محمد صالح السبتي / زحمة كلام

تصغير
تكبير
كنا وما زلنا أمة تجيد الكلام ولعلنا لا نجيد غيره أيضاً، ولهذا عندما أراد الله معجزة لنبينا كانت معجزتنا القرآن كلام الله، لعلمه سبحانه بمدى تأثير الكلام علينا.

والغريب في الأمر أننا غرقنا في الكلام المفيد منه وغير المفيد وأصبح هو بضاعتنا الوحيدة في ظل عالم يتطور كل لحظة وثانية، ولم يكن لنا أي نصيب من هذا التطور أبداً... نحن شعوب نتكل على الغرب في كل شيء. حبانا الله خيرات وثروات طبيعية... نفطاً في بعض دولنا، وأنهاراً وثروات زراعية في أخرى، لكننا نستخرج نفطنا بتكنولوجيا وآلات صنعها الغرب، وننقله إلى من يشتريه بسفن مصنعة هناك، ونكرره بآلات غربية لا دخل لنا أبداً بصناعتها، آلات الحراثة ليس من صنعنا، نستخدم وسائل نقل كل دورنا فيها حسن القيادة، الهواتف التي بأيدينا صناعة غربية بحتة آلات وتكنولوجيا، نستمتع بمشاهدة التلفزيون والسينما، حتى غذاؤنا هم من يصنعه، ليس هناك شعوب تلبس غطاء الرأس (الغترة) سوانا في الخليج لكننا لا نصنعها، هي مصنوعة في الغرب وحتى لو صنعناها في دولنا لكننا نستورد الآلات كلها، ملابسنا الداخلية أيضاً يصنعها لنا الغرب... باختصار حياتنا كلها معتمدة على الغرب.

إذاً لماذا نكره الغرب ونعاديه ونتهمه بأبشع التهم ونحن عالة عليه في كل شيء. ليست المشكلة أن اعتمادنا على الغرب اعتمادا كلياً فقط، المشكلة الأخرى أننا إلى الآن ليس لنا خطة لمشاركة شعوب العالم المتطورة سباق تطورها، لم نخط أي خطوة تجاه هذا الطريق... إذاً متى سوف نصل؟ هذا الكلام ليس تحبيطاً لشعوبنا المحبطة أصلاً، هذا الكلام لنعي أننا في الاتجاه الخاطئ، علينا مشاركة الغرب بما نملك من خبرات، علينا أن نعترف بأننا أمم مغلوبة على أمرها ليس في أيدينا خيوط اللعبة، نعترف بهذا ثم نعمل ما بوسعنا عمله، ما بوسعنا عمله اليوم أن تكون عندنا شجاعة هذا الاعتراف فالضعف ليس عيباً بحد ذاته، العيب هو المكابرة، وبعد اعترافنا بضعفنا علينا أن نشارك الغرب، أن نعترف كذلك بأفضليته... بجهوده... بحاجتنا إليه... وهذه المشاركة لو بنيت على أسس صحيحة بلا شك أننا سنجني ثمارها.

والشيء بالشيء يذكر... ومع يقيننا أننا نعتمد على الغرب في كل شيء أليس من الغريب أننا ننفرد بأسلوب إدارة بلادنا، هل نتوقع أن في إمكاننا إدارة أي بلد دون الحاجة إلى الغرب؟ أتوقع أننا لو انتهجنا نهج الغرب في إدارة أوطاننا وعلى المقاس الذي يناسبنا فإننا سوف ننجح على الأقل في تحجيم المشاكل التي لا تفارقنا واحدة بعد الأخرى.

عجزنا عن مواكبة أي طريق من طرق التطور لا يقل في أي حال عن عجزنا وعدم مقدرتنا في إدارة شؤون أوطاننا، لم نسلك الطريق إلى الآن حتى نصل... نعم هذه الحقيقة المرة، لكنها تبقى هي الحقيقة التي يجب أن نعترف بها.





محمد صالح السبتي

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي