سعيدة شرف: انتقلتُ من الترجمة إلى الغناء... وعندما أنزع «الملحفة» أشعر وكأنني عارية

تصغير
تكبير
| الرباط - رضا الأمير |

سعيدة شرف صوت غنائي أصيل، تعتز بجذورها النابتة في صحراء المغرب وبالبيئة التي نشأت فيها ومنحتها عفوية الرمال وتلقائيتها.

قبل أن تكتشف موهبتها في الغناء وتحترف الفن كانت لها تجربة إعلامية بدأتها بقسم التحرير والترجمة في مكتب القناة التلفزيونية الأسبانية الأولى في الرباط، فهي تحمل إضافة إلى البكالوريوس في الأدب العربي دبلومًا في اللغة الأسبانية.



وسعيدة شرف شاعرة أيضا مثل كثيرات من الصحراويات، وكانت منذ طفولتها تراجع دروسها على أنغام الشعر ونغمات القصائد التي تشدو بها أم كلثوم، لذلك اجتازت اختبار الجمهور سريعا، وحققت النجاح حتى أنها شاركت الفنان الكبير وديع الصافي الغناء بعدما كان اللقاء معه واحدا من أحلام طفولتها، وهي في هذا الحوار مع «الراي» تتحدث عن تلك الأحلام وكيف تحولت إلى حقيقة.

•  ما حكاية الغناء مع وديع الصافي؟

- لم أكن أتصور أن يتحقق حلم طفولتي وألتقي بالفنان الكبير وديع الصافي بل وأشاركه الغناء، وقد حصل لي شرف كبير بلقائه، حيث غنيت معه دويتو كانت له أصداء عربية أسعدتني كثيرا، كما غنيت دويتو آخر مع وائل جسار. كنت دائما معجبة بالغناء اللبناني وأحببت منذ الصغر أغاني وديع الصافي وهي أغاني لها أسلوبها المميز وخصوصيتها الشديدة، بالإضافة إلى الصوت الرخيم المعبر عن جمال الطبيعة والحياة.

إنني انتظر أيضا فرصة لقاء الفنان الكبير صباح فخري لأشاركه الغناء فهو من الأصوات التي سحرتني بقوة الصوت وعذوبته، خصوصا في أداء القصائد والموشحات.

•  والغناء المغربي؟

- الغناء المغربي مدرسة كبيرة وعريقة وهو يضمُّ ألوانًا عديدة لذلك أحرص على المزج بين هذه الألوان من الغناء الصحراوي الحساني والأندلسي والغرناطي، وتقديم النغم الأصيل بروح شبابية تتماشي وروح العصر وبمفردات لها مذاقها الخاص وإيقاعاتها الحلوة.

في المغرب الآن أصوات فنية مميزة تضاف إلى تاريخه وتراثه الفني، ثم إن الغناء المغربي يساهم في توصيف الحالة والمعنى والصورة التي يتكون منها هذا الوطن الجميل.

•  ماذا عن جديدك الغنائي؟

- لدي الكثير من الأعمال، وأتمنى أن تستجيب هذه الأعمال لذوق المستمع العربي، وقدمت اخيراً أغنية جديدة هي «رمانة» التي تعني المرأة الجميلة باللهجة الصحراوية، وارمز في هذا العمل الغنائي إلى المغرب وغلاء كل شبر منه، والى جماله مثل الجمال الذي حبا الله به المرأة ولا يمكن أن يقدر بأي ثمن، وتنتمي كلمات الأغنية إلى التراث الحساني الذي تم أداؤه بلمسات جديدة على مستوى الإيقاعات دون المس بإطاره العام.

•  كمطربة قادمة من تخوم الصحراء هل تواجهين صعوبة في فهم أغانيك، لاسيما ان اللهجة المغربية ذاتها لا يفهمها كل أبناء الوطن العربي؟

- هناك أعمال غنائية باللهجة المغربية الصحراوية، وهي ربما تبقى غريبة نوعاً ما عن العرب، لكني عادة أغني بلغة عربية في أغلب أعمالي، وأستطيع غناء كافة الألوان الغنائية، باعتبار طبيعة صوتي الذي يؤدي الشرقي والبدوي واللبناني والخليجي القريب للون الصحراوي.

كفنانة، أحرص دائما ألا يغيب المستمع العربي عن بالي، وكل فنان يتمنى الوصول إلى الجمهور العربي ويجد طريقه إليه والتواصل معه، وحين يكون الغناء في متناول الجميع يعني أن الفنان نجح في الاقتراب من أحاسيس أبناء أمته، وهذا ما يجعلني أقول عن نفسي وبكل تواضع، إن فني على تماس مباشر مع كثيرين، وهذا ما يدفعني إلى الاستمرار في الغناء.

•  لمن تغني سعيدة شرف؟

- أنا اغني للإنسان والحياة، أغني للحب والوطن، أغني لكل الأشياء التي تخاطب الرهافة والمكان والأوطان. الغناء بالنسبة لي هو فعل بارع يساهم في تأصيل الفن، ويجعله اقرب إلى الذات الإنسانية.

•  كيف كان الطريق إلى الغناء؟

- تأثرت بكل شيء في هذه الحياة، وقد وجدت إن كل الفنون تقودني إلى التأثر بالغناء، ولكن بالنسبة إلى الغناء أجد نفسي متأثرة بالقامات الطربية العالية، خصوصا تلك القامات التي تنطلق من أساس فني سليم ومتين.

اشتغلت في البداية في قسم التحرير والترجمة في قناة أسبانية دولية لمدة سنتين ونصف السنة، إلا أنني لم أجد ضالتي فيها وانتقلت إلى عالم الغناء الذي طالما كان حلمًا تحقق في ما بعد، فالغناء بالنسبة لي هو حياة كاملة أعيش في مساحتها الواسعة ولا أرغب في الخروج منها، فهي تعطيني الأمان والصحوة الجميلة، إنه الحياة الحقيقية بامتياز.

•  الغناء اليوم عروض باهرة ورقصات، ألا تجدين نفسك غريبة وأنت تحافظين على ارتداء الملحفة الصحراوية؟

- الكثير ولا أقول كل الأغاني التي تعرض في الفضائيات تنتمي إلى الفن الهابط. ولا شك في إن لكل مرحلة فنية هفوات وسقطات ولا تخلو الساحة الفنية اليوم من هذه الهفوات. كما أن في كل مرحلة تبرز صورة مختلفة عن التي سبقتها، وتاليا سنشهد تطورات فنية مختلفة، وهذا أمر لابد من الاعتراف به.

•  والملحفة، ألا تفكرين بخلعها؟

- لا أفكر بخلعها أبدا. إنني أعتز بالملحفة مثلما أعتز بجذوري، وكل فنان أصيل يعتز بجذوره، وبدوري أتشرف بكوني انتمي إلى منطقة الصحراء المغربية. إنني أرتاح في هذا الزي، وأعتبره تميزا عن باقي الفنانات، ويزيد هذا الحرص على ارتداء اللباس الصحراوي، عندما أقدم حفلات في دول عربية أو أوروبية، لأنني أرغب في التعريف بتراث بلدي ليس فقط من ناحية اللون الغنائي بل على مستوي الزي أيضا.

اللباس الصحراوي كله أنوثة وعندما أنزع الملحفة أشعر وكأنني أسير عارية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي