الحريري «عينه» على المناصفة وعون يختار «الاختيارية» لـ «الثأر» مسيحياً

بيروت «حلبة» لانتخابات «سياسية» وصراع أحجام بـ «قفازات بلدية»

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|

يشهد لبنان اليوم الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي بيروت والبقاع اللتين ستتحولان «حلبة لملاكمة» سياسية بـ «قفازات بلدية»، بعدما قفزت معارك الأحجام وصراعات النفوذ فوق الاعتبارات العائلية التي ظلّلت القسم الأكبر من الاستحقاق الانتخابي في جبل لبنان الذي ترتبت عليه نتائج تبرز محاولات لـ «معادلتها» او «تصحيحها» بصناديق الاقتراع في العاصمة كما في البقاع ولا سيما في «عروسه» زحلة.

نحو مليون ناخب، يتوجّهون الى صناديق الاقتراع في بيروت والبقاع (بأقضيته الخمسة) لاختيار المجالس البلدية والاختيارية للسنوات الست المقبلة، وسط ارتداء هذا الاستحقاق في محطته الثانية «ثوباً» سياسياً، ينذر بتداعيات على مجمل المشهد اللبناني والحكومي بالتحديد، الذي يُخشى ان يكون بعد انتهاء الانتخابات في 30 مايو الجاري على موعد مع «هبّات تأزم» لاحت اولى ملامحها بعد فرز الصناديق في جبل لبنان وما رافق انهيار مساعي الوصول الى توافق كامل في العاصمة بين مكونات «14 مارس» من جهة و«8 مارس» من جهة أخرى.

واذا كانت انتخابات البقاع تُختصر عملياً بما ستشهده «دار السلام» زحلة التي تقف «على سلاحها» البلدي لخوض الجولة الثانية من «الحرب الانتخابية» التي بدأت في الاستحقاق النيابي الأخير حيث سددت قوى «14 مارس» ضربة «قاضية» لخصومها في هذا القضاء ضمنت لها الفوز بالأكثرية في «برلمان 2010»، فان بيروت ستكون على موعد بدورها مع ما يشبه «الثأر» من نتائج الانتخابات النيابية بـ «السلاح الاختياري» وتحديداً في «المربع المسيحي» الأشرفية الصيفي الرميل المدوّر، في محاولة من «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه العماد ميشال عون لـ «محو« الهزيمة القاسية التي تلقاها في 7 يونيو الماضي في الدائرة الاولى (المسيحية) من العاصمة التي اكتسحتها «14 مارس» (بنتيجة 5 0)، كما التعويض عن التراجعات التي اصابته في انتخابات جبل لبنان يوم الأحد الماضي حيث مني بخسائر في مناطق لم تكن «في الحسبان» ولا سيما في جبيل ودير القمر وبعض مناطق المتن وكسروان.

453971 ناخباً بيروتياً، مدعوون اليوم الى اختيار مجلس بلدي واحد في دائرة واحدة يضم 24 عضواً، موزعين عرفاً مناصفة بين المسلمين والمسيحيين رغم أن عدد الناخبين المسلمين يفوق عدد الناخبين المسيحيين بنسبة 60 الى 40 في المئة، فيما يشكّل السنّة نسبة 45 في المئة من مجمل الناخبين، مع العلم أن بقاء بيروت دائرة واحدة يعطي لكل ناخب في أي من مناطق العاصمة الـ 12 الحق بانتخاب الأعضاء الـ 24.

أما بالنسبة الى الانتخابات الاختيارية في بيروت، فتجري على أساس المناطق الـ 12 التي تتشكل منها، ويبلغ عدد مخاتيرها 108، حيث ينتخب الناخبون في كل حي عدداً من المخاتير المخصص لهم.

وتشهد بيروت اليوم «ثلاث معارك في واحدة»، 2 منها «رمزية» على الصعيد البلدي وواحدة اكتسبت الطابع «المصيري» على المستوى الاختياري، وذلك وسط مفارقة اساسية تمثلت في انضمام «نصف المعارضة» السابقة وتحديداً «حركة أمل» (يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري) وحزب «الطاشناق» الأرمني (جزء من تكتل عون) الى لائحة «وحدة بيروت» المدعومة من رئيس الحكومة سعد الحريري ومسيحيي «14 مارس»، في مقابل إعلان «التيار الحر» انكفاءه عن الشق البلدي من الانتخابات ومقاطعته اياه و«تضامن» حزب الله معه في هذا الخيار بعد رفض الحريري وحلفائه منح «الجنرال» 3 مقاعد بلدية او تمثيل «المعارضة السنية»، وهو ما ردّ عليه عون بتحويل انتخاب المخاتير في المنطاق المسيحية من العاصمة «استفتاء» على رغبة المسيحيين في تقسيم العاصمة الى دوائر او اعتماد النسبية فيها، علماً ان «الطاشناق» اكد انه سيكون «يداً بيد» مع عون في المعركة الاختيارية «فإما نربح معاً او نخسر معاً»، في حين لبى مسيحيو الرابع عشر من مارس دعوة عون الى «المنازلة» معلنين... «فلتكن معركة».

وعلى الصعيد البلدي، يخوض رئيس الحكومة وتياره («المستقبل»)، في «عقر داره» وفي اول «اختبار» شعبي فعلي له بعد ترؤسه الحكومة معركتين مع مسيحيي «14 مارس»:

* الاولى استنهاض الناخبين البيروتيين والنجاح في رفع نسبة تصويتهم حرصاً على ان يكون النجاح المضمون للائحة «وحدة بيروت» مرموقاً ومن دون اي خرق من اللائحة «غير المكتملة» للمعارضة السنية، وبمثابة الردّ الاسلامي - المسيحي و«بالأرقام» على الاستفتاء الذي أعلنه عون حول مستقبل العاصمة ووحدتها.

* والثاني ضمان ان يكون التصويت للائحة «وحدة بيروت» كاملة وعدم حصول ايّ تشطيب يمكن ان يطيح بالمناصفة التي أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري العام 1998، علماً ان اوساطاً في «14 مارس» لم تُخف خشيتها من ان يعمد «التيار الحر» و«حزب الله» الى المشاركة في الانتخابات البلدية تصويتاً للائحة المعارضة السنية في محاولة لإحراج رئيس الحكومة في «عقر داره» أمام حلفائه المسيحيين كما لإضفاء «صدقية» على المطالبة بتقسيم العاصمة تحت عنوان سلامتة التمثيل المسيحي.

وعشية الاستحقاق البلدي، كان الرئيس الحريري، بغاية الوضوح في الإضاءة على «الأفخاخ» التي يتم نصبها في انتخابات بيروت البلدية وفي تحديد طبيعة «المواجهة» في الصناديق، اذ اعلن متوجهاً الى البيروتيين: «انتهبوا وتحمّلوا مسؤوليتكم، فهناك من ينصب لنا فخاً كبيراً، اسمه التخلي عن واجبنا بالتصويت بكثافة في هذه الانتخابات، ليفتح المجال حينها امام التشطيب، الامر الذي ينتج عنه ضرب المناصفة التامة في المجلس البلدي المقبل لبيروت»، مشدداً على «أن الفخ هو في عدم التصويت، فلا ننزل نحن ونصوّت، في حين يعمد غيرنا الى تشطيب اللائحة، ويأتي الهدف الفعلي بعد الانتخابات ليقولوا ان أهل بيروت اخلوا بالمناصفة، وأخلوا بالتوازن، ولذلك علينا في الانتخابات المقبلة ان نقسم بلدية بيروت ونفتّت العاصمة»، ومؤكداً «لقد اوقفنا العدّ، ونحن متمسكون بالمناصفة المسيحية - الاسلامية في كل شيء وبالعيش المشترك، وهذا من الثوابت بالنسبة الينا»، ومضيفاً: «الاحد سيعلو صوت بيروت.. سنعدّ الاصوات.. ونظهر للعالم أننا كثر».

أما على الصعيد «الاختياري»، الذي نأى رئيس الحكومة بنفسه عنه، فتكتسب «المبارزة» التي ستدور على «جبهته» بين العماد عون - الطاشناق وبين مسيحيي «14 مارس» طابعاً سياسياً بامتياز تفوح منه «رائحة» التحدي المسيحي المسيحي، و«ردّ الصاع» لفريق الرابع عشر من مارس في الدائرة نفسها التي حقق فيها «فوزه النظيف» في الانتخابات النيابية الأخيرة (الدائرة الاولى) كما «تصحيح» الصورة «المهتزة» التي ارتسمت لتياره ابان انتخابات جبل لبنان في 2 مايو الجاري.

ومعلوم ان الساحة الاختيارية المسيحية التي ستكون على موعد مع المعركة «الشرسة» تتألف من الاشرفية (12 مختارا) والصيفي (4 مختارين) والرميل (12 مختارا) اضافة الى المدوّر (12 مختارا). وستدور المنازلة بين مسيحيي الرابع عشر من مارس وتحديداً الوزير ميشال فرعون صاحب الحضور بين مخاتيرها، و«الكتائب» و«القوات اللبنانية»، وبين «التيار الحر» و«الطاشناق»، ومسعود الأشقر. وستتواجه ست لوائح في هذا «المثلث» جميعها مكتملة، باستثناء لائحة «التيار الوطني» «الطاشناق» في الأشرفية التي أفرغت مقعدين منها، لاحتمال حصول تبادل للأصوات من تحت الطاولة مع مرشحين من اللائحة الخصم.

أما في المدوّر، فقد أفضت المفاوضات بين «الطاشناق» وزميليه «الهانشاك» و«الرامغافار» إلى تفاهم أرمني - أرمني يقوم على أساس ضمّ مرشحيْن للحزبين للائحة «الطاشناق» الذي حصر حصّته بستة مرشحين، إلى جانب مرشّح سني واثنين من غير الأرمن، فيما تُرك مقعد شاغر «حفاظاً على الروح الديموقراطية»، ونظراً لوجود بعض المرشحين المنفردين على هامش «لائحة التزكية»، ما جعل المعركة محصورة في المدور بمقعد واحد.

واذا كان هدف مسيحيي «14 مارس» حماية انتصارهم النيابي من أي خرق «اختياري»، فان «التيار الحر» يبدو واثقاً بقدرة جمهوره على تحقيق أرقام مهمة جدا على صعيد المقاعد الاختيارية قد تزيد عن 20 مختاراً في الاشرفية والصيفي والرميل والمدور، وهو ما يردّ عليه خصومه بتأكيدهم ان التوازنات التي حكمت الانتخابات النيابية خصوصاً في دوائر الأشرفية ما زالت على ما هي عليه، والتي تجاوزت في حينه 59 في المئة لقوى 14 مارس، مع عدم استبعادها تحقيق فوز شبه كامل.

وفي سياق اختياري متصل، برز التوافق على تأليف لوائح مشتركة بين حركة «أمل» و«حزب الله» و«تيار المستقبل»، لمخاتير الدائرتين الثانية والثالثة (33 مختاراً) في بيروت وتضمان مناطق الباشورة وزقاق البلاط والمصيطبة.

 

واكيم: العونيون يستخدمون عناوين مسيحية لأهداف سورية



رفّول لـ «الراي»: سنصوّت مع «حزب الله»

 للمعارضة السنية في بيروت




بيروت - من محمد بركات



رغم مقاطعة «التيار الوطني الحرّ» المعلنة للانتخابات البلدية، إلا أنّ الأجواء في بيروت، قبل ساعات من انطلاق صافرة التصويت، كانت تشي بمعركة جزئية وربما كاملة، إذا سارت الأمور كما يخطّط لها معارضو رئيس الحكومة سعد الحريري في العاصمة.

وقد بدا ان «التيار الحرّ»، إلى جانب «حزب الله»، يتّجه للعودة عن قرار المقاطعة، بحجة «التصويت» وليس «الترشّح»، على ما قال لـ «الراي» المنسق العام لـ «التيار» بيار رفول، موضحا أنّ «التيار والحزب سيصوّتان إلى جانب المعارضة السنّية».

وفيما عزا رفول هذا القرار الى إنّ المقاطعة «كانت ترشيحا وليس انتخابا»، ردّ مسؤول ملف «القوات اللبنانية» الانتخابي في بيروت، عماد واكيم في تصريح لـ «الراي» بالقول: «نحن من البداية نتوقع أن يشاركوا، ولم نصدق كذبة أنهم سيقاطعون، وذلك بسبب تاريخ من التجارب معهم»، ويضيف: «مهما فعلوا ما رح يطلع بايدن شي».

لكنّ القيادي في «التيار الحر»، الذي يؤكد قرار المشاركة بشكل واضح، يعود ويذكّر بأنّه «تمّ الاتفاق في مجلس الوزراء على أمر من اثنين، إما اعتماد النسبية في التوافق البلدي، أو تقسيم بيروت إلى ثلاث دوائر كما جرى في الانتخابات النيابية، وكان الاتفاق بالإجماع، لكنّ الحريري نقض هذا الاتفاق».

ويروي رفّول ما جرى بين الرئيس الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس وزراء قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والنائب ميشال عون، في الاجتماع الرباعي الذي ضمّهم بمنزل الرئيس بري ابان الزيارة الأخيرة للشيخ حمد لبيروت.

ويوضح أنّ رئيس الوزراء القطري طرح التوافق، فتوجّه الحريري إلى «الجنرال» بالقول: «نلتقي الاثنين ونتفق على تفاصيل التوافق»، فأجابه عون: «لا مانع»، فقال الحريري: «الإثنين يتصل نادر الحريري بجبران باسيل ويتفقان على موعد».

ويضيف رفّول: «لكنّ الاثنين لم يتصل أحد بأحد، وفوجئنا الثلاثاء بإعلان لائحة من لون واحد».

وهكذا قرر العونيون خوض المعركة الاختيارية «للهروب من تحجيمهم في المعركة البلدية»، كما يقول واكيم، ويضيف: «الآن إذا خسرت المعارضة السنية التي يدعمونها فسيقولون إنهم لم يخسروا وإنهم قاطعوا، وإذا ربحت فسيجيّرون الربح لمصلحتهم، لكنّهم سيخسرون في كلّ الأحول وسننتصر».

رفّول يؤكد أن «حزب الله» سائر مع «التيار» في دعم المعارضة السنية، من دون إعلان، ويعتبر أنّ «المكيدة» التي تعرّض لها «التيار» ستنعكس على الأداء الحكومي: «مع غياب الثقة لا يمكن أن تستمرّ العلاقة كما كانت في المرحلة السابقة».

لكنّ واكيم في المقابل يعتبر أنّ «العونيين من الأساس لم يفاوضوا بشكل نظيف، لأنّهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنّ معركة البلدية خاسرة».

ويذهب القيادي «القواتي» بعيداً، قائلا إنّه «على عادة عون في رهاناته التي بتنا نعرفها، يختار عناوين مسيحية ليحرك الشارع المسيحي، وذلك لأهداف تخدم سياسة المحور السوري». ويسأل: «هل صارت مسألة المعارضة السنية أهم من التمثيل المسيحي في بيروت؟ هم يقولون إنها معركة مخاتير مسيحية، لكنّ رهانهم على فوز 24 عضوا سنيا ليقولوا إن القانون الانتخابي مجحف بحق المسيحيين، لكنّنا نطمئنهم إلى أنّ مسيحيي 14 مارس ومسلميه واعون».

وفيما يؤكد واكيم أن «14 مارس ستفوز»، يقول رفّول إنّ «التيار الحر» إذا خسر في معركة المخاتير فسنخرج إلى العلن ونقول إننا خسرنا وإنّ هذا هو حجمنا في بيروت وسنعترف بالهزيمة»
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي