الجمعية رصدت في تقريرها للعام 2009 تراجعا مقلقا في مجال الحريات
«حقوق الإنسان»: تجاوزات بحق الوافدين والخدم والإعلاميين ... وحقوق «البدون» تراوح مكانها








خلصت الجمعية الكويتية لحقوق الانسان الى ان ملف حقوق الانسان في الكويت لم يتحسن بشكل لافت، ورصدت تراجعا للحريات يقلق كافة العاملين بالشأن العام ومجالات الاعلام، ونبهت الى تجاوزات حدثت لفئات عدة مثل العمالة الوافدة والبدون والاعلاميين ومرشحي مجلس الأمة.
ورصدت الجمعية في تقرير بشأن أوضاع حقوق الانسان في الكويت للعام 2009 أوضاع «البدون» مؤكدة انها ظلت تراوح مكانها، مطالبة بتبني مقترح قانون يمنحهم حق الاقامة الدائمة في الكويت، والعلاج المجاني، والحصول على شهادات الميلاد والوفاة، وتحرير وتوثيق عقود الزواج والطلاق والوصية، والحق في العمل في القطاع العام والخاص والنفطي، وتملك العقارات.
واعتبرت الجمعية ان العمل استمر بقوانين غير مواتية لتحقيق تطورات ايجابية في أوضاع العمالة الوافدة، وطالبت بتوفير المواد والنصوص الملائمة لحماية حقوق العمالة المنزلية، ودعت القيادة السياسية الى تمكين المرأة من تولي المناصب القيادية، وتعزيز دورها في القطاع الخاص.
ورصدت الجمعية محنة في مجال الحريات العام الماضي حيث جرى توقيف عدد من المرشحين في انتخابات مجلس الأمة التي أقيمت في شهر مايو نتيجة لتصريحاتهم في الحملات الانتخابية، وطالبت عدم التعامل مع ملف «التجنيس» بخفة، محذرة من اخضاعه للابتزاز السياسي والمساومات التي تؤدي الى أوضاع كارثية للذين تم سحب الجنسية منهم، وأكدت ان البلاد لا تزال تفتقر الى أنظمة وقوانين لحماية المعاقين والتأكيد على حقوقهم... وهنا نص التقرير
أولا «البدون»:
ظلت قضية «البدون» تراوح في مكانها بالرغم من تصريحات الوزراء والمسؤولين في الحكومة بأنه سيتم تعيين أفراد هذه الفئة في سلك التعليم أو في وظائف التمريض في وزارة الصحة، لكن على أرض الواقع لم يتحقق شيء ملحوظ بما يعين أفراد هذه الفئة على الحصول على وظائف تمكنهم من مواجهة متطلبات المعيشة الكريمة، كما أن حصول الأطفال والأبناء من أفراد هذه الفئة على شهادات الميلاد ظلت محط تجاذب بين وزارة الصحة واللجنة التنفيذية للمقيمين بصورة غير قانونية، أما الحصول على عقد زواج أو طلاق فانه بمثابة كابوس يتطلب التقاضي بين أطرافه ويحمل المعنيين تكاليف مالية ونفسية، ولذلك يمكن الزعم بأن المسائل الأساسية والمطالب المشروعة لفئة البدون والمتعلقة بتوفير أوضاع انسانية وتمكينهم من الحصول على حقوق مدنية وقانونية بموجب معايير حقوق الانسان الدولية لم تتوافر خلال عام 2009.
لكن يمكن القول بأن القضية حظيت باهتمام من قبل نواب في مجلس الأمة وتم تقديم عدد من مشاريع القوانين لمعالجة أوضاع «البدون» وجرى تدارس هذه المشاريع من قبل اللجنة التشريعية ولجنة معالجة أوضاع غير محددي الجنسية، بل ان هذه المشاريع تم اعتماد واحد منها وتقدمت اللجنة بصياغة مشروع قانون ينص على الحقوق القانونية والمدنية لغير محددي الجنسية، وبصفة الاستعجال، بتاريخ 8 ديسمبر 2009 الى مجلس الأمة لمناقشته واقراره، وقد أحاله رئيس مجلس الأمة الى الأمانة العامة لاعتماده على جدول أعمال جلسة خاصة ليوم 10 ديسمبر 2009، بيد أن تلك الجلسة لم تعقد لفقدان النصاب القانوني اللازم.
وقد اشتمل مشروع القانون على حقوق مهمة لأفراد فئة عديمي الجنسية أو البدون، نذكر منها ما يلي كما ورد في المادة الثالثة من مشروع القانون:-
1 - الاقامة الدائمة في الكويت.
2 - العلاج المجاني بجميع تخصصاته ومتطلباته والحصول على الدواء مجاناً.
3 - معاملة المعاق غير محدد الجنسية مثل معاملة المعاق الكويتي.
4 - الحصول على شهادات الميلاد والوفاة.
5 - تحرير وتوثيق عقود الزواج والطلاق والوصية وحق الارث وجميع ما يتعلق بالأحوال الشخصية.
6 - رخص القيادة بجميع أنواعها.
7 - الحصول على جواز السفر.
8 - الحق في العمل في القطاع العام والخاص والقطاع النفطي مع استحقاق مكافأة نهاية الخدمة المقررة في أي منها.
9 - الحق في تملك العقارات بصورة فردية أو بالاشتراك مع الغير.
10 - الحق في التعليم بجميع مراحله.
ولا شك أن اقرار مثل هذا القانون من قبل مجلس الأمة لن يكون يسيراً حيث ان هناك فئات واسعة في المجتمع الكويتي لا تقبل بمساواة فئة «البدون» بالكويتي على النحو الوارد بذلك المشروع بقانون، وقد يتطلب الأمر تعديلات على مشروع القانون حتى يحظى باجماع أو قبول أغلبية داخل مجلس الأمة وارتياح من كافة الفئات في المجتمع.
وعلى صعيد آخر، فقد شكل المجلس الأعلى للتخطيط الذي يرأسه سمو رئيس مجلس الوزراء لجنة من ضمن أعضائه لبحث أوضاع البدون وتقديم تقريرها لذلك المجلس لدراسته وتحويله للحكومة للنظر في شأنه تمهيداً لاقراره.
في تقرير «أوضاع حقوق الانسان في الكويت» للعام 2008 أشرنا الى وضع أحمد مشاري الشمري الذي سبق له أن أحيل الى ادارة الابعاد من قبل ادارة أمن الدولة لابعاده ادارياً، ونود أن نوضح بأن جهود الجمعية الكويتية لحقوق الانسان وجهود جمعيات وجهات وطنية أخرى قد أفلحت بالافراج عنه، ونود أن نثمن تعاون وزير الداخلية مع هذه الجهات وتجاوبه مع المناشدات الخيرة.
ثانيا أنظمة العمل في البلاد وأوضاع العمالة الوافدة:
ظل عام 2009 طويلاً ومقلقاً للعمالة الوافدة فقد استمر العمل بالقوانين غير المواتية لتحقيق تطورات ايجابية في اوضاع العمالة الوافدة، ومن بينها القانون رقم 38 لسنة 1964 وما يتضمن ذلك من استمرار نظام الكفيل، وقد اجتهدت الجمعية الكويتية لحقوق الانسان مع عدد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها غرفة تجارة وصناعة الكويت والاتحاد العام لعمال الكويت وبالتشاور مع مكتب منظمة العمل الدولية ILO في الكويت لاصلاح الأنظمة المتعلقة بالعمل في القطاع الأهلي وايجاد بدائل لنظام الكفيل، الا أن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح، وقد استمرت مطالبات العديد من فئات العمالة الوافدة، خصوصاً الفئات التي تعمل في شركات تتعاقد مع مؤسسات ودوائر الحكومة لتقديم خدمــات النظافة والحراسة وقراءة عدادات الكهرباء والمياه، من أجل تحصيل حقوقها بالأجور والمزايا الأخرى المنصوص عليها في العقود، وتلقينا العديد من الشكاوى بشأن تقاعس أرباب العمل في تأدية الرواتب والأجور ولمدد تتجاوز التسعة شهور أحياناً بما يؤكد استمرار انتهاك حقوق العمالة الوافدة في البلاد.
ومما يثير الاحباط لدى المهتمين بحقوق العمالة الوافدة أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لم تتمكن من توفير الآليات المؤسسية للتعامل مع أرباب العمل من مؤسسات خدمية وغيرها والتأكيد عليها بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية مع العاملين لديها، هذا بالرغم من أن العاملين في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يجتهدون كثيراً من أجل تحقيق متطلبات العدالة الا أن ذلك يظل دون معاقبة أرباب العمل المتقاعسين على أسس منهجية وقانونية حتى لا تتضرر سمعة البلاد في مجال حقوق الانسان، وقبل ذلك حتى لا تنتهك حقوق العاملين في البلاد مهما كانت جنسياتهم ومهنتهم.
من جانب آخر، ظلت العمالة المنزلية تعاني من مشاكل عديدة أهمها غياب التغطية القانونية التي تحفظ لها حقوقها وتؤكد على التزامات أرباب الأسر الذين استقدموها للعمل في البلاد وفي بيوتهم، وتشكل العمالة المنزلية ما يزيد على 600 ألف من الوافدين، وهي عمالة لا تزال مستمرة بالزيادة نتيجة للسلوكيات الريعية في المجتمع الكويتي وتكرس قيم الاتكالية والاعتماد على الغير، وما دام الكويتيون وغيرهم من وافدين يحتاجون الى العمالة المنزلية فان عليهم تنظيم الضوابط الكفيلة بحفظ الحقوق ووقف الانتهاكات غير الانسانية ووضع حد للمتاجرة بالبشر التي تقوم بها مكاتب الخدم والعمالة المنزلية في البلاد، وأهم من كل ما سبق ذكره توفير الغطاء القانوني لحفظ حقوق وكرامة هؤلاء العاملين.
هذا وقد اعتمد مجلس الأمة قانوناً جديداً للعمل في القطاع الأهلي في نهاية العام الماضي وجاء القانون أفضل بكثير من القانون رقم 38 لعام 1964 وان كانت هناك ملاحظات مهمة من المتخصصين ومن منظمة العمل الدولية على رأسها استمرار عدم تحديد حد أدنى للأجور، كما جاء القانون خالياً من اي مواد أو نصوص بشأن العمالة المنزلية وأوكل حقوقها وتنظيم عملها للقرارات الادارية التي يصدرها الوزراء المختصون.
ومازلنا في الجمعية الكويتية لحقوق الانسان نطالب بتوفير المواد والنصوص الملائمة لحماية حقوق العمالة المنزلية أو اصدار قانون خاص ملزم لكافة أرباب الأسر ولذوي الشأن في الوزارات والدوائر الحكومية، وهناك امكانية لصدور قانون خاص بالعمالة المنزلية، حيث يوجد على جدول أعمال اللجنة القانونية والتشريعية في مجلس الأمة مشروع قانون للعمالة المنزلية نأمل أن تتم الموافقة عليه من مجلس الأمة خلال عام 2010.
من جانب آخر، هناك تطورات ايجابية بشأن اوضاع العمالة المنزلية منها توفير ملجأ للعمالة المنزلية التي تغادر منازل أرباب العمل لأسباب متعددة وأشار مسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن هذا الملجأ، كان مبنى مدرسة حكومية، موقتا وهناك مشروع لبناء ملجأ دائم بعد أن تم رصد مبلغ وقدره 700 ألف دينار ( 2 مليون دولار) لاقامة الملجأ.
وبتقديرنا أن أوضاع العمالة الوافدة سوف تتقدم كثيراً اذا ما عالجت الحكومة في الكويت موضوع نظام الكفالة الذي يطبق على كافة العاملين الوافدين في البلاد بشرط أن يؤدي الى تحرير هؤلاء العاملين من القيود التي يفرضها هذا النظام على العمالة الوافدة وبما يسمح بالتجارة بالبشر، ولذلك فان التعامل بايجابية مع مطالب منظمة العمل الدولية لالغاء هذا النظام سيكون ذا مردود فعال على أوضاع العمالة الوافدة، وقد سبق لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور محمد العفاسي أن وعد وفداً من الجمعية الكويتية لحقوق الانسان باجراء تعديلات أساسية على نظام الكفيل، وقد صدرت، فعلاً، قرارات من الوزير منحت العاملين الذين قضوا أكثر من ثلاث سنوات الحق في الانتقال الى رب عمل آخر دون موافقة رب العمل الأساسي الا أن تلك التعديلات ما زالت مقيدة بشروط مثل الحصول على براءة ذمة وغير ذلك من شروط بما يعني افراغ تلك التعديلات من فعاليتها ومضامينها، خصوصاً وأن الكفلاء، أو الكثير منهم، سيبدون تعنتاً تقليدياً في التعامل مع مسألة التنازل.
ثالثا قضايا المرأة:
تمكنت المرأة من تحقيق انجازات مهمة خلال عام 2009... وفازت 4 سيدات في انتخابات مجلس الأمة التي عقدت خلال شهر مايو وبذلك أصبح للمرأة دوراً حقيقياً في صناعة القرار السياسي في الكويت وبعد حرمان طال ودام أكثر من 47 عاماً، الا أن المرأة ظلت تواجه قوى متزمتة لم تقبل بنتائج الانتخابات والارادة الديموقراطية للشعب الكويتي، حيث رفع نشطاء محافظون دعاوى في المحاكم ضد عضويتين في مجلس الأمة هما الدكتورة رولا دشتي والدكتورة أسيل العوضي بدعوى انهما لما يلتزما بقيود اللباس الشرعي والذي نص عليه قانون الانتخابات المعدل، ودحضت المحكمة الدستورية هذا الادعاء وقررت حرية المرأة العاملة في مجال السياسي في اعتماد اللباس المناسب لها دون شروط.
من جانب آخر، أقرت المحكمة الدستورية حق المرأة في استصدار جواز سفر دون موافقة الزوج كما كان ينص على ذلك قانون وثائق السفر، ويمثل ذلك نهاية لمعاناة العديد من النساء اللواتي شقيّن بتعنت الأزواج ورفضهم لمنح الموافقة على استصدار جواز السفر.
وانتهاكاً لمواد الدستور والمواثيق الدولية التي لا تميز بين ذكر وأنثى فقد رفضت وزارة العدل قبول أوراق احدى الخريجات الاناث لشغل وظيفة وكيل نيابة.
وكانت خريجة كلية الحقوق «شروق الفيلكاوي» قد تقدمت لشغل هذه الوظيفة بعد أن أعلنت وزارة العدل بجريدة الرأي بتاريخ 16 أغسطس 2009 عن حاجة الوزارة لشغل وظيفة باحث مبتدئ قانوني، وتقدمت بأوراقها كاملة الا أن الموظف رفض تسلم أوراقها على أساس انها أنثى والاعلان المنشور بالجريدة هو للذكور، وعلى اثر ذلك تقدمت برفع تظلم الى المحكمة.
وتظل هناك قضايا مهمة لا تزال تحد من حقوق المرأة في الكويت ومنها حرمان الأبناء من التمتع بالجنسية الكويتية اذا كان الزوج غير كويتي، وبما يتعارض مع نصوص المادة 29 من دستور الكويت التي تحرم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس، كما أن المرأة لا تزال محرومة من حقوق الرعاية السكنية الحكومية والتي يتمتع بها الذكور، اذا كانوا متزوجين، ولذلك تستمر المطالبات لتعديل قوانين الرعاية السكنية بما يمكن المرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي أو الأرملة أو المطلقة من الحصول على رعاية سكنية مناسبة.
ولا شك أن الشوط سيظل طويلاً حتى يمكن للمرأة الكويتية من التمتع بذات الحقوق التي يتمتع بها الرجل الكويتي بموجب قانون الأحوال الشخصية وغيرها من قوانين مدنية وبما يتسق مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ويأمل المهتمون بتعزيز دور المرأة في التنمية أن تحظى المرأة بتقدير مهني أفضل وتدعيم دورها في صناعة القرار في الأعمال الاقتصادية، كما أن زيادة أعداد الخريجات من الجامعات والمعاهد العليا يجب أن يواكبها دعم لدور المرأة في قوة العمل وتمكينها من الوصول الى أرقى المناصب القيادية في المؤسسات الحكومية والخاصة في البلاد.
ولذلك فان المطلوب أن تولي القيادة السياسية أهمية لتمكين المرأة من تولي المناصب الوزارية ووكلاء الوزارات والمديرين في المؤسسات. كما أنه يفترض بالقطاع الخاص ان يعزز من دور المرأة في قوة العمل في مؤسساته المختلفة.
رابعا قضايا الحريات:
واجهت الكويت محنة في عام 2009 في مجال الحريات، حيث جرى توقيف عدد من المرشحين في انتخابات مجلس الأمة التي أقيمت في شهر مايو نتيجة لتصريحاتهم في الحملة الانتخابية.
ان احتجاز كل من خالد طاحوس وضيف الله بورمية لم يكن مبرراً على الاطلاق، وتقييد حرية المرشحين وغيرهم لأسباب تتصل بتصريحاتهم مهما كانت المبررات تتنافى مع نصوص الدستور وقيم الديموقراطية، ان علينا أن نولي المواطنين الثقة وبقدرتهم على التمييز اعتماداً على معايير الديموقراطية ونصوص دستور الكويت، كما أن توقيف الكاتب محمد عبد القادر الجاسم في أواخر العام نتيجه للشكاوى المرفوعه ضده من قبل سمو رئيس مجلس الوزراء وقبل اصدار الحكم وبحجة رفضه دفع قيمة الكفالة المطلوبة منه، يعد انتكاسة في مجال الحريات الاعلامية وحريات التعبير ونأمل ألا نشهد خلال العام الحالي اجراءات مشابهة.
وخلال شهر أغسطس من عام 2009 فوجئت الكويت بتطورات غير حميدة في مجال الحريات، عندما أعلنت مصادر حكومية في مجلس الوزراء أن المجلس قرر احالة أي منتج مسلسل أو برنامج يسيء الى أي مسؤول في الدولة الى النيابة، وقد اتخذ وزير الاعلام قراراً بوقف برنامج تلفزيوني «صوتك وصل» الذي تبثه قناة «سكوب» بعد انتقاده للمسؤولين.
أهم من كل ما سبق ذكره أن الحملة التي واجهتها وسائل الاعلام خصوصاً القنوات الفضائية الخاصة بعد بث برنامج للسيد محمد الجويهل في قناة السور بزعم تطاوله على عدد من أعضاء مجلس الامة وطعنه بولاء عدد من الفئات المجتمعية، هذه الحملة لم يكن لها مبرر في ظل امكانيات اللجوء الى القضاء من قبل الافراد والاطراف المتضررة.
وكما أن قيام وزارة الاعلام بالتجاوب مع تلك الحملة ومحاولة تغليظ العقوبات في قانوني المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع يؤكد نوايا غير ديموقراطية للحد من الحريات الاعلامية وتقييد حريات التعبير في البلاد وبما لا يتوافق مع مبادئ ونصوص دستور 1962.
من جانب آخر، لم تكن السلطات الأمنية موفقة عندما قامت باعتقال محمد الجويهل وتحويل قضيته الى قضية «أمن دولة» في الوقت الذي يؤكد فيه قانون المرئي والمسموع أن ما أثير بشأن تصريحاته تختص به النيابة العامة، أي انه حتى لو افترضنا ان هناك تجاوزاً قد حدث من قبل الجويهل فان القضية تظل مدنية خاضعة لاجراءات التقاضي الاعتيادية بموجب نصوص ومواد القانون.
هذا وقد سبق أن أحيل فيصل اليحيى المحامي في ادارة الفتوى والتشريع الى التحقيق الاداري بسبب قيامه بنشر رأيه القانوني في الأسئلة المثارة بشأن مصروفات ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء.
ونرى أن هذه الاحالة تتناقض مع مبادئ الحرية، خصوصاً حرية التعبير التي كفلها دستور البلاد، وطرح مثل هذه الآراء، حتى من الموظفين العموميين، لا يؤدي الى التأثير على سيرورة هذه القضايا... وبتقديرنا أن التسامح مع وجهات النظر بشأن أي قضية مطروحة في البلاد يعزز قيم الديمقراطية ويؤكد احترام الدستور ومضامينه السامية ويؤكد احترام السلطات لقيم حقوق الانسان.
خامسا حقوق المعاقين:
تواجه الكويت مشكلة المعاقين الناتجة عن تزايد أعدادهم بسبب السلوكيات الاجتماعية ومنها زواج الأقارب، وقد تم اعتماد قانون اخيراً يفرض على الراغبين في الزواج اجراء فحص طبي للتأكد من خلو كل طرف من العيوب الوراثية التي قد تؤدي الى حالات اعاقة بين الأبناء، وربما يؤدي هذا القانون الى الحد من المعاقين في المستقبل.
من جانب آخر، لا تزال البلاد تفتقر الى أنظمة وقوانين لحماية المعاقين والتأكيد على حقوقهم والى ذلك يضاف الافتقار للثقافة المجتمعية التي يمكن أن تساهم باحترام تلك الحقوق المستحقة.
وقد برزت توجهات غير حميدة خلال العام 2009 منها اعلان وزارة التربية تعاقدها لبناء مجمع للمعاقين بمبلغ 100 مليون دينار كويتي ما يؤكد استمرار سياسات العزل تجاه المعاقين، في حين أن المطلوب هو زيادة اندماجهم مع الآخرين في المجتمع كما تؤكد على ذلك المواثيق الدولية الخاصة بالمعاقين.
وربما هناك تطورات ايجابية منها الانتهاء من اقرار قانون حقوق المعاقين الذي اعتمد من قبل مجلس الأمة.. كذلك جرى الاعتراف بلغة «برايل» للمكفوفين ولغة الاشارة للصم، كما جرى الاعتراف بفئة الصم المكفوفين ولغة التواصل باللمس والوسائط المتعددة... ومن المؤمل أن يؤدي صدور القانون الخاص بحقوق المعاقين الى الحد من ظاهرة المدعين بالاعاقة والتي تتم على حساب أولئك الذين يعانون من مشكلات الاعاقة العديدة.
سادسا مسألة التجنيس:
تمثل قضية التجنيس في الكويت مجالاً خصباً للجدل حيث يطالب المتشددون بوضع نهاية للتجنيس، بصورة مطلقة، في حين هناك من يرى أن الكثير من المقيمين في البلاد، وخصوصاً أفراد فئة البدون، يستحقون التجنس نظراً لاقامتهم الطويلة في البلاد جيلاً بعد آخر ودون أن يكون لهم وطن آخر غير الكويت. واذا كانت مسألة التجنيس من الأمور السيادية فان منح الجنسية لأي فرد ثم سحبها منه تعتبر من القضايا التي تستحق النظر، وقد جرى خلال عام 2009 سحب الجنسية من أفراد تم تجنيسهم بعد أن أثيرت ملاحظات بشأن عملية التجنيس ومدى استحقاقهم للجنسية.. ولا يجوز التعامل مع هذه المسألة بهذه الخفة واخضاعها للابتزاز السياسي والمساومات التي تؤدي الى أوضاع كارثية للمتضررين الذين تم سحب الجنسية منهم.. وغني عن البيان أن ما جرى يؤكد غياب المعايير الموضوعية واهمال حقوق الانسان مما يستدعي من مجلس الوزراء مراجعة كل ما جرى على أسس تتوافق مع احترام حقوق الانسان، وفي ذات الوقت التأكد من أن كل من يمنح الجنسية الكويتية هو شخص يستحقها ومن ثم لا يجوز سحبها منه.
الشكاوى التي تلقتها الجمعية
1 - يعاني عدد من العاملين بالشركات (العمالة الآسيوية والمصرية) من تأخر شركاتهم في صرف رواتبهم لمدة تتراوح ما بين 3 شهور الى 9 شهور.
2 - ما زالت مشكلة العمال الموقوفين في المخافر (المخالفين لقانون الاقامة) سارية بسبب تأخير احالتهم الى سلطات التحقيق وفي ظل تعنت بعض الكفلاء بشأن تسجيل تغيب بشأنهم.
3 - لوحظ في الآونة الأخيرة ان بعض العمال قد يكون لديه شكوى نزاعات عمالية لدى ادارة شؤون منازعات العمل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعيــة والعمل في الوقت نفسه الذي يتم تسجيل قضية تغيب ما يضطر العامل الى الاختباء تفادياً لالقاء القبض عليه ما يسبب في عدم حضوره الى ادارة منازعات العمل في الجلسات المقررة للنظر بالشكوى.
4 - لم ترد وزارة الداخلية على كتبنا بشأن زيارة وفد لجنة الشكاوى الى أماكن التوقيف (المخافر سجن الابعاد السجن المركزي) للوقوف على الأوضاع الخاصة بالموقوفين. ولم يسمح للجمعية بزيارة تلك الأماكن.
5 - هناك عدد من أطفال البدون مازالوا محرومين من شهادة الميلاد والتي يفترض بوزارة الصحة ان تمنحهم هذه الشهادة وهي الجهة المسؤولة والشاهدة على ولادة الطفل البدون في مستشفياتها، ويترتب على عدم صدور شهادة الميلاد مشاكل عديدة في ما يتعلق بالتعليم والرعاية الصحية، حيث ترفض العديد من الجهات الحكومية التعامل مع الأفراد الا باثبات رسمي.
6 - عانى أصحاب الوثائق اللبنانية والمصرية (الفلسطينيون) من عملية وضع اقامة العمل أو تجديد هذه الوثائق خاصة. كما أن البعض منهم اضطر الى استخراج جوازات افريقية خاصة بعد فترة الغزو العراقي الغاشم، أي ما بعد عام 1991 و1992، وقد تم وضع الاقامة على تلك الجوازات من قبل وزارة الداخلية، بيد أن هؤلاء فوجئوا بتعنت سفارات تلك الدول ورفض تجديد جوازاتهم فضلا عن امتناع الجهات الرسمية في وضع الاقامة على وثائقهم سواء كانت مصرية أو لبنانية، مما أدى بذلك الى وقوعهم تحت طائلة المخالفة لقانون الاقامة وسريان الغرامات المالية عليهم وهم عاجزون عن سدادها.
ورصدت الجمعية في تقرير بشأن أوضاع حقوق الانسان في الكويت للعام 2009 أوضاع «البدون» مؤكدة انها ظلت تراوح مكانها، مطالبة بتبني مقترح قانون يمنحهم حق الاقامة الدائمة في الكويت، والعلاج المجاني، والحصول على شهادات الميلاد والوفاة، وتحرير وتوثيق عقود الزواج والطلاق والوصية، والحق في العمل في القطاع العام والخاص والنفطي، وتملك العقارات.
واعتبرت الجمعية ان العمل استمر بقوانين غير مواتية لتحقيق تطورات ايجابية في أوضاع العمالة الوافدة، وطالبت بتوفير المواد والنصوص الملائمة لحماية حقوق العمالة المنزلية، ودعت القيادة السياسية الى تمكين المرأة من تولي المناصب القيادية، وتعزيز دورها في القطاع الخاص.
ورصدت الجمعية محنة في مجال الحريات العام الماضي حيث جرى توقيف عدد من المرشحين في انتخابات مجلس الأمة التي أقيمت في شهر مايو نتيجة لتصريحاتهم في الحملات الانتخابية، وطالبت عدم التعامل مع ملف «التجنيس» بخفة، محذرة من اخضاعه للابتزاز السياسي والمساومات التي تؤدي الى أوضاع كارثية للذين تم سحب الجنسية منهم، وأكدت ان البلاد لا تزال تفتقر الى أنظمة وقوانين لحماية المعاقين والتأكيد على حقوقهم... وهنا نص التقرير
أولا «البدون»:
ظلت قضية «البدون» تراوح في مكانها بالرغم من تصريحات الوزراء والمسؤولين في الحكومة بأنه سيتم تعيين أفراد هذه الفئة في سلك التعليم أو في وظائف التمريض في وزارة الصحة، لكن على أرض الواقع لم يتحقق شيء ملحوظ بما يعين أفراد هذه الفئة على الحصول على وظائف تمكنهم من مواجهة متطلبات المعيشة الكريمة، كما أن حصول الأطفال والأبناء من أفراد هذه الفئة على شهادات الميلاد ظلت محط تجاذب بين وزارة الصحة واللجنة التنفيذية للمقيمين بصورة غير قانونية، أما الحصول على عقد زواج أو طلاق فانه بمثابة كابوس يتطلب التقاضي بين أطرافه ويحمل المعنيين تكاليف مالية ونفسية، ولذلك يمكن الزعم بأن المسائل الأساسية والمطالب المشروعة لفئة البدون والمتعلقة بتوفير أوضاع انسانية وتمكينهم من الحصول على حقوق مدنية وقانونية بموجب معايير حقوق الانسان الدولية لم تتوافر خلال عام 2009.
لكن يمكن القول بأن القضية حظيت باهتمام من قبل نواب في مجلس الأمة وتم تقديم عدد من مشاريع القوانين لمعالجة أوضاع «البدون» وجرى تدارس هذه المشاريع من قبل اللجنة التشريعية ولجنة معالجة أوضاع غير محددي الجنسية، بل ان هذه المشاريع تم اعتماد واحد منها وتقدمت اللجنة بصياغة مشروع قانون ينص على الحقوق القانونية والمدنية لغير محددي الجنسية، وبصفة الاستعجال، بتاريخ 8 ديسمبر 2009 الى مجلس الأمة لمناقشته واقراره، وقد أحاله رئيس مجلس الأمة الى الأمانة العامة لاعتماده على جدول أعمال جلسة خاصة ليوم 10 ديسمبر 2009، بيد أن تلك الجلسة لم تعقد لفقدان النصاب القانوني اللازم.
وقد اشتمل مشروع القانون على حقوق مهمة لأفراد فئة عديمي الجنسية أو البدون، نذكر منها ما يلي كما ورد في المادة الثالثة من مشروع القانون:-
1 - الاقامة الدائمة في الكويت.
2 - العلاج المجاني بجميع تخصصاته ومتطلباته والحصول على الدواء مجاناً.
3 - معاملة المعاق غير محدد الجنسية مثل معاملة المعاق الكويتي.
4 - الحصول على شهادات الميلاد والوفاة.
5 - تحرير وتوثيق عقود الزواج والطلاق والوصية وحق الارث وجميع ما يتعلق بالأحوال الشخصية.
6 - رخص القيادة بجميع أنواعها.
7 - الحصول على جواز السفر.
8 - الحق في العمل في القطاع العام والخاص والقطاع النفطي مع استحقاق مكافأة نهاية الخدمة المقررة في أي منها.
9 - الحق في تملك العقارات بصورة فردية أو بالاشتراك مع الغير.
10 - الحق في التعليم بجميع مراحله.
ولا شك أن اقرار مثل هذا القانون من قبل مجلس الأمة لن يكون يسيراً حيث ان هناك فئات واسعة في المجتمع الكويتي لا تقبل بمساواة فئة «البدون» بالكويتي على النحو الوارد بذلك المشروع بقانون، وقد يتطلب الأمر تعديلات على مشروع القانون حتى يحظى باجماع أو قبول أغلبية داخل مجلس الأمة وارتياح من كافة الفئات في المجتمع.
وعلى صعيد آخر، فقد شكل المجلس الأعلى للتخطيط الذي يرأسه سمو رئيس مجلس الوزراء لجنة من ضمن أعضائه لبحث أوضاع البدون وتقديم تقريرها لذلك المجلس لدراسته وتحويله للحكومة للنظر في شأنه تمهيداً لاقراره.
في تقرير «أوضاع حقوق الانسان في الكويت» للعام 2008 أشرنا الى وضع أحمد مشاري الشمري الذي سبق له أن أحيل الى ادارة الابعاد من قبل ادارة أمن الدولة لابعاده ادارياً، ونود أن نوضح بأن جهود الجمعية الكويتية لحقوق الانسان وجهود جمعيات وجهات وطنية أخرى قد أفلحت بالافراج عنه، ونود أن نثمن تعاون وزير الداخلية مع هذه الجهات وتجاوبه مع المناشدات الخيرة.
ثانيا أنظمة العمل في البلاد وأوضاع العمالة الوافدة:
ظل عام 2009 طويلاً ومقلقاً للعمالة الوافدة فقد استمر العمل بالقوانين غير المواتية لتحقيق تطورات ايجابية في اوضاع العمالة الوافدة، ومن بينها القانون رقم 38 لسنة 1964 وما يتضمن ذلك من استمرار نظام الكفيل، وقد اجتهدت الجمعية الكويتية لحقوق الانسان مع عدد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها غرفة تجارة وصناعة الكويت والاتحاد العام لعمال الكويت وبالتشاور مع مكتب منظمة العمل الدولية ILO في الكويت لاصلاح الأنظمة المتعلقة بالعمل في القطاع الأهلي وايجاد بدائل لنظام الكفيل، الا أن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح، وقد استمرت مطالبات العديد من فئات العمالة الوافدة، خصوصاً الفئات التي تعمل في شركات تتعاقد مع مؤسسات ودوائر الحكومة لتقديم خدمــات النظافة والحراسة وقراءة عدادات الكهرباء والمياه، من أجل تحصيل حقوقها بالأجور والمزايا الأخرى المنصوص عليها في العقود، وتلقينا العديد من الشكاوى بشأن تقاعس أرباب العمل في تأدية الرواتب والأجور ولمدد تتجاوز التسعة شهور أحياناً بما يؤكد استمرار انتهاك حقوق العمالة الوافدة في البلاد.
ومما يثير الاحباط لدى المهتمين بحقوق العمالة الوافدة أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لم تتمكن من توفير الآليات المؤسسية للتعامل مع أرباب العمل من مؤسسات خدمية وغيرها والتأكيد عليها بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية مع العاملين لديها، هذا بالرغم من أن العاملين في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يجتهدون كثيراً من أجل تحقيق متطلبات العدالة الا أن ذلك يظل دون معاقبة أرباب العمل المتقاعسين على أسس منهجية وقانونية حتى لا تتضرر سمعة البلاد في مجال حقوق الانسان، وقبل ذلك حتى لا تنتهك حقوق العاملين في البلاد مهما كانت جنسياتهم ومهنتهم.
من جانب آخر، ظلت العمالة المنزلية تعاني من مشاكل عديدة أهمها غياب التغطية القانونية التي تحفظ لها حقوقها وتؤكد على التزامات أرباب الأسر الذين استقدموها للعمل في البلاد وفي بيوتهم، وتشكل العمالة المنزلية ما يزيد على 600 ألف من الوافدين، وهي عمالة لا تزال مستمرة بالزيادة نتيجة للسلوكيات الريعية في المجتمع الكويتي وتكرس قيم الاتكالية والاعتماد على الغير، وما دام الكويتيون وغيرهم من وافدين يحتاجون الى العمالة المنزلية فان عليهم تنظيم الضوابط الكفيلة بحفظ الحقوق ووقف الانتهاكات غير الانسانية ووضع حد للمتاجرة بالبشر التي تقوم بها مكاتب الخدم والعمالة المنزلية في البلاد، وأهم من كل ما سبق ذكره توفير الغطاء القانوني لحفظ حقوق وكرامة هؤلاء العاملين.
هذا وقد اعتمد مجلس الأمة قانوناً جديداً للعمل في القطاع الأهلي في نهاية العام الماضي وجاء القانون أفضل بكثير من القانون رقم 38 لعام 1964 وان كانت هناك ملاحظات مهمة من المتخصصين ومن منظمة العمل الدولية على رأسها استمرار عدم تحديد حد أدنى للأجور، كما جاء القانون خالياً من اي مواد أو نصوص بشأن العمالة المنزلية وأوكل حقوقها وتنظيم عملها للقرارات الادارية التي يصدرها الوزراء المختصون.
ومازلنا في الجمعية الكويتية لحقوق الانسان نطالب بتوفير المواد والنصوص الملائمة لحماية حقوق العمالة المنزلية أو اصدار قانون خاص ملزم لكافة أرباب الأسر ولذوي الشأن في الوزارات والدوائر الحكومية، وهناك امكانية لصدور قانون خاص بالعمالة المنزلية، حيث يوجد على جدول أعمال اللجنة القانونية والتشريعية في مجلس الأمة مشروع قانون للعمالة المنزلية نأمل أن تتم الموافقة عليه من مجلس الأمة خلال عام 2010.
من جانب آخر، هناك تطورات ايجابية بشأن اوضاع العمالة المنزلية منها توفير ملجأ للعمالة المنزلية التي تغادر منازل أرباب العمل لأسباب متعددة وأشار مسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن هذا الملجأ، كان مبنى مدرسة حكومية، موقتا وهناك مشروع لبناء ملجأ دائم بعد أن تم رصد مبلغ وقدره 700 ألف دينار ( 2 مليون دولار) لاقامة الملجأ.
وبتقديرنا أن أوضاع العمالة الوافدة سوف تتقدم كثيراً اذا ما عالجت الحكومة في الكويت موضوع نظام الكفالة الذي يطبق على كافة العاملين الوافدين في البلاد بشرط أن يؤدي الى تحرير هؤلاء العاملين من القيود التي يفرضها هذا النظام على العمالة الوافدة وبما يسمح بالتجارة بالبشر، ولذلك فان التعامل بايجابية مع مطالب منظمة العمل الدولية لالغاء هذا النظام سيكون ذا مردود فعال على أوضاع العمالة الوافدة، وقد سبق لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور محمد العفاسي أن وعد وفداً من الجمعية الكويتية لحقوق الانسان باجراء تعديلات أساسية على نظام الكفيل، وقد صدرت، فعلاً، قرارات من الوزير منحت العاملين الذين قضوا أكثر من ثلاث سنوات الحق في الانتقال الى رب عمل آخر دون موافقة رب العمل الأساسي الا أن تلك التعديلات ما زالت مقيدة بشروط مثل الحصول على براءة ذمة وغير ذلك من شروط بما يعني افراغ تلك التعديلات من فعاليتها ومضامينها، خصوصاً وأن الكفلاء، أو الكثير منهم، سيبدون تعنتاً تقليدياً في التعامل مع مسألة التنازل.
ثالثا قضايا المرأة:
تمكنت المرأة من تحقيق انجازات مهمة خلال عام 2009... وفازت 4 سيدات في انتخابات مجلس الأمة التي عقدت خلال شهر مايو وبذلك أصبح للمرأة دوراً حقيقياً في صناعة القرار السياسي في الكويت وبعد حرمان طال ودام أكثر من 47 عاماً، الا أن المرأة ظلت تواجه قوى متزمتة لم تقبل بنتائج الانتخابات والارادة الديموقراطية للشعب الكويتي، حيث رفع نشطاء محافظون دعاوى في المحاكم ضد عضويتين في مجلس الأمة هما الدكتورة رولا دشتي والدكتورة أسيل العوضي بدعوى انهما لما يلتزما بقيود اللباس الشرعي والذي نص عليه قانون الانتخابات المعدل، ودحضت المحكمة الدستورية هذا الادعاء وقررت حرية المرأة العاملة في مجال السياسي في اعتماد اللباس المناسب لها دون شروط.
من جانب آخر، أقرت المحكمة الدستورية حق المرأة في استصدار جواز سفر دون موافقة الزوج كما كان ينص على ذلك قانون وثائق السفر، ويمثل ذلك نهاية لمعاناة العديد من النساء اللواتي شقيّن بتعنت الأزواج ورفضهم لمنح الموافقة على استصدار جواز السفر.
وانتهاكاً لمواد الدستور والمواثيق الدولية التي لا تميز بين ذكر وأنثى فقد رفضت وزارة العدل قبول أوراق احدى الخريجات الاناث لشغل وظيفة وكيل نيابة.
وكانت خريجة كلية الحقوق «شروق الفيلكاوي» قد تقدمت لشغل هذه الوظيفة بعد أن أعلنت وزارة العدل بجريدة الرأي بتاريخ 16 أغسطس 2009 عن حاجة الوزارة لشغل وظيفة باحث مبتدئ قانوني، وتقدمت بأوراقها كاملة الا أن الموظف رفض تسلم أوراقها على أساس انها أنثى والاعلان المنشور بالجريدة هو للذكور، وعلى اثر ذلك تقدمت برفع تظلم الى المحكمة.
وتظل هناك قضايا مهمة لا تزال تحد من حقوق المرأة في الكويت ومنها حرمان الأبناء من التمتع بالجنسية الكويتية اذا كان الزوج غير كويتي، وبما يتعارض مع نصوص المادة 29 من دستور الكويت التي تحرم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس، كما أن المرأة لا تزال محرومة من حقوق الرعاية السكنية الحكومية والتي يتمتع بها الذكور، اذا كانوا متزوجين، ولذلك تستمر المطالبات لتعديل قوانين الرعاية السكنية بما يمكن المرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي أو الأرملة أو المطلقة من الحصول على رعاية سكنية مناسبة.
ولا شك أن الشوط سيظل طويلاً حتى يمكن للمرأة الكويتية من التمتع بذات الحقوق التي يتمتع بها الرجل الكويتي بموجب قانون الأحوال الشخصية وغيرها من قوانين مدنية وبما يتسق مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ويأمل المهتمون بتعزيز دور المرأة في التنمية أن تحظى المرأة بتقدير مهني أفضل وتدعيم دورها في صناعة القرار في الأعمال الاقتصادية، كما أن زيادة أعداد الخريجات من الجامعات والمعاهد العليا يجب أن يواكبها دعم لدور المرأة في قوة العمل وتمكينها من الوصول الى أرقى المناصب القيادية في المؤسسات الحكومية والخاصة في البلاد.
ولذلك فان المطلوب أن تولي القيادة السياسية أهمية لتمكين المرأة من تولي المناصب الوزارية ووكلاء الوزارات والمديرين في المؤسسات. كما أنه يفترض بالقطاع الخاص ان يعزز من دور المرأة في قوة العمل في مؤسساته المختلفة.
رابعا قضايا الحريات:
واجهت الكويت محنة في عام 2009 في مجال الحريات، حيث جرى توقيف عدد من المرشحين في انتخابات مجلس الأمة التي أقيمت في شهر مايو نتيجة لتصريحاتهم في الحملة الانتخابية.
ان احتجاز كل من خالد طاحوس وضيف الله بورمية لم يكن مبرراً على الاطلاق، وتقييد حرية المرشحين وغيرهم لأسباب تتصل بتصريحاتهم مهما كانت المبررات تتنافى مع نصوص الدستور وقيم الديموقراطية، ان علينا أن نولي المواطنين الثقة وبقدرتهم على التمييز اعتماداً على معايير الديموقراطية ونصوص دستور الكويت، كما أن توقيف الكاتب محمد عبد القادر الجاسم في أواخر العام نتيجه للشكاوى المرفوعه ضده من قبل سمو رئيس مجلس الوزراء وقبل اصدار الحكم وبحجة رفضه دفع قيمة الكفالة المطلوبة منه، يعد انتكاسة في مجال الحريات الاعلامية وحريات التعبير ونأمل ألا نشهد خلال العام الحالي اجراءات مشابهة.
وخلال شهر أغسطس من عام 2009 فوجئت الكويت بتطورات غير حميدة في مجال الحريات، عندما أعلنت مصادر حكومية في مجلس الوزراء أن المجلس قرر احالة أي منتج مسلسل أو برنامج يسيء الى أي مسؤول في الدولة الى النيابة، وقد اتخذ وزير الاعلام قراراً بوقف برنامج تلفزيوني «صوتك وصل» الذي تبثه قناة «سكوب» بعد انتقاده للمسؤولين.
أهم من كل ما سبق ذكره أن الحملة التي واجهتها وسائل الاعلام خصوصاً القنوات الفضائية الخاصة بعد بث برنامج للسيد محمد الجويهل في قناة السور بزعم تطاوله على عدد من أعضاء مجلس الامة وطعنه بولاء عدد من الفئات المجتمعية، هذه الحملة لم يكن لها مبرر في ظل امكانيات اللجوء الى القضاء من قبل الافراد والاطراف المتضررة.
وكما أن قيام وزارة الاعلام بالتجاوب مع تلك الحملة ومحاولة تغليظ العقوبات في قانوني المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع يؤكد نوايا غير ديموقراطية للحد من الحريات الاعلامية وتقييد حريات التعبير في البلاد وبما لا يتوافق مع مبادئ ونصوص دستور 1962.
من جانب آخر، لم تكن السلطات الأمنية موفقة عندما قامت باعتقال محمد الجويهل وتحويل قضيته الى قضية «أمن دولة» في الوقت الذي يؤكد فيه قانون المرئي والمسموع أن ما أثير بشأن تصريحاته تختص به النيابة العامة، أي انه حتى لو افترضنا ان هناك تجاوزاً قد حدث من قبل الجويهل فان القضية تظل مدنية خاضعة لاجراءات التقاضي الاعتيادية بموجب نصوص ومواد القانون.
هذا وقد سبق أن أحيل فيصل اليحيى المحامي في ادارة الفتوى والتشريع الى التحقيق الاداري بسبب قيامه بنشر رأيه القانوني في الأسئلة المثارة بشأن مصروفات ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء.
ونرى أن هذه الاحالة تتناقض مع مبادئ الحرية، خصوصاً حرية التعبير التي كفلها دستور البلاد، وطرح مثل هذه الآراء، حتى من الموظفين العموميين، لا يؤدي الى التأثير على سيرورة هذه القضايا... وبتقديرنا أن التسامح مع وجهات النظر بشأن أي قضية مطروحة في البلاد يعزز قيم الديمقراطية ويؤكد احترام الدستور ومضامينه السامية ويؤكد احترام السلطات لقيم حقوق الانسان.
خامسا حقوق المعاقين:
تواجه الكويت مشكلة المعاقين الناتجة عن تزايد أعدادهم بسبب السلوكيات الاجتماعية ومنها زواج الأقارب، وقد تم اعتماد قانون اخيراً يفرض على الراغبين في الزواج اجراء فحص طبي للتأكد من خلو كل طرف من العيوب الوراثية التي قد تؤدي الى حالات اعاقة بين الأبناء، وربما يؤدي هذا القانون الى الحد من المعاقين في المستقبل.
من جانب آخر، لا تزال البلاد تفتقر الى أنظمة وقوانين لحماية المعاقين والتأكيد على حقوقهم والى ذلك يضاف الافتقار للثقافة المجتمعية التي يمكن أن تساهم باحترام تلك الحقوق المستحقة.
وقد برزت توجهات غير حميدة خلال العام 2009 منها اعلان وزارة التربية تعاقدها لبناء مجمع للمعاقين بمبلغ 100 مليون دينار كويتي ما يؤكد استمرار سياسات العزل تجاه المعاقين، في حين أن المطلوب هو زيادة اندماجهم مع الآخرين في المجتمع كما تؤكد على ذلك المواثيق الدولية الخاصة بالمعاقين.
وربما هناك تطورات ايجابية منها الانتهاء من اقرار قانون حقوق المعاقين الذي اعتمد من قبل مجلس الأمة.. كذلك جرى الاعتراف بلغة «برايل» للمكفوفين ولغة الاشارة للصم، كما جرى الاعتراف بفئة الصم المكفوفين ولغة التواصل باللمس والوسائط المتعددة... ومن المؤمل أن يؤدي صدور القانون الخاص بحقوق المعاقين الى الحد من ظاهرة المدعين بالاعاقة والتي تتم على حساب أولئك الذين يعانون من مشكلات الاعاقة العديدة.
سادسا مسألة التجنيس:
تمثل قضية التجنيس في الكويت مجالاً خصباً للجدل حيث يطالب المتشددون بوضع نهاية للتجنيس، بصورة مطلقة، في حين هناك من يرى أن الكثير من المقيمين في البلاد، وخصوصاً أفراد فئة البدون، يستحقون التجنس نظراً لاقامتهم الطويلة في البلاد جيلاً بعد آخر ودون أن يكون لهم وطن آخر غير الكويت. واذا كانت مسألة التجنيس من الأمور السيادية فان منح الجنسية لأي فرد ثم سحبها منه تعتبر من القضايا التي تستحق النظر، وقد جرى خلال عام 2009 سحب الجنسية من أفراد تم تجنيسهم بعد أن أثيرت ملاحظات بشأن عملية التجنيس ومدى استحقاقهم للجنسية.. ولا يجوز التعامل مع هذه المسألة بهذه الخفة واخضاعها للابتزاز السياسي والمساومات التي تؤدي الى أوضاع كارثية للمتضررين الذين تم سحب الجنسية منهم.. وغني عن البيان أن ما جرى يؤكد غياب المعايير الموضوعية واهمال حقوق الانسان مما يستدعي من مجلس الوزراء مراجعة كل ما جرى على أسس تتوافق مع احترام حقوق الانسان، وفي ذات الوقت التأكد من أن كل من يمنح الجنسية الكويتية هو شخص يستحقها ومن ثم لا يجوز سحبها منه.
الشكاوى التي تلقتها الجمعية
1 - يعاني عدد من العاملين بالشركات (العمالة الآسيوية والمصرية) من تأخر شركاتهم في صرف رواتبهم لمدة تتراوح ما بين 3 شهور الى 9 شهور.
2 - ما زالت مشكلة العمال الموقوفين في المخافر (المخالفين لقانون الاقامة) سارية بسبب تأخير احالتهم الى سلطات التحقيق وفي ظل تعنت بعض الكفلاء بشأن تسجيل تغيب بشأنهم.
3 - لوحظ في الآونة الأخيرة ان بعض العمال قد يكون لديه شكوى نزاعات عمالية لدى ادارة شؤون منازعات العمل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعيــة والعمل في الوقت نفسه الذي يتم تسجيل قضية تغيب ما يضطر العامل الى الاختباء تفادياً لالقاء القبض عليه ما يسبب في عدم حضوره الى ادارة منازعات العمل في الجلسات المقررة للنظر بالشكوى.
4 - لم ترد وزارة الداخلية على كتبنا بشأن زيارة وفد لجنة الشكاوى الى أماكن التوقيف (المخافر سجن الابعاد السجن المركزي) للوقوف على الأوضاع الخاصة بالموقوفين. ولم يسمح للجمعية بزيارة تلك الأماكن.
5 - هناك عدد من أطفال البدون مازالوا محرومين من شهادة الميلاد والتي يفترض بوزارة الصحة ان تمنحهم هذه الشهادة وهي الجهة المسؤولة والشاهدة على ولادة الطفل البدون في مستشفياتها، ويترتب على عدم صدور شهادة الميلاد مشاكل عديدة في ما يتعلق بالتعليم والرعاية الصحية، حيث ترفض العديد من الجهات الحكومية التعامل مع الأفراد الا باثبات رسمي.
6 - عانى أصحاب الوثائق اللبنانية والمصرية (الفلسطينيون) من عملية وضع اقامة العمل أو تجديد هذه الوثائق خاصة. كما أن البعض منهم اضطر الى استخراج جوازات افريقية خاصة بعد فترة الغزو العراقي الغاشم، أي ما بعد عام 1991 و1992، وقد تم وضع الاقامة على تلك الجوازات من قبل وزارة الداخلية، بيد أن هؤلاء فوجئوا بتعنت سفارات تلك الدول ورفض تجديد جوازاتهم فضلا عن امتناع الجهات الرسمية في وضع الاقامة على وثائقهم سواء كانت مصرية أو لبنانية، مما أدى بذلك الى وقوعهم تحت طائلة المخالفة لقانون الاقامة وسريان الغرامات المالية عليهم وهم عاجزون عن سدادها.