نظموا الندوات دفاعا عنها
محطة / أدباء ومثقفون مصريون: نرفض مصادرة أو تنقيح «ألف ليلة وليلة»

جانب من الندوة


|القاهرة - من مي أبوزيد وأحمد شوقي|
على خلفية قيام مجموعة من المحامين المصريين بتقديم بلاغ للنائب العام في بلادهم، يطالبون فيه بمقاضاة المسؤولين عن إعادة نشر رواية «ألف ليلة وليلة»، شهدت الساحة الثقافية المصرية عديدا من ردود الفعل، سواء كانت من مؤسسات ثقافية رسمية أو أهلية أو حتى أفراد.
كان من بينها حدثان متزامنان، الأول... ندوة أقامتها الهيئة العامة المصرية للكتاب لمناقشة كتاب الدكتورة سهير القلماوي حول «ألف ليلة وليلة»، والثاني... مؤتمر أقامه اتحاد كتاب مصر تحت عنوان «ألف ليلة وليلة ومستويات التلقي»، كرد فعل من جانب الاتحاد.
وهو ما وصفه رئيس هيئة قصور الثقافة المصرية الدكتور أحمد مجاهد بأنه جاء متأخرا، وقال مجاهد في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: «أنا مطمئن إلى أن النائب العام سيحفظ هذا البلاغ دفاعا عن حرية التعبير، وليس عن الأشخاص».
رئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي علق على انتقاد مجاهد قائلا: «وجدنا أن الحل الأمثل في مثل هذه المواقف، هو الرد العلمي على هذه الاتهامات غير العلمية والرجعية، التي تزايدت في الفترة الأخيرة، وذلك عن طريق إقامة مؤتمر علمي يقدم «ألف ليلة وليلة»، التي تمثل انتصار الأدب على الانتقام والتخلف.
وأضاف: «سألت أديبنا الراحل نجيب محفوظ- ذات مرة- عن أهم الأعمال التي أثرت فيه فقال: «ألف ليلة وليلة» وقصص القرآن الكريم، وحديث عيسى ابن هشام، وأنا أعتبر إصدار الطبعة الثانية من الكتاب خير رد على هؤلاء المحامين.
الناقد الدكتور جابر عصفور قال: «للأسف... ظلت ألف ليلة وليلة، منذ كتابتها مقموعة، ولم تكتشف بسبب تراجع التيار العقلي وانتصار التيار السلفي، حتى اكتشفها المستشرقون، وهذه وصمة عار في ثقافتنا».
ووصف عصفور المحامين الذين قدموا البلاغ بالجهلاء، قائلا: «هم جهلاء بتراثهم وبعظمته، معادون للعقل والاستنارة، لذلك... قدموا البلاغ تعبيرا عن جهلهم وانغلاقهم، وهو دعوة سياسية بالأساس، فمن عادة التيار السلفي الإسلامي- حينما يفلس- اللجوء لمهاجمة الأدب، وهم ثمرة تيار أساسي قديم الوجود في العالم العربي والإسلامي، الذي أدى لانكسار الحضارة العربية وانهزامها، وهو هجوم يسيء إلى صورة التراث العربي والمسلمين في أعين الغرب، التي تتطلع إلينا بشغف، وللأسف... فإن التراث السلفي الذي ينتمي إليه هؤلاء المحامون، أكثر تسامحا منهم، فابن عباس- ابن عم الرسول الكريم- كان ينشد بيتا شعريا به ألفاظ جنسية في أحد المساجد، وكذلك أكد ابن قتيبة أن أسماء الأعضاء لا تؤثم، ولكن المؤثم هو السب بالأعراض وقول الزور وأكل لحوم الناس بالغيب، كما أن هناك كتابا مثل «عشق الجواري وعشق الغلمان» للجاحظ، وغيرها فيها أكثر مما هو موجود في «ألف ليلة وليلة».
ومن جانبه، أبدى الروائي جمال الغيطاني تخوفه من مسألة تنقيح التراث والحذف منه، قائلا: «إذا أقررنا بمبدأ الحذف، فنحن نلغي التراث العربي والإنساني كله، لأن القيم تتغير من عصر لعصر، وجميع نصوص الأدب العربي القديم محملة بأكثر مما في ألف ليلة وليلة، فألف ليلة تعد من أكثر الكتب حشمة في التراث العربي القديم، بالإضافة إلى أن مبدأ الحذف إذا تم العمل به قد يتطرق إلى النصوص الدينية نفسها، التي تتعرض للجنس وللعلاقة بين الرجل والمرأة.
الغيطاني أكد أن هؤلاء المحامين عبارة عن تنظيم يعمل وفقا لرؤية مستمرة منذ أعوام كثيرة، مرة بقتل السياح في الأقصر، ومرة باغتيال الأدباء أو استخدام قانون الحسبة للتفريق بينهم وبين أزواجهم، كما حدث مع الدكتور نصر حامد أبوزيد، وقال: ما يحدث ترتبت عليه تبعات أخطر بكثير مما نتخيل، لأنه يهيئ المناخ العام ضد الثقافة والأدباء، ويستثير العنف ضد الثقافة والمثقفين، ويسيء إلى العرب والمسلمين، ونحن في مواجهة تنظيم يعمل بنفس طويل، وإلا فبماذا نفسر انتماء هؤلاء المحامين إلى مكتب محدد كان يتولى مقاضاة الأدباء في الفترة الماضية، وكنت أود ألا يلجؤوا للقضاء، وأن يكون هناك تناقش قبل اتخاذهم لموقف إجرائي تجاه فعل ثقافي، وأنا هذه المرة أشعر بالخطر ليس على شخصي، لكن على الوطن والحضارة العربية.
وأعلن الغيطاني أنه سيطلب من النائب العام عدم التحقيق مع السادة الذين وردت أسماؤهم في البلاغ، وأن يحقق معه وحده، وأنه سيقر بمسؤوليته عن ذلك، حتى ولو دفع حياته ثمنا لذلك.
أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة الزقازيق الدكتور محمد حافظ دياب قال: «هناك كتب كثيرة من التراث تناولت الجنس مثل «نزهة الألباب»، و«تحفة العروس»، و«رجوع الشيخ إلى صباه في القوة والباه» لأحمد بن سليمان، و«في النساء» لأبي الفرج ابن الجوزي، وغيرها وهي كتب لعلماء لم يكونوا منحرفي الأخلاق أو مهمشين، بل كانوا جميعا قضاة وأئمة، تناولوا المسائل الجنسية في إطار فقهي تشريعي، وكتاباتهم جمعت بين القصص والنكات والسنة والقرآن وغيرها، كما أن هناك علماء عربا كـ «ابن سينا» و«ابن عربي» و«ابن قيم» كتبوا في المسألة الجنسية، وعلينا أن نتعامل مع «ألف ليلة» كأثر شعبي، لأنه تتحقق فيه الشروط الإبداعية، وشرط التناقل بين الأجيال وشرط التحوير والحذف والإضافة والتعديل، وهو ما حدث لليالي، والسبب في انتشارها أنها جمعت بين نصوص فارسية ويونانية ومصرية وعربية وهندية وسوريالة.
على خلفية قيام مجموعة من المحامين المصريين بتقديم بلاغ للنائب العام في بلادهم، يطالبون فيه بمقاضاة المسؤولين عن إعادة نشر رواية «ألف ليلة وليلة»، شهدت الساحة الثقافية المصرية عديدا من ردود الفعل، سواء كانت من مؤسسات ثقافية رسمية أو أهلية أو حتى أفراد.
كان من بينها حدثان متزامنان، الأول... ندوة أقامتها الهيئة العامة المصرية للكتاب لمناقشة كتاب الدكتورة سهير القلماوي حول «ألف ليلة وليلة»، والثاني... مؤتمر أقامه اتحاد كتاب مصر تحت عنوان «ألف ليلة وليلة ومستويات التلقي»، كرد فعل من جانب الاتحاد.
وهو ما وصفه رئيس هيئة قصور الثقافة المصرية الدكتور أحمد مجاهد بأنه جاء متأخرا، وقال مجاهد في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: «أنا مطمئن إلى أن النائب العام سيحفظ هذا البلاغ دفاعا عن حرية التعبير، وليس عن الأشخاص».
رئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي علق على انتقاد مجاهد قائلا: «وجدنا أن الحل الأمثل في مثل هذه المواقف، هو الرد العلمي على هذه الاتهامات غير العلمية والرجعية، التي تزايدت في الفترة الأخيرة، وذلك عن طريق إقامة مؤتمر علمي يقدم «ألف ليلة وليلة»، التي تمثل انتصار الأدب على الانتقام والتخلف.
وأضاف: «سألت أديبنا الراحل نجيب محفوظ- ذات مرة- عن أهم الأعمال التي أثرت فيه فقال: «ألف ليلة وليلة» وقصص القرآن الكريم، وحديث عيسى ابن هشام، وأنا أعتبر إصدار الطبعة الثانية من الكتاب خير رد على هؤلاء المحامين.
الناقد الدكتور جابر عصفور قال: «للأسف... ظلت ألف ليلة وليلة، منذ كتابتها مقموعة، ولم تكتشف بسبب تراجع التيار العقلي وانتصار التيار السلفي، حتى اكتشفها المستشرقون، وهذه وصمة عار في ثقافتنا».
ووصف عصفور المحامين الذين قدموا البلاغ بالجهلاء، قائلا: «هم جهلاء بتراثهم وبعظمته، معادون للعقل والاستنارة، لذلك... قدموا البلاغ تعبيرا عن جهلهم وانغلاقهم، وهو دعوة سياسية بالأساس، فمن عادة التيار السلفي الإسلامي- حينما يفلس- اللجوء لمهاجمة الأدب، وهم ثمرة تيار أساسي قديم الوجود في العالم العربي والإسلامي، الذي أدى لانكسار الحضارة العربية وانهزامها، وهو هجوم يسيء إلى صورة التراث العربي والمسلمين في أعين الغرب، التي تتطلع إلينا بشغف، وللأسف... فإن التراث السلفي الذي ينتمي إليه هؤلاء المحامون، أكثر تسامحا منهم، فابن عباس- ابن عم الرسول الكريم- كان ينشد بيتا شعريا به ألفاظ جنسية في أحد المساجد، وكذلك أكد ابن قتيبة أن أسماء الأعضاء لا تؤثم، ولكن المؤثم هو السب بالأعراض وقول الزور وأكل لحوم الناس بالغيب، كما أن هناك كتابا مثل «عشق الجواري وعشق الغلمان» للجاحظ، وغيرها فيها أكثر مما هو موجود في «ألف ليلة وليلة».
ومن جانبه، أبدى الروائي جمال الغيطاني تخوفه من مسألة تنقيح التراث والحذف منه، قائلا: «إذا أقررنا بمبدأ الحذف، فنحن نلغي التراث العربي والإنساني كله، لأن القيم تتغير من عصر لعصر، وجميع نصوص الأدب العربي القديم محملة بأكثر مما في ألف ليلة وليلة، فألف ليلة تعد من أكثر الكتب حشمة في التراث العربي القديم، بالإضافة إلى أن مبدأ الحذف إذا تم العمل به قد يتطرق إلى النصوص الدينية نفسها، التي تتعرض للجنس وللعلاقة بين الرجل والمرأة.
الغيطاني أكد أن هؤلاء المحامين عبارة عن تنظيم يعمل وفقا لرؤية مستمرة منذ أعوام كثيرة، مرة بقتل السياح في الأقصر، ومرة باغتيال الأدباء أو استخدام قانون الحسبة للتفريق بينهم وبين أزواجهم، كما حدث مع الدكتور نصر حامد أبوزيد، وقال: ما يحدث ترتبت عليه تبعات أخطر بكثير مما نتخيل، لأنه يهيئ المناخ العام ضد الثقافة والأدباء، ويستثير العنف ضد الثقافة والمثقفين، ويسيء إلى العرب والمسلمين، ونحن في مواجهة تنظيم يعمل بنفس طويل، وإلا فبماذا نفسر انتماء هؤلاء المحامين إلى مكتب محدد كان يتولى مقاضاة الأدباء في الفترة الماضية، وكنت أود ألا يلجؤوا للقضاء، وأن يكون هناك تناقش قبل اتخاذهم لموقف إجرائي تجاه فعل ثقافي، وأنا هذه المرة أشعر بالخطر ليس على شخصي، لكن على الوطن والحضارة العربية.
وأعلن الغيطاني أنه سيطلب من النائب العام عدم التحقيق مع السادة الذين وردت أسماؤهم في البلاغ، وأن يحقق معه وحده، وأنه سيقر بمسؤوليته عن ذلك، حتى ولو دفع حياته ثمنا لذلك.
أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة الزقازيق الدكتور محمد حافظ دياب قال: «هناك كتب كثيرة من التراث تناولت الجنس مثل «نزهة الألباب»، و«تحفة العروس»، و«رجوع الشيخ إلى صباه في القوة والباه» لأحمد بن سليمان، و«في النساء» لأبي الفرج ابن الجوزي، وغيرها وهي كتب لعلماء لم يكونوا منحرفي الأخلاق أو مهمشين، بل كانوا جميعا قضاة وأئمة، تناولوا المسائل الجنسية في إطار فقهي تشريعي، وكتاباتهم جمعت بين القصص والنكات والسنة والقرآن وغيرها، كما أن هناك علماء عربا كـ «ابن سينا» و«ابن عربي» و«ابن قيم» كتبوا في المسألة الجنسية، وعلينا أن نتعامل مع «ألف ليلة» كأثر شعبي، لأنه تتحقق فيه الشروط الإبداعية، وشرط التناقل بين الأجيال وشرط التحوير والحذف والإضافة والتعديل، وهو ما حدث لليالي، والسبب في انتشارها أنها جمعت بين نصوص فارسية ويونانية ومصرية وعربية وهندية وسوريالة.