حسين الراوي / ابعاد السطور / دربيل الوطن

تصغير
تكبير
السياسة في بلادي غوغائية

تشبه غوغائيتها تلك الأصوات والمصطلحات

التي نسمعها في محيط البسطات الشعبية

والسياسيون في بلادي هم أشد غوغائية من السياسة

دائماً يذكروني بالزحام الشديد في الباصات

فمنهم من يغني على حزبه

ومنهم من يغني على قبيلته

ومنهم من يغني على عائلته

ومنهم من يغني على جاهه ونفوذه وعلاقاته

ومنهم من يغني على شركاته واستثماراته

ومعظمهم يخطط لأن يصل للبرلمان!

الاتجاهات السياسية في وطني

تدعوني بكل حماس وإصرار ومثابرة

لأن أكون متشائما من الطراز العتيد

وبلا رحمة أو تردد!

وأصحابي يعيبون عليّ تشاؤمي هذا

فلا أعلم في الحقيقة هل أنا فعلاً تشاؤمي

أم أنهم يتعاطون مع الواقع بالسبهللة!

فراجعت نفسي كثيراً وصعدت قمة جبل

وأخذت أُدرّبل نحو اتجاهات وطني الأربعة

فرأيت شرقاً عنصرية ومناقصات

ورأيت باتجاه الغرب مطامع وخططاً ومكراً

وباتجاه الجنوب رأيت احتجاجات ومطالبات

وشمالاً رأيت بركاناً خاملاً بدأ يخرج دخانه

فرجعت لأصحابي ورميت لهم بالدربيل

وطلبت منهم أن يروا بعدساته اتجاهات الوطن

ليتأكدوا بأعينهم بأني لست متشائماً بل واقعي

فرفضوا أن يقتربوا من الدربيل رفضاً جماعياً

وقالوا إن الدربيل ليس إلا متواطئاً معي!

اعتقال للحريات وهدر للمال العام

ومناقصات مشبوهة وتدخل بالقوانين

وتهديد بالاستجواب وتهديد بحل المجلس

واعتصامات ومسيرات وخذلان للشعب

وكوادر كثيرة لم تُصرف لأصحابها

وبرجوازية في التعامل وعنصرية

وصراعات كراسي ومناصب ومصالح

ولا هيبة ولا وقار ولا حمص ولا بطيخ!

أظن لو أن الروائي أميل زولا كان كويتياً

لوجد كل الفرص مناسبة له في أن يؤلف

رواية أشد بؤساً من روايته «السكير»

ولتفوق بروايته هذه على روايات فيكتور هيغو

التي تحكي عن البؤساء والمشردين والمشوهين!

غداً أو بعد غد أو بعد اللي بعده

سوف نشاهد عبر دربيل الوطن

ندوات ساخطة وعيونا لامعة وأفواها مزبدة

حولها الكثير من المواطنين والمكتسبين والشحاتين

وخيام ملكية وخياما عادية وخياما لا ملكية ولا عادية

ومناديب ومفاتيح وأقفالا وسكرتارية ومعاملات

وهدايا مالية وحقائب وسيارات ووعودا مستقبلية

وأموالا كثيرة تخرج من البنوك ليلاً

لتعطى لفلانة ولفلانة ولفلان وفلان

وما هي إلا أيام معدودة فندربل من جديد

وسوف نرى وجوهاً جديدة ومصالح جديدة

والدربيل لا يزال يحصد التشاؤم!





حسين الراوي

alrawie1@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي