تقرير / دروس الأزمة أظهرت أهمية التنويع ائتمانياً وقطاعياً وجغرافياً
البنوك في سباق الهرب من «التركّز»


|كتب رضا السناري|
لعل من أهم التوصيات التي ركزت عليها وكالات التصنيف العالمية خلال الأزمة في ما يتعلق بآليات معالجة وضع المصارف المحلية، ضرورة تحررها من عقدة التركز الائتماني، الذي ميز العمل البنكي خلال الفترة الماضية بشكل كبير، إلى الحدود التي جعلت معها انتعاشة بعض البنوك برسم تعافي عملائها الذي يعدون احيانا على اصابع اليد الواحدة.
وفي الواقع نجحت بعض الوحدات المصرفية الكبرى في الانتباه إلى هذا التحدي، واستطاعت الخروج على واقع التركز الائتماني بتوزيع نشاطها جغرافيا واستثماريا. اضافة إلى تنويع قاعدة عملائها.
وفي الوقت الذي تشير فيه غالبية التكهنات إلى أن الاسوأ مر تقريبا بالنسبة البنوك المحلية، وهو ما يمكن قياسه نظريا من اداء المصارف في الربع الاول من العام الحالي، لا يزال عمليا على البنوك تبني بعض الاجراءات اللازمة لتحقيق الانتعاشة الحقيقية، وفي مقدمتها تجنب اخطاء الامس، بالاستغناء عن سياسة التركز الائتماني، بمفهومه الشامل للعميل والجغرافية والادوات الاستثمارية. خصوصا انه لن يكون لتكرار نهج البنوك المطبق ما قبل الازمة سوى الأثر السلبي على تعافيها.
فقبل الأزمة كان اكثر البنوك الكويتية متمركزا ائتمانيا في السوق المحلي، وبأدوات استثمارية محددة تحولت ذات يوم إلى تقليد مالي من حيث المنتج المستخدم يتقاطع عليه تقريبا غالبية البنوك، حتى ان كل منهم كان على علم باسماء عملاء البنك الآخر، والمنتجات المالية المتوافرة، اما الآن وان كان وهج بعض العملاء خف قليلا بفعلة تداعيات الأزمة، نما توجه جديد عنوانه التعامل ائتمانيا مع الجهات المليئة فقط، وهنا تكمن الاشكالية.
وفي الواقع تقود غالبية اعتبارات السوق المالي الحالية إلى الطريق نفسها، فاذا كان تركيز البنوك قبل الأزمة على بعض الاسماء، باعتبار ان الصورة النمطية وقتها ان غالبية الربح لا تأتي الا بالتعامل مع البعض من اصحاب الاوزان الثقيلة، فلم تتبدل الصورة كثيرا خلال الـ 18 شهرا الماضية، وان تغيرت الطريقة، اذ يبدو ان غالبية المصارف مضطرة إلى الاستمرار في نهج التركز وان كانت هذه المرة باشارات مالية مختلفة قليلا في اتجاه التعامل فقط مع القطاعات المنتجة بدلا من الاسماء الثقيلة. والتي يمكن اختصارها في قطاعي العقار والمقاولات والتي لديها تدفقات نقدية مضمونة.
وباعتبار ان من اولى تداعيات الأزمة انها خلقت جيلا كاملا من الشركات المتعثرة بحكم تراجع مستويات السيولة وانخفاض قيم اصولها وتحديدا العقارية مع تراجع معدلات المشروعات المنتجة الموجودة من الاساس، لا ينطبق على غالبية الجهات في الوقت الحالي لدى البنوك لقب عميل مليء يستحق صرف الائتمان، فبعد مراجعة نقدية بسيطة للجهات التي تستحق الائتمان، ومدى الضرر الذي خلفته تداعيات الأزمة ستجد المصارف نفسها مجددا امام لحظة المواجهة مع خيار التركز الائتماني، لكن هذه المرة مع نوعية جديدة من العملاء، الا انها من حيث التوصيف الائتماني لا ترقى لان تعزز انطباع تنوع العملاء. وربما يؤكد ذلك انكماش معدالات السيولة الائتمانية في السوق المحلي رغم ارتفاع فائضها عند المصارف.
اما جغرافيا، فكان بنك الكويت الوطني و«بيتك» سباقين إلى التوسع في أسواق جديدة من ماليزيا إلى تركيا ومصر والأسواق الخليجية. ووجد «الأهلي المتحد» (بنك الكويت والشرق الأوسط سابقاً) عمقاً إقليمياً له من خلال انضمامه إلى منظومة «الاهلي المتحد»، وآخر التوسعات الكبرى كان شراء بنك برقان للبنوك التجارية التابعة لبنك الخليج المتحد في إطار عملية إعادة هيكلة الأصول المصرفية التي قامت بها «المشاريع».
ومن يطالع تقارير وكالات التصنيف يلحظ أن هذه التوسعات أثرت إيجاباً على التصنيفات للمدى البعيد والنظرة المستقبلية بشكل ملموس.
أما قطاعياً، فالتركز مازال طاغياً على قطاعي العقار والقروض الشخصية، فضلاً عن التركز لدى عدد من البنوك على شركات الاستثمار. واخيرا لا يزال القطاع المصرفي المحلي يتميز على العموم مع بعض الاستثناءات بحفنة محددة من المنتجات المالية المتداولة بكثافة، كما ان بعض الإدارات لم يكن لديها جهة متخصصة ومسؤولة عن تقديم الاستشارات والحلول المناسبة لتخطيط ومتابعة تنفيذ وتطوير النشاطات المصرفية الاستثمارية. حتى ان بعض البنوك كانت تستفيد فقط من فائض المطلوب في السوق المحلي من فرص.
والخلاصة ان التركز الائتماني يعد التحدي الاكبر الذي على البنوك التحضر جيدا لمواجهته، بتوليد منتجات مالية جديدة متنوعة في مختلف القطاعات تتمتع بنظام حوكمة، اضافة إلى التنوع في الاسواق والعملاء والا عليها ان تستعد لمواجهة أزمة حقيقة قد تعيدها إلى المربع الاول من تداعيات الأزمة المالية، عنوانها العريض ارتباط مستقبلها بمصير قطاع او سوق او عميل معين. اضافة إلى استمرار الضغوط على تصنيف هذه المؤسسات على الحدود التي ستظل معها مجرد مؤسسة محلية.
لعل من أهم التوصيات التي ركزت عليها وكالات التصنيف العالمية خلال الأزمة في ما يتعلق بآليات معالجة وضع المصارف المحلية، ضرورة تحررها من عقدة التركز الائتماني، الذي ميز العمل البنكي خلال الفترة الماضية بشكل كبير، إلى الحدود التي جعلت معها انتعاشة بعض البنوك برسم تعافي عملائها الذي يعدون احيانا على اصابع اليد الواحدة.
وفي الواقع نجحت بعض الوحدات المصرفية الكبرى في الانتباه إلى هذا التحدي، واستطاعت الخروج على واقع التركز الائتماني بتوزيع نشاطها جغرافيا واستثماريا. اضافة إلى تنويع قاعدة عملائها.
وفي الوقت الذي تشير فيه غالبية التكهنات إلى أن الاسوأ مر تقريبا بالنسبة البنوك المحلية، وهو ما يمكن قياسه نظريا من اداء المصارف في الربع الاول من العام الحالي، لا يزال عمليا على البنوك تبني بعض الاجراءات اللازمة لتحقيق الانتعاشة الحقيقية، وفي مقدمتها تجنب اخطاء الامس، بالاستغناء عن سياسة التركز الائتماني، بمفهومه الشامل للعميل والجغرافية والادوات الاستثمارية. خصوصا انه لن يكون لتكرار نهج البنوك المطبق ما قبل الازمة سوى الأثر السلبي على تعافيها.
فقبل الأزمة كان اكثر البنوك الكويتية متمركزا ائتمانيا في السوق المحلي، وبأدوات استثمارية محددة تحولت ذات يوم إلى تقليد مالي من حيث المنتج المستخدم يتقاطع عليه تقريبا غالبية البنوك، حتى ان كل منهم كان على علم باسماء عملاء البنك الآخر، والمنتجات المالية المتوافرة، اما الآن وان كان وهج بعض العملاء خف قليلا بفعلة تداعيات الأزمة، نما توجه جديد عنوانه التعامل ائتمانيا مع الجهات المليئة فقط، وهنا تكمن الاشكالية.
وفي الواقع تقود غالبية اعتبارات السوق المالي الحالية إلى الطريق نفسها، فاذا كان تركيز البنوك قبل الأزمة على بعض الاسماء، باعتبار ان الصورة النمطية وقتها ان غالبية الربح لا تأتي الا بالتعامل مع البعض من اصحاب الاوزان الثقيلة، فلم تتبدل الصورة كثيرا خلال الـ 18 شهرا الماضية، وان تغيرت الطريقة، اذ يبدو ان غالبية المصارف مضطرة إلى الاستمرار في نهج التركز وان كانت هذه المرة باشارات مالية مختلفة قليلا في اتجاه التعامل فقط مع القطاعات المنتجة بدلا من الاسماء الثقيلة. والتي يمكن اختصارها في قطاعي العقار والمقاولات والتي لديها تدفقات نقدية مضمونة.
وباعتبار ان من اولى تداعيات الأزمة انها خلقت جيلا كاملا من الشركات المتعثرة بحكم تراجع مستويات السيولة وانخفاض قيم اصولها وتحديدا العقارية مع تراجع معدلات المشروعات المنتجة الموجودة من الاساس، لا ينطبق على غالبية الجهات في الوقت الحالي لدى البنوك لقب عميل مليء يستحق صرف الائتمان، فبعد مراجعة نقدية بسيطة للجهات التي تستحق الائتمان، ومدى الضرر الذي خلفته تداعيات الأزمة ستجد المصارف نفسها مجددا امام لحظة المواجهة مع خيار التركز الائتماني، لكن هذه المرة مع نوعية جديدة من العملاء، الا انها من حيث التوصيف الائتماني لا ترقى لان تعزز انطباع تنوع العملاء. وربما يؤكد ذلك انكماش معدالات السيولة الائتمانية في السوق المحلي رغم ارتفاع فائضها عند المصارف.
اما جغرافيا، فكان بنك الكويت الوطني و«بيتك» سباقين إلى التوسع في أسواق جديدة من ماليزيا إلى تركيا ومصر والأسواق الخليجية. ووجد «الأهلي المتحد» (بنك الكويت والشرق الأوسط سابقاً) عمقاً إقليمياً له من خلال انضمامه إلى منظومة «الاهلي المتحد»، وآخر التوسعات الكبرى كان شراء بنك برقان للبنوك التجارية التابعة لبنك الخليج المتحد في إطار عملية إعادة هيكلة الأصول المصرفية التي قامت بها «المشاريع».
ومن يطالع تقارير وكالات التصنيف يلحظ أن هذه التوسعات أثرت إيجاباً على التصنيفات للمدى البعيد والنظرة المستقبلية بشكل ملموس.
أما قطاعياً، فالتركز مازال طاغياً على قطاعي العقار والقروض الشخصية، فضلاً عن التركز لدى عدد من البنوك على شركات الاستثمار. واخيرا لا يزال القطاع المصرفي المحلي يتميز على العموم مع بعض الاستثناءات بحفنة محددة من المنتجات المالية المتداولة بكثافة، كما ان بعض الإدارات لم يكن لديها جهة متخصصة ومسؤولة عن تقديم الاستشارات والحلول المناسبة لتخطيط ومتابعة تنفيذ وتطوير النشاطات المصرفية الاستثمارية. حتى ان بعض البنوك كانت تستفيد فقط من فائض المطلوب في السوق المحلي من فرص.
والخلاصة ان التركز الائتماني يعد التحدي الاكبر الذي على البنوك التحضر جيدا لمواجهته، بتوليد منتجات مالية جديدة متنوعة في مختلف القطاعات تتمتع بنظام حوكمة، اضافة إلى التنوع في الاسواق والعملاء والا عليها ان تستعد لمواجهة أزمة حقيقة قد تعيدها إلى المربع الاول من تداعيات الأزمة المالية، عنوانها العريض ارتباط مستقبلها بمصير قطاع او سوق او عميل معين. اضافة إلى استمرار الضغوط على تصنيف هذه المؤسسات على الحدود التي ستظل معها مجرد مؤسسة محلية.