مشعل الفراج الظفيري / إضاءة للمستقبل / الكوسة الكويتية

تصغير
تكبير
أحوالنا معكوسة، ودمرت مؤسساتنا هذه المهووسة اللي ما تختشيش واسمها الكوسة، وهنا لا أقصد الكوسة التي نأكلها ولكنني أقصد الواسطة، كم من شاب طموح تكسر طموحه على صخرة الواسطة، وكم من فتاة حلمت بكلية الطب وانصدمت في وجود اسمها ضمن المقبولين في كلية العلوم الاجتماعية، وكم... وكم، حتى الموظف الملتزم والمنتج في قطاعاتنا الحكومية أصبح يستخدم عقله بنسبة كبيرة لتدبير واسطة ليحصل على ترقية، أو مسمى وظيفي أعلى، والطامة الأكبر أن معيار نجاح بعض المرشحين في الانتخابات عند بعض الناخبين لمن يملك نفوذ أقوى لتحقيق مطالبهم الاجتماعية على اختلاف رغباتهم، وكم من عضو في مجلس الأمة خسر في الانتخابات بحجة أنه لا يقدم واسطات لناخبيه.

لقد أهلكتنا هذه المجنونة وأصبح الناس مهووسين بها، فإذا كانت لديك مراجعة في مستوصف لعلاج أحد أسنانك فإنك تفكر بتوفير الكوسة أكثر من تفكيرك بالألم حتى تنهي أمورك بسرعة كبيرة، ومثال آخر على قوة نفوذ هذه الكوسة... فعندما تفكر بالسفر على متن الطائر الأزرق، حفظه الله ورعاه وكثر بين جنباته الكوسة، وتذكرتك على السياحية فما عليك سوى الاتصال على أحد الأصدقاء العاملين في «الخطوط الجوية الكويتية» حتى تجلس في مقاعد درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى، ولو علم المسافر الجالس بجانبك أن تذكرتك سياحية والفرق بينكم مئات الدنانير لنظر إليك نظرة ازدراء واحتقار وجلس يقرأ الصحيفة طوال الرحلة، وإن لم تجد لك صديقا يعمل في هذه المؤسسة العريقة فيكفيك شرطيا يعمل في مطارنا الدولي، اللي إذا نزلت منه وأردت الذهاب إلى مواقف السيارات، طويل الأمد، وجدت سياراته الكهربائية دائماً على الشحن، ولا تستخدم إلا بالكوسة أيضاً، حتى أبنائنا يا جماعة لا يحصلون على مصروفهم اليومي الإ بقوة الكوسة... وهي الماما! ولا أخفيكم سراً إذا قلت لكم أن الكوسة في الكويت أصبحت مزروعة في كل مكان حتى وصلت إلى البيوت، وإن كنت لا أنكر وجودها في أعرق المجتمعات ولكن استخدامها محدود ومحدود جداً، بينما نحن في الكويت نفطر ونتغدى ونتعشى عليها، وأحياناً كثيرة نستخدمها بين الوجبات الرئيسية.

يجب علينا أن نبدأ بأنفسنا أولاً بأن ننكر هذه الآفة التي نخرت في جسد مؤسساتنا، فلا نقبل بأي حال من الأحوال اللجوء لها، ونطالب جميع نوابنا الأفاضل بأن يقفوا في وجهها، وبدلاً من أن نلومهم على عدم توفيرهم للواسطة لنا نوبخهم لأنهم سعوا لها في وقت من الأوقات. فهل نحلم بهذا الزمن الجميل؟ حتى تتحقق العدالة الاجتماعية فيما بين المواطنين وتنهض مؤسساتنا من جديد، ويتم تفعيل قوانيننا على الكبير قبل الصغير؟ وكم نحن في حاجة إلى مساندة حكومتنا الرشيدة لتحقيق هذا الحلم الكبير.

إضاءة

في أرياف الشقيقة مصر كان تجار الخضرة يتسابقون للخروج مبكراً إلى السوق حتى يحصلوا على مكــان لهم لبيع خضراواتهم، وعند وصولهم يقف هـــؤلاء التــــجار في طابور طويل لتحصيل الرسوم منهم، وحرارة الشمس عالية جداً فيستثنى من الطابور تجار الكوسة لأنها تفسد بسرعة عند تعرضها للحرارة، وعندما يخرج أحد التجار من الطابور يحتج عليه الواقفون فيرفع يده عالياً ويقول... كوووسة، ومن هنا ارتبطت الواسطة بالكوسة.





مشعل الفراج الظفيري

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي