برغم الأخطار الإقليمية المحيطة بالكويت إلا أننا غير مدركين لها تماماً وأصبحنا مشغولين بمشاكلنا الداخلية، لا وبل غارقون بها حتى الثمالة، فالاعتصام السلمي حق كفله القانون الدولي للأفراد حتى يستطيعوا التعبير عن آرائهم وأفكارهم دونما تخريب أو عبث، ويحاولون من خلاله إيصال ما يريدون من رسائل إلى الحكومة أو البرلمان، والمستغرب أننا في الكويت دائماً ما نخلط الأمور فما ان ترى اعتصاما أو تجمعا إلا وكانت الكلمة لنواب البرلمان وكأنهم غير قادرين على إيصال ما يريدون في قبة عبدالله السالم، وهم بذلك يصادرون حق هؤلاء الأفراد في الحديث من جهة، ويحاولون لعب دور البطولة على الحاضرين من جهة أخرى. ولو كنت أحد المنضمين لهذه الاعتصامات أو التجمعات لمنعت أي نائب من الحديث، وأجبرته على أن يكون مستمعاً حتى على الأقل يستطيع إيصال ما يطرحونه من أفكار إلى قاعة عبدالله السالم، ولهذا مع كل أسف أُفقدت هذه التجمعات والاعتصامات حلاوتها وتأثيرها المباشر على صناع القرار، كما حدث بالضبط لمادة الاستجواب، ففي السابق إذا كان هناك استجواب في مجلس الأمة تغص حتى الساحات الخارجية بالجمهور، بينما في الأعوام الأخيرة أصبح الاستجواب أمراً عادياً جداً، وبالكاد تمتلئ القاعة من أسفل بسكرتارية النواب وأقربائهم والمهتمين بالوزارة المُستجوب وزيرها! لا أنكر حق النواب في الاعتصامات والتجمعات إذا ما حل المجلس أو بدأت عطلته الصيفية، وما عدا ذلك فمن حقهم الحضور والاستماع لا أن يجلسوا في الصفوف الأمامية ويُنظروا في مسائل جدلية ومن ثم يُبعث إخوانهم وأقرباؤهم لمناصب ديبلوماسية خارجية... فهذا قمة السخف بعقول الحاضرين من المتخصصين والشباب... إننا نعيش أزمة ثقافة سياسية فالكل أصبح مختصاً في الشأن السياسي ومن حقه التنظير.
***
إذا كان من رأي في قضية الزميل محمد عبدالقادر الجاسم فإني أقول وبكل حيادية بما أن الجهة التي طلبت الزميل هي نيابة أمن الدولة فمن حق المحقق أو وكيل النيابة أن يحتجزه مدة لا تزيد على أربعة أيام في أمن الدولة على ذمة القضايا الموجهة إليه ومن ثم يتخذ في حقه إما الإفراج بكفالة مالية أو (بضمان شخصي)، أو يحبس في السجن المركزي 21 يوماً على ذمة التحقيق، وإن كنت أرى أن منع الزيارة له في أمن الدولة قرار ليس في محله برغم أن القانون يجيز للمحقق أو وكيل النيابة عدم السماح له بالزيارة إذا كانت الزيارة تؤثر على سير التحقيق، وبما أنه رجل محام فهل يعقل أن يزوره محام ليرشده على ثغرات قانونية مثلاً!
إضاءة
لست مختصاً في القانون ولكني حاولت واجتهدت في الفقرة الأخيرة حتى أصل إلى هذه الحقيقة القانونية التي لا يختلف عليها اثنان من أبناء القانون، كما أنني أرفض أن تتحول الكويت إلى دولة بوليسية بدلاً من دولة المؤسسات، ونصرّ على ألا يكون لدينا سجين رأي، ونطالب بسرعة الإفراج عن الزميل الجاسم وليقل القضاء كلمته فهو ملاذ للجميع ولدينا إيمان كامل بعدله ونزاهته... ودمتم.
مشعل الفراج الظفيري
كاتب كويتي
m-alfraaj19@hotmail.com