تقرير / بواتينغ وكاكاو «دليل قاطع» على هذا الواقع

مونديال 2010... طوى صفحة «العنصرية» الألمانية

u062cu064au0631u0648u0645 u0628u0648u0627u062au064au0646u063a... u0627u0646u062fu0645u0627u062c u062au0627u0645 u0645u0639 u0632u0645u0644u0627u0626u0647 u0641u064a u0645u0646u062au062eu0628 u0627u0644u0645u0627u0646u064au0627 (u0631u0648u064au062au0631u0632)
جيروم بواتينغ... اندماج تام مع زملائه في منتخب المانيا (رويترز)
تصغير
تكبير
يوم تولى البرازيلي جواو هافيلانج رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» العام 1974، اطلق شعاره الشهير «كرة القدم لغة عالمية» وبعد وصول سلفه السويسري جوزيف بلاتر الى سدة الرئاسة اضفى معنى جديدا على هذا الشعار، عندما اعتبر «كرة القدم اداة للسلام»، مشددا على ضرورة الاعتماد على هذه المبادئ للنهوض باللعبة وابعادها عن جميع الآفات المسيئة بصفتها المرآة التي تعكس الوجه الحضاري للشعوب والبلدان الممارسة لها.

الا ان ملاعب كرة القدم العالمية شهدت حوادث مؤسفة في الاعوام القريبة الماضية، تسببت في تعطيل المباريات واثارت استياء عالميا واسع النطاق، وانعكست بشكل او بآخر على سمعة اللعبة الشعبية الاولى في العالم. ومن هذه الحوادث اعمال العنف والشغب داخل الملاعب وخارجها، التي اضافت نقطة سوداء جديدة وضعت في خانة سلبيات اللعبة، مثل الفساد الذي استشرى لدى بعض الاتحادات والمسؤولين الى سوء التحكيم والرشاوى.

وتمثلت الظاهرة الجديدة الموسم الماضي بموجة العنصرية التي اجتاحت عددا لا بأس به من الملاعب العالمية خصوصا الاوروبية منها، كاشفة عن الوجه الآخر للعبة الذي يتسم بالبشاعة المطلقة.

وانتشر داء العنصرية بانتظام بين ملاعب ايطاليا وانكلترا واسبانيا وغيرها من بلدان القارة العجوز ناقلا المعركة العالمية من صراع الحضارات الى صراع الاعراق، لتطبع بعض المباريات بصورة مشابهة عبر تصرفات الجماهير واللاعبين والملونين الذين ارادوا الثورة على الواقع مهددين بمغادرة الملعب.

وربما كانت الحادثة الاكثر رسوخا في الاذهان احتفال الكاميروني صامويل ايتو لاعب برشلونة الاسباني السابق بهدف في مرمى ريال سرقسطة مقلدا حركات القرد وذلك ردا على هتافات جمهور الفريق المضيف الذي شرع في تقليد اصوات القرود كلما لمس ايتو الكرة في المباراة، حيث القيت عليه حبات فوق سوداني بعدما سجل هدفه. وقال وقتذاك المهاجم «رقصت مثل قرد لأنهم عاملوني كقرد».

ووسط التفسيرات والاجتهادات التي اعادت اسباب ارخاء شبح العنصرية بظلاله على ملاعب اوروبا الى التعصب اللامحدود والاندفاع العاطفي اللا مدروس من قبل المشجعين تجاه ناديهم المفضل او فريقهم الوطني، ما دفعهم الى اطلاق هتافات ضد اللاعبين ذوي البشرة السمراء او الملونين بصفة عامة، بقيت ألمانيا خالية من اي حوادث تفرقة مشابهة على الاقل في دوري الدرجة الاولى الذي يتابعه الملايين في كل اسبوع.

وانسحب الامر عينه على مونديال 2006 الذي اظهر فيه الألمان للعالم فكرة مغايرة تماما عن ماضيهم المعروف بأحداث التفرقة العنصرية خلال حقبة الحكم النازي، واتفق منظمو الحدث ان المكسب الحقيقي كان اظهر الوجه المشرق لألمانيا وافكارها الحديثة، وجاء المردود ابعد من الارباح الاقتصادية التي تكسبها عادة البلدان المضيفة للتظاهرات الرياضية.

الا ان الامور اتخذت منحى مغايرا بعد المونديال الألماني بعدما ضربت آفة العنصرية بعض الملاعب في الدرجات المختلفة، ما اثار زوبعة من الادانات من جانب القيمين والضحايا على حد سواء الذين اعتبروا ان تصرفات من هذا النوع ستدمر لا محالة الصورة الطيبة التي نقلتها المانيا الى العالم طوال شهر كامل صيف العام 2006.

وجاء التصريح الاعنف على لسان الدولي الألماني السابق جيرالد اسامواه الذي وصف مطلق العبارات المسيئة ضده «الاغبياء والمتخلفين الذين لم يتطوروا مع مرور الزمن» وذلك بعدما عاني الغاني الاصل الذي اضحى العام 2001 اول لاعب اسمر يرتدي قميص المنتخب الألماني، هتافات عنصرية اثناء خوضه احدى مباريات كأس المانيا.

ولم يتردد الاتحاد الالماني لكرة القدم في تغريم النادي المتورط كما اقام حظرا على مشجعين بحرمانهما من حضور مباريات الدرجات الثلاث لمدة ثلاث سنوات.

وانزل المسؤولون في الاتحاد الألماني عقوبات مالية العام 2006 بحق ناديي اليمانيا آخن وبوروسيا مونشنغلادباخ اثر مواجهة عنصرية بين جماهيرهما في المباراة التي اقيمت على ارض الاول قبل سنوات، حيث تعرض مهاجم مونشنغلادباخ البرازيلي كاهيه الى مضايقات عنصرية جاء رد عليها من قبل جمهور الضيوف الذي كال هجمات مماثلة تجاه مدافع آخن الزامبي موزس سيشون الذي شارك في حملة دعائية متلفزة ضد العنصرية في ملاعب «البوندسيلغه» علما انه لشدة احتدام الموقف هدد حكم المباراة ميكايل فينر علنا بين الشوطين بايقافها في حال واصلت الجماهير تصرفاتها المسيئة.

وبدت تهديدات رئيس الاتحاد الألماني تيو زفانزيغر بحسم نقاط من رصيد النوادي المخالفة او اجبارها على اللعب امام مدرجات خالية كافية لخلط الاوراق وزعزعة اسس البطولات في المانيا الا ان هذا الامر لم يكن خطرا بقدر التهديدات غير المسبوقة لاسامواه نفسه الذي لم يستبعد اعتزاله اللعب دوليا حينها في حال استمر الاضطهاد العنصري ضده وانتقل الى مباريات «المانشافت» التي لم تشهد احداثا مماثلة حتى الآن.

وبدا جليا للمرة الاولى ان القضية يمكن ان تؤثر فنيا على الكرة الألمانية، خصوصا بعد تخوف الاتحاد المحلي من ان ينسحب الامر على اللاعبين السمر الذين ولدوا في المانيا ويمثلون منتخباتها المختلفة وينظر اليهم باهتمام بالغ لتشكيل عماد «المانشافت» في المستقبل.

ويبدو اليوم ان مخاوف الاتحاد الألماني قد تبددت، ففي مونديال 2010 يضم المنتخب اللاعب الاسمر الغاني الاصل جيروم بواتينغ، فضلا عن البرازيلي الاصل كاكاو، وهو واقع اكد بما لا يدع اي مجال للشك بأن العنصرية لم تكن سوى غيمة صيف عابرة في سماء كرة القدم الألمانية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي