اختراقٌ عكس تفوّق إسرائيل التكنولوجي
«جاسوس الخليوي» في لبنان عمل على طريقة «الأخ الكبير يراقبكم» ومن «فواجعه» مجمّع الإمام الحسن ... والحجاج في الشياح


|خاص - «الراي»|
شكل اكتشاف المخابرات اللبنانية ما بات يعرف بـ «جاسوس الخليوي» وتوقيفه لارتباطه باسرائيل انجازاً مرموقاً في سياق «الحرب السرية» التي منيت خلالها اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية بـ «ضربات قاسية» لاسيما في الاعوام الاخيرة، حيث فقدت الكثير من «العيون» التي كانت تغلغلت في امكنة بالغة الخطورة ويصعب تخيلها احياناً، الامر الذي افقد اسرائيل القدرة على تكوين «بنك اهداف» كمفتاح لأي حرب مقبلة.
ولم يكن «جاسوس الخليوي» الاخطر ربما في السجلّ الحافل لشبكات التجسس التي كرّت سبحتها وعلى نحو مثير بعيد حرب يوليو 2006، ولكن اصطياده ترافق مع ضجيج اعلامي وسياسي، لا سيما في ضوء المسارعة الى نشر تقارير تناولت مكانته الحساسة ومؤهلاته وقدراته وحجم الضرر الناجم عن اختراقاته كـ «عميل عتيق» مضى على خدمته لـ «الموساد» نحو 14 عاماً.
ولأن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري حاضرة في «كل شاردة وواردة» في الحياة السياسية اللبنانية، فان «جاسوس الخليوي» دخل «المعمعة» مباشرة مع اصوات رأت في اكتشاف دوره في قطاع الاتصالات اقصر الطرق للطعن بصديقة التحقيق الدولي القائم في عصبه الاساسي على ملف الاتصالات، واصوات اخرى وجدت في «تكبير حجم» هذا الجاسوس والتسريبات حول دوره جزءاً من «حرب استباقية» على القرار الاتهامي المرتقب صدوره قريباً.
والمفارقة الاكثر اثارة في ظل الغبار الكثيف الذي نجم عن هذا «الانجاز الامني» ورافقه ان احداً لم يلتفت الى الوقائع المأسوية التي تسبب بها وبالتأكيد النشاط التجسسي لهذا «الصيد الثمين» ولائحة ضحاياه والاضرار البالغة الكلفة التي مني بها لبنان على المستويين الوطني والانساني، اضافة الى ما قد تكشفه التحقيقات معه من «تتمات» لدوره في اطار «الحرب الخفية» التي تنفضح فصولها يوماً بعد يوم.
مصادر مهتمة بهذا «الملف الساخن» كشفت لـ «الراي» عن «غيض من فيض» السجل الحافل لـ «ش. ق.» المعروف بـ «جاسوس الخليوي»، فتحدثت عن واقعتين هما:
> في 7 اغسطس عام 2006 (ابان الحرب الاسرائيلية على لبنان)، جرى قصف احد المباني في حي الحجاج في الشياح، تلك المنطقة التي كانت مبدئياً خارج دائرة الاستهداف، اذ تبيّن ان القصف الذي دمّر المبنى المؤلف من ثماني طبقات جاء نتيجة معلومات لدى اسرائيل عن وجود جهاز خليوي يشكل صاحبه «صيداً ثمينا»، وهو ما ادى في حينه الى سقوط نحو 70 شهيداً.
> في 13 اغسطس عام 2006 قامت اسرائيل بنحو 20 غارة على مجمع الامام الحسن في الضاحية الجنوبية لبيروت وأطلقت 30 صاروخاً عليه مدمّرةً مبانيه الثمانية بعد دقائق من دخول الموظف في السفارة الايرانية علي نور الدين اليه، وذلك بعدما كان رصد حركة هاتفه الخليوي منذ لحظة خروجه من مقر عمله والى حين دخوله الى المجمع الذي سقط فيه نحو 20 شهيداً بينهم علي نور الدين.
وكانت المقاومة توقفت عند مفارقة لافتة بعيد حرب يوليو 2006 تمثلت في عدم استهداف محطات الخليوي في مناطق وجودها، رغم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية الاخرى، ما حمل على الاستنتاج بان اسرائيل كانت تريد الاستفادة من نشاط عملاء كـ «جاسوس الخليوي» الذي اكتُشف اخيراً، ومن المعلومات التي كانت تردها عبر تلك المحطات.
وقالت مصادر معنية بهذا الملف لـ «الراي» انه عند استهداف كوادر من المقاومة، اطلقت الاخيرة العنان للبحث عن السبب الى ان توصلت وبعد نحو اربعة اعوام الى «خيط من خيوط» اوصل الى «جاسوس الخليوي»، مشيرة الى ان قيادة المقاومة كانت «أمرت» بعد حرب 2006 جميع عناصرها بعدم استخدام الهواتف الخليوية في اي ظرف من الظروف.
ولفتت هذه المصادر الى ان «جاسوس الخليوي» الذي عمل على طريقة «الاخ الكبير يراقبكم» كان في امكانه التسلل الى الحركة اليومية لاي شخص يريد تعقّبه، ويملك برنامجاً خاصاً يستطيع من خلاله التعرف على بصمة الصوت التي تتيح معرفة شخصية الهدف وسيكولوجيته (ما يغضبه وما يسرّه)، اضافة الى أمكنة وجوده وأرقامه التي توصل تالياً الى معرفة رقم السيارة وسجلات النفوس ورقم الهاتف الثابت وما شابه، ملاحظة ان جاسوساً من هذا النوع يضاهي بأهميته 200 جاسوس على الارض، خصوصاً ان الوصول الى رقم الهدف وتعقبه يعني انه صار «ميتاً مع وقف التنفيذ»، لافتة الى ان «عميل الخليوي» استطاع التفوق على الاجهزة الامنية اللبنانية التي لا تملك امكانات التصنت على الخليوي، الا في شكل جزئي.
واشارت هذه المصادر الى ان «حزب الله» خاض معركة «7 مايو» 2008 لادراكه اهمية الاتصالات ولشعوره بوجود محاولة لضرب اتصالاته الخاصة المرتبطة بشبكة المقاومة وحدها، والتي انشئت اساساً تفادياً لاستفادة العدو الاسرائيلي من «الجاسوس المتجول»، اي جهاز الخليوي واجهزة الاتصالات الاخرى.
ولفتت المصادر الى انه اذا كان بعض كوادر المقاومة ممن هم تحت الرقابة لم يستعمل هواتفه، فان كوادر اقل رتبة كانت تستخدم هواتفها وتالياً فانها كانت تخضع لـ «المتابعة» لمعرفة أمكنة وجودها ومراكز عملها. وتعطي المصادر مثلاً على ذلك عندما تشير الى انه يكفي مراقبة خليوي احد المسؤولين في جهاز الارتباط في «حزب الله» للدخول الى جميع بيانات الضباط اللبنانيين الذين يتولون التنسيق بحكم وظيفتهم، ولمعرفة «المواعيد» بين القيادات الحزبية والمسؤولين اللبنانين وبين قيادة «حزب الله»، موضحاً انه لو اراد الاسرائيلي اغتيال شخصية لبنانية ما يتم ترتيب موعد لها مع قيادة الحزب، لكان الامر سهلاً لو كانت التفاصيل تُبتّ على الهاتف.
ورأت تلك المصادر ان «عميل الخليوي» استطاع التفوق على الاجهزة الامنية اللبنانية التي لا تملك امكانات التنصت على الخليوي، الا على نحو جزئي، فالتفوق التكنولوجي الذي تتمتع به اسرائيل يجعلها اكثر قدرة على المواجهة في هذا النوع من الحروب، معربة عن اعتقادها انه لو كانت الدولة اللبنانية تملك امكانات للتنصت الكامل على الخليوي لكانت استطاعت كشف عملية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري من خلال الارقام وبصمة الصوت واللهجة.
وأوضحت مصادر امنية معنية ان التنصت يحصل عادة من داخل شركات الخليوي بعد موافقة النيابة العامة التمييزية والهيئة التي توكل اليها مهمات التنصت، مشيرة الى انه سبق ان انشئت غرفة امنية مؤلفة من «جميع القوى» لمراقبة الارهاب وتتبعه وتعقب مصادر الخطر على امن الدولة والمخدرات، غير ان التوازنات السياسية التي تتحكم بكل شيء في البلاد حالت دون تفعيل دورها.
وقالت المصادر عينها ان التنصت يتم فقط من خلال وصل هذه الغرفة بالشبكة الأمّ، ولهذا فان «جاسوس الخليوي» تمكّن من اعطاء اسرائيل حرية كاملة بالتنصت، فهي نجحت عبر اعتمادها على «ش. ق.» في احداث اختراق مثالي لان «جاسوس الخليوي» يغنيها عن استعمال اكثر من 650 جهاز تنصت وهو عدد الـ «B.T.S» المنتشرة في غير مكان.
شكل اكتشاف المخابرات اللبنانية ما بات يعرف بـ «جاسوس الخليوي» وتوقيفه لارتباطه باسرائيل انجازاً مرموقاً في سياق «الحرب السرية» التي منيت خلالها اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية بـ «ضربات قاسية» لاسيما في الاعوام الاخيرة، حيث فقدت الكثير من «العيون» التي كانت تغلغلت في امكنة بالغة الخطورة ويصعب تخيلها احياناً، الامر الذي افقد اسرائيل القدرة على تكوين «بنك اهداف» كمفتاح لأي حرب مقبلة.
ولم يكن «جاسوس الخليوي» الاخطر ربما في السجلّ الحافل لشبكات التجسس التي كرّت سبحتها وعلى نحو مثير بعيد حرب يوليو 2006، ولكن اصطياده ترافق مع ضجيج اعلامي وسياسي، لا سيما في ضوء المسارعة الى نشر تقارير تناولت مكانته الحساسة ومؤهلاته وقدراته وحجم الضرر الناجم عن اختراقاته كـ «عميل عتيق» مضى على خدمته لـ «الموساد» نحو 14 عاماً.
ولأن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري حاضرة في «كل شاردة وواردة» في الحياة السياسية اللبنانية، فان «جاسوس الخليوي» دخل «المعمعة» مباشرة مع اصوات رأت في اكتشاف دوره في قطاع الاتصالات اقصر الطرق للطعن بصديقة التحقيق الدولي القائم في عصبه الاساسي على ملف الاتصالات، واصوات اخرى وجدت في «تكبير حجم» هذا الجاسوس والتسريبات حول دوره جزءاً من «حرب استباقية» على القرار الاتهامي المرتقب صدوره قريباً.
والمفارقة الاكثر اثارة في ظل الغبار الكثيف الذي نجم عن هذا «الانجاز الامني» ورافقه ان احداً لم يلتفت الى الوقائع المأسوية التي تسبب بها وبالتأكيد النشاط التجسسي لهذا «الصيد الثمين» ولائحة ضحاياه والاضرار البالغة الكلفة التي مني بها لبنان على المستويين الوطني والانساني، اضافة الى ما قد تكشفه التحقيقات معه من «تتمات» لدوره في اطار «الحرب الخفية» التي تنفضح فصولها يوماً بعد يوم.
مصادر مهتمة بهذا «الملف الساخن» كشفت لـ «الراي» عن «غيض من فيض» السجل الحافل لـ «ش. ق.» المعروف بـ «جاسوس الخليوي»، فتحدثت عن واقعتين هما:
> في 7 اغسطس عام 2006 (ابان الحرب الاسرائيلية على لبنان)، جرى قصف احد المباني في حي الحجاج في الشياح، تلك المنطقة التي كانت مبدئياً خارج دائرة الاستهداف، اذ تبيّن ان القصف الذي دمّر المبنى المؤلف من ثماني طبقات جاء نتيجة معلومات لدى اسرائيل عن وجود جهاز خليوي يشكل صاحبه «صيداً ثمينا»، وهو ما ادى في حينه الى سقوط نحو 70 شهيداً.
> في 13 اغسطس عام 2006 قامت اسرائيل بنحو 20 غارة على مجمع الامام الحسن في الضاحية الجنوبية لبيروت وأطلقت 30 صاروخاً عليه مدمّرةً مبانيه الثمانية بعد دقائق من دخول الموظف في السفارة الايرانية علي نور الدين اليه، وذلك بعدما كان رصد حركة هاتفه الخليوي منذ لحظة خروجه من مقر عمله والى حين دخوله الى المجمع الذي سقط فيه نحو 20 شهيداً بينهم علي نور الدين.
وكانت المقاومة توقفت عند مفارقة لافتة بعيد حرب يوليو 2006 تمثلت في عدم استهداف محطات الخليوي في مناطق وجودها، رغم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية الاخرى، ما حمل على الاستنتاج بان اسرائيل كانت تريد الاستفادة من نشاط عملاء كـ «جاسوس الخليوي» الذي اكتُشف اخيراً، ومن المعلومات التي كانت تردها عبر تلك المحطات.
وقالت مصادر معنية بهذا الملف لـ «الراي» انه عند استهداف كوادر من المقاومة، اطلقت الاخيرة العنان للبحث عن السبب الى ان توصلت وبعد نحو اربعة اعوام الى «خيط من خيوط» اوصل الى «جاسوس الخليوي»، مشيرة الى ان قيادة المقاومة كانت «أمرت» بعد حرب 2006 جميع عناصرها بعدم استخدام الهواتف الخليوية في اي ظرف من الظروف.
ولفتت هذه المصادر الى ان «جاسوس الخليوي» الذي عمل على طريقة «الاخ الكبير يراقبكم» كان في امكانه التسلل الى الحركة اليومية لاي شخص يريد تعقّبه، ويملك برنامجاً خاصاً يستطيع من خلاله التعرف على بصمة الصوت التي تتيح معرفة شخصية الهدف وسيكولوجيته (ما يغضبه وما يسرّه)، اضافة الى أمكنة وجوده وأرقامه التي توصل تالياً الى معرفة رقم السيارة وسجلات النفوس ورقم الهاتف الثابت وما شابه، ملاحظة ان جاسوساً من هذا النوع يضاهي بأهميته 200 جاسوس على الارض، خصوصاً ان الوصول الى رقم الهدف وتعقبه يعني انه صار «ميتاً مع وقف التنفيذ»، لافتة الى ان «عميل الخليوي» استطاع التفوق على الاجهزة الامنية اللبنانية التي لا تملك امكانات التصنت على الخليوي، الا في شكل جزئي.
واشارت هذه المصادر الى ان «حزب الله» خاض معركة «7 مايو» 2008 لادراكه اهمية الاتصالات ولشعوره بوجود محاولة لضرب اتصالاته الخاصة المرتبطة بشبكة المقاومة وحدها، والتي انشئت اساساً تفادياً لاستفادة العدو الاسرائيلي من «الجاسوس المتجول»، اي جهاز الخليوي واجهزة الاتصالات الاخرى.
ولفتت المصادر الى انه اذا كان بعض كوادر المقاومة ممن هم تحت الرقابة لم يستعمل هواتفه، فان كوادر اقل رتبة كانت تستخدم هواتفها وتالياً فانها كانت تخضع لـ «المتابعة» لمعرفة أمكنة وجودها ومراكز عملها. وتعطي المصادر مثلاً على ذلك عندما تشير الى انه يكفي مراقبة خليوي احد المسؤولين في جهاز الارتباط في «حزب الله» للدخول الى جميع بيانات الضباط اللبنانيين الذين يتولون التنسيق بحكم وظيفتهم، ولمعرفة «المواعيد» بين القيادات الحزبية والمسؤولين اللبنانين وبين قيادة «حزب الله»، موضحاً انه لو اراد الاسرائيلي اغتيال شخصية لبنانية ما يتم ترتيب موعد لها مع قيادة الحزب، لكان الامر سهلاً لو كانت التفاصيل تُبتّ على الهاتف.
ورأت تلك المصادر ان «عميل الخليوي» استطاع التفوق على الاجهزة الامنية اللبنانية التي لا تملك امكانات التنصت على الخليوي، الا على نحو جزئي، فالتفوق التكنولوجي الذي تتمتع به اسرائيل يجعلها اكثر قدرة على المواجهة في هذا النوع من الحروب، معربة عن اعتقادها انه لو كانت الدولة اللبنانية تملك امكانات للتنصت الكامل على الخليوي لكانت استطاعت كشف عملية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري من خلال الارقام وبصمة الصوت واللهجة.
وأوضحت مصادر امنية معنية ان التنصت يحصل عادة من داخل شركات الخليوي بعد موافقة النيابة العامة التمييزية والهيئة التي توكل اليها مهمات التنصت، مشيرة الى انه سبق ان انشئت غرفة امنية مؤلفة من «جميع القوى» لمراقبة الارهاب وتتبعه وتعقب مصادر الخطر على امن الدولة والمخدرات، غير ان التوازنات السياسية التي تتحكم بكل شيء في البلاد حالت دون تفعيل دورها.
وقالت المصادر عينها ان التنصت يتم فقط من خلال وصل هذه الغرفة بالشبكة الأمّ، ولهذا فان «جاسوس الخليوي» تمكّن من اعطاء اسرائيل حرية كاملة بالتنصت، فهي نجحت عبر اعتمادها على «ش. ق.» في احداث اختراق مثالي لان «جاسوس الخليوي» يغنيها عن استعمال اكثر من 650 جهاز تنصت وهو عدد الـ «B.T.S» المنتشرة في غير مكان.