أستاذ الأدب العربي في جامعة بنسلفانيا

حوار / روجر آلن لـ «الراي»: على العرب أن ينتظروا «نوبل» طويلاً الطيب كان يستحقها ... لكنه كان كسولا

u0631u0648u062cu0631 u0622u0644u0646
روجر آلن
تصغير
تكبير
|القاهرة - من محمد عوض|

لا تستطيع الحديث مع أستاذ الأدب العربي والأدب المقارن بجامعة بنسلفانيا المترجم الأميركي روجرآلن، ولا يقاطعك شخص عابر يؤكد موعدا ما أويذكره بتوقيت محاضرة.

ووسط كل هذا يعود «آلن» للإجابة عن السؤال الذي وجه إليه، ويقول: «هناك اهتمام كبير من جانب الغرب بترجمة الروايات العربية، وأفضل الدول استقبالا للأدب العربي هي فرنسا». ولا ينسى أن يشير إلى أن الروايات الشعبية التي تلقى رواجا كبيرا تطلب دور النشر ترجمتها، وإن كانت هذه غير جديرة بالترجمة، إلا أنها تلقى استقبالا واسعا عند القراء في الغرب لأنها تقدم صورة سلبية عن المجتمعات العربية.

«الراي» التقت «آلن» في القاهرة، فتحدث عن القضايا والمشكلات التي تواجه مترجمي الأدب العربي من الأجانب، ورأيه في بعض الروايات العربية التى وجدت استقبالا حافلا على مستوى القراء ولم يهتم بها النقاد كثيرا، ومدى إمكانية فوز أدباء عرب بجائزة نوبل.

وكان معه الحوار التالي:



• ما أهم المشكلات التى يواجهها مترجمو الأدب العربي من الأجانب؟

- نواجه بعض المشكلات في ترجمة الأدب العربي أهمها طريقة استقباله في الثقافات والحضارات غير العربية، حيث يختلف تلقي المؤلفات العربية المترجمة في أوروبا حسب هوية ساكنيها ومواقفهم من الثقافات الأخرى، وأفضل الدول استقبالا للأدب العربي دون شك فرنسا وبعد ذلك إسبانيا وإيطاليا وألمانيا، وأيضا هناك صعوبة في إقناع دور النشر بإمكانية نشر الروايات العربية المترجمة.

وسوق النشر ضئيل جدا، ولكن في الميدان العام هناك ازدياد في ترجمة المؤلفات العربية خصوصا الروايات، كذلك يوجد ازدياد في اهتمام بعض القراء بالرواية العربية وإن كان اهتمام جمهور القراء في أميركا وإنكلترا ضئيلاً جدا بالمقارنة ببعض البلدان الأخرى.

•إذاً كيف تختار النصوص التي تترجمها؟

- بسبب عدم وجود توثيق لما ينشر في البلدان العربية يعتمد المترجم على ذوقه الشخصي في اختيار النصوص، فيقرأ رواية ما ويقيّمها حسب مبادئ نقدية متفق عليها بين النقاد، وبالنسبة لي لم أترجم أبدا رواية لمؤلف عربي لم أكن على معرفة شخصية به، وكنت على علاقة شخصية بكل الروائيين الذين ترجمت روايتهم إلى الإنكليزية.

هذا مبدأ شخصي حتى أبحث معه بعض التفاصيل، منها الموافقة على شروط النشر والوقوف على مكانة هذه الرواية داخل المجتمعات المعنية وفرص تسويقها ومدى الفائدة من نشرها بالإنكليزية، وهل الرواية التى وقع عليها الاختيار هى أفضل ما كتب أم لا.

• تحدثت عن تسويق الروايات المترجمة فهل تتفق مع رأي الروائي علاء الأسواني بأن السوق الحقيقي للروايات بعيد عن المكتبات الأكاديمية؟

- ليس بالضبط... فرواية «عمارة يعقوبيان» لم تعجبني، كتبت مقالا حول هذا الموضوع بعنوان « ظاهرة الرواية الشعبية العربية»، عن أعمال علاء الأسواني وأحلام مستغانمي ورجاء الصانع، قلت كل هذا الروايات تلقت نسبا متوسطة في الميدان الأكاديمي والنقدي، وفي الوقت نفسه وجدت استقبالا واسعا وغير معقول عند أغلبية القراء،وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لنا في الغرب.

فدور النشر الأجنبية أصبح لها مندوبون للمرة الأولى في بعض العواصم العربية يراقبون استقبال هذه الروايات، وأحيانا تطلب منا بعض دور النشر ترجمة هذه الروايات وإن كانت هذه الروايات غير جديرة بالترجمة، ولكنها تلقى استقبالا واسعا عند القراء في أميركا وانكلترا وفرنسا.

فمؤلفوها في ظني يعرضون المجتمع العربي بوجه سلبي جدا ويؤكدون الآراء السلبية عنه، ويمكن أن أستبعد أحلام مستغانمي في بعض الأحيان لأنها تكتب عن الجزائر وحرب المليون ونصف المليون شهيد بطريقة شعرية جدا، ولكن المشكلة في روايات مثل «عمارة يعقوبيان»، فهي ليست رواية معاصرة، بل قديمة جدا بمواضيع معاصرة، ونجيب محفوظ كتب مثل هذه الرواية منذ خمسين سنة.

ومعه عبرنا هذه المرحلة في تطوير الرواية العربية، وبحسب آراء «باختين» تصنف «عمارة يعقوبيان» على أنها رواية مونولوجية هناك راوٍ يعرف كل شيء ويقدم كل شيء لقارئ من دون صعوبات ومن دون دخول القارئ في عملية إبداع الرواية من الداخل.

•هل هذا يعود إلى مشكلة النقد في الوطن العربي؟

- في انكلترا وأميركا هناك مجلات خاصة تضم مقالات حول الروايات المنشورة حسب مقاييس يتفق عليها بالنسبة للمبادئ النقدية، وهناك روايات شعبية جدا تبيع ملايين النسخ مثل روايات «دان براون» و«دانيلز فيلد» في أميركا وقد تتحول هذه الروايات إلى أفلام سينمائية، ولكن الجالية النقدية تترك هذه الروايات الشعبية جانبا ولا تكتب مقالات عنها.

بينما المشكلة في العالم العربي أنه لا يوجد فارق بين الرواية الشعبية والرواية الفنية، وأتساءل: إذا قرأ قارئ أميركي «عمارة يعقوبيان» على سبيل المثال هل سيقرأ فيما بعد روايات محمد برادة وإلياس خوري وإدوارد الخراط وإبراهيم الكوني وعبدالرحمن منيف، بالطبع لا.

على الرغم من أنهم من أهم المشاركين في تطوير الرواية العربية، و«عمارة يعقوبيان» ظاهرة تنظر إلى الوراء زمنيا، صحيح يكتب عن حاضر مصر، ولكن بأسلوب تقليدي جدا، ولذلك يجذب أغلب القراء لأنه يكتب رواية غير تجريدية، وهذا من إشكاليات الحداثة وما بعد الحداثة.

•ذكرت من قبل أن العرب قد ينتظرون عشرين عاما أخرى للفوز بـ «نوبل» هل اقتربت الفرصة أم أن الانتظار سيطول؟

- أنا مراسل أكاديمي لجائزة نوبل، وفي عرف الجائزة لا يفوز بها إلا من كان على قائمتها القصيرة لمدة خمس سنوات على الأقل، ولا يفوز بها مرشح للمرة الاولى، ولا توجد أي أسماء عربية على القائمة حتى الآن.

قد يكون هنا عرب على القائمة الطويلة، وما أريد الإشارة إليه أن جائزة «نوبل» دولية ولكنها إسكندنافية وأكثر أعضائها لا يقرأون العربية، لذلك فالترجمة هى الطريق الوحيد لهم، ويتطلب الترشيح توافر عدد كبير من النصوص المترجمة لأفضل المؤلفين كل عام.

صحيح أن لجنة التحكيم تحاول توزيع الجائزة فيما بين الثقافات العالمية، ودور العالم العربي آت، لكن هناك الكثير من الثقافات الأخرى لم يفز أي مؤلف منها بالجائزة، وأقول للعرب لا تنتظروا جائزة «نوبل» هناك الكثير من جوائز الأدب الأخرى، ومن الأفضل التركيز على الجوائز المخصصة للأدب العربي، وأن ننسى إلى حد ما نوبل بعد أن أصبحت جائزة ضمن جوائز عديدة، وإن كانت أكثرها أهمية من دون شك، ولكن الانتظار سيطول.

• هل هناك كاتب عربي جدير بنوبل؟

-بالطبع هناك العديد، مثل «إلياس خوري، وإبراهيم الكوني، وإبراهيم عبد المجيد، ومحمد برادة». وكان عبد الرحمن منيف ولكنه مات، المشكلة في العالم العربي أنهم يعتقدون أن أي مؤلف يكتب باللغة العربية جدير بجائزة «نوبل» دون النظر إلى الترجمة، فمن دونها لا يوجد أمل، كان من الممكن أن يكون الطيب صالح من المرشحين الأقوياء، وهوبالنسبة لي من أفضل الروائيين العرب ولكنه كان كسولا واعترف لي بكسله، لأنه صديقي.

قال: «لا أحب أن أكتب، كتبت بما فيه الكفاية»، وأيضا كانت لديه مشكلة في بعض الروايات مثل «ضوالبيت» و«مريود» لأنه كتبهما مستخدما العامية السودانية.

فكانت هناك صعوبة في ترجمة هذه الروايات إلى الإنكليزية وكان على المترجم «دينيس جونز ديفيس» أن يجلس بجوار الطيب صالح نفسه ليترجم له جميع الألفاظ السودانية.

• بمناسبة الحديث عن الجوائز... ما رأيك في «البوكر العربية» والمشاكل التي أثيرت حولها؟

- بكل صراحة لم أقرأ أيا من الروايتين اللتين فازتا بالجائزة في الدورتين السابقتين، بالرغم من أنهما متوافرتان لدينا، بالفعل اندهشت قليلا من قرار هذا العام بإعلان الفائز واتصل بي شخص من راديو أميركا ليعرف رأيي في الرواية الفائزة بالبوكر العربية فسألته: من الفائز لأني لم أسمع به.

قال: روائي سعودي اسمه عبده خال، وأنا عن نفسي لم أسمع عنه من قبل ولكن سمعت آراء مختلفة تماما حوله، ولم أقرأ الرواية وتحدثت مع بعض النقاد الذين أحترم آراءهم، وقالوا إنها رواية ممتازة وعربية.

دائما ما تكون هناك مشاكل في اختيار الفائز بأي جائزة، وحتى جائزة «نوبل» عندما حصل عليها محفوظ دار حولها لغط وقيل إنها كانت ذاهبة إلى يوسف إدريس، وأن نجيب محفوظ غير جدير بها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي