هونغ كونغ تسمع في «بيتك»... «قصة العمر»
من الصعب اختزال مسيرة مصرف استمرت على مدى ثلاثين عاماً وانتهت بإحداث ضجة في الوسط الاقتصادي الكويتي الأسبوع الماضي بعد ان حقق هذا المصرف أعلى نسبة أرباح بين المصارف الكويتية لعام 2007، خصوصاً وأنه مصرف إسلامي يتفوق وللمرة الأولى على المصارف التقليدية، هذا الانجاز غير المسبوق ان دل على شيء فعلى النجاح الذي حققته مسيرة الـ 30 عاماً وعلى المكانة المهمة التي وصلت اليها «الصناعة المالية الإسلامية» محلياً واقليمياً ودولياً.
لذلك كان على المدير العام لبيت التمويل الكويتي «بيتك» ان ينفذ «مهمة مستحيلة» وينقل كل هذه الانجازات والنجاحات إلى وفد رجال أعمال آتياً من آسيا وبالتحديد من هونغ كونغ ويعرف عن الصناعة المالية الإسلامية بقدر اتقانه للغة العربية. لكن العمر نجح وعلى مدى ساعة بإيصال الرسالة للوفد الأجنبي الذي استغل القسم الأكبر من اللقاء بطرح الأسئلة للتزود بأكبر قدر من المعلومات عن «بيتك» وقطاعه.
وكان ذلك خلال استقبال بيت التمويل الكويتي (بيتك) اول من امس وفدا من رجال الأعمال في هونغ كونغ الذي يزور البلاد برفقة رئيس السلطة التنفيذية في هونغ كونغ دونالد تسانغ في فندق جي دبليو ماريوت في الكويت، بحضور مدير عام «بيتك» محمد العمر وعدد من المسؤولين في المصرف. استهل اللقاء بعرض شامل لمسيرة المصرف منذ البداية، وحتى اليوم بما في ذلك الأهداف التي وضع من أجلها والخطط المستقبلية والتوسع الجغرافي الذي تخطى الكويت ليشمل تركيا، ماليزيا، والبحرين ثم قام العمر بشرح مفصل ودقيق للوفد عن الصناعة المالية الإسلامية ككل والأهمية التي وصل اليها هذا القطاع اليوم، مؤكداً ان بيتك يعمل ويفكر ويحلل مع شركائه وعملائه وهو يسعى جاهداً لإيجاد الحلول المقبولة لكل متطلبات العملاء والتي تتطابق مع الشريعة الإسلامية. واستشهد العمر بتجارب قديمة، كانت بمثابة الحجر الأساسي لانطلاقة البنك ونجاحه اولها كانت عام 1996 يوم تقدم بيتك بعرض لـ«إيكويت» بتمويل مشروع شراء معدات بقيمة 102 مليون دينار، وعندها وجدت إيكويت انه من الصعب على بنك اسلامي ان يؤمن مبلغا كبيرا كهذا.
وقد قام بيتك يومها بجمع جزء من المبلغ عبر نظام الاجارة، الذي يقوم على مبدأ شراء المعدات من قبل بيتك وتأجيرها للعميل في المقابل. وبعد نجاح التجربة الأولى، عادت «ايكويت» لتطلب من بيتك تمويل 50 في المئة من مشروع آخر وقد حقق المصرف ذلك بنجاح، وقد شعروا في يومها بأهمية التعامل مع القطاع المصرفي الإسلامي، ودخل المصرف منذ 1996 بمرحلة جديدة في تاريخه، وبدأ «بتسويق وتصدير طريقة عمله» والتعرف إلى كيفية التعامل مع المصارف التقليدية وحاجات العملاء.
وتحدث العمر عن تجربة اخرى في تاريخ المصرف، وهي تمويل «فضائية الثريا» التابعة لشركة اتصالات في الإمارات العربية المتحدة، وقد كانت بحاجة لقرض بقيمة 6 ملايين دولار، وقد استطاع المصرف بالتعاون مع بنك ابوظبي الإسلامي تأمين مليون دولار يومها.
وذكر العمر أن آخر صفقة كبيرة أتم تمويلها من قبل البنك كانت في السعودية وهي تخص الرخصة الثانية للهاتف النقال في المملكة بمبلغ 2 مليار دولار، وقد تم التمويل بأكمله وفقا للشريعة الاسلامية عبر نظام المرابحة والاجارة.
وقد صرح العمر للوفد بالتفصيل عن نظامي المرابحة والاجارة اللذين يميزان قطاع الصيرفة الاسلامية، مؤكدا انه لا مشكلة للبنك اليوم في تقديم اي خدمة أو منتج للعملاء طالما انها تتطابق مع أحكام الشريعة الاسلامية.
وأضاف العمر:«اذا أراد العميل ان يركّب أو يجمع منزلا أو مصنعا يمكنه ان يقدم بذلك عبر «الاستثناء» وهو قرض البناء حيث يطلب المصرف من العميل باعطائه المعايير اللازمة لانشاء المصنع، ويقوم المصرف بانجاز هذه المنشأة، مثلا ومن ثم تأجيرها من جديد للعميل وفق نظام الاجارة، ولكن مع تحويل القرض الى قرض طويل الأمد».
وحول التحول الحاصل اليوم في الصيرفة الاسلامية تحدث العمر عن أن الحافز الأول للعملاء للتحول نحو الصناعة المالية الاسلامية هو «الأمان» اذ ان معظم العملاء يرتاحون للدراسة المستفيضة التي يقوم بها البنك لاي تمويل أو قرض مزمع تقديمه. لتفادي أي مخاطر محتملة ممكن ان تقع.
وتابع العمر ان «بيتك» يسعى لمساعدة اقتصاد البلد الذي يعمل فيه، عندما يتأكد قبل تقديم أي قرض أو حل لعملية، انه سيقوم بتوظيف هذه الأموال في المكان المناسب، ما سيساهم في تعيين المزيد من الموظفين واليد العاملة وبدوران العجلة الاقتصادية بطريقة صحيحة تؤدي لرفع الناتج المحلي.
وعن تواجد المصرف في ماليزيا، أكد العمر ان «بيتك» أرسى قواعده في ماليزيا اليوم بعد مرور عامين على تأسيس فرعه هناك وهو يقوم بعمليات مصرفية كبيرة بين سنغافورة وماليزيا تصل الى 2 مليار دولار.
وأشار العمر الى ان المصرف يخطط للاستثمار في هونغ كونغ، وقد يتم ذلك بعد تلبية الدعوة الرسمية التي تلقاها رئيس البنك بدر المخيزيم لزيارة هونغ كونغ وعرض تجربة «بيتك» هناك. اضافة الى استثمارات المصرف العقارية وتمويل طائرات وفقا للشريعة عبر شركة «الافكو» في «صين لاند» في الصين.
وعن تعامل بيتك مع أنظمة المصارف العالمية التقليدية أكد العمر ان المصرف الاسلامي لا يعيش في عزلة عن العالم، وقد قام البنك منذ عامين باقراض 850 مليون دولار في 12 مصرفا تقليديا وقد لاقى «بيتك» اقبالا كبيرا من المصارف لاعطائه المبلغ. وهناك تعاون دائم مع البنوك التقليدية ضمن الحدود التي تسمح لمصرف اسلامي في التعامل مع المصارف التقليدية.
علاقة المودعين بالمصرف
وأشارالعمر الى ان العلاقة مع المودعين تعتمد على نظام «المشاركة في العائد» فالعملاء يضعون أموالهم في المصرف ليس كعملاء بل كشركاء. وقد قام «بيتك» هذا العام بتوزيع عوائد بنسبة 8.6 في المئة بعد ان حقق 5.3 مليار دينار في 2007 وقد كان السبب وراء نجاحه على مدى الأعوام الماضية.
وأكد العمر ان «العمل وفق نظام الشريعة الاسلامية لم يؤثر أو يحد من ازدهار المصارف وتطوره ودخوله اسواق جديدة ومتعددة بل على العكس هو يستقطب يوما بعد يوم المزيد من العملاء ويلقى استقبالا وترحيبا في العديد من الاسواق الاسيوية والاميركية والاوروبية».
وتابع العمر ان «بيتك» يعمل وفقا للمعايير التي حددها المصرف المركزي الكويتي لحماية المصارف والمودعين معا، متوقعا ان يلقى قطاع المصارف الاسلامية عموما و«بيتك» خصوصا رواجا أكبر في المستقبل وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي. مؤكدا ان الاقتصاد الكويتي يشهد تطورا كبيرا اليوم، كما ان الكويت تلعب دوراً مهماً في عملية إعادة اعمار العراق، لانها بوابة تمر عبرها معظم العمليات الاقتصادية والتجارية الى العراق، كما ان مع البدء بتطبيق نظام «السماء المفتوحة» يتوقع ان تشهد الكويت أعدادا كبيرة من رجال الاعمال والمهتمين باقتصاديات المنطقة ككل.