رئيس دائرة شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجية الأفغانية قال ان بلاده تعيش حرية إعلام غير مسبوقة

نور لـ «الراي»: نمد أيادينا بالسلام لـ «طالبان» ... ونتعامل مع إيران بمنطق «لا أحد يختار جيرانه»

تصغير
تكبير
|القاهرة - من حنان عبدالهادي|

أعلن رئيس دائرة شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجية الأفغانية الدكتور نصير أحمد نور عن تحركات واجتماعات تشهدها بلاده بمشاركة نحو 2000 من طوائف الشعب الأفغاني، بينهم ممثلون لـ «حركة طالبان» لعقد مجلس شورى حول المصالحة بين الحكومة و«طالبان»، مشيراً إلى أن الحكومة تمد يدها لـ «طالبان» بغرض تحقيق السلام في البلاد، غير أنها تتلقى أحياناً إجابات متعارضة.

وأضاف في حواره مع «الراي» في القاهرة: «المملكة السعودية تقوم بدورها في المصالحة من دون الظهور الإعلامي». مؤكداً أن أفغانستان الجديدة بها حرية الصحافة، فهناك «100» وسيلة إعلامية غالبيتها معارضة للرئيس حامد قرضاي، لافتاً إلى تلقي بلاده مساعدات من الكويت الشقيقة، وقطر، وسلطنة عمان، والمملكة الأردنية، والبحرين.

مشيراً إلى أن النظام الأفغاني يمد يد المصالحة لـ «طالبان»، ويتعامل مع إيران تحت لافتة «لا أحد يختار جيرانه» رافضاً تدخل طهران في الشؤون الأفغانية الداخلية.

وهذا نص ما دار معه من حوار:



• أعلنت الحكومة الأفغانية عن رغبتها في المصالحة مع «طالبان» لكن الحركة لم تبد استعداداً لتلك المصالحة... فما تعليقك؟

- هذه المصالحة معروضة منذ أعوام، والرئيس قرضاي في كل مناسبة يكررها وهو جاد في ذلك والحكومة جادة في إتمامها، والترتيبات مستمرة لعقد مجلس شورى حول هذا الموضوع، وحالياً هناك مشاورات، ومائدة كبيرة من مختلف فئات الشعب الأفغاني يبحثون ويتشاورون وستشارك «طالبان» في هذا الحوار أيضا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

• طالبتم بعض الأطراف العربية، والسعودية على وجه التحديد، بأن تشارك في جهود المصالحة بين الحكومة الأفغانية و«طالبان»، ولكن حتى الآن لم يحدث أي تقدم في هذا الملف... فما السبب في ذلك؟

- المملكة السعودية مشكورة في ذلك الأمر، فهي تقوم بدورها دون ضجة إعلامية، وهناك اتصالات متواصلة ومحاولات مستمرة للتوفيق بيننا، ونأمل من الله أن تتكلل بالنجاح. السعودية لا تتدخر جهداً في هذا السبيل، وسبق أن قامت بتحركات في هذا الشأن، وأعتقد أننا سوف نرى نتائجها في المجلس الجديد الذي سيعقد في الفترة المقبلة.

• ما تأثير العمليات التي شنتها القيادات الأفغانية وقوات التحالف مؤخراً على معاقل «طالبان» في قندهار؟

- أغلب العمليات العسكري الأخيرة نفذتها قوات الجيش الأفغانية وحققت نجاحات كبيرة، لكن الحكومة الأفغانية ترجح الحل السلمي التصالحي على الحل العسكري، وبالتالي لا تستخدم كل قوتها للقضاء على هؤلاء لأنه في مفهوم الحكومة الأفغانية أن هؤلاء مغرر بهم، في النهاية هم أبناء أفغانستان، والحكومة تحاول أن فهم طريقة تفكير هؤلاء حتى لا يكونوا أداة في يد أحد.

• هناك من يقول أن المخابرات الباكستانية، وكذلك بعض دول الجوار تلعب دوراً في دعم «طالبان»... ما مدى حقيقة ذلك؟

- الآن في باكستان هناك حكومة ديموقراطية منتخبة وسياستها تجاه أفغانستان سليمة، وهي تعرف أن أمن باكستان من أمن أفغانستان، وربما في السابق بعض عناصر الاستخبارات للجيش الباكستاني لم يكونوا يعتقدون ذلك، لكن ما نراه الآن من مواجهات تدل على أن بعض باكستان بدأت في إدراك خطأ النهج السابق. ومن جانبنا نؤكد على أهمية انتهاج سياسة يكون أساسها الصداقة والتعاون والثقة المتبادلة مع الشعب الأفغاني. بالطبع نخشى من سياسة باكستان الخطأ، وقد كان برويز مشرف يقول أنهم يدعمون «طالبان» لأنهم عمقهم الاستراتيجي ودرعهم القومية، لكنه انقلب على الحركة بعد 11 سبتمبر. والدول العربية باستطاعتها إقناع باكستان بأن العمق الاستراتيجي والحزام الأمني يأتي من الثقة، وأفغانستان مستعدة لفتح صفحة جديدة ونسيان الماضي مع باكستان.

• ما هي حقيقة الدور الإيراني في أفغانستان، وهل هناك تطور في العلاقات «الأفغانية - الإيرانية» بعد زيارة نجاد لكابول؟

- دائماً ما تطرح عبر بعض المسؤولين وقوات التحالف في أفغانستان أو بعض وسائل الإعلام الأجنبية مسألة تورط إيران في دعم «طالبان» بالسلاح والمال وما إلى ذلك، لكن بالنسبة للمصادر الأمنية الأفغانية فلم تؤكد هذا الموضوع حتى الآن، وإيران لها دور في إعادة بناء بعض القطاعات ودعم بعض المشاريع التنموية في قطاعات مثل الطاقة والطرق والمستشفيات وما إلى ذلك في أفغانستان. وفي النهاية إيران وباكستان هما جاران، ولا أحد في العالم يختار جاره، ونحن نريد أن نكون أصدقاء ومتعاونين من دون أن يتدخل أحد في شؤون الآخر.

• هناك خلاف حدث مؤخراً بين قرضاي وقوات التحالف على اثر شن بعض الحملات الإعلامية عليها... هل تعكس اختلاف الرؤى بين الطرفين؟

- أفغانستان الجديدة فيها حرية الصحافة والرأي، فهناك 100 وسيلة إعلامية كلها تكون أحياناً ضد الرئيس، لكن ذلك يحدث في إطار نقاش بين الأصدقاء، فالرئيس أبدى رأيه وكان هذا موضع تحليلات في وسائل الإعلام الأميركية. والحكومة الأميركية على أعلى مستوياتها قالت أنها تتعامل مع الرئيس قرضاي وتعتبره شريكاً ناجحاً، وبالتالي أوباما لم يكتف بإرسال الدعوة إلى الرئيس قرضاي، بل جاء بنفسه وقدم الدعوة للرئيس قرضاي لزيارة واشنطن.

• هل زيادة عدد القوات الأميركية لأفغانستان والدفع بـ 30 ألف جندي إضافي يمكنه أن ينهي الحرب الدائرة في أفغانستان؟

- قد يؤدي إلى ذلك بعض الشيء، لكن سياسة أفغانستان التركيز على إعادة بناء القوات الأفغانية حتى لا تكون هناك حاجة إلى القوات الأميركية، والأميركيون أنفسهم أعلنوا أنهم سيبدأون في التفكير في مسألة الانسحاب التدريجي.

• إذا ما قامت إسرائيل وأميركا بتنفيذ تهديداتهما بضرب إيران... هل ستواجه أفغانستان تحدياً جديداً بهذه الضربة سواء مع إيران أو أميركا؟

- نحن لا نتمنى أن تتحول هذه التهديدات إلى واقع، نتمنى أن يكون هناك تعايش سلمي بين الدول، لكن إذا افترضنا أن هناك واقعاً آخر فمبدأنا هو أننا أصدقاء للأميركيين وأشقاء وجيران مع إيران.

• ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية والإسلامية لإرساء وتعزيز الأمن في أفغانستان؟

- هذه الدول الشقيقة يمكنها أن تلعب دوراً فعالاً ومؤثراً ليس بالضرورة عبر الوسائل العسكرية، إذ تستطيع أن تلعب دوراً ناعماً بفضح الأساس الايديولوجي لـ «طالبان» و«القاعدة». ومصر مثلاً بلد الأزهر وهو بوصفه أقدم جامعة إسلامية عليه مهمة إرشاد الناس إلى حقيقة الإسلام، وتوضيح أن العمليات الإرهابية ليست من الإسلام. وأعتقد أن مصر والسعودية وبلدان عربية كثيرة يمكنهم القيام بدور كبير خاصة أن علماء العرب مرحب بهم في أفغانستان، وإذا كان لدينا حذر تجاه دول الجوار فليس لدينا حذر تجاه العرب.

ولابد من التأكيد على أن الأمن القومي العربي مرتبط بالحالة في أفغانستان سواء نجح الأميركيين أم لا، سواء حكمت حكومة متطرفة أو غيرها، فالعرب يتأثرون بما يجري هناك، وأفغانستان دولة مدمَّرة، وإذا لم يقدم العرب الأموال فيمكنهم تدريب كوادر على الزراعة، نحن في حاجة إلى الأمن والاستقرار والأيدي التي تعمل، والبلدان الثرية الخليجية التي تستورد غذاءها من بلدان بعيدة عليها معرفة أن أفغانستان قريبة منها، والمنتجات الزراعية الأفغانية من أجود ما يمكن، كما أنه في إمكان تلك الدول الاستثمار هناك. ويمكن للدول العربية أن تستغل علاقتها الثنائية الثرية، وخاصة دول الخليج وترشد باكستان إلى أهمية تعديل الدور الذي تلعبه.

• ما السبب وراء تدهور العلاقات العربية مع أفغانستان؟

- حافظت أفغانستان منذ استقلالها العام 1919 على هذه الأواصر وعملت على تعزيزها وتطويرها بإقامة العلاقات الديبلوماسية مع الدول العربية الشقيقة، وبعقد اتفاقيات التعاون والصداقة مع هذه الدول، لقد وقفت أفغانستان ولاتزال إلى جانب الدول العربية، داعمة مواقف هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية العادلة، ولا أزال أتذكر كيف كانت المرأة الأفغانية تتبرع بحليها دعماً للفلسطينيين. وأتذكر كم حزن الشعب الأفغاني حينما سمع بخبر وفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وأتذكر في هذا الصدد كلمات السفير المصري لدى كابول آنذاك إلى الحشد المعزي والباكي قائلاً « يا ليت الزعيم كان حياً ليرى بنفسه حب الشعب الأفغاني لمصر ولرئيس مصر»، وأتذكر كيف كان الشعب الأفغاني يدعو بالنصر للقوات المصرية أثناء حرب أكتوبر وكيف كان يعلن استعداده للانضمام إلى هذه القوات والقتال إلى جانبها، وفي نهاية الحرب كم كانوا فرحين وسعداء بانتصار مصر العظيم في تلك الحرب. وفي المقابل، وقفت الدول العربية شعوباً وحكومات إلى جانب الشعب الأفغاني أثناء جهاده ضد المحتلين السوفييت في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، وشاركوا في الجهاد بالنفس والمال والدعم السياسي والإعلامي. وجمهورية أفغانستان الإسلامية تضع تنمية العلاقات وتعزيزها مع الدول العربية الشقيقة في سلم أولوياتها سياستها الخارجية، ونرى أن الجانبين في أمس الحاجة إلى التعاون وتنسيق المواقف في إطار المصالح المتبادلة ودرء الأخطار المشتركة.

• ما هي المشروعات الحديثة التي تعمل أفغانستان على إنشائها في المرحلة المقبلة؟

- هناك طرق دائرية تم إنشاؤها خلال الأعوام الثماني الماضية، وكذلك تتم دراسة مشروع إنشاء السكك الحديدية لتصل الصين عبر أفغانستان بالدول العربية وتركيا وأفريقيا وأوروبا، وتصل آسيا الوسطى وما وراءها بشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا، وهذا يعني إحياء «طريق الحرير» ليس بالمنظور الاقتصادي والتبادل التجاري فحسب بل أيضاً بمعنى التبادل الثقافي والحضاري وحركة رأس المال والتعارف والتعاون بين دول هذه المنطقة وشعوبها.

• ما هو الدور المطلوب من الدول العربية لإعادة إعمار أفغانستان؟

- الدول العربية بذلت دوراً مشهوداً ومشكوراً في دعم جهاد التحرير في أفغانستان، ولكن دورهم في التعمير أقل بكثير من المتوقع ومن إمكانياتهم وقدراتهم ومن الضرورات التي يفرضها أمنهم القومي، وخاصة إذا قارنا هذا الدور بما تساهم به الدول الأخرى الآتية من المسافات الأبعد. لكن ما يبشر بالخير أن الدور والحضور العربي في أفغانستان بدءا في الآونة الأخيرة ينشطان، وبدأ الاهتمام العربي بأفغانستان يزداد، ويلاحظ ذلك في ارتقاء سفارتي مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة في كابول من مستوى القائم بالأعمال إلى مستوى السفير. كما نلاحظ التزايد في المساعدات المقدمة من دولة الإمارات، حيث بلغت550 مليون دولار، كما أعلنت المملكة السعودية مساعدة إضافية بقيمة 150 مليون دولار خلال مؤتمر لندن في شهر يناير الماضي لترتفع مساعدات المملكة لأفغانستان خلال الأعوام الماضية إلى 350 مليون دولار.

كذلك نلاحظ تحركاً أكثر وأنشط من قبل دولة مصر في تقديم المنح الدراسية وإحياء المعاهد الأزهرية في أفغانستان، وتدريب الكوادر الأفغانية من مختلف الوزارات والإدارات، إضافة إلى المساعدات والمساهمات المشكورة التي قدمتها كل من دولة الكويت، قطر، سلطنة عمان، المملكة الأردنية الهاشمية ومملكة البحرين، وكلنا أمل أن يستمر هذا الدور والحضور في الازدياد والفاعلية ليصل إلى الحد المتوقع والمطلوب، وأن تستفيد الدول العربية الشقيقة من علاقاتها الثنائية والإقليمية والدولية لتعزيز مسيرة الأمن والبناء في أفغانستان.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي