نتيجة تداعيات الانتخابات البلدية و«الفوز الباهت» في «فرعية» المنية - الضنية

لبنان: فتفت وضع استقالته من مهماته الحزبية و«حتى النيابية» بتصرّف الحريري

تصغير
تكبير
|بيروت- «الراي»|

لم تتأخّر تداعيات «الفوز الباهت» الذي حقّقه «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) في الانتخابات الفرعية في قضاء المنية الضنية في الظهور في شكلٍ عكس الإرباك الذي عاشه التيار منذ الاستحقاق البلدي الذي «هزّ» صورته الشعبية في أكثر من بلدة في البقاع والشمال.

فبعد ساعات قليلة على اعلان فوز مرشح «المستقبل» كاظم صالح الخير على منافسه الأبرز كمال الخير المدعوم من «حزب الله» وقوى «8 مارس» في «فرعية» المنية الضنية بنتيجة 20100 صوت للأول مقابل نحو 14 الف صوت للثاني، فجّر نائب «المستقبل» احمد فتفت (عن الضنية) «قنبلة» سياسية بإعلانه، انه وضع استقالته من «مهماته السياسية والحزبية وحتى النيابية» بتصرف الحريري على ما اكد لـ «الراي».

واذا كان وضع فتفت استقالته بتصرف الحريري، وهو ما كشف انه قام به في الثاني من يونيو، اعتُبر من «الإفرازات» المباشرة للانتخابات البلدية (انتهت في 30 مايو من الشمال) التي تعرض فيها «المستقبل» لنكسات عدة في بلدات رئيسية في المنية الضنية أبرزها «سير» وهي مركز القضاء ومدينة النائب فتفت، فان الفوز «المثقل» بالدلالات الذي تَحقّق في الانتخابات الفرعية لملء المقعد الذي شغر بوفاة النائب هاشم علم الدين لم يكن مساعِداً على «محو» التباينات ضمن «البيت الواحد» التي ظهّرها الاستحقاق البلدي ولا على «إخماد» ملامح «التذبذب» الذي وضع «المستقبل» في موقع غير «مريح» مع بعض شارعه.

وقد قرأت دوائر مراقبة خطوة فتفت والتي يرجّح بشكل كبير ان يرفضها الرئيس الحريري، على انها «محسوبة» في إطار محاولات إعادة ترتيب «البيت المستقبلي» في الشمال واحتواء حال التململ التي واكبت عملية «التكيُّف» السياسية التي مارسها التيار والرئيس الحريري بعد انتخابات 7 يونيو النيابية من جهة كما التأخر في إنجاز الملف التنظيمي لـ «المستقبل» من جهة أخرى.

وكان «المستقبل» نجح اول من امس في تجاوُز «اختبار الأحجام» الذي خاضه في المنية الضنية «وحيداً» اي من دون حلفائه السنّة وتحديداً الوزير محمد الصفدي والنائب قاسم عبد العزيز اللذين اعلنا وقوفهما «على الحياد»، وهو الأمر نفسه الذي اعتمده الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي، ما وضع «التيار» في المواجهة لوحده مع دعم من حليفته المسيحية «القوات اللبنانية» التي لم يكن ممكناً ان يكون لها «ثقل» نظراً الى ان الناخبين المسيحيين في هذا القضاء يناهزون 13 الفاً من اصل نحو 100 الف يشكّل السنّة نحو 87 الفاً منهم.

وفيما اعتبرت اوساط «المستقبل» ان هذا الفوز الـ solo الذي حققه بفارق نحو ستة آلاف صوت يشكّل انتصاراً للتيار حسم «الخيار السياسي» لأهالي المنية - الضنية بعد «التشكيك» الذي ساد عقب الانتخابات البلدية، فان معارضيه اعتبروا ان حصول كمال الخير على نحو نصف أصوات المقترعين في «عقر دار» المستقبل يشكّل رسالة قوية للتيار بأنه لم يعد «طليق اليد»، مشيرين الى ان «فرعية» المنية الضنية أفرزت توازنات جديدة استناداً الى الأرقام التي أظهرت تراجعاً كبيراً في نسبة الاقتراع (بلغت34 في المئة) عما تم تسجيله في الانتخابات العامة في يونيو 2009، ومسجّلين أن القوة الانتخابية لـ «المستقبل» على قاعدة نسبة الاقتراع في «الفرعية» تراجعت عن عام 2009 من 72 في المئة من أصوات المقترعين في المنية الضنية إلى نحو 60 في المئة من أصوات المقترعين الأحد، بينما ارتفع رصيد القوى المعارضة للتيار من 28 في المئة في 2009 إلى نحو 40 في المئة على أساس معدل المشاركة في الانتخابات الفرعية.

واذ لفتت اوساط مراقبة الى ان «المستقبل» حقق يوم نجاحات في كثير من البلدات في القضاء ما ساهم في «تصحيح» واقعه الانتخابي مقارنة مع المشهد البلدي، اشارت دوائر أخرى الى ان المناخ الاعتراضي على خيارات التيار الانتخابية بقي سائداً، بدليل عدم قدرة الاخير على استنهاض الناخبين. علماً ان مقرر اللجنة الخماسية في «المستقبل» أحمد الحريري الذي أشرف على الانتخابات الفرعية اعلن بعيد صدور النتائج أن التيار وأهالي المنية الضنية واجهوا «في هذه الانتخابات كل أشكال الترهيب والترغيب، وكل محاولات الإنقلاب على تاريخ هذه المنطقة»، لافتًا في المقابل إلى أنّ «هذه الانتخابات كانت المحطة التي تتكشف فيها الوجوه، وتنجلي من خلالها الحقائق».

ولم يكد «صباح الفوز» ان يُشرق، حتى عقد النائب فتفت مؤتمراً صحافياً في منزله في الضنية اعلن فيه استقالته من مهماته في «المستقبل» على خلفية الاجواء التي رافقت الانتخابات البلدية في المنية الضنية، وكاشفاً انه وضع استقالته بتصرف الرئيس الحريري منذ 2 يونيو الجاري في خلاصة التقرير الذي رفعه الى الحريري والرئيس فؤاد السنيورة بعد 48 ساعة على انتهاء الانتخابات البلدية «عن الخلفيات لنتائج الاستحقاق البلدي على صعيد لبنان عموما والضنية خصوصا».

ولفت الى ان وضع استقالته بتصرف الحريري «ينبع من قناعاتي بأن أتحمل ما يعود الي من مسؤولية في ما جرى، وأيضا من إيماني والتزامي بتطوير وإنجاح خط تيار المستقبل ومسار دولة الرئيس سعد الحريري، كما ان هذه الخطوة تشكل نداء لكل مسؤول في «المستقبل» أيا يكن موقعه لاعتبار ما جرى على مستوى الوطن يحتم علينا الادراك ان هناك أخطاء يجب معالجتها وعلى وجه السرعة حتى لا نكون من النادمين حين لا ينفع الندم».

ولفت الى «ان الانتخابات النيابية الفرعية التي جرت الأحد أعادت بوضوح رسم الصورة السياسية لقضاء المنية الضنية وكانت أبلغ رد على كل الافتراءات التي تعرضنا لها في الاسبوعين الآخيرين سياسيا وشخصيا»، وقال: «هذا الفوز الكبير جاء رغم العدد الهائل للمرشحين ورغم الدعوات العديدة للمقاطعة والإشاعات المغرضة ورغم التحالفات الهجينة لعدد من «المستنوبين» فيما سمي «التحالف الرباعي»، ورغم تخلي بعض الحلفاء ما عدا «القوات اللبنانية» التي أخص بالشكر مما يعطي أهمية أكبر للانتصار وتأكيدا راسخا للانتماء السياسي لهذا القضاء».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي