مبارك محمد الهاجري / أوراق وحروف / قلمي... ضاقت بنا الأرض بما رحبت!

تصغير
تكبير
تضييق في كل شيء، تعسير في كل شيء، عناد في كل شيء، عزيزي القارئ هل بقي شيء في هذا البلد لم تره معوجاً، أو مهلهلاً، من الدعامية إلى الدعامية وبكفالة حكومية؟

ويا ليت الأمور وقفت عند هذا الحد، ولكنها، قفزت بنا إلى المظلم، والمجهول! إياك وقول الحقيقة، إياك والنقد المباح والصريح، ولك في غيرك عبرة!

لولا فسحة الأمل، وإن كنت أراها فسحة قصيرة، إلا أنها المتنفس الوحيد لما يجول في النفوس القلقة، أوضاعنا يرثى لها... الغريب قبل القريب، الحرية هدفهم الرئيسي، جندوا لها القناصة، منهم من ثرثر على المنصات الصحافية مطالباً بتنقيح الدستور أو (تنقيعه) حتى تختفي مواده، وتتحلل، وعندها تتم السيطرة على الكويت بعقلية ما قبل العام 62، لا تسمع سوى حاضر طال عمرك، بلا نقاش أو جدال!

كتبت الأقلام في واشنطن قلعة الحريات في العالم، وعبر مدادها، أقسى العبارات بحق الإدارات الأميركية المتعاقبة، ولم تسحب، ولم تتبهدل، كما عندنا، وان كنت أبصم وبالعشرة، أننا من دول العالم الثالث أو المغمض، ولا يمكن للعين أن تعلو على الحاجب!

كم أكره سياسة أميركا الخارجية بعد أحداث سبتمبر، وكم أكره انحيازها المطلق إلى جانب ساسة الإرهاب القابعين في تل أبيب، وكم، وكم، إلا أنني لا أكتم مشاعري، وإعجابي الشديد، لبلد أرسى المعاني الحقيقية للحريات والديموقراطية منذ الأب المؤسس جورج واشنطن وحتى يومنا هذا!

* * *

فقدت الكويت بالأمس القريب، هرماً عملاقاً من عمالقة الدستور والحريات، عاشق للديموقراطية حتى النخاع، اشتهر بأمانته، وجرأته في الحق، العم محمد أحمد الرشيد، النائب الأسبق، عاصر تأسيس دستور 62، دستور الكرامة، والحرية، دستور سقى الأرض بحروف مدادها من ذهب، دستور حق لنا أن نفتخر به، ونقاتل دونه، دستور عزنا، ودونه لا عزة لنا ولا كرامة، بهذا الدستور ينام المواطن هانئاً مطمئناً، لا خوف عليه ولا وجل، دستور 62 أنهى عصر التبعية، وأسس الديموقراطية في منطقة فقيرة بالحريات والرأي الآخر!

كم أنتم أبطال يا آباء الدستور، وحماته، غامرتم في زمان تسود فيه الاستبدادية، والعنجهية، وسلطة الحاكم الأوحد، نعم أنتم أبطال، وآن لنا أن نغرس حب الحرية، والديموقراطية، وتقبل الرأي الآخر، في أبنائنا، فلا وطن بلا حرية، ولا حرية بلا وطن، شعار يجب أن يظل عالياً خفاقاً ما بقيت الحياة.

وبهذا المصاب الجلل، أتقدم إلى الصديق والأخ الدكتور أنس محمد الرشيد، بأحر التعازي القلبية لوفاة فقيد الكويت الكبير، داعياً المولى سبحانه أن يتغمده بواسع رحمته، وان يلهم أهله الصبر والسلوان... وإنا لله وإنا إليه راجعون.



مبارك محمد الهاجري

كاتب كويتي

mubarak700@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي