نص / رائحة الذكرى


| تسنيم الحبيب |
في هذا اليوم الغائم...
وأنا أراه يصعد إلى الطائرة التي غُرست صورتها في مقلتي...لا أدري لمَ طاف بي طائف من ظنةٍ تكاد تغزو قلبي وكأنها مارد من يقين...
حينها... أحسست أن أشواقي لن تتعلق بفراق سنة أو سنتين، إنما ستَرْحَبُ آفاقها.
لوحتُ له بكفٍ أدركت أنه لن يراها... وأنا ألصق وجنتي ببلور النافذة البارد... أستميت في محاولة اشتمام ماتبقى لي من رائحة الذكريات الشتيتة.
رائحة التفاح الأخضر الذي بدأتُ أشتاقه مذ أحسستُ بدبيبهِ في أعماقي، أقشره بلذة متناهية، وأقضمه على مهل... أعيش اللحظة بكامل تفاصيلها وأدقها... بترف.
رائحة الياسمين التي عبقت في غرفة المشفى... حيث رأيتُ وجهه أول مرة... وتلمستُ جسده الغض... ولثمتُ مبسمه الجميل ممسكة بكفه الصغيرة، والأخلاء يدلفون للغرفة وهم ينثرون أحلى ترينم:
«مبارك... جعله الله من مواليد السعادة»
ويطرب قلبي... وينتشي... فتغسلُ السعادة أوجاعي كلها.
رائحة الحليب الذي أرجه في الزجاجة الشفافة، التي ما إن يراها بين يديّ حتى يهرع إليّ حبوا وخيط شهي من حلو رضابه يتدلى من شفته الرقيقة فيرفرف عصفور قلبي بفرح.
رائحة القهوة... أقدمها لأخي... وأنا متدثرة بأبراد الحداد مُترملة... وثمة جعجعة نشيج في صدري... لا أتجشم إخفاءها... وهو يختلس النظر لمقلتي الذبيحة... سامعا كلماتي الثابتة:
«الرفض وليس سواه... سأربي ولدي».
رائحة كعك الأصيل، مصحوبا بعصير البرتقال الطازج أقدمه له ولأترابه وهم يستذكرون دروسا ونصوصا، وأنا أرمقه من بعيد أجد في صِباه الطازج ودْقا يروي الأيام الجدباء.
رائحة الرغام المطير في ليالي الجمعة، مفتونا بشذا الدعوات... والمسبحة تطوف حول كفي بحنو، مستمطرة خطواته الآيبة بعد يوم شحيح.
ورائحة الورق... والبحر... وليالي الشتاء المديدة... والأفانين العابلة التي تتوق لزهور العرفان... والقد الأهيف الذي احدودب أمضا... والذماء التي تتشبث بالبقاء.
واليوم أراه. يبتعد كما تنزلق القطرة على السطح الأملس. ورائحة الذكريات لا تريد أن تبارحني... وأنا أودعه وأتجرع الصابة... وأردد: «لن أيأس من الجنى».
في هذا اليوم الغائم...
وأنا أراه يصعد إلى الطائرة التي غُرست صورتها في مقلتي...لا أدري لمَ طاف بي طائف من ظنةٍ تكاد تغزو قلبي وكأنها مارد من يقين...
حينها... أحسست أن أشواقي لن تتعلق بفراق سنة أو سنتين، إنما ستَرْحَبُ آفاقها.
لوحتُ له بكفٍ أدركت أنه لن يراها... وأنا ألصق وجنتي ببلور النافذة البارد... أستميت في محاولة اشتمام ماتبقى لي من رائحة الذكريات الشتيتة.
رائحة التفاح الأخضر الذي بدأتُ أشتاقه مذ أحسستُ بدبيبهِ في أعماقي، أقشره بلذة متناهية، وأقضمه على مهل... أعيش اللحظة بكامل تفاصيلها وأدقها... بترف.
رائحة الياسمين التي عبقت في غرفة المشفى... حيث رأيتُ وجهه أول مرة... وتلمستُ جسده الغض... ولثمتُ مبسمه الجميل ممسكة بكفه الصغيرة، والأخلاء يدلفون للغرفة وهم ينثرون أحلى ترينم:
«مبارك... جعله الله من مواليد السعادة»
ويطرب قلبي... وينتشي... فتغسلُ السعادة أوجاعي كلها.
رائحة الحليب الذي أرجه في الزجاجة الشفافة، التي ما إن يراها بين يديّ حتى يهرع إليّ حبوا وخيط شهي من حلو رضابه يتدلى من شفته الرقيقة فيرفرف عصفور قلبي بفرح.
رائحة القهوة... أقدمها لأخي... وأنا متدثرة بأبراد الحداد مُترملة... وثمة جعجعة نشيج في صدري... لا أتجشم إخفاءها... وهو يختلس النظر لمقلتي الذبيحة... سامعا كلماتي الثابتة:
«الرفض وليس سواه... سأربي ولدي».
رائحة كعك الأصيل، مصحوبا بعصير البرتقال الطازج أقدمه له ولأترابه وهم يستذكرون دروسا ونصوصا، وأنا أرمقه من بعيد أجد في صِباه الطازج ودْقا يروي الأيام الجدباء.
رائحة الرغام المطير في ليالي الجمعة، مفتونا بشذا الدعوات... والمسبحة تطوف حول كفي بحنو، مستمطرة خطواته الآيبة بعد يوم شحيح.
ورائحة الورق... والبحر... وليالي الشتاء المديدة... والأفانين العابلة التي تتوق لزهور العرفان... والقد الأهيف الذي احدودب أمضا... والذماء التي تتشبث بالبقاء.
واليوم أراه. يبتعد كما تنزلق القطرة على السطح الأملس. ورائحة الذكريات لا تريد أن تبارحني... وأنا أودعه وأتجرع الصابة... وأردد: «لن أيأس من الجنى».