بغض النظر عما آل إليه استجواب وزيرة التربية والتعليم العالي من تجديد الثقة بها، إلا أن هناك عدداً من الممارسات الخاطئة والصائبة التي رافقت الاستجواب، وجب التنبيه إليها حتى نحارب السيئ ونعزز الجيد، ومنها ما يلي:
1 ـ موقف الصحف اليومية لم يكن جيداً عموماً، لأنها اتخذت شكل صحافة الرأي على حساب صحافة الخبر، وإن كان من حق الصحف التعبير عن مواقفها بالقضايا المختلفة، إلا أن ذلك يجب ألا يكون على حساب المصداقية وحرية التعبير وضمان مساحة كافية للرأي الآخر. وهذه الممارسة قد تضر الصحف على المدى الطويل. لكن القارئ الكويتي لا يقتصر على جريدة واحدة في بحثه عن الحقيقة، كي لا تكون الحقيقة معرفته لما يدور حوله قاصرة ومشوهة.
2 ـ تعزيز دور الدين الإسلامي في الدولة مظهر إيجابي: تركز النقاش الدائر في مجلس الأمة خلال الاستجواب على الالتزام بالأخلاق الفاضلة التي يدعو لها الدين وعلى احترام مقدساته، إلى جانب ما دار بعد ذلك عن مفهوم «الولاية» التي يمثلها المنصب الوزاري وجواز تولي المرأة لها من عدمه، وهو ما يتطابق مع ما قررته المادة الثانية من دستورنا بأن دين الدولة هو الإسلام.
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نجدد اعتزازنا بفضيلة المفتي الأستاذ الدكتور عجــــيل النشــــمي الذي جاءت فـــــتـــواه جــــامــــعة ومانعة في بيان أهمية الشهادة الحقة، بصرف النـــــظر عن الانتمـــــاء أو المصلــــحة، كما أن تصويبه لجزئية تعـــــميم أو تخصيص الولاية الوزارية كان درساً من فضيلته في الشجاعة العلمية والتجرد للحق.
3 ـ تخوين الآخر: رأينا كيف أن بعض التحالفات تقوم باستخدام أقذع العبارات في وصف المؤيدين للاستجواب ابتداءً وطرح الثقة انتهاءً، وكأنهم يمتلكون صكوك الغفران أو يحتكرون حب الوطن! كما قاموا باستخدام البعد العائلي لحسابات انتخابية بحتة من دون أي مراعاة لأخلاقيات العمل البرلماني أو حرص على الوحدة الوطنية.
ونــــحن نقــــرأ في هـــذه الأيام اتفـــاق المرشحين الديموقراطييـــن هيلاري كلينتون) وجون إدواردز على إدانـــــة استــــخدام رفيــــقهم الثالث باراك أوباما لإعلانات تلفزيونية مدفوعة تعزف على الوتر العرقي وتهدد النسيج الاجتماعي للشعب الأميركي.
4 ـ ممارسة حزبية راقية لـ «الحركة الدستورية الإسلامية»: رغم وجود آراء عدة لممثلي «حدس» في مجلس الأمة، إلا أنهم في النهاية أعضاء في الأمانة العامة للحركة، وقاموا بطرح الحجة وسماع الحجة المقابلة والتزمت الأقلية برأي الغالبية فيها. وقد عجز البعض عن استيعاب هذه الممارسة الجماعية المنظمة، إذ رأينا أحد كتّاب «التكتل الشعبية» يتكلم عن انقسام «حدس»، وكأن وجود آراء عدة في التجمع السياسي الواحد قبل حسم القرار فيه شيء محرم، ومن الطريف أنه تجاهل الانقسام الصريح في الآراء والتصويتات في كتلته الشعبية!
في ختام هذه المقالة فإنها كانت مجرد نماذج من المظاهر الخاطئة أو الصحيحة التي برزت خلال مناقشة الاستجواب وطلب طرح الثقة بالوزيرة الصبيح، ألفت النظر إليها لعلنا ننجح في التعامل معها بشكل أفضل في الممارسات النيابية المقبلة، فعدم التقدم للإمام في أي مجال إنما هو تراجع للخلف، في عالم يتسم بالسرعة والمنافسة ولا يعترف بالضعفاء أو الجهلاء! والحمد لله أولاً وأخيراً.
أسامة عيسى الشاهين
كاتب كويتي
[email protected]