ترفض استخدام الصفقة كورقة في الانتخابات

السعودية تؤجل صفقة أسلحة كبيرة حتى تتشكل حكومة بريطانية جديدة

تصغير
تكبير
|لندن - من إلياس نصرالله|
أثار قرار الحكومة السعودية، تأجيل التوقيع على صفقة لشراء أسلحة من بريطانيا إلى ما بعد انتهاء حملة الانتخابات النيابية الحالية وإعلان النتائج وانتظار رؤية تشكيلة الحكومة الجديدة، تساؤلات عديدة على الساحة البريطانية، لما لهذا القرار من أبعاد سياسية.
وكشفت صحيفة «التايمز» في خبر عاجل ظهر على موقعها الإلكتروني، أمس، أن الحكومة السعودية أجلت التوقيع على «اتفاقية دفاعية لشراء أسلحة قيمتها 4 مليارات جنيه إسترليني إلى ما بعد تشكيل الحكومة البريطانية»، لشراء ذخائر تتعلق بصفقة سابقة أبرمت بين البلدين عام 2007 وأطلق عليها اسم «صفقة السلام» والتي وافقت السعودية فيها على شراء مجموعة من طائرات «تايفون»، المقاتلة الأوروبية الشهيرة، بمبلغ يصل إلى نحو 20 مليار جنيه.
ورأى المحللون السياسيون في قرار السعودية، محاولة ذكية لعدم التدخل في الحملة الانتخابية النيابية الجارية في بريطانيا، ورغبة من الرياض في عدم استخدام التوقيع على الاتفاقية الدفاعية الذي كان مقرراً هذا الأسبوع من جانب حكومة رئيس الوزراء غوردون براون وسيلة لدعم حملته وحملة حزب العمال الحاكم الذي يتزعمه ضد الأحزاب البريطانية الأخرى التي تخوض المعركة الانتخابية.
فيما رأى محللون آخرون، أن القرار السعودي هو انعكاس دولي طبيعي لتطورات الحملة الانتخابية الشديدة التي تتحدث كل استطلاعات الرأي المتعلقة بها عن الانخفاض الحاد في شعبية حزب العمال الحاكم واحتمال خسارته لعدد كبير من المقاعد وفقدانه لسيطرته على مجلس العموم، إذ ترجح الاستطلاعات والتوقعات أن يأتي حزب العمال في المرتبة الثالثة بعد حزبي المحافظين والليبراليين الديموقراطيين المعارضين، حيث أصبح سقوط حكومة حزب العمال هو الاحتمال الأقوى من ضمن ثلاثة احتمالات، بينما يتحدث الاحتملان الآخران عن تشكيل حكومة إئتلافية، أحدهما يتوقع تشكيل حكومة إئتلافية برئاسة حزب المحافظين بالاشتراك مع حزب الليبراليين الديموقراطيين، والثاني عن تشكيل حكومة إئتلافية برئاسة حزب العمال بالاشتراك مع الليبراليين الديموقراطيين في أفضل الأحوال.
لذلك كان من الطبيعي أن تتروى الحكومة السعودية في التوقيع نهائياً على الصفقة الجديدة، حتى تتضح معالم الحكومة المقبلة. خصوصا أن العلاقات السعودية - البريطانية خلال الأعوام الأخيرة شابها بعض التوتر الذي خرج إلى العلن في أكثر من مناسبة. فالحكومة السعودية استاءت جداً في عام 2006 من الحملة الشديدة التي شنتها وسائل الإعلام البريطانية في عهد رئيس الوزراء توني بلير على شركة الأسلحة «بي إيه إي سيستمز» التي اتهمت بأنها استخدمت أساليب ملتوية في عقد صفقات مع حكومات مختلفة من ضمنها السعودية. ومع أن بلير تدخل شخصياً في النهاية وأوقف التحقيق الرسمي الذي كانت تتعرض له شركة الأسلحة، إلا أن مصادر عديدة رأت في الحملة على الشركة وسيلة ضغط غير مباشرة على السعودية من جانب البريطانيين الذين كانوا مشغولين في تلك الفترة في محاولة لإقناع السعوديين بشراء مجموعة من مقاتلات «تايفون» وسط منافسة من بلدان أخرى، خصوصا فرنسا التي كانت تصارع من أجل إقناع السعوديين ببيعهم طائرات من إنتاج صناعاتها الحربية. وأدى الغضب السعودي إلى تأجيل الرياض التوقيع على صفقة الطائرات إلى ما بعد تنحي بلير عن رئاسة الوزراء وتسلم براون للمنصب.
غير أن التوقيع على صفقة الـ 20 مليار في سبتمبر 2007 لم يضع حداً للتوتر الذي ساد العلاقات بين البلدين والذي عاد إلى الظهور مجدداً خلال زيارة الدولة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للندن عام 2008. فرغم الحفاوة البالغة التي أبداها البريطانيون بالملك عبدالله، خصوصا الملكة إليزابيث الثانية ورئيس الوزراء براون، ظهر الخلاف بين الطرفين إلى العلن حينما أعلن وزير الخارجية ديفيد ميليباند، عدم قدرته على حضور مؤتمر مشترك عقد في لانكاستر هاوس على هامش الزيارة إلى جانب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الأمر الذي دفع الفيصل للإعلان هو الآخر عن عدم حضور المؤتمر وتكليف ممثل عنه بإلقاء كلمته. وزاد من حراجة الموقف أن ميليباند قدم عذراً أقبح من ذنب لعدم حضوره المؤتمر بإعلانه أنه فعل ذلك لانشغاله بالاعتناء بطفله الجديد الذي تبناه هو وزوجته، كونهما لا ينجبان الأطفال.
وزاد من حدة التوتر خلال تلك الزيارة، أن النائب فينس كايبل، زعيم حزب الليبراليين الديموقراطيين آنذاك، أعلن رفضه الاجتماع مع الملك عبدالله وفقاً للتقاليد المتبعة في بريطانيا خلال زيارات الدولة التي يقوم بها زعماء الدول إلى لندن، حيث يتضمن برنامج زيارة هؤلاء الضيوف الكبار عادة زيارتهم للبرلمان البريطاني بمجلسيه اللوردات والعموم والاجتماع مع زعماء الأحزاب الممثلة في البرلمان.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي