د. وائل الحساوي / نسمات / مازال البحث جارياً عن القاتل!!

تصغير
تكبير
طفل صغير في عمر الورود يذهب إلى بيته ليستل سكيناً من المطبخ ويذهب بها إلى مكان زميله الذي ضايقه في الطابور وفي نيته طعنه بالسكين، فيقوم زميله بأخذ السكين منه وطعنه طعنات عدة حتى أرداه قتيلاً!

تبحث الشرطة عن القاتل الذي اختبأ عند أقربائه لتسليمه للعدالة ليأخذ جزاءه ثم يسدل الستار على ذلك المشهد الدموي ويعود المجتمع إلى ممارسة حياته الطبيعية، فالأمر لا يتعدى شقاوة أطفال!!

أين من يقرع أجراس الإنذار قوية ليقول للناس: قفوا قليلاً لنتفكر في ذلك المشهد، دعونا نبحث عن اداة الجريمة الحقيقية وعن المجرم الحقيقي، هل هو ذلك الطفل أم طوابير من المتهمين في تلك الجريمة؟!

أليست مشاهد العنف التي يراها الطفل يومياً في برامج التلفزيون وألعاب الأطفال قد شاركت في تلك الجريمة؟!

يقول «ستيفن بانا» وهو طبيب نفسي وأستاذ في جامعة كولومبيا «إذا صح ان السجن هو جامعة الجريمة فإن التلفزيون هو المدرسة الإعدادية لانحراف الأحداث»، وقد تبين بأن 39 في المئة من الأحداث المنحرفين في اسبانيا قد تلقوا معلوماتهم من الأفلام التي تشرح لهم تفاصيل ارتكاب الجريمة وطرق الاعتداء على الناس، ووجد بأن برامج التلفزيون تنقل الأطفال والمراهقين من الحياة الواقعية إلى الحياة الخيالية والتي تسهل لهم ارتكاب الجرائم «إنهم بعد المشاهدة غاضبون ومخدرون» كما يقول علماء النفس.

وماذا عن الأم والأب، أليسا هما من أكبر ادوات الجريمة ان هما تخليا عن الطفل وأهملاه أو ربياه التربية المنحرفة، ان الأطفال الذين يشاهدون اعتداء آبائهم على أمهاتهم واعتداء آبائهم عليهم يخرجون محطمي الشخصية يلجأون إلى العنف والاعتداء على زملائهم ليخففوا من احباطاتهم وكثير من البيوت لا يعتدون على أطفالهم ولكنهم يهملونهم ولا يهتمون الا بأكلهم ولبسهم ثم يرسلونهم إلى الشوارع ليتربوا مع المنحرفين والمجرمين، فمنهم من يدمن المخدرات والسجائر ومنهم من يتعلم على السرقة والاجرام، ومنهم من يعوض نقصه بركوب السيارات السريعة والانقضاض على الآخرين.

ليس اليتيم من مات أبواه وخلفاه وحيداً

إن اليتيم من لقي أما تخلت وأبا مشغولا

وتدخل التكنولوجيا الحديثة كوسائل متطورة لتعليم الجريمة من ألعاب الأطفال المبنية أساسا على القتل والعنف، ومن شبكة الإنترنت التي تنقل مشاهديها إلى اخطر المواقع العالمية حيث يعيشون مع تجار المخدرات والقمار وبيع الأطفال والدعارة ورفقاء السوء، حتى مواقع التحدث «chatting» والمدونات التي لا رقابة عليها، وهكذا تعمل تلك العوامل مجتمعة على تحطيم شخصية الطفل وطمس هويته.

ويأتي في ذيل القائمة بل في أعلاها من يحاربون التوجه الديني والتربية الايمانية للأطفال بحجة تحصينهم من الوقوع في الإرهاب، وما دروا بأن الإرهاب لايأتي الا من الانحراف السلوكي وفساد التصور.





د. وائل الحساوي

wael_al_hasawi@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي