أنصاف معارك وأنصاف تحالفات في الانتخابات البلدية والاختيارية

لبنان: اختبار الأحد في بيروت ... اختيار «وحدة» العاصمة أو «تقسيمها»

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|

نصف معركة في بيروت «البلدية» ومعركة وأكثر في انتخاباتها الاختيارية. معركة بثلاثة رؤوس في زحلة «عروس البقاع» ومواجهات بالمفرق في مناطقه الاخرى. نصف تصدع في صيدا، عاصمة الجنوب ولا معركة في مناطقه الاخرى باستثناء «عروس الشلال» جزين...

هذه هي صورة الانتخابات البلدية والاختيارية التي تستكمل الاحد في جولتها الثانية في بيروت والبقاع، تلك الانتخابات التي يختلط فيها العائلي بالسياسي، والانمائي بتصفية الحسابات.

فغداة اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري لائحة «وحدة بيروت» المكتملة في العاصمة، دارت محركات معركة «اثبات وجود»، مسرحها الاهم «المخاتير» بعدما قررت «نصف المعارضة» السابقة المتمثلة بـ «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون و«حزب الله» مقاطعة الانتخابات في شقها البلدي لفشل التوافق والانخراط في المبارزة الحامية على المجالس الاختيارية، في الوقت الذي تمثل «النصف الآخر» من تلك المعارضة في اللائحة المدعومة من الرئيس الحريري ومسيحيي «14 مارس» عبر مرشح لحركة «أمل» ومرشحين لحزب الطاشناق الارمني.

ومع «التدليك» الانتخابي في بيروت، برزت مجموعة من المفارقات ذات الطابع السياسي، ابرزها:



* اعتبار الحريري ان التصويت الكثيف لـ «لائحة بيروت» هو بمثابة استفتاء لمصلحة «وحدة العاصمة» والعيش المشترك والمناصفة الاسلامية المسيحية.

* اعلان العماد عون ان المعركة «الاختيارية»، وتحديداً في المناطق ذات الغالبية المسيحية (الاشرفية، الرميل، الصيفي)، هي استفتاء على «شكل العاصمة» والرغبة في «تقسيمها» الى دوائر.

* افتراق حزب الطاشناق عن حليفه العماد عون في «البلدية» وخوض معركة «الاختيارية» يداً بيد، فهو ضمن فوزه بمقعدين من اصل ثلاثة للأرمن في بلدية بيروت، لكنه قرر المضي في «الاختبار» الاختياري مع عون على قاعدة «اما نربح معاً وإما نخسر معاً»، في اشارة الى رغبته في «حفظ ماء الوجه» لتحالفهما.

* تأكيد المؤكد في موقف «حزب الله» الذي اعلن التضامن مع «التيار الوطني الحر» و«المعارضة السنية»، بعزوفه عن المعركة و«مقاطعة» الانتخابات وتالياً سحب مرشحه للبلدية، مع استمراره في خوض الاختيارية الى جانب حلفائه، في خطوة اراد منها تجنب حدوث احتقان مذهبي سني شيعي في بيروت من جهة، وحفظ التحالفات في اطار قوى 8 مارس من جانب آخر.

* الايحاءات بأن انفراط التوافق بين «مكونات الحكومة» في انتخابات بلدية بيروت من شأنه ان ينعكس سلباً على التضامن الحكومي، وهو ما عبّر عنه نائب «التيار الوطني الحر» آلان عون، معلناً «اننا سنعيد النظر في العلاقة مع تيار المستقبل»، رغم ان زعيم «المستقبل» سعد الحريري نأى بنفسه عن مفاوضة العماد عون حين تمسك بتفويض حلفائه المسيحيين هذا الامر.

وفيما اعلنت مصادر «التيار الحر» ان استقالة وزراء تكتل التغيير والاصلاح من الحكومة أمر غير مطروح الآن، أصدر «حزب الله» امس، بياناً اعلن فيه العزوف عن خوض غمار الانتخابات البلدية في بيروت وجاء فيه: «نظرا لأهمية العاصمة بيروت، وما تمثله على المستوى الوطني، والتنوع القائم في تركيبتها السكانية، وانسجاما مع أجواء الوفاق السياسي بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، حرصنا في «حزب الله» أن تشكل لائحة ائتلافية واحدة تعبر عن جميع مكونات العاصمة الشعبية والسياسية، وبذلنا كل جهد ممكن في هذا الاتجاه، ولم نقدم أيّ مطالب تعجيزية، كما قيل، لتبرير التراجع عن تشكيل اللائحة الموحدة، إلا أن التنكر أساسا لوجود فئة كبيرة تمثل قوى المعارضة السنية، كما أن التنكر للحجم الحقيقي الذي يمثله «التيار الحر»، أدى إلى تعطيل التوافق على مستوى العاصمة».

اضاف: «من جهة أخرى، وعندما برز احتمال حصول منافسة انتخابية طبيعية بين لائحتين، يتواجد حزب الله في واحدة منهما، مقابل لائحة «تيار المستقبل»، ظهرت وبسرعة نغمة التحريض المذهبي وبدايات التجييش للرأي العام في العديد من التصريحات والمواقف والبيانات ووسائل الإعلام، ما يفقد الانتخابات البلدية في بيروت طابعها الديموقراطي البلدي، ويحولها وبسرعة إلى حلبة صراع مذهبي، للأسف الشديد».

وتابع: «إننا في حزب الله، ونظرا لما آلت إليه الظروف والتطورات على مستوى الانتخابات البلدية في بيروت، ونظرا لكل الدلائل التي تؤكد أن أطرافا عديدة بدأت تستغل المنافسة الانتخابية لمصلحة التحريض المذهبي المظلم، ونظرا لعزوف العديد من حلفائنا السياسيين عن المشاركة في الانتخابات البلدية، قررنا مقاطعة الانتخابات البلدية في مدينة بيروت ترشيحا واقتراعا، وسحب ترشيح الأخ الحاج هاني قاسم (شقيق نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم) لعضوية المجلس البلدي فيها، والمشاركة الفاعلة في انتخابات المخاتير والمجالس الاختيارية، على مستوى مدينة بيروت».

في موازاة ذلك، كثفت قوى «المعارضة السنية» في الساعات الاخيرة حركتها ونشطت في اتصالاتها بهدف التوصل الى لائحة واحدة لخوض الاستحقاق الانتخابي في مواجهة لائحة «وحدة بيروت».

وفي هذا الإطار، اشارت تقارير الى اجتماع عُقد مساء الثلاثاء بين «جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية» وشخصيات سنية بيروتية معارِضة افضى الى التوافق على تشكيل لائحة ثانية موحدة، مع التذكير بان النائب السابق نجاح واكيم كان اعلن مقاطعته الانتخابات، في حين اكد المؤتمر الشعبي برئاسة كمال شاتيلا امتناعه عن المشاركة والتزمت اللجان والروابط الشعبية الحياد.

وعلى وقع المعلومات عن ان الهزيمة التي مني بها «الطاشناق» في الانتخابات النيابية في بيروت نتيجة تحالفه مع عون جعلته يقوم باستدارة بطيئة نحو الوسط وهو ما ظهر في نتائج انتخابات جبل لبنان الاحد، نفى منسق «التيار الحر» في بيروت زياد عبس، الحديث عن وجود «تشرذم» في موقف المعارضة في بيروت، مؤكداً أن مشاركة «الطاشناق» في لائحة الحريري كانت منسقة مع «التيار».

وفي السياق نفسه، اعتبر النائب نبيل نقولا (من كتلة عون) «ان الذي يريد أن يبارز التيار الحر، لا يبارزه بقوانين بالية من العهد العثماني، بل على أساس قوانين جديدة»، مشيراً إلى أن التيار «تقدم كثيراً في المتن الشمالي، ودخلنا بلديات لم نكن موجودين فيها، وبدأنا العمل». وأكد «أن التيار» لا يزال الرقم واحد على الساحة الوطنية وليس الساحة المسيحية فقط».

ورأى الوزير السابق القيادي في «التيار الحر» ماريو عون «أن الموقف الذي اتخذه العماد عون في انتخابات بيروت البلدية هو قمة في الديموقراطية»، معتبرا أن «يوم الاحد ستثبت القوة التي يتمتع بها «التيار الحر» في الاشرفية».

في المقابل، استغرب النائب عقاب صقر (من تكتل الحريري) اعتبار عون أن السبب وراء عدم حصول توافق حول الانتخابات البلدية في بيروت «هو الاستئثار». وقال: «غريب كيف لم يلاحظ الجنرال عدم صمود تحالفه مع حليف حليفه (الرئيس نبيه بري) في استحقاق الانتخابات النيابية واليوم في استحقاق الانتخابات البلدية، تماما كما لم يستطع أن يجري تفاهما مع خصمه الرئيس سعد الحريري (...) وألم ير كيف أنّ حليفه الأساسي حزب الطاشناق تركه في بيروت تماما كما فعل الرئيس بري في ظل حياد إيجابي من حزب الله كي يُترك في النهاية منفردًا في العاصمة»؟

وإذ لفت إلى أنه لم يعد يعلم «كيف يفهم الجنرال التحالفات السياسية ومن أي كتاب يقرأ في السياسة»، أعرب عن اعتقاده أن «صدمة جبيل كانت قوية جدا بقدر صدمة دير القمر، إلى درجة أننا نشهد اليوم حالة غليانية من العماد عون ضد الجميع، الخصم وحليف الحليف والصديق وصولاً إلى أقرب الحلفاء».

في هذه الأثناء، بلغت التحضيرات لانتخابات زحلة التي ستشهد ما يوصف بأنه «أمّ المنازلات»، ذروتها مع الاستنهاض السياسي والعائلي الذي تمارسه اللوائح الثلاث، سواء المدعومة من 14 مارس والتي تحمل اسم «لائحة زحلة رؤية وانماء» برئاسة رئيس البلدية الحالي اسعد زغيب، او اللائحة الثانية التي يدعمها الوزير السابق الياس سكاف برئاسة جوزف المعلوف او الثالثة برئاسة وليد شويري المدعومة من آل الهراوي والتي اعتُبرت «مدروسة» لتقليل حظوظ فوز لائحة «14 مارس». علماً ان العماد عون، الذي لم ينجح في التوافق مع حليفه سكاف فضل خوض السباق بمرشح منفرد تحت عنوان «الاستفتاء حول حضور التيار في زحلة».

وثمة مَن يرى انه ستستعيد مشهد الانقسام الحاد نفسه الذي دمغ اللعبة السياسية على المسرح الانتخابي النيابي قبل اقل من عام حين شهدت معارك ضارية كان لها وقعها على الخريطة السياسية بين فريقيْ 14 و8 مارس وانتهت باكتساح الأول هذا القضاء الذي قلب نتيجة مجمل الانتخابات النيابية.

أما في صيدا، التي سيأتي دورها ضمن انتخابات الجنوب في 23 مايو الجاري،، فقد نعى رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» اسامة سعد لائحة التوافق البلدي في المدينة، معتبراً ان رئيس اللائحة محمد السعودي «لم يعد مرشحاً توافقياً انما هو مرشح تيار الحريري».

وفيما أوضح سعد ان خياراته مفتوحة، نُقل عن متابعين للاستحقاق البلدي في صيدا «ان هذه الخيارات صعبة نظراً الى ابتعاد النائبة بهية الحريري عن المشاركة مباشرة في الانتخابات ورضى رئيس البلدية الحالي عبد الرحمن البزري عن لائحة السعودي وعدم انقطاع العلاقات بين الجماعة الاسلامية وتيار المستقبل».

من ناحية ثانية، نوّه مجلس المطارنة الموارنة، بالهدوء الذي ساد الدورة الاولى من انتخابات المجالس البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان، آملاً في «ان يجرى هذا الاستحقاق في ما تبقى من دورات في جو مماثل من الهدوء وروح المسؤولية».

وأكد في بيان أصدروه بعد اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير «ان التعاون بين كل فئات الشعب اللبناني في سبيل بناء وطنهم مجتمعين لابد منه لتستقيم الاحوال، لان مستقبل الوطن هو رهن بمشاركة جميع ابنائه في المسؤولية وفي تحقيق كل خياراته».

واذ رأى البيان «ان اقبال الشباب المسيحي على الانخراط في الادارة العامة لا سيما في قوى الامن والجيش ضئيل»، حضّ هؤلاء الشباب «على سد هذه الثغرة لان خدمة الشأن الوطني العام مسؤولية مشتركة تقتضي التزام الجميع بروح الميثاق الوطني».



دعا المرجعيات الرسمية والسياسية «إلى قبول النتائج مهما كانت»



سليمان ردّ «ضمناً» على عون:

لاعتبار أيّ كلام عن رشى إخباراً




بيروت - «الراي»



لم تنته «ارتدادات» الانتخابات البلدية في مدينة جبيل التي شهدت ما اصطُلح على تسميته «حرب الجنرالين» التي انتهت الى فوز لائحة زياد حواط القريب من الرئيس ميشال سليمان مدعومة من قوى «14 مارس» على لائحة الوزير السابق جان لوي قرداحي، التي دعمها زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون.

فعلى وقع الاتهامات التي وجّهها «التيار الحر» وقرداحي عن رشاوى وشراء أصوات في جبيل، وغداة تكرار عون غمْزه من قناة رئيس الجمهورية متحدثاً عن ضغوط مارستها أجهزة أمنية في مدينة جبيل ومعلناً «في كل دول العالم الديموقراطية يحق لرئيس البلاد التدخل في الانتخابات عبر رأيه وبتوجيهاته لكن ممنوع ممارسة الضغط على الآخرين أو استعمال وسائل الدولة الرسمية لذلك»، دعا سليمان المرجعيات الرسمية والسياسية الى «قبول النتائج مهما كانت ومساعدة المواطنين في جعل المحطات الانتخابية المقبلة مناسبات فرح، لا مناسبات للنزاعات والمناكفات وتبادل الاتهامات، وشبك الخناصر والسواعد من اجل انماء القرى والبلدات».

واعتبر الرئيس اللبناني ان «أي كلام يصدر عن تدخلات او رشاوى يجب ان يُعتبر مثابة إخبار، وعلى النيابات العامة المعنية التحرك حياله»، داعياً المعنيين بهذه الانتخابات الى «التقدّم بالطعون والمراجعات امام الهيئات القضائية والادارية المختصة».

ولفت الى ان «الشعب اللبناني أظهر روحاً ديموقراطية عالية ليس فقط من حيث ممارسة الحق في الانتخاب بهدوء وحضارة، بل ايضا من حيث تقبل النتائج الذي يبقى الاساس في الديموقراطية»، مبدياً أمله ان «تنسحب اجواء المرحلة الاولى من الاستحقاق البلدي على المراحل اللاحقة ما يعطي صورة حضارية عن ممارسة اللبنانيين ثقافة الانتخاب بروح ديموقراطية عالية، وهذا ما يميز لبنان في محيطه».

وكان سليمان التقى وزيري الدفاع الياس المر والداخلية والبلديات زياد بارود، بحيث كرر طلب التأكد من مخالفات حصلت ومعالجتها وفق القوانين.

 

اللبنانيون المبعدون من الإمارات

اعتصموا أمام مقر السفارة في بيروت




بعد نحو 10 أشهر على فتح ملف مئات اللبنانيين الذين أبعدتهم دولة الإمارات العربية المتحدة من أراضيها «لأسباب أمنية»، نفّذت «لجنة المبعدين» اعتصاماً امس، امام سفارة الامارات في الرملة البيضاء، محمّلة الدولة اللبنانية مسؤولية «ما قد ينتج عن هذا الاعتصام التحذيري والرمزي في المستقبل وتبعات التداعيات المحتملة على اكثر من مستوى»، وملوّحة «بإجراءات اخرى تصعيدية في الايام المقبلة اذا كانت الدولة غير جاهزة للقيام بواجباتها وحل الازمة في شكل عاجل».

وشارك في اعتصام «لجنة المبعدين اللبنانيين من الامارات» ممثلون لعدد من الافرقاء السياسيين بينهم «التيار الوطني الحر». وقد حمل المعتصمون لافتات، منددة بالابعاد.

وتلا رئيس اللجنة حسان عليان رسالة موجهة الى حكومة الامارات اشار فيها الى انه «مرت عشرة شهور على اللبنانيين المبعدين من الامارات، وقضيتهم ما زالت في غياهب النسيان، لان السلطات المعنية في البلد لا تكترث لامرهم كأن هؤلاء الذين ابعدوا ليسوا لبنانيين».

وحذرت الرسالة، التي قال عليان ان المسؤولين في سفارة الامارات رفضوا تسلمها، «من انفلات زمام الامور من دائرة الضبط»، مطالبة الدولة «بكل اطيافها وألوانها السياسية، ان تبادر وبأقصى سرعة لاخذ الامر على محمل الجد، واحتضان هؤلاء المبعدين وان تتعامل معهم كمواطنين».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي