في ديوانه «صحف العابر» الصادر عن اتحاد الكتاب العرب

قراءة / عمر ادلبي... سريعا يمرّ لاختطاف عمر الطغاة!

تصغير
تكبير
| كتب مدحت علام |

تسير القصائد في وجدان الشاعر السوري عمر ادلبي وفق منظومة حسية، ذات اتجاهات شعرية عدة، لعل من ابرزها القدرة على اكتشاف العبارة في نسقها الدلالي، الذي يحمل الكثير من المعاني والخيالات، وكذلك استلهام المضامين الشعرية من خلال ما تحتويه الرؤى من قلق وتفاعل شديد مع المفردات اللغوية، وبالتالي التواصل مع الحياة من اجل ترتيب المشاعر بأكبر قدر من الصدق الشعري.

وفي ديوانه «صحف العابر» استطاع الشاعر عمر ادلبي ان يؤسس لمنهجه الشعري لغة خاصة قوامها الاحساس المرهف بايقاع الكلمات على متون القصائد.

وحينما نتحدث عن مدلول العنوان سنجد اننا امام مفردتين صحف... و«العابر» وان جمعهما في عنوان سيعطي انطباعا تراثيا لما هو آت من القصائد خصوصا الصحف، بينما تشير «العابر» الى الانفتاح على فراغات شاسعة من الحياة، وان هناك رؤية اخرى يمكن استشرافها من العنوان، تتمثل في تلاقي الصحف بمدلولها التدوني بـ«العابر» بمدلوله غير المستقر وهذا التلاقي اسهم في ايجاد علاقة نصية مع التدوين والتلاقي.

ثم جاء الاهداء من الشاعر الى افراد اسرته، كنوع من الوفاء والشفافية.

وفي سياق تنويهي شرح الشاعر في مستهل ديوانه، في اسلوب خيالي «فنتازي» اسباب كتابة قصائد هذا الديوان التي تشير - على سبيل التشويق - الى انها عبارة عن مخطوط عثر عليه في صندوق حلم طويل، وعند فتح الصندوق، وجد هذا المخطوط الذي لاعنوان له يروي حكاية الراوي مع عابر، ترك وراءه ما ترك وعبر.

ويقول الشاعر في مقدمة الراوي لما كتبه العابر قبل العبور:

لم أدرك يوم أتاني يبكي

أن الرعشة في كفيه لها أسباب

كافية

لتكون كقصف الرعد

وبالتالي جاءت قصيدة «الجسر والعابرون» في استلهام حسي للحياة، وفق طرح شعري متواز مع ما يريد ادلبي ابرازه من معان ورؤى ليقول في اسلوب اتسم بالحيوية والتوهج:

كم مرة اوجعت قلبي

باختطاف غصونه

فاترك له أثرا

يدل على اتزانك

واختطف عمر الطغاة

كما يليق بسرمدي

وانتقل الشاعر من الكتابة بالشعر الحر الى الشعر العمودي حينما تحدث عما كتبه الراوي في تقديمه لقصيدة «البياض» التي وحدها - على ذمته - بخط يد العابر فوق قبره، بعد عبوره والتي يقول فيها:

لاحت على قبره كالصبح تأتلق

قصيدة من دموع البعد تختنق

مددت - ما اسطعت - روحي كي اعانقها

فما تلقى يدي حبر ولاورق

كي تعود رؤيته الى «الشعر الحر» مرة اخرى، في قصيدة «البياض» تلك التي بدت فيها المفردات متناسقة مع الوصف والخيال، والتفاعل، ومن ثم عبرت تداعياته الشعرية عن الكثير من التأويلات والمضامين ليقول:

كم أنا واحد

منذ أن ودعوني!

يرفرف حولي بياض شهيّ

تمنيت احلام عمري

من لونه

وتمنيت وجه البلاد

كما سحره.

ومن مقدمة الراوي لقصيدة «كتاب الوصايا»: كاذب ان قلت لم اترك لنفسي اكثر الاسرار حزنا في الوصايا وبالتالي قصيدة كتاب الوصايا، تضمنت سبع وصايا عبر من خلالها الشاعر عن ومضات حسية متفاعلة مع الحياة ليقول في الوصية الثانية:

هي الاحلام

حبر كلامك الشفاف

سرك بين مختلفين منك

على شؤون البوح

بالنايات

واوضح الشاعر ان هناك قصيدة بخط الراوي في رثاء العابر مثبتة في المخطوط عنوانها «الغياب»، هل سيعود دون/ ام ان هذا الوداع الاخير/ سيفرغ آخر نصف بكأس رهاني/ على موعد مشتهي»، وختم ادلبي ديوانه بـ«ما كتبه الراوي في آخر صفحة من مخطوطه».

سريعا امر

سريعا تمرون

لاشيء يعلق بين أصابعكم

عندما تعبرون

ولا قبض ريح

فماذا تخبئ

ياموت

للعابرين

وراء الغياب الفسيح؟!

والديوان صدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق، وهي المجموعة الشعرية الفائزة بالمركز الثالث في جائزة الدكتور المهندس نبيل طعمة للابداع عن دورة نزار قباني للشعر عام 2009.

والادلبي من مواليد دمشق وعضو اتحاد الكتاب العرب وجمعية الشعر وصحافي وصدر له العديد من الدواوين كما حصل على الكثير من الجوائز الادبية العربية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي