دعت إلى «الشجاعة للإقرار بالخطأ عندما يكشفه الواقع والعزيمة على التعديلات في ضوء التطبيق»

«الغرفة»: الضغوط السياسية والتسويات شوّهت «التخصيص»

u00abu0627u0644u062au062eu0635u064au0635u00bb... u0627u0644u0642u0637u0627u0639 u0627u0644u062eu0627u0635 u0641u064a u0627u0644u062eu062fu0645u0629 (u062au0635u0648u064au0631 u0623u0633u0639u062f u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647)
«التخصيص»... القطاع الخاص في الخدمة (تصوير أسعد عبدالله)
تصغير
تكبير
رأت غرفة تجارة وصناعة الكويت أن «الضغوط السياسية وتسويات اللحظة الأخيرة (...) تركت ثغرات عديدة في قانون التخصيص»، محذرة من أن «الاعتبارات والمصالح السياسية الراهنة تغلبت على العديد من الحقائق الاقتصادية الثابتة والاهداف الاجتماعية طويلة المدى». لكنها أشادت بحماية لحقوق العاملين في القطاعات التي سيجري تخصيصها وقالت إن القانون «حقق سبقاً عالمياً بفارق شاسع» على هذا الصعيد.

وحذرت «الغرفة»، في أول موقف لها من القانون من أن «عملية التشويه السياسي للتشريعات الاقتصادية اصبحت ظاهرة بالغة الخطورة، نراها واضحة في قانون الاستثمار الاجنبي، وفي قانون شراكة الدولة والقطاع الخاص، وقانون العمل في القطاع الأهلي، وقانون التخصيص».

وإذ أكدت أن تلك القوانين «يعكس صدورها - بالتأكيد- رغبة تنموية صادقة لدى الحكومة ومجلس الامة على حد سواء»، رأت أن «ما أصابها من تشويه سياسي يعكس في الوقت ذاته، عجز الطرفين عن الوصول إلى رؤية تنموية مشتركة واضحة». وأملت «أن تكون لدينا جميعا الشجاعة الكافية للاقرار بالخطأ عندما يكشفه الواقع، والعزيمة القادرة على اجراء التعديلات اللازمة في ضوء التطبيق الفعلي».

وجاء في بيان «الغرفة» أنه «بين انقطاع ووصل، وبين مد وجزر، استمر العمل على اصدار تشريع ينظم عملية التخصيص في دولة الكويت ستة عشر عاما، وطوال هذه السنوات، لم تدخر غرفة تجارة وصناعة الكويت جهدا في رفع المذكرات وتقديم الاوراق والدراسات عن مفهوم التخصيص ومنطلقاته، وحول اهدافه وشروط نجاحه، فضلا عن مناقشتها لمشاريع ومقترحات القوانين التي قدمت في شأنه، وللغرفة 12 مذكرة وورقة منشورة في هذا الموضوع».

واستدركت بأن «الغرفة لم تدل خلال الشهرين الاخيرين بدلو في مناقشة مشروع «قانون تنظيم برامج التخصيص»، لانها ارتأت ان ذلك يقع في محظور لزوم ما لا يلزم، والتزود بما لا زيادة عليه. اذ سبق لها- ومنذ عام 2006 - ان ابدت رأيها في هذا المشروع شفاهة وكتابة عدة مرات، وملفات اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الامة تشهد بذلك».

وقال البيان إنه «اليوم، وبعد ان اقر مجلس الأمة (قانون تنظيم برامج التخصيص)، تجد الغرفة من واجبها ان تسجل الملاحظات التالية»:

1 - التخصيص إطلاق

لقوى السوق

أولا: التخصيص- بمفهوم غرفة تجارة وصناعة الكويت- اعلان عملي وتشريعي عن تبني منهج جديد للتنمية، يقوم على تحرير قوى السوق بغية الانتقال بالاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي يتحكم فيه الانفاق العام، إلى اقتصاد انتاجي يحركه القطاع الخاص.

فالتخصيص- بهذا المعنى- جزء من استراتيجية شاملة للاصلاح تعيد النظر في دور الدولة الاقتصادي، وتنتقل بمسؤوليتها في توفير السلع والخدمات من «التزود والتوريد» إلى «الرقابة والتنظيم»، وبالتالي فان معيار نجاح او اخفاق التخصيص يكمن في قدرته على تسريع هذا الاصلاح، وبأقل تكلفة اقتصادية واجتماعية ممكنة.

2 -... وليس هدفاً بذاته

ثانيا: هذا الموقع الاساس الذي يشغله التخصيص في بناء الاستراتيجية التنموية، لا يعني على الاطلاق انه دواء ناجح لمعالجة كافة المشاكل الاقتصادية، كما انه لا يجعل من التخصيص هدفا بحد ذاته، ولكنه - بالتأكيد- يؤهله ان يكون مدخلا اساسيا لتحقيق اهداف عديدة اهمها: معالجة الاختلالات الرئيسية - يعانيها الاقتصاد الكويتي من حيث اعادة التوازن لهيكل العمالة والسكان، والانتقال بمفهوم الوظيفة العامة من اداة لتوزيع ايرادات النفط إلى اداة للتنمية. هذا إلى جانب تحفيز المنافسة العادلة محليا، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني دوليا، وزيادة المساهمة الشعبية في ملكية المؤسسات الانتاجية والخدمية اجتماعيا.

3 - التشريع الشامل

... صائب

اصاب القانون الجديد حين اخذ بمنهج التشريع الشامل بدل اصدار قانون مستقل لكل عملية تخصيص، كما اصاب حين حدد القطاعات التي لا يمكن تخصيصها، مطلقا امكانية تخصيص كل القطاعات الاخرى، بدل ان يأخذ بالتوجيهات السابقــــة الــــتي تقــــوم عــلى تحديد مجالات التخصيص، لتجعل عدم التخصيص هو الاصل.

4 - سبق عالمي

في حماية العاملين

جاء القانون واضحا تماما من حيث ضمان تحقيق المنافسة، وحماية مصالح المستهلك، ومتابعة ورقابــة مستوى الأسعار وجودة السلع والخدمات، فضلا عن حماية المال العام عبر عدالة تقييم اصول المشروع العام. كما حقق القانون سبقا عالميا وبفارق شاسع من حيث حماية حقوق العاملين في المشاريع العامة التي يجري تخصيصها.

5 - ثغرات تسويات

اللحظة الأخيرة

وبالمقابل، ونتيجة الضغوط السياسية وتسويات اللحظة الأخيرة، تغلبت الاعتبارات والمصالح السياسية الراهنة على العديد من الحقائق الاقتصادية الثابتة والاهداف الاجتماعية طويلة المدى، فتركت بالقانون ثغرات عديدة نخشى ان يكون لها أثر كبير في إضعاف قدرته على تحقيق أهدافه. ومن أهم هذه الثغرات:

أ- غياب الإطار الزمني

لــــم يضــــع القـــــانون اطـــــارا زمنيا لتحقيق برامج التخصيص، ولم ينص على وجوب ان يقترح المجلس الاعلى للتخصيص مثل هذا الاطار المجدول، لقد استغرق اصدار القانون ستة عشر عاما، ونأمل الا يستغرق تنفيذه سنوات طويلة اخرى تهدر جدواه.

ب- منع تخصيص المصافي

نعتقد ان التعديل الذي اجري في اللحظة الاخيرة على المادة الرابعة ليمنع تخصيص مصافي النفط هو تعديل جانبه التوفيق، مثله في ذلك مثل استثناء قطاعي الصحة والتعليم اللذين يمثلان اكبر ابواب الميزانية العامة تكلفة قياسا إلى المردود والجودة، ومقارنة بالدول الاخرى.

ج- من هم ذوو الخبرة؟

يرأس رئيس مجلس الوزراء «المجلس الاعلى للتخصيص»، ويضم في عضويته خمسة وزراء، وثلاثة أعضاء متفرغين من ذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص.

وقد تعلمنا من تجارب كثيرة سابقة ان المقصود بذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص شخصيات عملت وبرزت في ظل الادارة العامة وليست لها تجربة في القطاع الخاص، والنص على ضرورة تفرغها يؤكد قناعتنا هذه. اي ان القانون الذي يتعلق بالتخصيص والقطاع الخاص لن يشارك القطاع الخاص في ترشيد تنفيذه. وبتعبير اخر، ان القانون الذي يقوم على اساس ان القطاع الخاص هو المحرك الاول للنشاط الاقتصادي، يعلن منذ البداية اقصاء القطاع الخاص كليا عن عملية التخصيص، ويجرح الثقة فيه.

د- مجانية أسهم

الاكتتاب العام

المادة (14) من القانون اجازت للمجلس الاعلى للتخصيص ان يقرر مجانية الاسهم المطروحة للاكتتاب العام وطرحها لجميع المواطنين بالتساوي، وفي اعتقادنا، ان مثل هذا «الجواز» سيصبح «وجوباً» دائما نزولا عند الضغوط السياسية، ان من حق الحكومة ان تدفع لكافة المواطنين وبالتساوي ثمن ما يمكن ان يحصلوا عليه من اسهم وأكثر، وللمواطنين أنفسهم ان يقرروا بعد ذلك الاكتتاب من عدمه. اما الاكتتاب المجاني فهو الاسلوب الذي يشوه معنى المشاركة في الملكية، ويميع مفهوم الشركة المساهمة، ويفتح الباب على مصراعيه لتمركز ملكية الاسهم في ايد قليلة.

هـ- سلبيات السهم الذهبي

ان اطلاق حق الدولة بتملك السهم الذهبي في ملكية كافة الشركات التي ستؤسس نتيجة التخصيص، وعدم حصر هذا الحق في الشركات التي تتمتع بمركز احتكاري او تتملك مرفقا استراتيجيا، يشكل انحرافا ضارا بمفهوم السهم الذهبي وغايته، وهو انحراف طارد للاستثمارات الاجنبية، ومحبط للمستثمر الوطني، لانه يخلق قلقا مبررا من ان يقترن تخصيص الملكية بتأميم الإدارة.

وخلصت «الغرفة» إلى القول ان «اقرار قانون تنظيم برامج التخصيص يعتبر- من حيث المبدأ- خطوة بالغة الاهمية تحسب للحكومة ولمجلس الامة معا. غير ان الثغرات العديدة والكبيرة التي خلفتها الضغوط السياسية في بنية هذا القانون جعلته- من حيث الواقع- قاصرا عن تبليغ الرسالة التي يفترض ان يحملها باعتباره اعلانا رسميا عن تبني الكويت لمنهج جديد في التنمية، يقوم على تحرير قوى السوق، وينتقل بالاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي يتحكم به الانفاق العام إلى اقتصاد انتاجي يحركه القطاع الخاص».

وأخيرا، نبهت غرفة تجارة وصناعة الكويت إلى «خطورة التشوهات التي تسببها الضغوط السياسية للتشريعات الاقتصادية الجديدة». وأضافت «اننا- وباجماع الرأي- بحاجة إلى تشريعات تساهم في تنظيم العملية التنموية وتهيئ لها الأدوات والآليات والتسهيلات اللازمة. غير ان حاجتنا هذه تقترن بوجوب ان تأتي هذه التشريعات قادرة على تحقيق اهدافها بعدل وتوازن ووضوح، ويؤسفنا القول ان عملية التشويه السياسي للتشريعات الاقتصادية اصبحت ظاهرة بالغة الخطورة، نراها واضحة في قانون الاستثمار الاجنبي، وفي قانون شراكة الدولة والقطاع الخاص، وقانون العمل في القطاع الأهلي، وقانون التخصيص، وهي قوانين يعكس صدورها - بالتأكيد- رغبة تنموية صادقة لدى الحكومة ومجلس الامة على حد سواء، غير ان ما اصابها من تشويه سياسي يعكس في الوقت ذاته، عجز الطرفين عن الوصول إلى رؤية تنموية مشتركة واضحة، ويبقى الأمل في ان تكون لدينا جميعا الشجاعة الكافية للاقرار بالخطأ عندما يكشفه الواقع، والعزيمة القادرة على اجراء التعديلات اللازمة في ضوء التطبيق الفعلي».





نتفهم القلق الشعبي والارتياب من القانون



أولهما: تفهمها العميق لاسباب القلق الشعبي حيال قانون التخصيص، لانه ليس مجرد قانون اقتصادي بالغ الاهمية، بل هو - ايضا وبذات الدرجة- قانون ذو انعكاسات سياسية واجتماعية بعيدة المدى. ولا ملامة- في اعتقادنا- على المواطن الكويتي في نظرته المرتابة إلى القانون، ذلك لأن الحكومة ومجلس الأمة والتيارات السياسية كلها قد أهملت التوصيات الدولية والمحلية الداعية إلى تنظيم حملة إعلامية لتشكيل رأي عام متفهم للإصلاح الاقتصادي وأهدافه، متعاون مع اجراءاته وسياساته، واثق بجدواه للوطن والمواطنين.





إيجابيات القانون:

• التشريع الشامل أفضل من إصدار قانون مستقل لكل عملية تخصيص

• تحديد القطاعات التي لا يمكن تخصيصها يلغي التوجيهات السابقة بأن عدم التخصيص هو الأصل

• واضح تماما في ضمان المنافسة وحماية المستهلكين والرقابة على الأسعار وجودة السلع والخدمات

• منهج جديد للتنمية يحرر قوى السوق ويحول الاقتصاد من ريعي إلى انتاجي يحركه القطاع الخاص

• يحمي المال العام عبر عدالة تقييم الأصول



... والثغرات:

• غياب الإطار الزمني ونأمل ألا يستغرق تنفيذه سنوات طويلة

• منع تخصيص مصافي النفط... والصحة والتعليم المكلفين قياساً إلى المردود والجودة

• «المجلس الأعلى للتخصيص» سيضم ذوي الخبرة من القطاع العام

• مجانية أسهم الاكتتاب العام ستتحول من «الجواز» إلى «الوجوب» بفعل الضغوط السياسية

• انحراف ضار بمفهوم السهم الذهبي يطرد الاستثمارات الأجنبية ويحبط المستثمر الوطني
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي