حديث / لغة المكان... في «بيت من نجوم الصيف» لعلي السبتي (1)

علي السبتي


| لطيفة جاسم التمار |
«بيت من نجوم الصيف»... مجموعة شعرية كتبت بنمط الشعر الحديث «الحر»، ذات اتجاه واقعي اجتماعي رومانسي، عبرت عن مشاكل الإنسان العاشق والذي يواجه مشاكل في مجتمع أقرب ما يكون إلى الانغلاق والتخلف، وفي خضم هذا المجتمع المقيد تطفو على السطح المشاكل التي يعاني منها الرجل والمرأة على حد سواء، وأولاها البوح بالحب في مجتمع يرفض تلك المشاعر السامية ويحد من ظهورها على الملأ، بعدها يعرض لسلبيات مجتمعه بكل أبعادها والتي تتجلى في فروق اجتماعية واقتصادية وما تتمخض عنه من معاناة نفسية.
لقد ساهمت ظروف تغير المجتمع الذي كان يعيشه شاعرنا في التأثير على إدراكه وتنمية موهبته، فحياة التغير المجتمعي من مجتمع بدوي بسيط إلى آخر حضري ومعقد أدى إلى اتساع الهوة بين جيلين، كما أدى إلى صراع حضاري طبيعي عادة ما ينشأ عند حدوث تغير سريع في المجتمع، مما يؤدي إلى حدوث نوع من الاغتراب عند الشعراء, هذه الظروف صقلت من شخصية شاعرنا كما أن هناك عاملا مؤثرا في تشكيل شخصية علي السبتي الشاعرية وهو صداقته الحميمة بأبي الشعر الحديث في الوطن العربي «بدر شاكر السياب،» تأثره به كان إيجابيا وجدناه من خلال قراءة هذا الديوان.
تظهر صورة الاغتراب في قصيدة «مدينة ناسها بشر»، والتي يرى فيها مدينته الحديثة التي تشوبها السلبية برغم جمالها المصطنع بنظره، فهو مازال يتذكر مدينته الأصيلة برغم بساطتها إلا أنها تحمل كل معاني الإيجابية. لم تكن هذه النظرة لدى السبتي فقط بل كانت لدى كل شعراء جيله تقريبا. يقول في قصيدته:
مدينتي كأنها تمثال
ملون مزركش لكنه تمثال
حتى النساء في مدينتي بلا آمال
المال في مدينتي المال
يبيع يشتري يستأجر الرجال
فكل شيء في مدينتي له ثمن
الجنس والأطفال والسكن
مدينتي غيومها بلا مطر
وأرضها حجر
وناسها من ناسها...؟
بشر!
يتساءل الشاعر في القصيدة من هم ناس مدينتي الحديثة الجامدة والتي تغلفها السلبية، من كل جوانبها فكل شيء له ثمن, فهل ناسها فعلا بشر. هل هم البشر الذين نتمناهم لبناء مدينتنا الجميلة من الداخل والخارج؟
ومن سلبيات مدينته تلك القيم البالية التي تتعلق بعادات وتقاليد الزواج في الكويت, فهي تخضع لفروق مادية وأخرى اجتماعية بين سكان الكويت أنفسهم, فيقول
لا فرق بين حفيد بحّار وذات «دم أصيل»
والمجد للإنسان... لابن الكادحين
لحفيد بحّار يجوب البحر في الليل الـــطويل
لا يسرق المال الحرام من الجياع البائسين
ويظل ينعم - في الخيال- بأن زوجته الجميلة
تفديه بالمقل الكحيلة
تشعر وأنت تقرأ شعر السبتي بكم هائل من التحدي الممزوج بالتفاؤل، إنه شاعر لا يوجد لليأس مكان في قلبه وعقله, حتى ولو تكالبت عليه الظروف القاسية والتي قد ترغم الكثيرين على الانحناء لها والانصياع لتقاليد المجتمع القاسية. ففي قصيدة «جيكور بعد عام» والتي كتبها إلى روح صديقه بدر السياب, نلاحظ مدى الحزن والتشاؤم في البداية، لكن النهاية تشعرنا بالإشراق وعودة الأمل مما يجعل للحياة قيمة يقول فيها:
ستشرق شمسنا دفئا وأشواقا
ستشرق, قد سمعت عويل جيكور
وهمهمة المقابر وهي تسمع نفخة الصور
سنجني ما زرعناه
ونحصد ما بذرناه
فتزهو أرضنا بالنور والنور
شعور الوحدة مسيطر على الشاعر في تلك الأبيات، فبرغم من مشاعر الحزن المسيطر نلاحظ إشعاعة أمل وشعورا بعودة الحياة.
* ماجستير أدب عربي
Latifa- altammar@hotmail. com
المراجع:
علي السبتي شاعر في الهواء الطلق، إسماعيل فهد إسماعيل
التيار التجديدي في الشعر الكويتي، سالم خدادة
ديوان «بيت من نجوم الصيف»
«بيت من نجوم الصيف»... مجموعة شعرية كتبت بنمط الشعر الحديث «الحر»، ذات اتجاه واقعي اجتماعي رومانسي، عبرت عن مشاكل الإنسان العاشق والذي يواجه مشاكل في مجتمع أقرب ما يكون إلى الانغلاق والتخلف، وفي خضم هذا المجتمع المقيد تطفو على السطح المشاكل التي يعاني منها الرجل والمرأة على حد سواء، وأولاها البوح بالحب في مجتمع يرفض تلك المشاعر السامية ويحد من ظهورها على الملأ، بعدها يعرض لسلبيات مجتمعه بكل أبعادها والتي تتجلى في فروق اجتماعية واقتصادية وما تتمخض عنه من معاناة نفسية.
لقد ساهمت ظروف تغير المجتمع الذي كان يعيشه شاعرنا في التأثير على إدراكه وتنمية موهبته، فحياة التغير المجتمعي من مجتمع بدوي بسيط إلى آخر حضري ومعقد أدى إلى اتساع الهوة بين جيلين، كما أدى إلى صراع حضاري طبيعي عادة ما ينشأ عند حدوث تغير سريع في المجتمع، مما يؤدي إلى حدوث نوع من الاغتراب عند الشعراء, هذه الظروف صقلت من شخصية شاعرنا كما أن هناك عاملا مؤثرا في تشكيل شخصية علي السبتي الشاعرية وهو صداقته الحميمة بأبي الشعر الحديث في الوطن العربي «بدر شاكر السياب،» تأثره به كان إيجابيا وجدناه من خلال قراءة هذا الديوان.
تظهر صورة الاغتراب في قصيدة «مدينة ناسها بشر»، والتي يرى فيها مدينته الحديثة التي تشوبها السلبية برغم جمالها المصطنع بنظره، فهو مازال يتذكر مدينته الأصيلة برغم بساطتها إلا أنها تحمل كل معاني الإيجابية. لم تكن هذه النظرة لدى السبتي فقط بل كانت لدى كل شعراء جيله تقريبا. يقول في قصيدته:
مدينتي كأنها تمثال
ملون مزركش لكنه تمثال
حتى النساء في مدينتي بلا آمال
المال في مدينتي المال
يبيع يشتري يستأجر الرجال
فكل شيء في مدينتي له ثمن
الجنس والأطفال والسكن
مدينتي غيومها بلا مطر
وأرضها حجر
وناسها من ناسها...؟
بشر!
يتساءل الشاعر في القصيدة من هم ناس مدينتي الحديثة الجامدة والتي تغلفها السلبية، من كل جوانبها فكل شيء له ثمن, فهل ناسها فعلا بشر. هل هم البشر الذين نتمناهم لبناء مدينتنا الجميلة من الداخل والخارج؟
ومن سلبيات مدينته تلك القيم البالية التي تتعلق بعادات وتقاليد الزواج في الكويت, فهي تخضع لفروق مادية وأخرى اجتماعية بين سكان الكويت أنفسهم, فيقول
لا فرق بين حفيد بحّار وذات «دم أصيل»
والمجد للإنسان... لابن الكادحين
لحفيد بحّار يجوب البحر في الليل الـــطويل
لا يسرق المال الحرام من الجياع البائسين
ويظل ينعم - في الخيال- بأن زوجته الجميلة
تفديه بالمقل الكحيلة
تشعر وأنت تقرأ شعر السبتي بكم هائل من التحدي الممزوج بالتفاؤل، إنه شاعر لا يوجد لليأس مكان في قلبه وعقله, حتى ولو تكالبت عليه الظروف القاسية والتي قد ترغم الكثيرين على الانحناء لها والانصياع لتقاليد المجتمع القاسية. ففي قصيدة «جيكور بعد عام» والتي كتبها إلى روح صديقه بدر السياب, نلاحظ مدى الحزن والتشاؤم في البداية، لكن النهاية تشعرنا بالإشراق وعودة الأمل مما يجعل للحياة قيمة يقول فيها:
ستشرق شمسنا دفئا وأشواقا
ستشرق, قد سمعت عويل جيكور
وهمهمة المقابر وهي تسمع نفخة الصور
سنجني ما زرعناه
ونحصد ما بذرناه
فتزهو أرضنا بالنور والنور
شعور الوحدة مسيطر على الشاعر في تلك الأبيات، فبرغم من مشاعر الحزن المسيطر نلاحظ إشعاعة أمل وشعورا بعودة الحياة.
* ماجستير أدب عربي
Latifa- altammar@hotmail. com
المراجع:
علي السبتي شاعر في الهواء الطلق، إسماعيل فهد إسماعيل
التيار التجديدي في الشعر الكويتي، سالم خدادة
ديوان «بيت من نجوم الصيف»