موجز «الوطني» الاقتصادي / نتيجة تراجع أسعار النفط وكميات إنتاجه والعائد على الاستثمار في الخارج

فائض الحساب الجاري للكويت في 2009 تراجع 50 في المئة عن مستواه في 2008

تصغير
تكبير
قال بنك الكويت الوطني في موجز اقتصادي ان بيانات ميزان المدفوعات الصادرة اخيراً، تعكس بشكل واضح تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الكويتي. فقد تراجع فائض الحساب الجاري في عام 2009 بنحو 50 في المئة عن مستواه للعام 2008 نتيجة التراجع الذي شهدته أسعار النفط وكميات إنتاجه، إلى جانب تراجع العائد على جملة استثمارات الكويت في الخارج. كما يظهر تأثير التباطؤ في النشاط الاقتصادي المحلي في تراجع حجم الواردات السلعية بما نسبته 20 في المئة. وبالمحصلة، فقد واصلت الموجودات الأجنبية للكويت مسيرة تصاعدها، وإن كان بوتيرة أدنى بكثير مما تحقق في السنوات الأربع السابقة. لكن في ضوء الانتعاش الذي يشهده الاقتصاد العالمي والأسواق المالية العالمية، رأى «الوطني» أن تطلعات ميزان المدفوعات قد أصبحت أكثر إيجابية، وتوقع أن يسجل فائض الحساب الجاري تحسناً ملحوظاً خلال عام 2010، إلى جانب تحسن إضافي محتمل في المدى المتوسط.

الحساب الجاري

ووفقا للبيانات الأولية الصادرة عن بنك الكويت المركزي، تراجع فائض الحساب الجاري للعام 2009 إلى 8.1 مليار دينار (أو ما يعادل 25.9 في المئة من الناتج) مقارنة مع 16.2 مليار دينار (أو ما يعادل 40.7 في المئة من الناتج) للعام 2008.

وقال «الوطني» ان الميزان التجاري ودخل الاستثمار يمثلان، في حالة الكويت، المحدد الأساسي لتطورات الحساب الجاري، حيث لاحظ ان 94 في المئة من التراجع المسجل في الحساب الجاري خلال العام 2009 كان سببه الميزان التجاري، في حين اسهم دخل الاستثمار بالنسبة المتبقية من التراجع البالغة 6 في المئة. وفي المقابل، اشار «الوطني» الى حدوث تغيرات طفيفة في بندي ميزان الخدمات والتحويلات الجارية عن مستواها للعام الأسبق.

وقال «الوطني» ان فائض الميزان التجاري قد بلغ خلال العام 2009 نحو 9.6 مليار دينار، متراجعاً بنحو 45 في المئة عن مستواه القياسي المسجل في العام الأسبق. وجاء ذلك نتيجة لتراجع الصادرات. فالصادرات النفطية قد تراجعت 40 في المئة في عام 2009 في أعقاب نمو بلغت نسبته 32 في المئة في العام 2008، وهو التراجع الأول للصادرات النفطية منذ العام 2002، والذي يعزى إلى عاملين رئيسيين: أولهما أن متوسط سعر برميل الخام الكويتي كان قد تراجع بنحو 33 في المئة عن العام الأسبق ليبلغ 60 دولاراً للبرميل. أما العامل الثاني، فيعود إلى انخفاض إنتاج الكويت من النفط الخام خلال العام 2009 بنحو 11 في المئة نتيجة التزامها بخفض الحصص الذي أقرته منظمة أوبك في الربع الأخير من عام 2008. أما بخصوص العام 2010، فاشار «الوطني» الى أن سعر برميل النفط الخام الكويتي مازال فوق مستوى 75 دولاراً للبرميل خلال الفترة المنقضية من العام، الأمر الذي يعزز درجة الثقة بتطلعاتنا الإيجابية لمسار الصادرات.

وفي المقابل، اشار «الوطني» الى أن أداء الصادرات غير النفطية قد جاء أفضل مما هو متوقع رغم التدهور الذي شهدته الأسواق الخارجية، حيث تراجعت هذه الصادرات بما نسبته 9 في المئة فقط عن مستواها للعام الأسبق، وذلك نتيجة تراجع نشاط إعادة التصدير. أما بقية الصادرات، التي تشمل بشكل رئيسي منتجات الإيثيلين والأسمدة المصنعة، فلوحظ أنها قد شهدت تغيرات طفيفة من مستواها السائد في العام الأسبق.

أما بخصوص الواردات، والتي تعتبر عادة مؤشراً على تطورات النشاط المحلي، فقد تراجعت بواقع 20 في المئة في عام 2009. وإلى جانب التباطؤ الذي شهده الطلب المحلي، رأى «الوطني» أن جزءا كبيرا من التراجع في الواردات قد يعزى إلى انخفاض الأسعار العالمية للمواد الخام والسلع المصنعة نتيجة الركود الاقتصادي العالمي.

كما تراجع عجز ميزان الخدمات في العام 2009 بنحو 6.3 في المئة ليبلغ 961 مليون دينار. ويعاني هذا الميزان من عجز مزمن في بند السفر. فقد ارتفع حجم المصروفات على السفر بواقع 5.2 في المئة ليصل إلى 2.1 مليار دينار، مستحوذاً بذلك على ما نسبته 55 في المئة من جملة المصروفات على كافة الخدمات المقدمة من جانب غير المقيمين. وفي المقابل، فإن التراجع في أسعار النفط والواردات قد أدى إلى تراجع حجم مصروفات الكويت على النقل بنحو 18.1 في المئة لتصل إلى مليار دينار، وذلك بعد نمو بلغت نسبته 21 في المئة في عام 2008. كما تراجع مقدار العجز بين مصروفات الحكومة الخدمية وإيراداتها أيضاً بنحو 16.6 في المئة.

أما صافي دخل الاستثمار، والذي يمثل العائد على استثمارات الكويت في الخارج، فيعتبر المساهم الرئيسي الثاني في تراجع فائض الحساب الجاري، إذ تراجع بواقع 17.3 في المئة إلى 2.4 مليار دينار، للسنة الثانية على التوالي. ورأى «الوطني» أنه يمكن القول ان هذه النتيجة كانت متوقعة في ظل تدهور البيئة الاقتصادية والمالية عالميا منذ نهاية عام 2008، إلى جانب تدني أسعار الفائدة عالمياً. ومع أن تراجع صافي دخل الاستثمار للحكومة قد أسهم لوحده بنحو 60 في المئة من التراجع الحاصل في دخل الاستثمار، إلا أن حصة الحكومة في جملة دخل الاستثمار قد ارتفعت إلى 87 في المئة في عام 2009 مقارنة مع 82 في المئة للعام الأسبق.

وعلى الصعيد نفسه، قال «الوطني» أن البنوك المحلية هي القطاع الوحيد الذي شهد تحسناً ملحوظاً في دخل استثماراته، من 161 مليون دينار في عام 2008 إلى 191 مليون دينار في عام 2009، في حين أن تحسن دخل الاستثمار لدى شركات الاستثمار جاء محدوداً وبما نسبته 5.5 في المئة. وفي المقابل، فإن بقية شركات القطاع الخاص قد شهدت تراجعاً حاداً في دخلها الاستثماري وذلك للسنة الثانية على التوالي، حيث وصل هذا الدخل إلى حدود الصفر في عام 2009 بعد أن كان قد بلغ 136 مليون دينار في عام 2008 وما قدره 741 مليون دينار في عام 2007.

وعلى صعيد آخر، أشار «الوطني» إلى أن العام شهد 2009 تصاعداً طفيفاً في عجز حساب التحويلات الجارية، الذي يضم بشكل رئيسي تحويلات الوافدين إلى بلدانهم والمساعدات الحكومية المقدمة إلى دول أخرى، ليصل إلى 2.9 مليار دينار. فتحويلات الوافدين ارتفعت بما نسبته 2.8 في المئة فقط لتشكل 98 في المئة من جملة التحويلات الجارية. وهذه النتيجة تعكس النمو الضعيف في أعداد الوافدين في الكويت خلال العام 2009. ومن الجدير ذكره هنا أن بنك الكويت المركزي قد غير منهجية احتساب حجم تحويلات الوافدين خلال العام 2009. ونتيجة لذلك، يلاحظ أن حجم هذه التحويلات قد تضاعف تقريباً من تقديراته السابقة. ولغايات المقارنة مع السنوات السابقة، فقد قام البنك المركزي أيضاً بإعادة احتساب حجم تحويلات الوافدين لعامي 2007 و2008 وفقاً للمنهجية الجديدة.

الحساب الرأسمالي والمالي

وعلى صعيد صافي التدفقات الرأسمالية إلى الداخل، فقد تراجع في العام 2009 بما نسبته 36 في المئة إلى 298 مليون دينار، متأثرا بتراجع مدفوعات لجنة الأمم المتحدة إلى الحكومة للتعويض عن الخسائر من جراء الغزو العراقي، وذلك بعدما ان كان قد وصل إلى مستوى قياسي في عام 2008. وقد بلغ صافي التدفقات التي تلقتها الحكومة في العام 2009 نحو 311 مليون دينار، متراجعا من 475 مليون دينار في 2008. كما استمرت التعويضات المدفوعة للقطاع الخاص في مسيرة تراجعها التي بدأت في عام 2006، ولتسجل صافي تدفق إلى الخارج بمقدار طفيف.

وأشار «الوطني» إلى أن تأثير الأزمة المالية العالمية يظهر في تطورات الحساب المالي. إذ عند مستوى 7.5 مليار دينار، يكون صافي الحساب المالي في عام 2009 قد تراجع إلى نصف مستواه للعام السابق. فسياسة الحكومة في ضخ السيولة في الجهاز المصرفي قد أدت إلى تراجع حاد في مقدار الاستثمارات المتجهة لمحافظ الأوراق المالية، وذلك في أعقاب ارتفاع الاستثمار في هذه الأصول الأجنبية لـ15 سنة متتالية.

وقال التقرير ان الاستثمارات في محافظ الأوراق المالية في الخارج، والتي تعتبر المساهم الرئيسي لعجز الحساب المالي، قد سجل صافيها أول تدفق إلى الداخل منذ 15 عاما. فبعد أن وصل صافي استثمارات الكويت في محافظ الأوراق المالية في الخارج إلى 7.6 مليار دينار في العام 2008، تحول هذا المنحى في العام 2009 إلى تسييل ما قدره 2.2 مليار دينار من الموجودات في المحافظ الأجنبية. وقد يعكس هذا التحول عمليات الضخ الضخمة للسيولة في السوق المحلي عن طريق الحكومة والمؤسسات التابعة لها، حيث تراجع حجم استثمارات الحكومة في المحافظ المالية الأجنبية بنحو 1.8 مليار دينار خلال عام 2009. لكن «الوطني» ولا يتوقع لهذا المنحى الجديد أن يستمر في عام 2010 في ضوء التحسن الذي تشهده الأسواق المالية العالمية ووفرة السيولة في الجهاز المصرفي الكويتي.

كما قامت شركات الاستثمار في الكويت بسلوك مشابه. فبعد أن ارتفع صافي استثمارها في المحافظ الأجنبية خلال عام 2007 بما قدره 795 مليون دينار، تشير البيانات إلى حدوث تسييل في موجوداتها في المحافظ الأجنبية بما مقداره 14 مليون دينار و667 مليون دينار خلال العامين 2008 و2009 على التوالي. وفي المقابل، عززت البنوك المحلية من صافي استثماراتها في المحافظ الخارجية خلال عام 2009، لكن بوتيرة أقل مما تحقق في السنتين السابقتين. ورأى «الوطني» أن مستويات السيولة المريحة التي تمتعت بها البنوك في أعقاب ضخ السيولة من جانب الحكومة قد تكون أحد العوامل التي دفعت بالبنوك لاستثمار جانب من هذه السيولة في المحافظ المالية الخارجية.

أما بالنسبة لصافي الاستثمار الأجنبي المباشر في الخارج، فقد ارتفع في 2009 إلى 2.6 مليار دينار، أي بنمو بلغ 15.2 في المئة مقارنة مع مستواه للعام الأسبق. وتعتبر الحكومة المصدر الرئيسي لهذه الزيادة، حيث ارتفع حجم الاستثمار المباشر للحكومة بواقع 18.8 في المئة في عام 2009 إلى 2.4 مليار دينار. كما سجلت شركات الاستثمار زيادة في استثماراتها المباشرة في الخارج بمقدار 370 مليون دينار، أي 70.5 مليون دينار أعلى من مستوى العام الأسبق.

من جهة ثانية، بقيت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الكويت عند مستواها المنخفض، لتبلغ 23 مليون دينار في العام الماضي. ورأى «الوطني» أن هذا المستوى المتدني يشير إلى أن خفض معدل الضريبة المفروضة على الاستثمار الأجنبي منذ شهر ديسمبر من عام 2007 لم يؤت ثماره. وفي حال رغبة الكويت باستقطاب المزيد من هذه الاستثمارات، فلا بد من اتخاذ إجراءات إضافية لجعل البيئة الاستثمارية أكثر جاذبية وسهولة أمام المستثمرين الأجانب.

أما الاستثمارات الأخرى، والتي تشمل بشكل رئيسي الائتمان التجاري والقروض والودائع، فقد سجلت حجم تدفقاتها إلى الخارج في عام 2009 زيادة ملحوظة، مرتفعة بواقع 86 في المئة في العام 2009 إلى 7.1 مليار دينار. ولاحظ «الوطني» أن 97 في المئة من هذه الزيادة تعود للحكومة، وخاصة في صورة الائتمان التجاري الذي سجل تدفقا صافيا إلى الخارج (قروض ممنوحة من حكومة الكويت لتمويل مبيعات النفط لبعض الدول) بمقدار 592 مليون دينار، وذلك بعد أن شهد العام الماضي تسديد هذه الدول لما مقداره 928 مليون دينار من التزاماتها التجارية نحو الكويت. وإضافة إلى ذلك، واصلت الحكومة إيداعاتها النقدية في الخارج خلال عام 2009 إلى جانب منح القروض المباشرة إلى غير المقيمين. وهذه الزيادة في هذا النوع من الاستثمارات قد تعكس السياسة الحذرة التي تتخذها الحكومة في استثماراتها بالتركيز على الاستثمارات ذات المخاطرة المتدنية.

كما سجل صافي بند «استثمارات أخرى» للبنوك المحلية في عام 2009 تدفقاً إلى الخارج بنحو 1.2 مليار دينار، متراجعاً بواقع 395 مليون دينار عن مستوى العام الأسبق. وقد جاء هذا التطور بالدرجة الأولى نتيجة تراجع موجودات البنوك من الودائع في الخارج بنحو 1.8 مليار دينار، وتراجع ودائع غير المقيمين لدى بنوك الكويت بما قدره 2.7 مليار دينار.

ومحصلة لكافة التطورات، أشار «الوطني» إلى أن صافي التدفقات المالية للحكومة الكويتية إلى الخارج قد تراجع في العام الماضي بما نسبته 48 في المئة إلى 6.4 مليار دينار، مشكلة نحو 85 في المئة من جملة التدفقات إلى الخارج، وتركز معظمها في الودائع النقدية، ومن ثم الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي المقابل، شهدت استثمارات الحكومة في المحافظ المالية الأجنبية تراجعاً في أعقاب نمو قوي تحقق في السنوات السابقة. وجاءت البنوك في المرتبة الثانية من حيث صافي التدفقات المالية إلى الخارج بقيمة 1.3 مليار دينار، في حين جاء النشاط الاستثماري لشركات الاستثمار الكويتية مع غير المقيمين متواضعاً، وبلغ 63 مليون دينار على شكل تدفق صاف إلى الخارج.

وأشار «الوطني» إلى أن الفارق المطلق بين فائض الحساب الجاري (البالغ 8.1 مليار دينار) وصافي التدفقات إلى الخارج ضمن الحساب المالي والرأسمالي (والبالغ 7.2 مليار دينار) قد انعكس على الأصول الاحتياطية لبنك الكويت المركزي، وعلى بند «أخرى». فالأصول الاحتياطية للبنك المركزي قد ارتفعت بما يعادل 1.1 مليار دينار، مقارنة بزيادة قدرها 172 مليون دينار في العام الأسبق. وفي المقابل، سجل بند «أخرى»، والذي يعكس السهو والخطأ في تقدير بعض بنود ميزان المدفوعات، تدفقاً إلى داخل الكويت بنحو 220 مليون دينار، وهو ما يعد أدنى قيمة له منذ عام 2005. وهذا الرقم قد يعكس أيضاً تدفقات استثمارية واردة إلى الكويت لم يتم تضمينها في الحساب المالي.



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي