الامم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل) والسكان المدنيين في 3 يوليو، بل بدأت قبل نحو أسبوع في شكل «تقني»، وقبل ذلك بأشهر في شكل «سياسي». لكن ما جرى يوم 3 يوليو فاق التوقعات، إذ وصل إلى حد أنّ شبّاناً من بلدة تولين هاجموا ناقلتي جند لدورية فرنسية وحاولوا تحطيمهما، وجرحوا جندياً على متن إحداهما. وظلّ الجنود الآخرون محاصرين فيهما إلى حين وصول الجيش اللبناني.
لماذا حصل ما حصل؟ هل لان سياسيين قريبين من «حزب الله» بدأوا ينتقدون أداء «اليونيفيل» منذ فترة؟ هل لان الحزب دعا القوة الدولية في بيان إلى «أن تنتبه لما تقوم به وتدرك أنّ التجاوزات تراكم قلقاً»، ما استدعى رداً من قوى الرابع عشر من مارس محذرة من «ترحيل» القوة الدولية.
«المواجهة» الاولى بين الجنوبيين وهذه القوة وقعت في 30 يونيو الماضي، حين اصطدمت دوريات من القوة مع بعض السكان في قرى عديسة وخربة سلم وقلاويه وعيتا الجبل ومثلث بئر السلاسل ـ تبنين ـ كفردونين وعدد من القرى الأخرى. والسبب مناورة كان يقوم بها رجال القبعات الزرق ردّ عليها الاهالي بقطع الطرق مانعين «اليونيفيل» من القيام بأي نشاط ضمن المناطق المأهولة وراشقين عناصرها بالحجارة، ما دفعها الى التراجع والتمركز في محيط القرى أو الوديان. ثم بادر الجيش اللبناني الى احتواء التوتر وسارع الى فتح الطرق. ويومها، اعلن الناطق باسم «اليونيفيل» نيراج سينغ «إصابة احد الجنود الدوليين بجروح طفيفة بعد رشق آليته بالحجارة من بعض السكان في منطقة خربة سلم».
في تولين
«الراي» قصدت قريتي تولين وقبريخا في محاولة لرصد ما حدث مع الدورية الفرنسية ومعرفة الامور من «مصادرها». في تولين، استقبلنا بعض السكان في الساحة، وطلبوا منّا الانضمام إلى المهندس فاضل فاضل رئيس لجنة الأشغال في البلدية الذي قال: «ما حصل أن الطوارئ (التسمية التي يطلقها اهالي الجنوب على القوة الدولية) كانوا في قبريخا واعتدوا على دراجة نارية او اثنتين. فانفعل شاب عمره 17 او 18 عاماً وحاول التطاول عليهم فخطفوه ووضعوه في ملالة ودخلوا تولين، من قبريخا، بسرعة غير متوقعة. دخلوا الزواريب فلحق بهم الأولاد. فما كان من الطوارئ إلا أن أطلقوا النار على هؤلاء الذين لا يتجاوز عمر أكبرهم 14 او 15 عاماً». واضاف «بدل ان يتصل جنود الطوارئ بالمسؤولين وأهل العقل والحكمة في البلدة تقاتلوا مع الاولاد والمراهقين».
لا ينسى فاضل الاشارة الى العلاقة الممتازة بين سكان القرية و«اليونيفيل» على اختلاف الدول التي ينتمي اليها عناصرها، مؤكداً ان «المشكلة محدودة». وعن محاولة تحطيم ناقلتي الجند وعدم قدرة مجموعة اولاد على القيام بذلك، قال: «هذه رواية اصحاب المصالح التي تفيد العدو الاسرائيلي. فأي شخص، مهما كانت طائفته او انتماؤه السياسي، من العيب أن يضع اطفالاً في الواجهة ويضفي على تصرفاتهم مغزى سياسياً يدور به على التلفزيونات». واضاف «ما حصل موضوع ولادي، وكل من يكبّره يكون ولداً في السياسة. لم ينسق أي شيء بين أحد وأحد. وأهل البلد فوجئوا حين أطلق جنود الطوارئ النار على الأولاد».
رواية فاضل اكدها علي يسوف عوالة الذي يقع منزله في وسط الساحة التي وصلت اليها ناقلتا الجند الدوليتان، «جاؤوا من هنا، من مدخل البلدة الشمالي، بسرعة جنونية، وبدل النزول غرباً الى وادي الحجير، اتجهوا من طريق الخطأ جنوباً نحو طريق مسدود، فلحق بهم الأولاد»، مؤكداً ان الجنود الدوليين «خافوا من أطفال لا يتجاوز عمر أكبرهم 14 عاماً».
وصلت الدورية إلى طريق مسدود، أمام منزل نبيه عوالة. وقبل أن نتحدث الى صاحب المنزل، «سرقنا» حديثاً سريعاً من أحد الأطفال الذين شهدوا الحادث ولم يتدخلوا، فقال إنّ «شباناً (لا اولاداً) هجموا على الملالات وضربوا من كان عليها»، لافتاً الى ان احد الجنود تعرض للصفع والرشق بالحجارة. اما نبيه فروى كيف اتصلت به زوجته واخبرته عن صوت اطلاق نار وان جندياً لجأ إلى المنزل، واضاف «وصلت فشاهدت رجلاً مصاباً في رأسه ووجهه، فيما بقي الجنود الآخرون في الملالتين. الجندي كان خارجها فتجمع الشباب حوله وضربوه فأطلق النار في الهواء لحماية نفسه، ثم لجأ إلى منزلي طلباً للحماية، فقلت انني مستعد للتضحية بنفسي لحمايته».
ابنته نقيّة اكدت ان «الشباب حاولوا تحطيم الملالتين»، ثم استطردت بغضب «كنا نتمنى أن تأتي التلفزيونات حين أصيب أطفال بالقنابل العنقودية، أما بالنسبة الى ما جرى هنا فحين أتت الملالة لحق بها كثيرون وحاولوا تحطيمها، ثم خرج منها رجل ولجأ إلى منزلنا فحميناه».
قبريخا
غادرنا تولين حاملين رواية لا تخلو من تناقض وتوجهنا إلى قبريخا حيث بدأت المشكلة. هنا، قدم رئيس البلدية حسن حجازي رواية مغايرة مؤكداً ان «ما جرى كان منسّقاً بين الشباب في ثلاث قرى هي الصوانة وقبريخا وتولين». ومن دون ان يحدد من هم «الشباب»، اتهم عناصر الدورية «بأنّهم كانوا يصوّرون الازقة بهواتف موصولة بالأقمار الصناعية».
واشار حجازي الى «اتفاق سابق بين «اليونيفيل» والجيش اللبناني والأهالي، قضى بابلاغ سكان القرى بموعد الدوريات قبل أسبوع من القيام بها. ولكن منذ أسابيع صرنا نتلقى تلك البلاغات قبل ساعات، ما جعلني أقول للمترجمة التي كانت تتصل بي اننا غير مسؤولين عن اي تلاسن أو إشكال قد يحصل مع السكان».
وفي العودة الى الاشكال، أوضح ان «شاباً واحداً لحق بالدورية وطلب من الجنود أن يعرف ما الذي يصوّرونه، فرفضوا، ثم طلب منهم إعطاءه الكاميرات، فرفضوا ايضاً. عندها تلاسن معهم خطفوه وخرجوا من القرية. ومع وصولهم الى تولين كان الشباب في انتظارهم واخذوا الكاميرات. ثم ابلغنا شباب الصوّانة أن يعترضوا طريقهم فقطعوا طريق البلدة».
من الواضح اذاً ان رواية حجازي تتناقض مع ما قاله عضو بلدية تولين، خصوصاً ان الاول تحدث عن «تواصل وتنسيق بين الشبان» في تولين وقبريخا. لكن من يقصد القرى الجنوبية هذه الايام سيسمع «الف رواية ورواية» عما حصل مع جنود «اليونيفيل»، لعل اطرفها ما قاله لنا خليل ملحم، المقيم في احد زواريب قبريخا، ان «الطوارىء كانوا يسألون عن كيفية الوصول الى الطريق الرئيسية، فقال لهم الشاب انها من جهة اليمين فاجابوه انه مخطىء، فاصر على رأيه حتى وقعت المشادة وخطفوه».
جل ما يمكن قوله ان ثمة شيئاً يتغير في جنوب لبنان بين «اليونيفيل» والأهالي. فـ «الود القديم» بات يشوبه حذر وقلق. صحيح ان الجيش اللبناني اعاد الامور «الى طبيعتها» على ما ذكرت وسائل الاعلام، وصحيح ايضاً ان سياسيين كثيرين صبوا «مياهاً باردة» على الاشكالات المتكررة خشية تفاقمها، ولكن يبدو ان «الجرة انكسرت» بين الطرفين، فماذا بعد؟.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي