مبارك محمد الهاجري / أوراق وحروف / ابتسم أنت في قطر!

تصغير
تكبير
قبل عامين من الزمان حططت الرحال في قطر، فوجدت عالماً مختلفاً، عالماً آخر، القوم هناك في ورشة عمل نهارهم متصل بليلهم، يعملون لإنجاز المشاريع، لا وقت لديهم، وهناك أعددت العدة لأرى قطر على حقيقتها، تلك الفتاة التي كثر خُطّابها، وهل هي جميلة، أم (جيكرة)، وهل الكويت مازالت الأجمل، أم أن هناك ملكات جمال استحوذن على كأس الجمال الخليجي!

وذهبت برفقة صديق عزيز، ويا للعجب... بلادٌ تسابق الزمن، الوقت لديها أثمن من الذهب، تطور مذهل، وحركة لا تهدأ، وعمل دؤوب، ورغم ضجيج العمل، إلا أن ذلك لم يجعل حكومة قطر تغفل عن مواطنيها لحظة، فالمواطن هناك مرتاح، اللهم لا حسد، فكلما ارتفعت أسعار السلع، زادت الرواتب تلقائياً فلا مجال لمضيعة الوقت، لا مجال للمساومات، كما عندنا، نائب يساوم الحكومة، والحكومة تساوم النواب لإقرار القوانين التي تتوافق ومصالح محسوبيها! هناك كل شيء مرسوم، الخطط وضعت بعناية فائقة، لا اعتباطاً كحالنا، القانون هناك جاد وحاد، ما يغشمر، يا ويلك إن سولت لك نفسك كسره أو اختراقه، وأما لدينا فحدث ولا حرج عليك، فكل ما يتخيله عقلك قد تم فعله في الكويت، تحتار من أين تبدأ، بكسر القوانين، وتفشي الواسطة، والمحسوبية، وانعدام هيبة القانون، وكثرة الرشاوى، والجرائم بلا حد أو عد، أضف إليها ضياع البوصلة لدى مجلسي النواب والحكومة، وهذا ما أدى إلى وصول الأوضاع لدينا إلى مرحلة اليأس والإحباط!

نحن لسنا طماعين، ولا نريد أن نصل إلى مستوى طموح الإخوة في قطر من حيث الرخاء، والمشاريع العملاقة، ولكننا نطالب باحترام دستور62، ومواده، وتطبيق القوانين بحذافيرها على الكبير قبل الصغير، وأن نراعي الظروف المعيشية للمواطنين، وألا نكلفهم فوق طاقتهم، ولا نجعلهم عرضة لنهش تجار الجشع، ونحترم مشاعرهم، بتعيين الرجل المناسب في المكان المناسب، لا أن نضع الرجل الذي لا يساوي فلساً واحداً في المزاد في مكان حساس، وحيوي، ونجعله يتحكم في مصائر الناس بقراراته، وتخبطاته، فما عادت الناس تطيق كما بالأمس، اليوم بلغت الأمور حداً تجعل المرء حيراناً مما يرى ويسمع، وكأن هناك من يمسك بخيوط الأحداث من وراء الكواليس، لغاية في نفس يعقوب!

* * *

وزارة الستات، عفواً، وزارة التربية، بلغ بها العناد حداً جعلها تتعمد تأخير موعد امتحانات الطلبة الصغار إلى منتصف الشهر المقبل، وهو شهر حار جداً، وقائظ، ولا يمكن لصغارنا أن يحتملوه، مخالفة بذلك القوانين الدولية الصريحة، والتي تجرم العمل في الأجواء الحارة والمضرة بصحة الإنسان، فما بالك بالأطفال! ما الضير أو المشكلة من تقديم موعد الامتحانات، بدلاً من (مطها) إلى الشهر المقبل، فما نراه من هذه الوزارة ينبئنا بأمر واحد فقط، أن سياسة العناد هي العنوان الرئيسي لكل القرارات التي تتخذ في عهد الوزيرة الدكتورة موضي الحمود!



مبارك محمد الهاجري

كاتب كويتي

mubarak700@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي