ديرة طيبة أهلها يكن بعضهم الى بعض سمات الخير، تنتشر في ربوعها دواوين كثيرة لم يخل حي او ضاحية او منطقة او فريج من اكثر من ديوانية.
وهذه ظاهرة لم نرها في اي بلد إلا في هذه الديرة الطيبة، تعتبر الديوانية منتدى اجتماعيا، واقتصاديا، وثقافيا، وعلميا ايضا بما يتداول فيه من مواضيع وبما تطرح من خلاله من قضايا.
في الاسبوع الماضي زرت احدى هذه الدواوين جلست انظر الى رواد هذه الديوانية وهم يطرحون مواضيع شتى وقضايا مختلفة كان على رأس مواضيعهم القضية الاقتصادية وارتفاع سوق الاوراق المالية وانخفاضه دون مبرر يذكر، حتى قال احدهم ان مثل هذا السوق هو كالمثل القائل (دوده واكل عشاه).
ثم تجد القضايا الصحية والتربوية بما تشتمل عليه من سير الامتحانات في هذه الأيام، وسفينة مرمرة هي قضيتهم السياسية.
على كل هذه الموضوعات إلا ان هناك احدهم اخذ يدقق النظر في ساعة في يده كأنه ينتظر موعدا اوشك ان يأتي، وهو يلتفت يمنة ويسرة، وتكاد انفاسه تسمع بين شهيق وزفير، سألته: بماذا تفكر يا صديقي ولم تنظر هكذا الى ساعتك؟
قال: انها ذكرى عزيزة على قلبي، كم حددت موعدا للاجتماع مهم، نعم ان صاحبها كان وكيلا مساعدا لوزارة التجارة والصناعة وكثيرا ما كان ينظر اليها قبيل ان يذهب الى اجتماعاته التي كان فيها كثير من التفكير والتمحيص للقضايا المختلفة والخبرات المتدفقة من حصيلته الكثيرة والمتراكمة. وواصل يقول: هذه الساعة يا صديقي حددت مواقيت لجولات وزيارات لبلدان كثيرة فيها اجتماعات واتفاقات تجارية متعددة، حقا انه انسان خبير رحل عن عالمنا منذ عام تقريبا وخلف ثقافة واسعة وعلما طيبا ومنطقا سديدا.
انه استاذنا علي عيسى الوزان يرحمه الله.
اخاك اخاك ان من لا اخ له
كنازل الى الهيجا بغير سلاح
ومضى يقول: وهذه ساعته قدمها لي ولده حسين بعدوفاة ابيه يرحمه الله لتكون ذكرى اتذكر والده بها، وكلما نظرت اليها الآن اتذكر كل يوم خميس عندما كنت اتجول مع ابي حسين يرحمه الله في السوق وعلى السيف، واحيانا في يوم الجمعة بين بضائع سوق الجمعة.
حقا:
ان الصديق الحق من كان معك
ومن يضر نفسه لينفعك
واذا ريب الزمان صرعك
شتت فيك شمله ليجمعك
الرحمة لأبي حسين الوزان والصبر والسلوان لأهله وذويه واصدقائه واحبائه.
سلطان حمود المتروك
كاتب كويتي