د. حسن عبدالله عباس / خطة الطاقة الاستراتيجية: flip a coin

تصغير
تكبير
ما حصل يوم الأحد في الجلسة المخصصة لمناقشة أزمة الطاقة الكهربائية وردود الفعل حيال تصرف وزارة الكهرباء ووزيرها الشاب الدكتور بدر الشريعان هو انعكاس واقعي وحقيقي لما عليه موقف الشعب برمته من هذا الملف. فالناس على قسمين من المسألة، فمنهم من يؤيد الوزارة ويرى فيها أنها عملت وما زالت تعمل بحسب المطلوب منها، ومنهم من يريد مساءلة المسؤولين ومحاسبة المقصرين ويأتي الوزير على رأس القائمة.

بصراحة الأمر يجب أن يبتعد ما أمكن عن الذوق الشخصي والعواطف والاحساس القبلي عند تقييم المشكلة، فأغلب النواب، وخصوصاً العوازم، انحازوا للوزير وللكهرباء من دون مبرر مقنع سوى هذا المنطق العائلي القبلي الذي ينبغي التحذر منه! الجميع يعلم أن الوزير استلم وزارة وفيها الشيء الكبير من الفساد، وتعاني من ترهل مخيف من حيث المسؤولية، فالجماعة عندهم محولات غير صالحة للاستخدام في أجواء الكويت، وأخرى قابعة في المخازن حتى بدا عليها الصدأ، وثالثة مهملة تعمل أربع وعشرين ساعة ولأشهر من دون صيانة، وهكذا إلى آخر قائمة الفساد التي سمعناها في تلك الجلسة والتي لولاها لما عرفنا ما الذي يجري وراء ظهورنا.

أما ما جعلني أقتنع أكثر بأن التذمر في محله من تساهل الوزير «إلى حد ما» عن أداء نشاطه دراسة أعدها «مركز اتجاهات للدراسات والبحوث». فالدراسة ذكّرتنا بمجموعة من التصريحات أطلقها الوزير أوائل أيامه وهو في غمرة نشاطه تتلخص بوعود مطمئنة، وأنه بصدد القيام بمجموعة من الاجراءات الكفيلة بالمرور بصيف 2010 من دون مشاكل تُذكر! فمثلاً الدكتور صرّح بعد ساعة من تسميته وزيراً لهذه الحقيبة بأن لديه رؤية لحل مشكلة انقطاع الكهرباء في الصيف تنقسم إلى خطط قصيرة وطويلة! ووعد خلال مناقشة الخطاب الأميري في دور الانعقاد الأول بصيف جيد في 2009 وآخر «رائع» في 2010! وبرأي أبسط وعد كان بالإمكان تحقيقه قوله باحالة المتورطين عن تجاوزات طوارئ 2007 إلى النيابة لكن ومع الأسف حتى هذا الأمر البديهي والوطني لم يُنجز!

طبعاً هذا لا ينفي أن للرجل حسنات، فمع كل ما ذكرنا من ملاحظات يظل للرجل حسنات تُحسب له. فالدكتور الشريعان لم يتغيب عن اجتماعات اللجان بل وحظي بإشادة واضحة من بعضها. ولا أكثر دلالة على الرضى النسبي الذي يحظى به ابتعاده شبه التام عن دائرة التهديدات بالمساءلة باستثناء تلميحات الدكتورة رولا دشتي الأخيرة.

لكن توجد نقطتين ينبغي التركيز عليهما حتى نتعظ للمستقبل: الأولى تخص النواب، فالمجلس مع الأسف سيئ لدرجة بالغة لأنه لم يتحرك ولم يستشعر المشكلة قبل حدوثها. فنحن نعاني منذ خمسة أعوام والمفروض أن يوضع الوزير تحت ضغط سياسي دائم لايجاد حل جذري للمشكلة. وأما الثانية فتتعلق بالوزير مباشرة (ولا أقصد الشريعان تحديداً)، فالوزير بيده أرقام وأوراق وحقائق ويُفترض أن يبديها أولاً بأول ويُعلم المجلس والاعلام بمجريات أعماله وقبل فترة من الصيف بحيث فيما لو دخلنا موسم المشاكل يكون الوزير في حل من أمره لكشفه الحقائق، أما أن يستنفر طاقته الكلامية والإعلامية بعد خراب بغداد فنقول له «هل يصلح الحداد ما أفسده الدهر»؟





د. حسن عبدالله عباس

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي