ملامح / نسرين وفلسفة القبح

u062f. u0639u0627u0644u064au0629 u0634u0639u064au0628
د. عالية شعيب
تصغير
تكبير
|د. عالية شعيب|

سعدت كثيرا بزيارة معرض الفنانة المبدعة نسرين سلامة في مقر الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية. وكالعادة أدخل المعرض مسلحة بفضول وانفتاح كبيرين لمحتواه. لكني اندهشت بالفعل. فللمرة الأولى أجد فنانة تبذل جهدها لتجسيد معالم وملامح القبح في التكوين أو الانسان. وسرحت في لوحاتها، لم القبح؟ وكيف يجعل الفنان يترك كل الموضوعات المتاحة له للرسم، ويختار القبح، والاهم، كيف يختار القبح على الجمال... عشرات التساؤلات. ينقسم المعرض الى قسمين، قسم يضم اعمال تسجيلية واقعية لمشاهد معمارية مفصلة بشكل باهر، بالابيض والاسود. ثم هناك البورتريه لمعالم قبيحة وتكوينات تصور الشر والخطأ في أبشع صوره. ورغم البشاعة لا يملك المشاهد الا ان يعجب لتلك المقدرة الهائلة على تصوري القبح، والجرأة في اختياره كوضوع فني والشجاعة والصبر والارادة والتصميم في تحقيق الاعمال.

تقول نسرين، بدأت حياتي الفنية مستغرقة في الرسم الأكاديمي بالأسلوب الواقعي للتعبير عن موضوعات مفعمة بالمعاناة والألم تلفت انتباهي وتستثير مشاعري كما في لوحة البطالة وهي بمقاس 3.60 م في 1.70م، التي تعكس بانوراما للمعاناة عكست واقعا مريرا مؤلما ألا وهو واقع البطالة الذي يعاني منه الكثيرون, ومرحلة الرسم الواقعي في تقديري هي مرحلة يتحتم على الفنان أن يبدأ بها ويصل الى أعلى وأرقى درجاتها حتى يستطيع أن يستقل بأسلوبه الخاص الذي يعبر عن كنهه كفنان. أما بالنسبة للأعمال الأخرى البعيدة عن الواقعية فهي تحمل الطابع الأسلوبي الخاص بي حيث تجلى ذلك في الأعمال التي تحمل أبعادا رمزية وتعبيرية حيث تمتزج عناصر العمل الفني الحسية والتعبيرية مع مشاعري الانفعالية من خلال استخدام الحبر والريشة أو الطباعة. ومنذ عام 2005 شغلتني قضية القبيح في الفن، فنحن حقا في الواقع لا نسر ولا نعجب الا بالمخلوقات النموذجية، أما في الفن فانه ليس من الضروري للموضوع الجمالي أن يكون نموذجا جميلا. وآية ذلك أن أشد ما في الطبيعة قبحا قد يكتسب في مجال الفن صبغة جمالية واضحة، فما من شكل قبيح أو وحش بشع الا واستطاع الفن أن يخلق منه صورة جميلة ترتاح لمرآها الأعين، فالجميل في الفن ما يحمل شخصية أو طابعا، وكثير ما يكون طابع الشيء الدميم أظهر وأقوى من طابع الشيء الجميل، لأن الحقيقة الباطنة قد تتجلى بسهولة ويسر على أسارير وجه مريض أو قسمات سحنة خبيثة وهكذا فكلما زاد قبح الموجود في الطبيعة زاد جماله في الفن لما يحمل من قيم درامية، وما من قبيح في الفن سوى ماخلا من الطابع أو الشخصية. وهذا كان موضوع بحثي الذي حصلت به على درجة الدكتوراه في فلسفة الفن والذي كان بعنوان «الأثر الدرامي للقبح في العمل الجرافيكي».





Aliashuaib.net

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي